البحث عن زوج للدوقة - 82
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- البحث عن زوج للدوقة
- 82 - السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع...²³
الفصل 82 : السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع…²³
لَمْ يكُن يهمُها ما قد يحدُث للحقيبة الفاخرة التي صممها مصممٌ مشهور، أو حتى للنقود القليلة التي بداخلها، لكن المخطوطة كانت شيئًا آخر تمامًا.
“إذا قدمتُ بلاغًا لقسم الأمن…”
لكن قسمُ الأمن لَن يتحرك مِن أجل مُجرد حقيبة سيدةٍ نبيلة، خصوصًا إذا لَمْ تكُن مِن المُقتنيات الثمينة.
كان بإمكانهم فتح تحقيقٍ إنْ كشفت داليا عن هويتها كزوجةٍ لمسؤولٍ رفيع المستوى، ولكن…
“سوف يعرفُ الجميع أنني ريدليب.”
استدارت داليا بوجهٍ شاحب.
“هَذا مُستحيل.”
لَن تتمكن أيضًا مِن إصدار أمرٍ لخدم منزلها بالبحث عنه لنفس السبب.
“ماذا أفعل؟ كيف يُمكنني حل هَذا؟”
بينما كانت تعضّ شفتها، تذكرت فجأةً كلمات ماريغولد التي سمعتها ذات مرة.
‘أتعلمين لماذا تيا تحظى بشعبيةٍ كبيرة بين النساء؟ لأنها تستمعُ إلى أيِّ مشكلةٍ بكُل اهتمام، وتقدم نصائح مُذهلةً. ولا يتوقف الأمر عند ذَلك، بل إنها لا تُفشي أيِّ سرٍ يُقال لها على انفراد.’
تابعت ماريغولد حديثها بعينين مُتألقتين وهي تذكر أرتيا بحماسٍ لَمْ يسألها عنه أحد.
“إنْ واجهتِ أيِّ مشكلة، جربي التحدُث إلى تيا، بالتأكيد ستقعين تحت سحرها.”
قفزت داليا واقفةً على قدميها.
***
“السيدة داليا فون غريك جاءت لزيارتكِ.”
فوجئت أرتيا بكلام بيبي.
على الرغم مِن لقائهما مرتين، إلا أنْ المسافة بينهما لا تزال قائمة.
‘وهي التي تلتزمُ بالبروتوكولات الصارمة، تأتي بهَذهِ العجلة… لا بد أنْ هُناك أمرًا ما!’
أسرعت أرتيا إلى غرفة الاستقبال وهي تشعرُ بأنْ شيئًا قد حدث، لكنها تفاجأت مرةً أخرى عند رؤيتها داليا.
كانت في حالةٍ يُرثى لها.
شعرُها الأسود كان مُبعثرًا، وتنورتها ملطخةً بالتراب، لكن أكثر ما لفت الانتباه هو عيناها الحمراوان المُنتفختان، على الرغم مِن أنها دائمًا ما كانت هادئة.
قالت بصوتٍ حاولت أنْ تُخفي فيهِ مشاعرها بصعوبة.
“ساعديني في العثور على شيء.”
بدلًا مِن أنْ تُبدي أرتيا دهشة أو ارتباكًا، سألت مُباشرةً.
“ما الذي تبحثين عنه؟”
“… روايتي.”
لَمْ تُظهر أرتيا أيِّ رد فعلٍ على حقيقة أنْ السيدة النبيلة داليا فون غريك تكتُب الروايات.
بدلًا مِن ذَلك، سألت عن التفاصيل: أين ومتى فقدتها؟
وبالرغم مِن تلعثُم داليا، إلا أنها أجابت بإخلاص.
بعد أنْ استمعت إليّها حتى النهاية، صمتت أرتيا قليلًا وكأنها تُرتب أفكارها.
“لإيجاد السارق، علينا الاستعانة بِمَن يعرفُ أزقة المدينة جيدًا.”
“لكن ليس هُناك أحدٌ حولي يعرف تلكَ الأماكن…”
“بل هُناك شخصٌ يعرفها جيدًا، وهو الأكثر حماسًا لمساعدتكِ في استعادة روايتكِ.”
***
توجهت أرتيا إلى دار النشر التي تعاقدت معها داليا.
ما إنْ سمع دان، مُدير دار النشر وموظفها الوحيد، القصة حتى صرخ غاضبًا.
“مُستحيل! كيف يجرؤ أحدُهم على سرقة مخطوطة الكاتبة؟! ذَلك الوغد ينبغي أنْ يُجبر على قراءة الكتب آلاف المرات حتى لا يرتكب أيِّ خطأ مُجددًا!”
فوجئت داليا.
لَمْ تكُن تتوقع هَذا الانفجار العاطفي مِن دان، الذي كان دائمًا رسميًا وهادئًا.
‘ظننتُ أنهُ سيكتفي بالتنهد بوجهٍ مُتجهم عند سماعه الخبر…’
لكنها كانت مُخطئة.
كان دان يُزمجر كالغوريلا التي سُلب منها صغيرها.
“أتفهمُ غضبكَ تمامًا، لكن الأهم الآن هو العثور على الجاني بسرعة.”
“بالطبع، هَذا هو المهم!”
“اجمع أكبر عددٍ مُمكن مِن الأشخاص الذين يعرفون هَذهِ المنطقة جيدًا.”
“حاضر!”
نفذ دان كلامها فورًا، وسرعان ما امتلأ المكتب بالناس.
كان أغلبُهم مِن أصحاب المتاجر الصغيرة في أزقة المدينة، مثل دان نفسه.
قدمت أرتيا لهم ورقةً أعدتها على عجل.
كانت الورقة تحتوي على رسمٍ تقريبي للمُشتبه به، بناءً على وصف داليا، بالإضافة إلى بعض المعلومات عنه.
“ابحثوا عن هَذا الطفل.”
رفع دان نظارتهِ، وحدق بعينين حادتين.
“مَن يجُد الطفل سيحصل على مكافأةٍ تُساوي راتب شهرٍ كامل!”
“فَلنُمسكه فورًا!”
عند سماع كلماته، انطلق الناس إلى الخارج كحيوانات الضبع التي تخرُج للصيد. وعندما حاولت داليا اللحاق بهم، أمسكت بها أرتيا.
“إنْ رأكِ السارق، فسوف يختبئ. مِن الأفضل أنْ تبقي هُنا.”
“ولكن…”
“سأستعيدُ حقيبتكِ الثمينة بأيِّ وسيلة. فقط ثقي بي وانتظري.”
كان وجهُ أرتيا يبدو وديعًا لدرجة أنها لَمْ تكُن تبدو قادرةً حتى على قتل نملة، كما كان صوتها رقيقًا كصوت عصفور. لَمْ تكُن تبدو عليها أيُّ هيبةٍ قتالية على الإطلاق.
لكن لماذا، يا ترى؟
‘أشعرُ أنْ الأمور ستسير كما تقول…’
نظرت إليّها داليا بوجهٍ يوشك على البكاء، ثم أومأت برأسها.
“أرجوكِ، أرتيا.”
تركت أرتيا داليا في مكتب دار النشر وخرجت إلى الخارج.
“لَمْ أكُن أعلم أنْ في العاصمة أماكن بهَذهِ العتمة والكآبة.”
كانت أرتيا أيضًا سيدةً نبيلة مثل داليا، ولَمْ تكُن لديها أيُّ معرفةٍ بأزقة المدينة الخلفية.
لكن كان لديها طريقتُها الخاصة.
“ذَلك الطفل اختار عمدًا امرأةً نبيلة كانت تسيرُ وحدها.”
فالمرأة النبيلة تحمل أشياء ثمينة، ولَن تكون قادرةً على مُلاحقتهِ بسهولة.
إذن، إنْ ظهرت امرأةٌ أخرى في نفس الظروف، فَرُبما سيظهر مرةً أخرى؟
كانت أرتيا تُراهن على ذَلك.
أمسكت بحقيبة يدها، وكانت مزينةً بجوهرةٍ كبيرة جعلتها تبدو فاخرةً جدًا مِن النظرة الأولى.
‘أرجوك، تعال…’
بدأت تتجول في الأماكن النائية، وهي تًصلي في سرها.
لَمْ يمُر وقتٌ طويل حتى ظهر طفل مِن زقاقٍ مُظلم.
“أيتُها السيدة الجميلة، لَمْ أتناول أيِّ طعامٍ منذُ يوم أمس. أرجوكِ، ساعديني!”
ملامحُه وكلامه كانا مُطابقين لوصف داليا تمامًا.
‘إذن، أنتَ السارق الذي أخذ حقيبة السيدة غريك!’
خفق قلب أرتيا بشدةٍ، لكنها أخفت انفعالها ومدت يدها بالمال مِن الحقيبة.
“خُذ، هَذا لكِ.”
“شكرًا لكِ!”
عندما اقترب الطفل بعينين لامعتين، أمسكت أرتيا بيدهِ بسرعة.
لكن الطفل تفاجأ وانتزع يدهُ مِن قبضتها.
على الرغم مِن أنها كانت تُمارس التمارين الرياضية منذُ عدة أشهر، إلا أنْ قوتها كانت ضعيفةً جدًا. انفلتت يدُها كعشب البحر الطافي، لكنها لَمْ تكُن قلقة.
لأن بيبي، التي كانت تُراقبها مِن الظل، اندفعت وأمسكت بالطفل بإحكام.
عندما شعر الطفل بقبضة بيبي القوية، تجمد في مكانهِ كما لو أنهُ وقع في قبضة دُب.
نظرت أرتيا في عينيهِ المُرتعبتين وسألته.
“لقد سرقت حقيبة سيدةٍ نبيلة قبل بضع ساعات، صحيح؟”
“أنا… أنا لا أعرفُ شيئًا!”
كان هُناك العديد مِن الأطفال الذين يجوبون الشوارع ويسرقون الحقائب، وكان بإمكانهِ ببساطةٍ الإنكار.
لكن أرتيا أدركت أنهُ لَن يعترف بسهولةٍ بجريمته.
تحدثت بيبي بصوتٍ هادئ وجامد.
“هل تُريدين أنْ نجعلهُ يعترف؟”
مع مهارات بيبي، لَمْ يكُن جعل الطفل يتحدث أمرًا صعبًا.
فَهي تعرفُ بالضبط كيف تجعل أيِّ شخصٍ يُعاني أقصى درجات الألم.
لكن…
‘إنهُ لا يزال طفلًا.’
بدلًا مِن اللجوء إلى العُنف، قررت أرتيا أنْ تُحاول إقناعه.
“داخل الحقيبة التي أخذتها، كان هُناك أوراقٌ مليئة بالكتابة.”
“…..!”
اهتزت كتفا الطفل الصغير للحظة.
لَمْ تفوت أرتيا تلكَ الحركة الدقيقة، فأكملت حديثها.
“تلكَ الأوراق تحتوي على معلوماتٍ حساسةٍ وسرية للغاية.”
“ك- كذب!”
“أنا لا أكذب. قد تبدو وكأنها رواية، لكنها في الواقع مشفرة. إذا تمَ فكُ شيفرتها، فستكشفُ عن معلوماتٍ تهزّ البلاد.”
خفضت أرتيا صوتها وهمست له.
“إنْ لَمْ نجد تلكَ الأوراق، فإنْ الأشخاص الكبار سيغضبون جدًا. لَن يتركوا الأمر يمر بسلامٍ، لا بالنسبة لي ولا بالنسبة لكَ، لأنكَ سرقتها. لذا، أعدها لي بهدوء، وسأبقي الأمر سرًا بيني وبينكَ.”
كان كلامُها لا يُصدق على الإطلاق، لكن الطفل لَمْ يستطع تجاهله.
لأن نظرة أرتيا كانت تحملُ خوفًا حقيقيًا.
كان شجاعًا بما يكفي لسرقة حقيبة سيدةٍ نبيلة، لكنهُ كان يعلم أيضًا مدى قسوة النبلاء.
وإذا كان كلام أرتيا صحيحًا، فَهَذهِ الأوراق ليست سوى قنبلةٍ موقوتة قد تنفجرُ في أيِّ لحظة.
والاحتفاظ بشيءٍ كهَذا لَن يجلب لهُ أيِّ خير.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة