البحث عن زوج للدوقة - 94
الفصل 94 : الأميرة المليئة بالجراح ¹⁰
اختار الملك إليزيوم مِن بين الرجال الذين قدموا عروضًا مُشابهة بسبب بعض المشاعر تجاه ابنته.
“بالطبع مِن الأفضل أنْ يكون شابًا بدلاً مِن رجلٍ مُسن. كوني زوجةً مُحبّة وأنجبي أطفالًا أصحاء.”
عندما نظرت فريجيا إلى صورة الكونت إليزيوم الذي تقرر زواجها منه، لَمْ تستطع أنْ تمنع دموعها.
كانت مُستعدةً لقبول الزواج مِن أيِّ شخص.
“لقد كنتُ أفكر في حُلم الزواج مِن شخصٍ وسيم ولطيف، لكنني اعتقدتُ أنه مُجرد حُلمٍ طفولي. لكن أنْ أصبح زوجةً لشخصٍ رائع كهَذا…”
رفعت فريجيا صلواتها شكرًا.
أخيرًا جاء يوم الزفاف. التقت فريجيا بالكونت إليزيوم للمرة الأولى.
كان وسيمًا أكثر مِما رأتهُ في الصورة، ويبتسمُ ابتسامةً لطيفة.
همس لها بصوتٍ رقيق بينما كانت مُتوترةً للغاية.
“أنا سعيدٌ جدًا لأنني تزوجتُ عروسًا جميلةً مثلكِ.”
كانت فريجيا تُغطي وجهها بشالٍ أبيض، وعيناها كانت مملوءةً بالدموع.
“سأكرّس جسدي وروحي لأعتني بكَ وأحميكَ كزوج.”
“وسأثق بكَ وأتبعُكَ كزوجةٍ طوال حياتي.”
توالت عهود الزواج بين العروسين.
في تلكَ الليلة، جلست فريجيا في غرفة الزفاف مُرتديةً فستان الزفاف.
كان قلبُها ينبض بشدةٍ، وكان شفتاها المُزينتان بأحمر الشفاه جافتين، ويديها المُرتبطتين ترتعشان.
“لا بأس. ليس هُناك ما يدعو للخوف. إنهُ شخصٌ لطيف ووسيم. يُمكنني أنْ أكون عروسًا سعيدة اليوم.”
فتح الباب ودخل الكونت إليزيوم الغرفة، وعمت رائحةُ الكحول القوية في الأجواء.
تقدم نحو فريجيا بصوتٍ يُسمع.
“فريجيا، زوجتي الجميلة.”
“…..”
“اركعي على ركبتيكِ.”
“ماذا؟”
صدمت فريجيا ولَمْ تفهم ما قاله، عينيها اتسعتا مِن الدهشة.
تنهد الكونت إليزيوم وأمسك بشعرها بقوة.
صرخت فريجيا من الخوف.
“آه!”
“بما أنْ هَذهِ هي الليلة الأولى، سأشرحُ لكِ بلطف. مِن الآن فصاعدًا، لا تسألي أيِّ شيء واتبعي أوامري. هَذهِ هي الفضيلة التي يجبُ أنْ تلتزمي بها كزوجة.”
كانت مكانة المرأة في مملكة فالينتا أقل بكثيرٍ مِن الرجال. وكان هُناك العديد مِن النساء اللواتي يتعرضن للعنف. ومع ذَلك، صُدمت فريجيا بشدة، لأنها لَمْ تتوقع أنْ يكون زوجها مِن هَذا النوع.
جاء صوت الكونت إليزيوم مرةً أخرى برفق.
“اركعي على ركبتيكِ وانظري إليّ.”
كانت فريجيا تعرف جيدًا ما يُمكن أنْ يترتب على رفض أوامر صاحب السلطة.
نزلت عن السرير وركعت على ركبتيها، تمامًا كما تفعل العبدة أمام الملك.
ضحك الكونت إليزيوم بارتياح لرؤيتها.
“كما سمعت، أنتِ مُطيعة.”
مد يده لرفع الحجاب الذي كان يُغطي وجه فريجيا.
عندما رأى وجهها المُرتعش مِن الخوف، ابتسم برضا.
“أنتِ رائعة الجمال أيضًا، مِما يُعجبني كثيرًا.”
لَمْ تكُن هَذهِ نظرة الزوج لزوجته، بل كانت نظرةً لرؤية شيءٍ تم شراؤه بالمال.
ربت الكونت على وجه فريجيا الشاحب.
“لا تقلقي. سأعاملُكِ كأميرةٍ أمام الآخرين.”
“……”
“لكن ليس عندما نكون وحدنا. انظري إليّ وانتِ على ركبتيكِ. مِن الآن فصاعدًا، سأكون مالككِ مدى الحياة.”
أرادت فريجيا أنْ تصرُخ برفض، وأنْ تفر هاربةً مِن الغرفة.
لكنها لَمْ تستطع.
في مملكة فالينتا، يُعتبر الزواج مِن أقدس الطقوس. الهروب مِن الزوج هو خطيئةٌ عظيمة، وقد يؤدي أسوأ السيناريوهات إلى قطع الرأس.
لَمْ ترغب فريجيا في الموت. لَمْ تكُن تُريد الفشل أو التعرض للوم.
أخيرًا، وبحماسةٍ يائسة، حاولت كبح دموعها وأومأت برأسها.
“سأفعل.”
كانت حياتُها الزوجية مروعةً على عكس كل التوقعات، لكنها تمكنت مِن التحمُل.
كان الكونت إليزيوم لطيفًا عندما يكون الآخرون حولهم، ولَمْ يكُن يمارس العنف إلا في الأيام التي يشربُ فيها الكحول.
كانت الأيام التي تتعرضُ فيها للضرب تشعرُها وكأنها سقطت في جحيمٍ مِن الألم، لكنها حاولت بشدةٍ تهدئة نفسها.
‘لا بأس، لَمْ يحدث لا شيء. يجبُ الليلة تمر هَذهِ وسينتهي هَذا الكابوس، وستعود حياتي الطبيعية السعيدة.’
مرت سنةٌ منذُ الزواج، وحملت فريجيا.
خلال فترة حملها، لَمْ يلمسها الكونت إليزيوم، وكأنْ حتى الشيطان كان يحترمُ دمه.
وُلِدت ابنتها.
كانت فريجيا تتجنبُ إظهار أيِّ مشاعر خوف مِن أنْ يغضب زوجها. ومع ذَلك، ابتسم الكونت إليزيوم برضا.
“شعرُها ذهبي وعينيها خضراوان، إنها تُشبهك تمامًا. ستُصبح بالتأكيد جميلةً جدًا عندما تكبر.”
سمى الكونت إليزيوم ابنتهُ إليزابيث وأحبها. أعطاها هَذا الأمل الصغير.
“رُبما سيتغيّر حينما نرزق بأطفال.”
لكن كانت هَذهِ أمنية زائفة.
“عندما لَمْ تنجح أعمال العائلة، زادت الأيام التي بدأ فيها زوجي بالشري.”
دخل الكونت إلى غرفة فريجيا، تفوح منه رائحة الخمر. كان يحمل سوطًا للخيول.
مُرتجفةً، جلست فريجيا بهدوءٍ على ركبتيها، وكشفت عن ظهرها الأبيض.
ضربة!
ضرب الكونت إليزيوم ظهرها بالسوط.
على الرغم مِن أنها قد اختبرت هَذا الألم عدة مرات، إلا أنه لَمْ يكُن مألوفًا لها أبدًا.
لكن فريجيا لَمْ تتوسل ليتوقف. لَمْ تبكِ. لأنها علمت أنْ البكاء سيزيد مِن قوة العنف.
لَمْ تكُن تعلم أنْ ذَلك سيُصبح مشكلة.
في الليلة السابقة، بدا الكونت غيرَ راضٍ.
“في السابق، كنتِ تبكين وتعتذرين حتى عندما اصرخ في وجهكِ قليلاً، لكنكِ الآن تقبلين بالضرب بصمت. هَذا ممل.”
“……!”
“إذا استمر الأمر هَكذا، فَلَن اتخلص مِن غضبي. أحتاجُ إلى تحفيزٍ جديد.”
غادر الكونت إليزيوم الغرفة بعد أنْ ألقى هَذهِ العبارة المُخيفة.
كانت فريجيا مُتجمدةً على الأرض، مُحاطةً بالخوف.
“تحفيزٌ جديد؟ ماذا يعني ذَلك؟ هل سيضربني بشيءٍ آخر غير السوط؟”
“لا أريدُ ذَلك. أشعرُ بالخوف. أريدُ أنْ أهرب…!”
حينها، تسربت دموعها.
عاد الكونت إليزيوم. وعندما رأته، كادت فريجيا تفقدُ وعيّها مِن الصدمة.
لقد أحضر ابنته التي كانت نائمةً في غرفتها.
ركضت فريجيا بسرعةٍ لتُغلق ثوبها، تُخفي جروحها.
“ل، لماذا ابنتُنا…؟”
“يجبُ أنْ تعرف ابنتُنا شيئًا عن كيفية مُخالفة مزاجي.”
فهمت فريجيا نوايا زوجها وشحُب وجهها.
“أرجوك، لا! أخرج ابنتنا مِن هُنا. أرجوك، أرجوك…”
رسم على وجه الكونت إليزيوم ابتسامةٌ مُرعبة عند سماع نبرة صوتها المأساوية التي لَمْ تسمعها منذُ زمن.
كانت إليزابيث لا تزال نائمة، فتحت عينيها الواسعتين ونظرت إلى فريجيا.
“أمي…؟”
صرخت فريجيا.
“لا، لا! أغمضي عينيكِ، ليزي! لا تنظري، لا تنظري!”
لكن الكونت إليزيوم أدار سوطهُ بلا رحمةٍ نحو فريجيا.
صفعة!
تركت تلكَ الضربة علامةً لا تُمحى في روح فريجيا، كما كانت ستفعل في عيني إليزابيث الخضراوين، كأوراق الربيع.
تجمد وجه أرتيا مِن القصة الصادمة. تابعت فريجيا الحديث بتعابيرٍ مشوهة.
“كنتُ أستجدي وأطلب منهُ أنْ يخرج ليزي، لكنهُ لَمْ يستمع لي.”
بل على العكس، بدت عليهِ المُتعة كأنهُ يستمتع بالأمر.
وبجانبها، كانت إليزابيث تبكي بصوتٍ عالٍ، وكأنْ ذَلك هو الشيء الوحيد الذي تستطيعُ فعله، كونها طفلةً لا تستطيع أنْ تمنع والدها أو تدافع عن والدتها.
كانت الليالي التي يضربُ فيها الزوج وتبكي فيها الابنة أسوأ مِن الجحيم.
فهمت فريجيا.
لا يُمكنها الاستمرار في العيش هَكذا مِن أجل ابنتها الوحيدة.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة