استمتعوا
على أي حال، إذا كبرت لولو، ماذا سيحدث لها؟
هل ستتمكّن من الطيران من الآن…؟
“هاه، هل ارتفع طول لولو بمقدار متر واحد؟!”
بينما كانت لولو تحلّق بخيالها، اقتربت بسرعة من الحائط ورفعت يدها لتلمس قمة رأسها.
ولكن…
المكافأة. سترتفع حرارة جسدك! وبالعناق، تبثّين الدفء في الآخرين!
“…أهذه مكافأة؟!”
ارتسمت على ملامحها خيبة.
فالعناق شيءٌ كانت تفعله مع أختها قبل المكافآت وبعدها.
أما دفء جسدها، فكان أصلاً يلازمها منذ البداية.
“مكافأة بلا نفع… مجرد هراء.”
وانتفخت شفتاها الصغيرتان على شكل منقار بطّة، إذ اعتراها الغيظ.
‘حقّاً… ما أصعب حياة التنانين!’
فتشت إن كان جناحاها قد كبرا، لكنها لم تجد سوى دفءٍ زائد لا غير.
عندها—
تألّق كتاب الحكايات من تلقاء نفسه، وصفحاته تنقلب بضياء ذهبيّ.
لقد انتقلت القصة أخيراً من الفصل الأول إلى فصل جديد.
الفصل الثاني. عانق أصدقاءك!
“أنا تنينٌة طيبة!”
وما إن انقشعت خيوط سوء الفهم، حتى تكاثر الأصدقاء حول التنينة الصغيرة.
“كم أنا سعيدة! لستُ وحيدة بعد الآن!”
هكذا قضت أيامها، ترقص وتلهو مع أصدقائها.
لكن في يومٍ ما… لمحت ظلاً لا يشاركهم الرقص.
“أنا حزينة جداً… حزني يمنعني من الحركة. أظنني لستُ ممن يرقصون.”
“هـه؟!”
احتارت التنينة الصغيرة.
كيف تواسي ذاك الظل؟
أترى العناق الدافئ يجدي نفعاً؟
عانقْ صديق الظل الحزين! (1/0)
المكافأة. عشّ التنين
توقفت لولو عن القراءة لحظة، ورمشت بعينيها متسائلة.
“عشّ التنين؟”
كلمة لم تسمعها من قبل.
فأجابها الحجر المعلّقة على صدرها برفق.
– لقد بلغتِ هذه المرحلة أخيراً، ايتها الصغيرة! عشّ التنين هو المكان الذي يحفظ فيه التنين كنوزه، وهو عالمه الخاص به.
“مكان يخص لولو وحدها؟ لكن… لـلولو غرفة في البرج أصلاً؟”
هزّ الحجر رأسه برفق.
– ذاك مجرد نومٍ وسرير. أمّا عشّ التنين، فإذا وضعتِ فيه كنزاً غالياً، سيكتسب ذاك الكنز قوى خاصّة. مثلي أنا تماماً، إذ ولدتُ في عشّ تنين.
“قوى؟!”
– أجل، وأنا نفسي خرجتُ من هناك.
“واااه!”
شهقت لولو متراجعة من الدهشة، ثم أسرعت تجري إلى زاوية غرفتها.
مدّت يديها الصغيرتين وسحبت صندوقها المخبأ تحت السرير.
في ذاك الصندوق كانت أثمن مقتنياتها.
حقيبة البيضة المقلية التي تحملها أينما ذهبت.
أول قطعة كعك أهداها لها رايان (والتي غطاها العفن الآن).
قصاصات كَتب عليها أصدقاؤها كلمات أغنية.
خاتم ألقت به أختها يوماً بدعوى أنه بلا نفع.
وربطة شعر بنية بشكل زهرة أهداها لها الفارس ديل.
كلّها كانت، في عين لولو، كنوزاً لا تُقدّر بثمن.
‘أتكون هذه الكنوز قادرة على اكتساب قوى؟!’
ضغطت قبضتيها الصغيرة بحزم.
“لا بدّ من فعلها. فكما لكلّ بطل عظيم سيفه العظيم… للولو أيضاً يجب أن يكون عشّها وكنزها العظيم!”
***
وفي الجهة الأخرى…
حبست أنجيلا نفسها أيّاماً في مختبرها بالدور الرابع.
“تبيّن بعد السؤال والتحري أن عائلاتهم وقعت بأيدي فرقة ‘السيفين المزدوجين’. وهي أكبر فرق المرتزقة.”
“أكبرها؟ إلى أي حد؟”
“يسيطرون على مدينة لايتون بأسرها. حاولت التوجّه إليها، لكن صاحب الجلالة أثقلني بالمهام.”
شدّت أنجيلا على نفسها، وحسمت أمرها.
سيكون عليها إنقاذ عائلاتهم مهما كلف الأمر.
فإن كان ثمة من واجبٍ لا مفرّ منه، فهو أن تحمي أبناء مملكتها بصفتها أميرة.
وبعد ليالٍ من البحث المضني…
أتمّت صنع أثرٍ سحريّ للتعقّب، مستخدمة شعرةً من ابنة أحد الفرسان.
خرجت أخيراً من مختبرها، تربط شعرها المنكوش، فإذا بالفرسان يهرعون إليها كما الجراء.
“أميرة!”
“لقد أقلقتنا بغيابك!”
رفعت يدها، وهي تكتم ابتسامتها.
“لقد فعلتها. أمسكوا قلوبكم وصوّتوا بأعلى طاقتكم!”
انطلقت صيحات الفرسان تهزّ المكان هزّاً.
حتى فتح فيليكس الباب على عجل، قابضاً على سيفه، ظانّاً أن وحوشاً باغتتهم.
فلما رأى الفرسان يهتفون بحماس، تنهد قائلاً.
“يا الهي، أنتم أضخم من الغيلان أنفسها… لكن، أميرة، أنجزتها حقاً؟”
“أجل. أعددتُ شيئاً باهراً!”
هذا الأثر السحري يكفي ليمكّنهم من اقتفاء أثر العائلات في لايتون.
لكن…
“وأين تلك السلمندر الصغيرة لتستقبلني؟”
تطلعت أنجيلا حولها، مترقبة أن تركض إليها أولاً.
أجاب أحد الفرسان.
“إنها عند البحيرة، تمنح العناق للفرسان الذين ذهبوا لغسل الملابس.”
“…عناق؟!”
تجمدت أنجيلا لوهلة، ثم ضاقت عيناها.
“ولم تعانقني أنا أولاً؟”
غضبها أخذها صوب البحيرة السوداء.
***
وهناك، كانت لولو منهمكة في مهمتها الجديدة. أن تعانق الجميع.
بدأت بفيليكس، ثم رايان، ثم ديل… كلّهم تبادلوا معها الأحضان بفرح.
لكن كتاب الحكايات ظلّ صامتاً.
– فشلتِ مرة أخرى. هؤلاء ليسوا أصدقاء حزينين.
“إييه…”
حتى الفرسان الغرباء الذين ضمّتهم، لم يُجدِ عناقها شيئاً.
فمشت حزينة، كغصن ذابل تحركه الريح.
وإذا بصوتٍ مألوف يهتف. “أنتِ أيتها الصغيرة!”
رفعت رأسها، فإذا بأنجيلا واقفة، شعرها الذهبي يتطاير، وعيناها الباردتان تتقدان بنار دفينة.
رمقتها لولو بعيون مرتعشة.
‘أخـ… أختي جاءت لتأخذني؟ لقد قلقت عليّ؟’
ارتجفت يدها الصغيرة.
وامتلأ صدرها بالأنين.
فما إن مدّت ذراعيها نحو أختها حتى انفجرت باكية.
“وووآآآه!”
وارتمت في حضنها الدافئ، تبكي بحرقة، كأنما وجدت أخيراً الظلّ الحزين الذي يحتاج إلى عناقها… لكنها هي نفسها ذاك الظل.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات