البحث عن زوج للدوقة - 110
الفصل 110 : الأميرة المليئة بالجراح ²⁶
دوى صوت كرانك في أرجاء الغرفة
“كُلما اجتمع النبلاء، لا يتحدثون إلا عن فضائحكِ. لَمْ تكتفي بالطلاق، بل حرضتِ أيضًا كونتيسة إليزيوم وجعلتِ زوجها مُجرمًا! هل تُدركين كم هو مهينٌ لي سماعُ ذَلك؟ لقد جلبتِ العار الفادح لسمعة العائلة!”
منذُ زمنٍ طويل، كان دائمًا يُردد أنْ مُجرد فتاةٍ تافهة كهَذهِ دمرت عائلة إيدينبرغ، لذا لَمْ تتفاجأ أرتيا إطلاقًا.
وما شأني بذَلك؟
ظلّت ملامحُها غير مُكترثةٍ، لكن كرانك تابع صراخه الغاضب.
“لا يزال هُناك حل! أعيدي كونتيسة إليزيوم إلى منزلها، واذهبي إلى الكونت راكعةً على ركبتيكِ لتعتذري! اخبريه إنكِ آسفةٌ لإغواء زوجتهِ والتسبُب في هَذا العار!”
وقفت أرتيا تستمعُ إليّه بصمتٍ.
“كلا.”
بدا كرانك مذهولًا مِن هَذهِ الإجابة المُباشرة، واتسعت عيناه مِن الدهشة.
ثم أضافت أرتيا بنبرةٍ هادئة ولكن حازمة.
“الاعتذار واجبٌ على مَن أخطأ، لذا، مَن يجبُ أنْ يعتذر هو الكونت إليزيوم الذي اعتدى على زوجته، وليس أنا.”
“مـ… ماذا؟!”
“إنْ كنتَ قد انتهيتَ مِن حديثكَ، فسأغادر الآن.”
ألقت أرتيا تحيةً خفيفة واستدارت للمُغادرة، ولكن عندها سمعت صوتًا باردًا خلفها.
“ألَمْ أخبرك؟ لا يُمكن إعادتُها إلى رشدها بالكلام وحده.”
“……!”
استدارت أرتيا على الفور، واتسعت عيناها في صدمة.
لَمْ تكُن وحدها مع كرانك في الغرفة كما ظنت—كان هُناك رجُل آخر لَمْ تتوقع رؤيته.
“كونت إليزيوم؟!”
بدا هزيلًا بشكلٍ ملحوظ، وكأنْ أيامًا قليلة فقط قد حولته إلى شخصٍ آخر تمامًا، لكنهُ مع ذَلك رفع زاوية شفتيهِ بابتسامةٍ مُرعبة.
“حان وقت دفع ثمن تمرُدكِ، أرتيا فون إيدينبرغ.”
“……!”
وفي اللحظة التالية، ضغط الكونت إليزيوم قطعة قماشٍ بيضاء على فمها.
حاولت أرتيا المُقاومة، ولكن بلا جدوى.
وبعد لحظاتٍ قليلة، فقدت وعيّها وأغلقت عينيها.
***
في غرفة الانتظار حيثُ جلست بيبي، تجعدت حاجباها الداكنان قليلًا.
“المُحادثة تطول أكثر مِن اللازم…”
بصفتها خادمة، كان مِن الطبيعي أنْ تنتظر بصبر مهما استغرق الأمر، وكانت تفعلُ ذَلك عادةً دوّن اعتراض.
ولكن هَذهِ المرة، كان لديها شعورٌ غريب للغاية.
لَمْ يكُن هُناك سببٌ منطقي، فقط إحساسٌ قوي بأنْ شيئًا قد حدث لأرتيا.
وكان حدسها دائمًا مُخيفًا في دقته.
لذَلك، لَمْ تتردد لحظةً واحدة وخرجت مِن غرفة الانتظار مُتجهةً نحو الغرفة التي دخلتها أرتيا.
عند الباب، كان الخادم الذي رأتهُ سابقًا لا يزال واقفًا.
شعر بشيءٍ مُريب مِن تعبيرها.
“ماذا هُناك؟”
“لديّ أمرٌ عاجل يجبُ أنْ أبلغهُ لسيدتي. اسمح لي بالدخول.”
“يُمكنكِ إخباري، وسأنقل لها الرسالة.”
“لا، يجبُ أنْ أخبرها بنفسي.”
وانتهى الحوار عند هَذا الحد.
لأن بيبي، في لمح البصر، وجهت لكمةً قوية إلى بطن الخادم، جعلتهُ يفقد وعيّه فورًا.
حتى قبل أنْ يسقط جسده على الأرض، كانت بيبي قد فتحت باب الغرفة بعُنف.
في الداخل، كان كرانك يقفُ مذهولًا، بينما لَمْ تكُن أرتيا موجودة في أيِّ مكان.
عندها، تألقت عينا بيبي العسليتان بحدة.
حالة طوارئ.!
“كيف تجرؤين، أيتُها الخادمة الحقيرة، على اقتحام—”
لَمْ يتمكن كرانك حتى مِن إنهاء جملته.
لأن بيبي، خلال لحظة، فكت ربطة شعرها الجلدية ولفّتها حول عُنقه.
بدت كأنها تصطادُ وحشًا حين قالت بصوتٍ بارد.
“أين سيدتي؟”
“مـ- ماذا تفعلين؟!”
لكن بيبي لَمْ تُجب، بل شددت قبضتها على الرباط، مُخنقةً كرانك دّون رحمة.
“كـ… كوهك!”
أصدر كرانك صوتًا مُتألمًا وهو يلهث، وعندما أوشك على فقدان وعيّه، أرخَت بيبي الرباط قليلًا.
“المرة القادمة، سأخنقُكَ حتى الموت.”
“هـ… هاه…!”
“أجبني. أين سيدتي؟”
كان صوتها الرتيب مُخيفًا.
‘إذا لَمْ أجب الآن، فسوف تقتلني هَذهِ الفتاة حتمًا.’
شعر كرانك بغريزتهِ أنْ كلماتها كانت صادقةً تمامًا، فاجتاحهُ رعبٌ شديد. وبوجهٍ شاحب كالأموات، فتح فمهُ ليتكلم.
“الـ-كونت إليزيوم أخذها.”
“……?!”
في تلكَ اللحظة، شدّت بيبي قبضتها، مِما جعل الرباط حول عنق كرانك يضيقُ أكثر. فارتعب، وبدأ يتحدث دوّن أنْ يُسأل.
“هو… هو قد هدّدنا! قال إنْ لَمْ نتعاون معه، فسيحشدُ النبلاء الآخرين ويُعلن الحرب على عائلتنا! لَمْ يكُن بإمكاننا المُخاطرة بالعائلة مِن أجل أرتيا وحدها… هك!”
شددت بيبي قبضتها حول رقبتهِ بقوةٍ مُرعبة، حتى بدا وكأنْ عينيه ستخرُجان مِن محجريهما.
“أين أخذها كونت إليزيوم؟”
“لـ- لا… لا أعلم… كوهك…!”
أخرج كرانك كلماتهِ بصعوبة، فقط لكي يبقى على قيد الحياة.
بفضل حدسها الحاد، أدركت بيبي أنهُ كان صادقًا. لَمْ يكُن هُناك داعٍ لإضاعة المزيد مِن الوقت معه.
اقتربت منه أكثر وهمست بصوتٍ مُنخفضٍ وقاتم.
“إذا حدث شيءٌ لسيدتي، فسأقتُلكَ. سأسلخ جلدكَ حيًا، وأنتزع أحشاءكَ، وأقطعُ لحمكَ قطعةً قطعة.”
“……!”
“لذَلك، عليكَ أنْ تجدها وتحميها. هَذا هو دوركَ الآن.”
بعد أنْ ألقت تهديدها القاسي، اختفت بيبي مِن الغرفة.
وبينما كانت تخرجُ مِن القصر، فكرت.
‘هل يجبُ أنْ أذهب إلى قصر إليزيوم؟’
ولكن حتى بيبي لَمْ يكُن بإمكانها اقتحام قصر أحد النبلاء والتفتيش فيهِ بمُفردها—ذَلك سيستغرقُ وقتًا طويلًا، وهو أمرٌ غير مقبول. كان عليها أنْ تجد أرتيا بأسرع وقتٍ مُمكن.
اتخذت بيبي قرارها على الفور.
***
القصر الإمبراطوري
في غرفةٍ فخمةٍ شاسعة، جلس كيليان مُتكئًا بلامبالاة، وقد عقد ساقيهِ فوق بعضهما. كان يتصفحُ الأوراق في يده حين تمتم بسخرية.
“لقد مرّ وقتٌ طويل منذُ أنْ جاءت حشرةٌ تزحف إليّ.”
وبمُجرد أنْ أنهى كلامه، ظهرت بيبي.
حدّق فيها كيليان بعينيهِ الذهبيتين بتركيزٍ غريب، وهو الذي اعتقد في البداية أنها مُجرد قاتلةٍ مأجورة عادية.
“أنتِ…”
لكن بيبي لَمْ تُضيع الوقت في المقدمات، بل دخلت مُباشرة في صلب الموضوع.
“جلالتُكَ، أرجوك… ابحث عن سيدتي لقد اختفت!”
“……!”
لَمْ يسألها كيليان عن التفاصيل، بل نظر إليّها ببرودٍ مُخيف، وكأنهُ يخترقها ببصره.
وبعد لحظاتٍ، بدأت عينا كيليان الذهبيتان تتوهجان كالنيران.
“هَذا…!”
توسعت عينا بيبي بصدمة.
لَمْ يكُن هُناك شك—لقد كان سحرًا.
ذَلك السحر الأسطوري الذي امتلكهُ الإمبراطور المؤسس أورفيوس، والقوة المُقدسة النادرة التي يولد بها عددٌ قليل مِن أفراد العائلة الإمبراطورية.
‘لكن… كنتُ قد سمعت أنْ الأمير كيليان لا يستطيعُ استخدام السحر؟’
في تلكَ اللحظة، بدأت بيبي تتساءل إنْ كان ما سمعتهُ مًجرد شائعاتٍ خاطئة.
لأن الهالة التي أطلقها كيليان كانت مُرعبةً إلى درجة جعلت جسدها كله يقشعر.
شخصٌ عادي كان سيفقدُ وعيّه فورًا.
بعد لحظاتٍ، بصوتٍ قاتمٍ كالظلام، قال كيليان.
“لقد وجدتُها.”
لَمْ يكُن لدى بيبي حتى الوقت لسؤاله، وجدت ماذا؟.
لأن كيليان قد تحول إلى نمرٍ أسود في لمح البصر، وانطلق بسرعة البرق عبر النافذة واختفى تمامًا.
حدّقت بيبي في الفراغ الذي تركهُ خلفه، وعيناها مُتسعتان بذهولٍ، قبل أنْ تهمس بتذمر.
“على الأقل، كان عليهِ أنْ يُخبرني أين هي سيدتي قبل أنْ يذهب.”
***
استيقظت أرتيا.
كانت في غرفةٍ مظلمةٍ، والكونت إليزيوم يقفُ أمامها.
عيناهُ غائرتان، وذقنهُ ملطخٌ بظلال اللحيةٍ غيرِ المُشذبة، ورائحة الخمر الكريهة تفوحُ منه.
لقد بدا شخصًا مُختلفًا تمامًا عن ذي قبل.
كان يُحدق فيها، ثم تحدث بصوتٍ أجش.
“ظننتُ أنْ امرأةً بلا زوجٍ ستكون لقمةً سهلة… لكن العثور عليكِ لَمْ يكن سهلًا على الإطلاق.”
كانت حراسة قصر إيدنبرغ مُحكمة.
والأهم مِن ذَلك، أنْ بيبي لَمْ تكُن تترك أرتيا وحدها أبدًا، مِما جعل الاقتراب منها مُستحيلًا.
“لذَلك، طلبتُ مساعدة دوقية إيدينبرغ.”
ثم ضحك الكونت بسخرية.
“كرانك فون إيدينبرغ وافق على مُساعدتي بكُل سرور. يبدو أنكِ مكروهةٌ حتى مِن أقربائكِ.”
ظلّت أرتيا تستمعُ إليّه بصمت، لكنها لَمْ تستطع تحمل كلماتهِ أكثر.
“لستُ أنا المكروهة، بل عمي هو الوغدٌ فعلي. أيُّ نوعٍ مِن الرجال يُسلم ابنة أخيهِ لرجلٍ مِن عائلةٍ أخرى لمُجرد أنهُ لا يُحبها؟ هِذا تصرفٌ قذر.”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《واتباد: cynfti 》 《انستا: fofolata1 》