كان القصر الداخلي يعجُّ بالحركة.
فقد عاد الرجل الذي لم يكن يُتوقَّع عودته أبدًا إلى عائلته.
إنه عار عائلة فرانسيس العظيمة، والابن غير الشرعي والمنبوذ الذي كان الجميع يتحاشى حتى ذكر اسمه، ثيودور ليندال فرانسيس.
عاد من ميدان الحرب الذي طُرِد إليه وكأنه حُكِم عليه بالموت.
كان العدو قبائل همجية حاربت الإمبراطورية لأكثر من قرن، عُرفوا بالدموية والتلذذ بالقتل، وتعذيب الأسرى بوحشية قبل أن يتركوهم يموتون.
لكن هذا الشاب المريض عاد حيًّا من هناك. بل لم يكتفِ بالنجاة، بل عاد بعد ثماني سنوات حاملًا رأس قائدِ الأعداء.
كانت أخبار عودته كافية لقلب أرجاء القصر، بل والإمبراطورية كلها، رأسًا على عقب.
ما إن سمعت دوقة القصر الخبر حتى صرخت بجنون وأغلقت على نفسها في غرفتها، وارتجف من حولها من الخوف.
كنّا، أنا والخدم الآخرون، نراجع آخر الاستعدادات لقاعه الحفل المخصص للترحيبِ بعودته.
كانت مهمتي أنا وماري هي تنسيق حديقة قاعة اللوتس. وبينما كنا نقلم الورود، سألتني ماري فجأة:
“غريتشين، هل صحيح أنه سيعود اليوم؟”
“إذا لم يكن في برقية المرسال خطأ، فاليوم هو سيعودُ.”
“حقًا لا أستطيع تصديق أنه انتصر في كل المعاركِ.”
لم أستطع أنا أيضًا تصديق ذلك. ثماني سنوات!
هي المدة التي قضاها في ساحات المعارك.
‘حتى أني لم أتمكن من إعطائه منديلًا لتوديعه.’
وبينما أواصل تنسيق الزهور المزخرفة، عادت بي الذاكرة إلى آخر لقاء بيننا.
حينها أخبرني وكأنه سيخرج في نزهة إلى الحي:
“قد لا أراكِ كثيرًا بعد الآن، سأذهب إلى الحرب.”
“سيدي، لا تحاول إخفاء الخيار من الساندويتش بهذه الجدية… ماذا؟! إلى أين؟!”
“إلى الحرب.”
تجمدت في مكاني. الحرب؟! أي صاعقةٍ هذه؟
“لكن… أنت لم تمسك سيفًا في حياتك! أي حرب هذه؟!”
كان جسده ضعيفًا لا يصلح أن يكون فارسًا.
بنيته رقيقة ويداه ناصعتان هشّتان من كثرة بقائه في الداخل للقراءة.
لم يكن ليستدعى إجباريًّا، إلا إن تطوع هو بنفسه.
“لا تقل لي…”
“قبلت أن أطيع أوامر والدي مقابل أن يعالجوكيَ.”
“… لماذا؟!”
ذلك البيت الملعون الذي لم يعبأ به يومًا، لماذا يرضى بخوض الحرب لأجله؟ لم أفهم أبدًا.
لكنني كنت أعرف أمرًا أهم في هذه الرواية، على السيد ثيودور أن يبقى حيًّا حتى يَتزوج، وإلا فلن أستطيع العودة إلى عالمي.
لكن إن مات قبل الزواج؟!
“أنتِ مريضةً.”
“ولهذا السبب؟!”
“ماذا؟”
بدا عليه الارتباكُ لردي الحاد، وكأنه لم يتوقعه.
“لهذا السبب المجنون تطوعت؟! تظن أني سأفرح إن متَّ من أجلي؟!”
عبس فجأةً، وقال:
“إذًا أنتِ لا تعرفين لماذا فعلتُ ذلك؟”
“كيف لي أن أعرف؟! أسألك لأني لا أعلم… أوه!”
ألم حاد مزّق جرحي، فانكمشت لا إراديًّا، فرآني وبارز فكّه.
“إسمعي، غريتشين، فكّري حتى أعود. إن لم تجدي الجواب سأعاقبك.”
“لكنني مريضةٌ!”
لم أرَ أحدًا يهدد مريضًا بالعقاب هكذا من قبل!
“الشفاء بسرعة، فالحرب طويلة. وإن عدتُ ووجدتك غير سليمةً…”
“وماذا ستفعل؟”
“سأقتلكِ.”
“أي تهديد هذا؟!”
“إن بعتِ نفسكِ لغيري بدلًا من العلاج، سأترك الأعداء لأقتلكِ أولًا. وإن مرضتِ أو أصابك مكروه، سأدفنك بيدي. وإذا متِّ قبل أن أعود…”
“سيدي…”
“اصمتي!”
أظهر أنيابه كالوحش، فآثرت الصمت، فهو قد يعضُ فعلاً.
“إن متِّ، سأحييك من قبرك وأقتلكِ مجددًا.”
ربما كان يريدُ موتي منذ البداية!
ثم صرخ:
“أسمعتِ؟ سأقتلكِ!”
ظننت أنه سيقطع رأسي لو تعثرتِ ومِتّ.
“وما العقاب الآخر؟ أغني لك كما المرة السابقة؟”
فقد كانت عقوباته السابقة أشياء تافهة مثل قراءة الكتب أو الغناء حتى ينام.
لكن هذه المرة قال:
“حتى لو متِّ، فلتعيشي بجانبي حتى تشيَخي.”
“… ماذا؟”
“هذه عقوبتكِ مدى الحياة.”
ثم غادر. تلك كانت كلماته الأخيرة لي قبل أن يرحلَ.
…
“لقد وصل السيد!”
ركض الصبي المرسال لاهثًا. فتقدمت كبيرة الخدم بوجه صارم، وخرجنا جميعًا.
كانت هناك فرقة من الفرسان، يتوسطهم فارسٌ ممتطٌ جواده، يمشي بهدوءٍ.
توهج شعره الذهبي تحت ضوء الغروب، وجماله المهيب جعل قلبي يسقط.
رغم طول قامته واتساع كتفيه، كان وجهه هو نفسه وجه الفتى. لكن تلك الحدة في هالته أصبحت أشَد مما يمكن أنَ يحتملهُ أحد.
قالتَ كبيرة الخدم:
“حمداً لله على سلامتكَ، يا سيدنا الصغير.”
ابتسم ساخرًا:
“لا أرى وجوهًا مفرحة. آه، صحيح، لقد مات أخي الأسبوع الماضي، أليس كذلك؟”
جمّد الجو بهذه الجملة، بينما أنا فرحت لأنه لم ينادهِ “الخنزير” كما كان يفعلُ دائمًا.
‘هذا جيد، رُبما الزواج ليس مستحيلاً.’
“غريتشين.”
‘مع هذا الوجه والوسامةِ، حتى مع طباعهِ الحادةِ، قد يجد عروسًا.’
لكنني كنت غارقةً في أفكاري، فلم أجب حتى ناداني ثانيةً:
“غريتشين ميلر.”
“نعم، كنتُ مركّزة.”
رفعت رأسي، فإذا به أمامي، بنظرةٍ غير راضيةٍ:
“خادمتي موهوبة في التمثيل كما كانت قبل ثماني سنوات.”
ابتعد الخدم من حولنا كأن البحر انشق.
“لقد عدتُ، غريتشين.”
أدرت عينيّ بعيدًا عن أعين الجميع:
“مرحبًا بعودتكَ…”
أصبح أطول بكثير مما كان عليهُ.
“لقد نمتَ كثيرًا… يمكنك الزواج في القصر الإمبراطوري الآن.”
“وأنتِ لا زلتِ صغيرةً كفأرةٍ.”
مد يده ببطء، وأمسك يدي ليطبع عليها قبلة، كما يُحيَّا النبلاء سيدات القصر.
‘ماذا تفعل الآن؟’
همست له، لكنه تجاهلني، وضغط بشفتيه على يدي حتى شعرتُ بحرارةٍ تحرق جلدَي.
ثم رفع رأسه بابتسامة مائلة:
“غريتشين، لن أذهب لأي مكان بعد الآن. سأبقى هنا… حيث أنتِ.”
كما في تلك الليلة قبل ثماني سنوات، نظر في عينيّ، فتوهجت زرقتهما ببرودةٍ غامضةٍ.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
ثيو is my husband now officially!!!
اوفففففف!!! البطل جوي واجوائي 🤭🤭💖