ما هذا؟ ألم تقولوا إنكم أصدقاء؟ لماذا أنتم صامتون هكذا؟ الجو متوتر.
بما أنني سأقضي وقتًا معهم على ما يبدو، فمن الأفضل أن أجعل الأجواء مريحة.
“يمكنكم مناداتي باسمي بدلًا من لقبي! سنلتقي كثيرًا من الآن فصاعدًا…”
“حسنًا، سيرافينا. يمكنكِ مناداتي باسمي أيضًا.”
“نعم، رافاييلو.”
“كنت أقصد أنه يمكنكِ التحدث معي بطريقة غير رسمية.”
“مستحيل، كيف أجرؤ على التحدث معك بتلك الطريقة يا رافاييلو العظيم؟ بصراحة، يبدو أنك ستغضب إذا تحدثت معك بلهجة غير رسمية وكأنني عديمة الاحترام…”
“الا يبدو وكأنها تتعمد استفزازي؟”
تمتم رافائيلو.
ضحك أركانجيلو بسخرية وقال:
“همم، سأسمح لكِ أيضًا بمناداتي باسمي.”
“علمتُ ذلك، يا أركانجيلو المبجل.”
“…لماذا تتحدثين هكذا؟”
“لا أدري، شعرتُ أنه من المناسب الرد بهذه الطريقة، فأنت لا تقل هيبة عن رافاييلو.”
نظر إليّ أركانجيلو بتعبير يعبر عن استغرابه.
“يبدو أن هناك سببًا واضحًا لكونكِ نِدًّا لأورورا.”
أما جوزيبي فكان…
“…….”
“ماذا يعني ذلك؟”
“ربما يعني أنه يمكنكِ مناداته باسمه.”
“حسنًا، جوزيبي… لكن لحظة، كيف فهمتَ ذلك؟ هل لديك قدرة خاصة؟ هل تستطيع مثلًا فهم لغة الحيوانات؟”
“هل تقصدين أنه حيوان؟”
لا يمكن! كنتُ حقًا معجبة بقدرة سيموني.
عندها، تساءل سيموني:
“إذن، هل يمكنني مناداتكِ الآن بالسيدة سيرافينا؟”
“بالطبع!”
“حسنًا، ناديني أنا أيضًا بـسيموني.”
بعد أن تبادلنا أسماءنا، شعرتُ أن الأجواء المتوترة بدأت تخف قليلًا.
في تلك اللحظة، وصل القطار البخاري إلى المحطة.
“واو…”
نظرتُ إلى القطار بإعجاب، كان مشهدًا غريبًا بالنسبة لي، إذ لم يسبق لي رؤية قطار كهذا.
كان القطار مطليًا باللونين الأحمر والأسود، يخرج منه البخار بكثافة. بدا وجهه الأمامي المستدير الذي ينفث الدخان الأسود أشبه بوحش مخيف.
ذكرني ذلك بالقطارات التي كنتُ أراها في الرسوم المتحركة عندما كنتُ صغيرة، ولكنه كان يوحي أيضًا بجو مرعب وكأنه على وشك التهام الناس.
كان هذا أحد تلك اللحظات التي شعرتُ فيها مرة أخرى بمدى تطور الهندسة السحرية في هذا العالم.
“هيا، لنركب.”
تقدّم رافاييلو، وتبعناه جميعًا. وبما أن الجميع هنا ينتمون إلى طبقة النبلاء، فمن البديهي أنهم حجزوا مقاعد من الدرجة الأولى.
كانت الدرجة الأولى تحتوي على غرف خاصة بمقاعد واسعة متقابلة.
جلستُ بجوار سيموني بشيء من التوتر.
“سيرافينا، هل هذه أول مرة تركبين فيها القطار؟”
بدا أن رافاييلو لاحظ اهتمامي بالقطار، فسألني ذلك.
لوّحتُ بيدي محاوِلة التصرف بشكل طبيعي وأجبته:
“آه، لا، لكن… لم أركب قطارًا منذ فترة طويلة.”
(لم أجد في يوميات سيرافينا أي ذكر لركوبها القطار، لذا ربما هذه المرة الأولى لها منذ زمن طويل).
لكن هناك أمرًا أهم الآن…
هناك شيء يشغل تفكيري بالكامل، وعليّ أن أسألهم عنه.
“بالمناسبة، هناك شيء أود أن أسألكم عنه. هل لديكم أي معلومات عن الأميرة إيفا؟”
كان عليّ جمع أي معلومة ممكنة عن هذا الشخص المجنون، هذا إن كانت أصلًا بشرية.
“الأميرة إيفا؟ لماذا تسألين عنها؟”
سألني رافاييلو باستغراب.
“هل هناك من يعرف عن الأميرة إيفا أكثر منكِ؟ أورورا قالت إنكِ دائمًا تلاحقينها.”
“هاهاها…”
“صحيح، يا آنسة سيرافينا. لا أظن أننا نملك معلومات أكثر منكِ عنها. هل هناك شيء معين تريدين معرفته؟”
“لا، فقط شعرتُ أنني لا أعرف عنها شيئًا رغم أنني كنتُ أتبعها طوال الوقت.”
أجبتُ بهذه الكذبة، فتأمل سيموني قليلًا قبل أن يجيب:
“هل تعلمين كم هي عبقرية كَمُخترعة؟”
“آه، نعم، أعلم ذلك.”
“هي ساحرة مياه، لكن شهرتها الأكبر جاءت من كونها مخترعة.”
في القصة الأصلية، تم التلميح إلى أن الأميرة إيفا كانت عالمة في الهندسة السحرية.
لقد كانت موهوبة ومخترعة بارعة، بل كانت تُعتبر رائدة في هذا المجال.
في الماضي، كان يُنظر إلى عمل السيدات النبيلات في مجال الاختراع بازدراء، لكن بفضل الأميرة إيفا، تغيّرت هذه النظرة. وهذا ما جعل سيرافينا تنظر إليها بإعجاب باعتبارها امرأة متحررة ورائدة.
“سمعتُ مؤخرًا أن دبابة أقوى تم اختراعها، وحتى السفن الشراعية تم استبدالها بالكامل بمخترعات الأميرة إيفا.”
“صحيح…”
على الرغم من أنني أجبت وكأنني كنت أعلم مسبقًا، إلا أنني تفاجأت في داخلي.
كيف لشخص واحد أن يخترع كلًا من الدبابات والسفن الشراعية؟ لم يتم ذكر ذلك في القصة الأصلية، لكنها حقًا عبقرية مذهلة!.
“في الواقع، هناك شائعات تقول إن الأميرة إيفا اخترعت أشياء أعظم من ذلك بكثير، لكنها لم تكشف عنها للعالم بعد. حتى الروبوتات والمناطيد المتاحة حاليًا هي من اختراعاتها.”
“أوه… صحيح…”
ماذا؟ هل صنعت إيفا حتى المناطيد؟ هذا جنون! إنها عبقرية لا تصدق!.
“ألا توجد أي جدالات حول الأميرة إيفا؟”
سألتُ بحذر، فتغير تعبير رافاييلو إلى الدهشة.
“إنها عبقرية، أليس كذلك؟ عبقرية لا يمكن لأحد أن يضاهيها. الجميع يتحدث عنها على أنها الموهبة التي سترفع هذه الإمبراطورية إلى مستوى أعلى.”
“همم، حتى أنا أقر بأنها شخص مذهل. صحيح أن سحرها ليس شيئًا مميزًا، لكنها تعوض ذلك بعبقريتها في الاختراع. حتى أجهزة الصوت في الأوبرا من ابتكارها.”
“أتفق مع ذلك.”
يبدو أن الجميع لديهم انطباع إيجابي عنها.
همم، هذا يجعل من الصعب عليّ الحديث عن الأمور المشبوهة التي لاحظتها بشأنها.
في تلك اللحظة، لاحظتُ أن سيموني ينظر إليّ بنظرة باردة.
“آنسة سيرافينا، هل هناك شيء يقلقك بخصوص الأميرة إيفا؟ سؤالك يثير الفضول.”
“لا، لا شيء! هاها!”
يا إلهي، شعرتُ للتو بشعور مشؤوم.
وجهه كان يبتسم بلطف كالمعتاد، لكن إحساسي كان مختلفًا تمامًا. بلعتُ ريقي بصعوبة.
الآن بعد أن فكرتُ في الأمر، هؤلاء جميعهم من النبلاء رفيعي المستوى. قد يكون لبعضهم علاقات وثيقة مع الأميرة إيفا. ربما كنتُ متهورة في طرح هذا الموضوع بهذه السهولة.
‘ يجب أن أكون أكثر حذرًا من الآن فصاعدًا…’
بينما كنتُ أفكر في تجنب الحديث عن الأميرة إيفا مستقبلاً، تحدث رافاييلو فجأة.
“حسنًا، لقد تلقت تحذيرًا من لجنة الأخلاقيات البيولوجية مؤخرًا.”
“ماذا؟”
“حاولت استخراج أدمغة من جثث الموتى وزرعها في الروبوتات.”
“… ماذا قلت؟”
“كانت تحاول منحهم حياة أبدية.”
“هذا… هذا…”
لم يكن من الصعب معرفة لماذا تلقت تحذيرًا.
هذا خرق خطير لأخلاقيات الحياة.
“على أي حال، يبدو أنها توقفت عن ذلك بعد التجربة الأولى.”
“في الحقيقة، هي عالمة مجنونة بكل معنى الكلمة.”
“أركانجيلو.”
أشار سيموني إلى أركانجيلو بنظرة تطالبه بالصمت، بينما قام جوزيبي بسدّ فمه وكأنه اعتاد على ذلك. في هذه الأثناء، أضاف رافاييلو معلومة أخرى.
“آه، تذكرتُ الآن أن أورورا لم تكن تحب الأميرة إيفا كثيرًا.”
“لا عجب…”
فأنا عندما كنت أهاجم أورورا، كنتُ دائمًا أقارنها بـالأميرة إيفا المثالية.
“ربما كانت أورورا تغار لأنكِ كنتِ تقضين وقتًا مع شخص آخر غيرها.”
“ماذا؟ تغار؟ هل تعتقد حقًا أن الغيرة تناسب أورورا؟”
“لكنها كانت تعتبركِ صديقتها بطريقة ما.”
“… لقد سرقت مالي وهربت.”
“… لنتجاوز هذا الموضوع.”
ساد الصمت بيننا للحظة.
ثم تحدث سيموني وكأنه تذكر شيئًا.
“في أحد المرات، حاول أركانجيلو التحدث بعدم احترام حتى أمام الأميرة.”
“ماذا؟!”
“كان من الممكن أن تقع كارثة حقيقية. أرجوك، لا تعارض الأميرة إيفا، أركانجيلو.”
“همف، فنانٌ العظيم مثلي لا يركع لأحد.”
“وتأكد من أنك لا تقول ذلك أمام جلالة الإمبراطور.”
“…..”
“حتى جوزيبي يقول إنه يجب أن تهدأ قليلًا.”
يبدو أن أركانجيلو بحاجة إلى ضبط تصرفاته فعلًا.
“أشعر دومًا أن أركانجيلو شخص مدهش بطريقته الخاصة. من المذهل أنه لم يثر عداوة تؤدي إلى قطع رأسه حتى الآن…”
“عن ماذا تتحدثين؟!”
في تلك اللحظة، انطلق القطار بصوت صفير مدوٍّ.
بدأ المشهد خارج النافذة يتغير بسرعة.
كانت المدينة تمر أمام عينيّ بسرعة، بمبانيها الخشبية الكبيرة، وبرج الساعة الضخم، ودور السينما الرمادية، والعربات البخارية التي تنطلق في الشوارع…
على الرغم من مظهرها الجاف والقاسي، إلا أن التقدم التكنولوجي فيها كان لامعًا وواضحًا.
“هذه المدينة تطورت بسرعة في السنوات الأخيرة. أليس من المذهل كيف تقدمت الهندسة السحرية؟”
“نعم، هذا حقيقي…”
آه… هذا هو العالم الذي سأعيش فيه من الآن فصاعدًا.
شعرتُ بشيء يغمر صدري، وكأنني على وشك أن أبدأ مغامرة جديدة. وبينما كنتُ أستغرق في أفكاري، واصل رافاييلو حديثه.
“بالمناسبة، بما أنكِ استيقظتِ كساحرة مكانية، فلا بد أنكِ جيدة في الرياضيات، صحيح؟”
“همم، لقد اجتهدتُ كثيرًا فيها.”
“أنا شخصيًا تخليتُ عن السحر جزئيًا بسبب الرياضيات. بدلًا من إضاعة الوقت في الحسابات، يمكنكِ ببساطة إطلاق رصاصة وإنهاء الأمر في لحظة.”
“بصراحة، هذا منطقي تمامًا. إن كنتِ ستهاجمين، فالقبضة أسرع من السحر.”
__________________________________________
•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار!!⭐•
《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
التعليقات لهذا الفصل " 13"