الفصل 21 : أَنا أَبذُلُ كُلَّ ما بِوسعي مَهما كان الخَصم ¹²
نظراتٌ حادّة كالنّصل كانت تحدّق بي.
ابتلعتُ ريقي بصعوبةٍ، ثمّ نظرتُ إلى عيني ألتر الرماديّتين وسألته:
“أوه…”
“تكلّمي.”
“هل يمكنني ألّا أنظر إلى الأمام الآن؟”
“… لا. انظري إلى الأمام.”
لقد نجحتُ في تغيير الموضوع، فتنهّدتُ بصمت وأنا أستدير قليلاً بجسدي.
الآن، وقد انتهى مزاد اللوحات، صار اهتمامي مُنصبًّا على شيءٍ واحد فقط: كارلوس.
“نبدأ الآن مزاد الكتب والمخطوطات القديمة. أول ما سنعرضه هو نسخةٌ موقّعة بخطّ اليد من كاتب قصص أطفال شهير…”
هذا ليس ما أبحث عنه.
كارلوس، وهو يضع ذراعيه بتململ، بدا عليه الضجر.
كان يعقد ساقيه ثمّ يحلّهما، غير قادرٍ على إبقاء جسده ساكنًا لحظة، وكأنّه يتمنّى انتهاء هذا الجزء من المزاد سريعًا.
“الغرض الثاني هو وصفة كوكتيل ملوّنة بخطّ يد طاهٍ ملكيّ سابق…”
لا، هذا أيضًا ليس هو.
“الغرض الثالث… هو عمل غير منشور للعالِم الاجتماعي أوغوست…”
هذا هو.
تغيّرت وضعية كارلوس فورًا.
“… بعنوان تفسير السّلطة، ويحتوي على ملاحظاتٍ بخطّ يده. نبدأ المزايدة من 200 ألف.”
“أوه!”
دوّى صوتٌ كالصّرخة في قاعة المزاد الهادئة.
دون وعي، التفتت الأنظار –ومن بينها نظري– نحو جهة المشترين.
يبدو أنَّ السيدة التي صرخت فعلت ذلك دون قصد، إذ وقفت فجأةً ثمّ جلست مجددًا وهي محرَجةٌ للغاية.
“أعتذر…”
عدتُ بنظري إلى كارلوس، وقطّبتُ حاجبيّ.
‘ما الأمر؟ إنه يحدّق في تلكَ المرأة.’
لو كان نظره سقط عليها صدفة، لكان أشاحه عنها منذ زمن. لكنّه لا يزال يراقبها بثبات.
ولم يكن هذا كلّ شيء… ذقن كارلوس انخفض. لا شكّ أنّه يبتسم بخبثٍ خلف القناع.
لماذا؟ من تكون هذه المرأة التي لا نرى منها سوى قبّعتها البنفسجيّة؟
لكن مهلاً… تفسير السلطة؟
الاسم بدا مألوفًا. وعندما أعدتُ التّفكير، شهقتُ فجأة.
‘تذكّرت! هذا الكتاب!’
إنّه من الكتب المحظورة. أو بالأحرى، سيُحظر قريبًا.
‘تفسير السلطة’ عملٌ غير منشور، وقد قرأتُ تقريرًا عن كونه سيُحظَر، ولهذا ظلّ في ذاكرتي. صحيح أنّه الآن ليس ممنوعًا لأنّه في المزاد، لكن بعد شهرٍ فقط، سيتمّ حظره رسميًّا.
فلماذا يضع كارلوس هذا الكتاب في المزاد وكأنّه يعلّق لافتة تقول: “انظروا إليّ!”؟
عضضتُ شفتي. تذكّرتُ ما يحدث لمن يُضبط بحوزته كتابٌ محظور.
‘لو كان الشخص مواطنًا عاديًّا، فكلّ ما عليه هو دفع غرامة ويُصادَر منه الكتاب.’
لكن لو كان موظّفًا حكوميًّا، فالقضيّة مختلفة.
‘قد يُفصَل من وظيفته. والضحيّة التي فُصلت لهذا السبب كانت هي…!’
‘أيّها الوغد! تريد التسبّب بطردها، وتستغلّ ذلك لتربح أقصى ما يمكنك؟!’
كان عليّ إيقاف هانا، التي كانت تندفع نحو مصيرها مثل فرسٍ جامح.
المزاد إذا تمّ، لا يُمكن التراجع عنه أبدًا.
حتى لو انكشف التواطؤ، تبقى الصفقة قائمة، ولا حلّ سوى رفع دعوى قضائيّة لتعويض الأضرار.
كنتُ بحاجةٍ إلى خطّة تُسقط الصفقة على رؤوس كارلوس وعصابته… وتُدينهم… وفي نفس الوقت تُبقي اسمي في الظل.
“عفوًا.”
وجدتها.
أمسكتُ بذراع ألتر.
“كم سعر استئجار الزبون لمدّة ساعة؟”
“ماذا؟!”
اندهش ألتر، لكنّني كنتُ مستعجلة.
السّعر كان لا يزال يرتفع بجنون في كلّ لحظة.
“قلتَ من قبل إنك معروضٌ للبيع، صحيح؟ فقط لساعة، كم السعر؟”
“ذاك كان… ها.”
تنفّس بعمق ومسح على وجهه بيده المرتبكة.
“ما الأمر؟ قلتِ إنّكِ لستِ مهتمّةً من قبل. فلماذا الآن؟”
“آه، لا وقت للشرح الآن. أرسل لي الإيصال لاحقًا.”
اقتربتُ من أذنه وهمستُ:
“ترى الرّقم 81؟”
لا أدري إن كانت أذنه قد ارتعشت، لكنّني بدأتُ أشرح بسرعة.
عن جهاز البثّ تحت قدم كارلوس، وتواطؤه مع الرّجل رقم 81.
لكنّ القلق تسلّل إليّ. هل سيُصدّقني؟ أو حتى… هل سيساعدني؟
“أنا سأتصرّف بخصوص جهاز البثّ. فقط، لا تدع رقم 81 يهرب…”
“لماذا؟”
كما توقّعت، سأل.
لكن سؤاله لم يكن رفضًا، بل بنبرةٍ أخرى…
“حتى لو فازت 80 بالمزاد بهذا السعر المرتفع بسبب التواطؤ، فأنتِ لا تخسرين شيئًا. فلماذا تحاولين منع ذلك؟”
ابتسمتُ بتعب، وقلت:
“لأنّها بريئة. امرأةٌ بريئة تتعرّض لخداع نصّاب. يجب أن أساعدها، حتى إن لم أكسب شيئًا.”
حتى لو لم تكن هانا.
حتى لو لم يكن كارلوس.
طالما رأيتُ الظّلم بأمّ عيني، لا أستطيع تجاهله.
“الآن بعد أن علمت… كيف أتظاهر بأنّي لم أعلم؟”
تنهّدتُ بصدق. عرفتُ، ولم أعد أستطيع التراجع.
عينَا ألتر المعتمتان ضاقتا قليلًا.
‘هل سيرفض؟’
ربما… فهو أيضًا قد يكون من الأشرار.
كنتُ على وشك أن أفتح حقيبتي وأتحرّك وحدي حين…
“حسنًا. سأساعدكِ.”
إجابةٌ غير متوقّعة.
وحين التفتُّ إليه، قال:
“أعجبني جوابكِ. فقط لهذا السبب. لا تقرئي في الأمر شيئًا آخر.”
ضحكتُ دون أن أشعر. بدا وكأنّه يحاول صدّ أيِّ تعليق رومانسيّ قد أقوله.
“حسنًا، فهمتُ. آه، لقد وصل السّعر إلى 6 ملايين! أسرع!”
“ماذا عنكِ؟ كيف ستتصرّفين؟ لا يمكنكِ التغلّب على الرّجل وحدكِ، خاصّةً وقد تركتِ أدواتكِ الدفاعيّة.”
“لديّ خطّة، فقط تحرّك!”
ألتر، وبعد أن نظر خلفه عدّة مرّات، اتّجه نحو صفوف المشترين.
أنا، أخذتُ نفسًا عميقًا وفتّشتُ حقيبتي.
صحيح أنّي تركتُ أدواتي الدفاعيّة، لكنّ شيئًا واحدًا كان لا يزال معي.
‘هذا… سيكون كافيًا.’
قنينة زجاجيّة فيها ماءٌ مقدّس.
راقبتُ التّوقيت بعناية. يبدو أنَّ هانا كانت متردّدة الآن بسبب ارتفاع السّعر، فتأخّرت في رفع اللوحة.
حين بدأ المزاد يعدّ للمرّة الأخيرة، رفعت اللوحة بتردّد.
شعرتُ مباشرةً أنَّ هذه هي مرّتها الأخيرة.
وكارلوس؟ ابتسم ابتسامةً عريضة.
يعرف أنّها ستفوز.
سيرسل الآن إشارتين بقدمه – أي أنَّ الرّجل 81 لن يزايد أكثر.
طَق.
وقبل أن يُكمل الضّربة الثانية…
‘الآن!’
تحطّم!
أرسلتُ الإشارة لألتر، وأسقطتُ القارورة الزجاجيّة على الأرض، فتناثر الماء المقدّس.
ثمّ…
طَق.
“… ما هذا؟”
وقف كارلوس فجأة.
كان واقفًا فوق بُقعة الماء المقدّس.
“سنختم بعد العدّ. ثلاثة، اثنان…”
“لا! لااااا!”
“واحد.”
طَق طَق طَق.
“تفسير السّلطة، سُجّل لصالح الزبون رقم 81، بمبلغ 8.5 مليون غولد.”
“لااااا!”
الرّجل رقم 81، وقد فاز بالمزاد وهو لا يدري، وقف مذهولًا.
وفي تلك اللحظة…
“لدينا بلاغ، أيّها الزبون. نحتاج إلى التحقّق من أمرٍ ما، نرجو منك الجلوس قليلًا.”
حرّاس ضخام، بوجوه جامدة كالصّخر، وقفوا أمامه، يسدّون عليه الطّريق.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 21"