“أولاً، يجبُ أنْ أطلب تعويذة حمايةٍ جديدة، وأمرُّ على البنك لأحوِّل النقود الصغيرة. آه، ويجب أنْ أقدِّم الأوراق إلى نقابة التجار أيضًا…”
طق.
ما إنْ فتحتُ الباب حتى عطستُ بقوةٍ.
“هااا…”
استقبلتني طبقةٌ مِن الغبار الأبيض.
لَمْ يستغرقني التفكير طويلًا.
ما هو الشيء الأكثر إلحاحًا الآن؟
ليس المال أو الأوراق، بل المكنسة ومنفضة الغبار!
“لا يُمكنني السماح بوجود الغبار في هَذا المتجر أبدًا!”
ربطتُ شعري بإحكام.
***
في دوقية مورو الواقعة شمال غرب الإمبراطورية.
كان قصر الدوق، حاكم الدوقية، هادئًا دائمًا.
لكن خلال الأشهر الستة الماضية، لَمْ يكُن هدوءًا بل سكونًا مُطلقًا، حتى أنْ الجميع كانوا يتنفسون بحذر.
ولَمْ يكُن الفارس الذي استدعاه الدوق استثناءً.
‘لو لَمْ يكُن ذَلك اللصّ الساحر اللعين!’
أعظم الكنوز المقدسة للدوقية، والسيف المُبارك، اختفيا.
لقد سُرقا قبل ستة أشهر! وسُرِقا بواسطة ساحر!
‘ذَلك الساحر اللعين… كيف لَمْ نتمكن مِن العثور على أيِّ دليلٍ حتى الآن؟’
لَمْ يكُن مِن الحكمة أنْ يزيد مِن توتر الدوق أكثر مِما هو عليه. فهو مُخيفٌ في الأصل!
فتح الفارس باب المكتب بحذر، ثم قفز من مكانه.
“يا صاحب السمو الدوق، لأيِّ سببٍ استدعيتني… هههااااه؟!”
كان هُناك شخصٌ غريب يجلس في المكتب.
هل دخل المكان الخطأ؟
『كاسيان أليستر مورو』
لا، لوحة الاسم على المكتب تعود للدوق بالفعل.
إذن، مَن يكون هَذا الوسيم ذو البنية الضخمة والمظهر المخيف الذي يجلس مكان الدوق؟
وبينما كان الفارس يُحاول فهم الموقف، أدرك الحقيقة.
“آه… استخدمتم أداة سحرية لتغيير المظهر، هاهاها…”
كان ذَلك رد فعلٍ غريزي.
فمُجرد النظر إليّه يجعل المرء يُخفض بصرهُ تلقائيًا، مِما يعني أنْ هَذا الشخص هو الدوق حقًا.
كان كاسيان في الأصل يملكُ شعرًا أسود وعيونًا حمراء كالدم.
لكن كاسيان الجالس أمامه الآن، رغم أنْ لون شعرهِ هو نفسه، إلا أنْ عينيه كانتا رماديتين.
لقد اختفى اللون الأحمر الذي يُعدّ رمزًا لعائلة مورو، حتى أنْ الضابط الذي اعتاد رؤية الدوق شعر باختلافٍ كبير.
ولَمْ يكُن ذَلك التغيير الوحيد.
‘يا إلهي، ما هَذهِ الندبة؟’
كان هُناك جرحٌ طويل على خده الأيسر، كما أنْ وشمًا هندسيًا كان محفورًا مِن عنقهِ الأيمن حتى عظمة الترقوة.
‘في السابق، كان يبدو كوسيمٍ يمنحكَ نظرة على الأقل إذا ألقيت عليه التحية.’
أما الآن، فحتى لو انهرت أمامه فَلَن ينظر إليّك، بل رُبما فد يدوسك ويمضي دوّن أنْ يهتم.
‘إنه مُخيفٌ للغاية!’
على أيِّ حال، أليست هَذهِ الأداة السحرية تُستخدم فقط عند التنكر في المهام السرية؟
لحظةً، إنْ كان قد استخدمها الآن…؟
تسللت إلى ذهنه نبوءةٌ مشؤومة، لكن قبل أنْ يُكمل أفكاره، تكلّم كاسيان
“أمامكَ خمس دقائق. استعد للرحيل سرًا.”
“ن- نعم؟”
“الوجهة هي عاصمة الإمبراطورية، وتحديدًا ‘حي الرماد’، المنطقة التي تكثر فيها الجرائم.”
استعاد الفارس وعيّه عند سماعه الجملة التالية.
“لقد عثرنا على آخر مكانٍ شوهد فيه الساحر الذي سرق السيف المُبارك.”
تحدث كاسيان بنبرةٍ باردة بلا مشاعر، ثم ابتسم بطرف فمه فقط.
“إنهُ متجر الرهونات الذي يُرجَّح أنْ يكون قد باع فيهِ المسروقات لجني المال.”
صوته، مع ابتسامتهِ الباردة المُظلمة، بدا مُرعبًا.
“يُقال إنْ متجر الرهونات هَذا، قد أعاد فتح أبوابهِ اليوم. لذا، عليَّ التأكد بنفسي.”
“……”
“لأرى وجه ذَلك الذي تعاون مع مجرم.”
نظر الفارس إلى قائده، الذي بدا مُرعبًا وهو يبتسم أكثر عندما يكون بلا تعبير، ثم ابتلع ريقه بصعوبة.
***
‘يا إلهي، يداي ترتجفان.’
لا طاقة لي في ذراعي، أشعر وكأنني أصبحتُ مخلوقًا رخويًّا.
قضيتُ اليوم بأكمله أنظف متجر الرهونات، وبدلتُ كميةً كبيرة مِن النقود في البنك، بل حتى طلبتُ تعويذة حمايةٍ جديدة.
‘لكن، إنْ قدمت هَذا فقط، يُمكنني أنْ أفتتح المحل غدًا على الفور.’
كنتُ أسير وأنا أُمسك بأوراق إشعار إعادة الافتتاح بأيدٍ مُرتجفة.
في ‘حي الرماد’ توجد نقابة تجارٍ يجبُ التسجيل فيها.
وبحسب لوائح النقابة، يجبُ تقديم إشعار عند إعادة الافتتاح بعد التوقف المؤقت. فذَلك يُمكِّن العضو مِن الاستفادة مِن الحقوق والحماية.
‘قالوا إنها مجرد إجراءاتٍ شكلية. كل ما في الأمر أنني أحتاج إلى ختمٍ فقط.’
بما أنني سأستمر في رؤية أعضاء نقابة التجار طالما أنني أُدير متجر الرهونات في هَذا الحي، فإنَّ الانطباع الأول مهمٌ للغاية.
وضعتُ ابتسامتي الخاصة بالتعاملات التجارية، ثم دفعتُ باب مقر النقابة.
“مرحبًا، لقد جئتُ لتقديم الأوراق!”
“نعم، تفضّلي مِن هَذا الاتجاه.”
المكان الذي وصلت إليّه بعد الإرشاد كان مكتب رئيسة النقابة.
رئيسة نقابة تجّار ‘حيّ الرماد’، هيلينا، كانت معروفةً بإتقانها للعمل.
كان هَذا الكلام صادرٌ عن الجدّ، الذي لا يجود بالمديح، فلا شكّ في صدقه.
حيّ الرماد، الذي يشتهر بسُمعتهِ كمنطقةٍ مشبوهة.
لكن تلكَ السمعة ليست سوى شائعاتٍ مبالغٍ فيها.
‘يحكمون مِن المظاهر فقط.’
فهنا، يوجد العديد مِن المباني القديمة.
وبما أنْ الإيجار منخفضٌ نسبيًا، يتجمّع الناس مِن شتّى الأصناف.
وكذَلك، تحدث شتّى أنواع الأمور، لكن لا يعني ذَلك أنها منطقةٌ خارجة عن القانون تندلع فيها المشاكل يوميًا.
هيلينا كانت تبذل جهدًا لتغيير هَذهِ الصورة عن الحيّ، التي تصوّره على أنه بؤرة للجريمة.
‘سمعتُ أنها نجحت حتى في طرد عصابةٍ نشلٍ كانت تتخفّى في الخفاء.’
منصب رئيس النقابة كان منصبًا فخريًا. لا يحصل مَن يشغله على أيِّ امتيازاتٍ أو حتى راتب!
ومع ذَلك، كانت هيلينا تبذل جهدًا، لأنها تحبّ حيّ الرماد.
‘رائعةٌ بحق.’
“هل صحيح أنَّ الآنسة قد ورثت متجر السيد ميكيلي؟”
“نعم! أنوي أفتتاحه غدًا، لذا جئتُ لأقدّم طلب إعادة فتح المتجر. هَذهِ هي الأوراق.”
“أفهَم، إذًا…”
لكن رئيسة النقابة، التي عُرفت بأنها عادلةٌ ومتقنة في عملها…
“مرفوض.”
دووم!
ختمت على الأوراق بختم [مرفوض] الأحمر دوّن أنْ تقرأها حتى!
هل هًذا نوعٌ مِن التسلّط؟ أم روتين بيروقراطي ممل؟ أو لعلها ببساطة ليست لطيفة على الرغم مِن براعتها؟
وبينما كنت شاردة في التفكير، رفعت هيلينا حاجبها.
“ألّا تفهمين معنى مرفوض؟ هَذا يعني أنني لا أنوي الموافقة. لذا عودي مِن حيث أتيتِ.”
هَذا التصريح بدت وكأنها تترجّح إلى كفةٍ “ليست لطيفة”.
سعلتُ قليلًا وسألتُ بأدبٍ قدر الإمكان.
“هل هناك ورقةٌ ناقصة، رُبما؟”
“لا.”
“أم إجراءٌ إضافي؟”
“لا.”
“إذن، إنْ لَمْ يكُن مِن والقاحة السؤال، هل ترفضين فقط لأنكِ لا ترغبين بالموافقة؟”
يبدو أنها لَمْ تتوقّع أنْ أطرح السؤال بهَذا الشكل.
عبست هيلينا قليلًا ثم قالت ببرود.
“صحيح. لا أنكر. لا أريدُ أنْ أرى مبتدئةً لا تفقه شيئًا تُفسد متجر الرهن الوحيد في العاصمة.”
لحظة.
أليست هَذهِ العبارة مألوفةً كثيرًا؟
إنها بالضبط ما يقوله أرباب العمل في المقابلات حين يطلبون خبرةً مِن مبتدئ.
“حتى لو كنتِ حفيدة السيد ميكيلي، فَلَن أستثنيكِ.”
إذن، مِن أين للمبتدئ أنْ يكتسب الخبرة؟
بينما كنتُ أفكر بذَلك، شبكت هيلينا ذراعيها وتكلّمت بنبرةٍ متعجرفة.
“بما أنَّ الموضوع طُرح، فهل تعرفين حتى ما هو العمل التجاري؟ متجر الرهن يتطلّب التقييم والمساومة والتفاوض مع الزبائن.”
ضحكت باستهزاء.
“رُبما بدا لكِ ما يفعله السيد ميكيلي سهلًا، لكن الواقع مختلفٌ تمامًا. على كل حال، آنسة، هل تملكين عينًا خبيرة؟ لا تبدين شبيهةً به إطلاقًا، باستثناء لون عينيه.”
“همم، في الحقيقة، نظري أفضل مِن جدي. بحكم تقدّمهِ في السنّ طبعًا.”
“هاه؟”
بدت هيلينا مصدومة.
لكنني كنتُ جادةً بشأن متجر الرهن هَذا.
“لَمْ أفكّر يومًا بأنَّ هَذا العمل سهل.”
هيلينا، التي كانت على وشك أنْ تدير وجهها وكأنها لَمْ تَعُد تريد الاستماع، توقّفت فجأة.
كانت تلكَ إشارةً إيجابية، تدلّ على أنها تنوي الاستماع لما سأقول.
‘حان الوقت لأُظهر عزيمتي.’
“لقد رأيتُ بنفسي كم كان جدي يعتزّ بهَذا المتجر.”
نظرتُ مُباشرةً إلى عينيها بجدّية.
هيلينا قابلت نظرتي بثبات.
“ولهَذا بذلتُ جهدًا كبيرًا. درستُ أساليب التقييم والتفاوض، كما اطّلعت على أنواع الزبائن أيضًا.”
فقط إظهار العزيمة لا يكفي.
كان عليّ أن أُبيّن مدى الجهد الذي بذلتُه، وأنني مستعدة.
“وأعتقد أنني امتلكتُ على الأقل ما يكفي مِن المهارة لكي لا أُسيء لاسم جدي.”
“لكن…”
“نعم، أعلم. قول هَذا بلساني لا يثبت شيئًا. لذا، يا سيدة هيلينا…”
حين استخدمتُ لفظ ‘سيدة’، بدت ملامح هيلينا معقّدةً بعض الشيء.
فابتسمتُ لها بلطف.
“كما أنْ لجدي عينًا خبيرة في رؤية البضائع، يبدو أنْ لديكِ عينًا خبيرة في رؤية الناس. فماذا لو منحتِني فرصةُ؟ حين أفتتح غدًا.”
“لا أنوي الموافقة…”
“بالتأكيد. الآن لا تنوين، لكن…”
سحبت الأوراق التي طُبع عليها ختم [مرفوض] ووضعت أمامها طلبًا جديدًا، ومعه خطة العمل اليومية.
حسنًا أنني جلبتها تحسّبًا.
حين رأت هيلينا أنني مستعدّةٌ تمامًا، تغيّرت نظرتها قليلًا.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 5"