1
أنا لصةٌ.
لكنّي أيضًا قدّيسة.
أيعقل هذا الكلام؟
وجود ‘رجلٍ لطيفٍ و مثيرٍ’ كلام غير معقول أيضًا، لكنّه موجود مهما كان الأمر.
وأنا… من النوع نفسه.
“قفي هناك!”
ها هو ذا يأتي. ذلك الرجل اللطيف والمثير.
“قلتُ قِفي، أيتها القدّيسة السحرية!”
“أوه….”
لا وقت حتى لأتنفّس قليلًا.
رميتُ منشور المطلوب الممسوك بيدي، وانطلقتُ دافعةً قدمي عن السقف.
“ألا تسمعينني؟!”
الرجل الذي يطاردني خلفي ويكاد يعضّ على أسنانه… مزاجه لا يُحتَمَل…….
لو أمسك بي، سأموت.
“هناك!”
“لا تدعوها تهرب!”
وزاد الطين بلّة أن حرس العاصمة ظهروا من زقاق خلفي.
أربعون رجلًا يطاردون شخصًا واحدًا… وهو أنا.
“فصيلة البنادق! ماذا تفعلون! أطلقوا النار!”
“لكن سيدي القائد، هذه البنادق مخصّصة للوحوش المفترسة!”
“قلتُ أطلقوا!”
-تشَق!
“يا للجنون!”
حالما ينتهي هذا العمل، سأقدّم طلب بدل مخاطر للمعبد، مهما حصل!
تحت ضغط الشتائم الداخلية، واصلتُ القفز فوق أسطح المباني المتلاصقة.
تشَق— بانغ!
“أطلقوا!”
“آآاه!”
لوّحتُ بمطرقة الألعاب المعلّقة على ظهري فصدّت الرصاصة.
الرصاصة التي ارتدّت من مطرقتي تحوّلت إلى حلوى نجوم صغيرة.
تتساقط—!
“إيغ!”
القائد الذي ارتطمت النجوم برأسه صرخ غاضبًا.
“مرة أخرى! أطلقوا!”
-بانغ!
“لقد أصبناها!”
لا، لم تُصيبوني!
“أوه! لقد أصابنا السلاح وهي ما زالت تهرب!”
قلتُ ليس كذلك!
“أطلقوا بشكل متتالٍ!”
“أمامها!”
“طريقٌ مسدود!”
“حاصروها!”
“بدأت المسافة تتّسع!”
واصلتُ الجري. حتى سقط رجال الحرس الذين كانوا يطاردونني واحدًا تلو الآخر.
“هاه… هاه….”
ربما… ابتعدتُ بما يكفي؟
التفتُّ خلفي و—
-سويييك
“آخ!”
-سوييك
– سَك
“آخ! هااه!”
قُطع تفكيري بمسامير مطاطية حادّة تتطاير نحوي، فاندفعتُ للأمام مرّة أخرى.
ولما استعدتُ تركيزي، وجدتُ نفسي فوق برج الساعة في الساحة العامة، ذلك البرج الذي تسببتُ سابقًا في كسر عقربه عندما تعلّقتُ به.
“…….”
إنه طريقٌ مسدود.
الرجل الوحيد الذي استطاع اللحاق بي حتى هنا (ذلك الرجل اللطيف المثير) أنزل المقلاع من يده.
وبصراحة… سلاحه أكثر إنسانية بكثير من بنادق الوحوش التي يُصوّبها الحرس نحوي.
“انتهى أمركِ، أيتها القدّيسة السحرية.”
بما أنّني ممتنّة قليلًا… ألا يمكنه أن يتوقّف هنا ويرجع أدراجه…؟
“الأفضل أن تستسلمي بهدوء. عندها قد نخفّف عنكِ الحكم.”
“……كم ستخفّفون؟”
“بمقدار ثانية واحدة.”
“هل تمزح؟”
“وهل أمزح؟ ثوبٌ رديء قصير كهذا وتقفزين فوق الأسطح؟ أيُّتها المنحرفة.”
رمق بثقلٍ فستاني القصير.
هبت الريح في تلك اللحظة، فارتفعت تنّورتي المطويّة التي تصل إلى منتصف الفخذ.
ما إن رأى المنظر حتى عقد حاجبيه بلا كلمة.
“هاه….”
“…….”
أنا آسفة…….
“ارتداء ملابس كهذه والطيران في الهواء يؤثران سلبًا على الأطفال. أقبض عليكِ بتهمة التعرّي في الأماكن العامة.”
“لا…!”
لم أكن أريد ارتداء هذا أصلًا!
لكن ماذا أفعل إذا كان زيّ الفتاة السحرية الموروث منذ 950 سنة هكذا أصلاً؟! إن أردتَ الاعتراض، فاعترض على الفتاة السحرية التي سبقتني قبل 950 سنة!
“في السجن سترتدين بنطالًا طويلًا وتتأملين أفعالكِ.”
رفع الرجل مقلاعه وقفز بخفة. بخطوات قليلة فقط صعد إلى قمة برج الساعة حيث أقف.
“القدّيسة السحرية سينا، أقبض عليكِ بتهمة التعرّي امام العامة، وتخريب الممتلكات العامة، والسرقة، والاعتداء، وعدّة تهم أخرى…….”
“آه….”
تراجعتُ خطوة خطوة.
فجأة—!
“!”
“!”
تنّورتي التي كانت ترفرف بشدّة تحت رياح المكان المرتفع…
علقت في الزخرفة الحادّة للبرج.
“لا….”
لا يمكن! لو تمزّقت…!
الزي هذا مُلقيٌ عليه سحر إخفاء الهوية……!
هكذا لن تسنح لي الفرصة لأشرح!
في الواقع… أنا وهذا الرجل اللطيف المثير نعرف بعضنا أصلًا!
لو انكشف السحر!
‘سيعرفني فورًا!’
لكن… فات الأوان.
“أمسكتكِ…!”
“أمسك بها!”
“السير آردين قبض على القدّيسة السحرية!”
“آه؟ لكن الآن….”
“القدّيسة السحرية… لون شعرها كان…؟”
بدأ أفراد الحرس الذين وصلوا أسفل البرج يتهامسون.
عاد اللون الحقيقي لشعري.
الرجل الذي يقف أمامي تأمّل وجهي و اتسعت حدقتا عينيه.
“أنتِ….”
ياللجنون.
يا إلهي…!
هل سأذهب إلى السجن الآن؟!
***
قبل ثلاثة أشهر. عاصمة الإمبراطورية، لوار. شارع دو ماريشي، المبنى رقم 36.
“عفوًا! متى ستُصلحون قبعتي بالضبط؟”
“…تقصدين القبعة التي سلّمتِها قبل عشر دقائق؟”
“لقد اشتريتُ زينةً على شكل زهرة لأضعها على الفستان، وقالوا لي آتي لأستلمها من هنا.”
“حسنًا، هل يمكن أن تريَني الإيصال؟”
“لم تعطوني إيصالًا! لم أتسلّمه.”
“……سيّدتي، ما تمسِكينه الآن بيدك هو إيصال مشغلنا.”
مشغل سكرودج الذي يجمع بين محلّ أحذية، ومتجر قبّعات، ودار أزياء.
مبنى بنفسجيّ فاتح من خمسة طوابق، يعجّ بالناس من السابعة صباحًا حتى الحادية عشرة والنصف ليلًا.
نساء يشترين فساتين جديدة استعدادًا للزواج، نبلاء من الطبقة الدنيا ينتظرون عربةً وهم يحتسون الشاي، تجّار قدموا من الشرق، طلاب الأكاديمية، أجانب…….
جميع هؤلاء الزبائن المختلفين يشتركون في أمر واحد.
وهو أنّهم… لا يدركون تمامًا أن الموظّفين أمامهم بشر مثلهم.
“لماذا قد يشتري الشخص فستانًا الآن بينما سيستقلّ عربة القطار بعد ثلاث دقائق؟! ثم تصرخ بي لأسرع في تغليفه لأنّها ستفوّت العربة بسببي…….”
“هل رأيتِ اولائك الزوجين قبل قليل؟ دخلا سويًّا لغرفة تبديل الملابس ولم يخرجا طويلًا، ولما فتحنا الباب…….”
“ماذا؟! كانا يتبادلان القُبَل؟!”
“ماذا؟! وكانا ممددانِ على الأرض؟!”
“يا للجنون!”
الناس يتصرفون وكأنّ موظّفي المتجر—الذين يُلبسون الأحذية للزبائن ويرفعون السحّابات—لا يملكون عيونًا ولا آذانًا ولا أفواهًا.
لكن… أحيانًا تكون هذه المعاملة كأننا جماد مفيدة نوعًا ما.
مثل الآن.
“إذًا متى ستُطلّقان بالضبط؟!”
الطابق الثالث، غرفة الشاي حيث ينتظر الزبائن انتهـاء تعديل ملابسهم.
كلمة “طلاق” التي خرجت من فم أحد الثنائي—الذي لم يكن هناك أي شكّ أنهما عاشقان بعد أن تم ضبطهما عاريين تقريبًا في غرفة القياس—جعلت المكان يسكن تمامًا.
تبادلتُ نظرات مع زميلتي التي تنظف إبريق الشاي و لم نحتج حتى للكلام لمعرفة ما الذي تفكر فيه الأخرى.
‘يبدو أنهما في علاقة غير شرعية.’
‘ويبدو أن الرجل سيتطلق.’
“يا حبيبتي، لقد شرحتُ لكِ هذا من قبل. إن تطلّقت الآن، فالتجـارة والأموال كلّها ستذهب لزوجتي. وسأخرج من الزواج مُفلسًا. هل تريدين أن يصبح حبيبكِ شحّاذًا؟”
“هيييينغ… لا، لكن….”
“اصبري واعتني بالطفل بهدوء، ودعيني أتولّى كل شيء. هل سيكذب حبيبك على والدة طفله، ثمرة حبّنا الجميل؟”
‘مااااااااذاااااا؟!’
يوجد طفلٌ أيضًا؟!
كدتُ أسقط الطبق من شدّة الصدمة.
لكنني نجوتُ، لأنّ ردّات فعلي جيّدة.
لكن أصغر موظّفة عندنا، إيلي، لم تنجُ.
-تحطّم!
“آه! آسفة…!”
“…….”
المرأة لم ترد. و حدّقت في وجه إيلي صامتة فقط.
الرجل فقط ابتسم بوجه طيّب مصطنع.
“لا بأس يا آنسة.”
“شكرًا…….”
“أول مرة أراكِ هنا. يبدو أنكِ تعملين منذ وقت قصير، أليس كذلك؟”
“آه… نعم….”
“أسبوع؟ أسبوعان؟”
“آه….”
“قولي، كم مضى؟ ثلاثة أيام؟ أربعة؟ وكم عمركِ؟”
يا للمجنون.
يغازل موظّفة أمام عشيقته.
انظروا إليها… إنّها غاضبة.
ولكي لا تُهاجم المسكينة إيلي، سارعتُ بالتدخّل.
“أعزائي، أظنّ أنّ ملابسكما الجاهزة قد انتهى تعديلها، هل تتفضّلون بالنزول؟ سأساعدكما في اللمسات الأخيرة.”
المرأة التي كانت على وشك الانفجار بوجه إيلي، التفتت نحوي.
ابتسمتُ بلطف شديد، بلا أي ضرر.
“أو… هل ترغبون ببعض الشاي الإضافي؟”
“ألا ترين أن الكوب ممتلئ؟”
“أوه، إذًا….”
“يكفي. خذي هذه.”
-تك.
لقد رمت المنديل على وجهي.
واصلتُ الابتسام.
‘هاهاها. لا يمكنني ترك العمل. هاهاها.’
نزلت المرأة إلى الطابق الأول لتجرّب الفستان الذي عُدّل لها، وهي تزمجر وتشتكي طوال الوقت.
“دعيني أساعدكِ في ارتداء….”
“لا داعي لهذا، مفهوم؟!”
وبدأت ترتدي الفستان في وسط صالة المشغل، أمام الناس، بطريقة عشوائية واضعةً قدميها في الفتحة أولًا.
“آه، بتلك الطريقة قد—”
“كيااااا!”
قلت لكِ إنّها خطيرة.
كانت ستسقط للخلف، فأسرعتُ وأمسكتها بكلتا يديّ. ثم رفعتها إلى الأعلى وسحبتها خارج الفستان.
رفعتها عاليًا—بقدميها المعلّقتين في الهواء—فصرخت أعلى من قبل.
“كيااااااا!”
“…آه.”
تبًا.
كان يجب أن أتصنّع الضعف. لا أن أُظهر أنّني أستطيع حمل أكثر من 30 كيلو بسهولة.
وضعتها بسرعة.
“أنتِ خفيفة للغاية! مثل الريش!”
حاولتُ قولَ مجاملةٍ من تلك التي تُرضي عادةً العشيقات، لكن…
“أنتِ… هل… أمسكتِني؟!”
لا فائدة.
‘ماذا أفعل الآن.’
وبينما أتحسس الموقف بعينيّ-
تدخّل صوتٌ منخفض.
“ولِمَ تقيسين الفستان في هذا المكان؟ ستثيرين الغبار.”
صوت هادئ، لكنه حاد. وصحيح بنسبة 100% أنّ صاحبه وسيم.
ثم ظهر الرجل، بوجهٍ يتوافق تمامًا مع صوته، من خلفنا.
“أهذا المتجر مُلكٌ لكِ وحدكِ؟”
قالها بنبرة حادّة.
التعليقات لهذا الفصل " 1"