0
أهلًا بكم أعزائي 🫶
استمتعوا بالفصل 🎀
꧁꧁꧁꧂꧂꧂
1. المقدمة
في ليلةٍ حالكة لم ينيرها سوى وهج القمر الخافت.
كانت بينيلوب واقفةً على شرفة جناحها الفاخر تتأمل المحيط اللامتناهي. لو أنها خطت خطوة واحدة غير محسوسة، لانتهت حياتها على الفور.
تمامًا كما حدث في ذلك اليوم الذي تآمر فيه زوجها وصديقتها لإغراقها في البحر وقتلها.
لكن بينيلوب لم تعد تخاف من ظلام البحر الليلي بعد الآن.
فإلى جانبها الآن رجلٌ أشبه بالليل الحالك نفسه.
أغلقت عينيها بهدوء، مستحضرةً المعجزة التي حدثت على هذا البحر قبل لحظات.
‘تصفيقٌ حار لأعظم عازفة كمان، بينيلوب أوترباك!’
‘برافو، برافو بينيلوب!’
ما زالت صورة الجمهور المُصفّق تهز مشاعرها.
كيف لامرأة لم تُكمل حتى حفلة ظهورها الرسمي أن تعزف أمام نخبة العالم؟ والأعجب من ذلك، أن يكون ذلك على مسرح سفينة “آيريس” الفاخرة.
لقد كان اليوم الذي عاشته بينيلوب، المرأة التي سُحقت وانهارت ذات يوم، معجزةً لا تُصدق.
دق، دق.
فتحت بينيلوب عينيها، أثناء تتذوق أصداء تلك اللحظة، فرأت الشخص الذي حقّق لها حلمها وانتقامها معًا. كان الدوق بليد غونر.
“هل أنتِ راضيةٌ الآن، يا عازفة الكمان الكونتيسة أوترباك؟”
صوته الهادئ الجاد، رغم نبرته المازحة، أحدث رنيناً خفيفاً في كأس النبيذ الموضوع بجانبهما.
تساءلت بينيلوب أيٌّ من الاسمين الذي أعادهما بليد إليها يسعدها أكثر: “عازفة الكمان” أم “أوترباك”.
وكأنه قرأ أفكارها، مدّ بليد يده نحوها.
لقد اعتادت هذا منه.
فهذا الرجل الذي قبل صفقةً مجنونة اقترحتها بينيلوب، وأصبح لها سندًا لا يتزعزع.
“أخبريني عن شعوركِ بعد أن احتللتِ مكان تلك المرأة التي سلبَت زوجكِ منكِ.”
“كانت هذه الليلة الأروع في حياتي. وكلّ ما وصلتُ إليه الآن هو بفضلكَ يا دوقي.”
“أشعر بشرفٍ عظيم كشريكٍ في هذه الصفقة أن تذكر الكونتيسة فضلي.”
رفع بليد زاوية فمه، وقبّل ظهر يدها.
في اللحظة التي لامست فيها شفتاه بشرتها، اضطرت بينيلوب إلى كتم أنفاسها خوفًا من أن يتردد صوتُ نبضات قلبها.
كان ما يلمسه منها مجرد يد، لكن دفء لمسة أشعل ناراً في جسدها كله. ربما انتقلت إليها شرارة اللهب الكامنة في عينيه.
مظهره الآسر، نسبهُ النبيل، ثروتهُ وسلطته، وتلك اللمحات الحلوة التي يظهرها بين الحين والآخر.
كان بليد غونر تجسيدًا للأمير الذي كان والداها يقرآن عنه في الكتب الخيالية عندما كانت طفلة.
فكان من الطبيعي أن يداعب قلبُ بينيلوب شعورٌ خفيف.
في هذه اللحظة، لم تعد تتذكرُ حتى خيانة زوجها أو صديقتها، ولا السخرية والاحتقار اللذين تلقتهما من النّاس.
لقد بدأت علاقتهما كعقد، لكنها تحولت، دون أن تدري، إلى صدقٍ خالص.
كانت تعلم أنها، كامرأة مطلقة مليئة بالجروح، لا ينبغي أن تصبح عبئًا على رجل كانت تشعر نحوه بكل هذا الامتنان. لكنها في الوقت ذاته لم تكن واثقة من قدرتها على الاكتفاء ببضعة شذرات من الذكريات معه بعد افتراقهما.
‘بالطبع، أعلم جيدًا أن للدوق حبًا أول في حياته، وأنه لن يتمكن من نسيانها أبدًا وسيحملها في قلبه إلى الأبد. لكن رغم ذلك أريد أن أبقى بجانبه.’
كانت الغيرة تحترق في قلبها تجاه تلك المرأة التي كان يحملها في أعماقه، ولم تستطع احتمال ذلك.
“ما الذي يشغل بالك وأنتِ أمام خطيبكِ؟”
حدّقت في عينيه، اللتين كانتا تطيلان النظر إليها، قبل أن تجبر شفتيها على رسم ابتسامة هادئة.
“دوق، هل تذكر اليوم الذي التقينا فيه لأول مرة؟”
“بالطبع، قد تكونين نسيته، لكنني ما زلتُ أتذكره بوضوح تام.”
هزّت رأسها نفيًا.
“لا، بل على العكس، أنا أيضًا أتذكر كل كلمةٍ قلتها لي ذلك اليوم.”
‘إذا وافقت على أن تكون شريكي في الرقص الليلة، فسأستثمر هذا المبلغ في تجارة غونر.’
‘تحاولين شراء ليلةٍ معي مباشرة؟ إذن، هذه الورقة ستكون بمثابة الأجر.’
عندما تتذكر ذلك الآن، تدرك كم كان عرضها جريئًا.
‘إن أصبحتَ راعيًا لي، فسأعزف أجمل الألحان على مسرحك، ليكون مجدي انعكاسًا لمجدك، وانتقامنا من أعدائنا معًا.’
كانت تعلم جيدًا كم بدت كلماتها سخيفة في نظره، لكنها لم تستطع سوى أن تقولها.
في ذلك الوقت، لم يكن يشغل بالها سوى استعادة حياتها المسلوبة.
ورغم كل شيء، لم تندم أبدًا على اختيارها لهذا الرجل حينها.
بعد أن خانتها صديقتها واستولت على زوجها، ظنّت أنها لن تستطيع أن تُحبّ مجددًا. لكن بليد هو من أعاد إليها هذا الشعور، ذلك الحب الذي كادت تفقده إلى الأبد.
“لا يمكنكَ تخيل مدى خوفي منك في ذلك اليوم.”
“أكان ذلك أكثر صدمة من قدوم امرأة تعرض عليّ شراء ليلة معها؟”
ضحك كلاهما بخفة في الوقت نفسه.
“هل ما زلتِ تخافين مني؟ كيف ترينني الآن؟”
“الآن…”
في اللحظة التي سمعت فيها صوته العميق المفعم بالحرارة، شعرت وكأن قلبها سقط في أعماقها.
كيف يمكنها أن تعترف بمشاعرها، وهي تعلم أنه يحب امرأةً أخرى؟
ربما لم يكن بليد يدرك ذلك، لكن سؤاله كان قاسيًا للغاية.
حاولت أن تخفي ارتباكها بابتسامة متكلفة وهي تغيّر مجرى الحديث.
“بل ما يشغلني هو لماذا وافقتَ على طلبي في ذلك الوقت. بصراحة، لم يكن عرضي مفيدًا لك أبدًا، بل كان يصب في مصلحتي وحدي.”
“طلبتِ مني أن أكون راعيكِ… وإن كنتِ بحاجة إليّ، فسأكون لكِ. لذا يا بينيلوب، استغلي ذلك كما تشائين.”
“أن تتدحرجي في الوحل، أم على سريري؟ أيهما ستختارين؟”
أخبرها أنهِ لا يمانع أن تستغله كحبيب زائف إذا كان ذلك من أجل انتقامها. وبفضل ذلك، استطاعت أن تصل إلى ما هي عليه الآن، بعدما لعبت دور الحبيبة المفضلة لأكثر رجال مملكة إترون نفوذًا.
لكن في نهاية المطاف، حصلت هي على الكمان، والمجد، والسعادة… بينما لم يحظَ هو بأي شيء.
لم يكن من المنطقي أن يتصرف رجل معروف بحساباته الدقيقة بهذه الطريقة، أن يمنحها كل شيء دون أن يأخذ شيئًا في المقابل.
“أترغبين حقًا في معرفة السبب؟”
في تلك اللحظة، لمعت في عيني بليد مشاعرُ عميقة، كثيفة كأنها محيط مضطرب.
ورغم أن البحر الليلي كان ساكنًا، رأت بينيلوب في عينيه أمواجًا هائجة تتلاطم. لم تستطع أن تميّز إن كان ذلك الاضطراب ينبع من عينيه أم من قلبها هي.
وفي ومضة، اجتذبتها تلك الرؤيا إلى ذلك البحر…
إلى البحر الذي كان بداية كل شيء.
إلى يومها الأخير على متن السفينة آيريس، حينما ماتت بينيلوب الأولى.
“حين قلت لكِ إنني سأمنحكِ كل شيء…”
والآن، كان الرد الذي خرج من شفتي بليد هو الخاتمة التي بدأت على متن تلك السفينة الفاخرة.
***
ظنّت أن الرحلة ستكون سعيدة.
لأن كل من حولها قالوا ذلك، ناهيم عن الصحف والإذاعات.
[الرحلة الأولى للواحة العائمة: السفينة آيريس!]
[من هم المحظوظون الذين سيحظون بركوب أكبر سفينة ركاب في تاريخ البشرية؟]
[دوق غونر يشيّد مملكته العائمة فوق البحر!]
سفينة فاخرة تحتوي على مئات الأجنحة، وكازينو، ومكتبة، وكل وسائل الراحة التي قد يحلم بها المرء.
كانت تعتقد أن قضاء شهرٍ على متن تلك السفينة الرومانسية سيكون كفيلًا بترميم علاقتها الزوجية المتصدعة.
لكنها لم تحتج وقتًا طويلًا لتدرك كم كانت مخطئة وأن ذلك كله مجرد وهم……
آيريس لم تكن مجرد سفينة، بل كانت مملكة قائمة بذاتها، ومثل أي مملكة، كان فيها نظام طبقيٌّ صارم.
وفي تلك المملكة، كانت بينيلوب من أدنى الطبقات، الدرجة الثالثة.
لم يكن نصيبها الجناح الفاخر الذي تتحدث عنه الصحف، بل غرفة ضيقة ومظلمة في الدرجة الثالثة.
بالنسبة لشخص يعاني من رهاب الأماكن المغلقة، كانت تلك الغرفة بمثابة سجن بلا نوافذ.
‘سوف يجتمع الأشخاص المؤثرون من جميع أنحاء العالم على متن آيريس، وإذا أردت نجاح عملي في مجال التسجيلات الموسيقية، فعليّ أن أترك انطباعًا جيدًا لديهم.’
‘لكن، نيد… أنت تعلم أنني أعاني من رهاب الأماكن المغلقة. لا أستطيع البقاء في غرفة بلا نوافذ لشهر كامل.’
‘أنا أعمل بجهد لأعيلكِ، ولا يمكنكِ حتى تحمّل هذا من أجلي؟ أليس من المفترض أن تدعمي عملي؟ إذا كنتِ تريدين أن تواصلي إنفاق المال كما يحلو لكِ، فعليكِ أن تساعديني في إيجاد مستثمر!’
‘لقد تزوجته لأنه كان لطيفًا، لا أعلم متى أصبح هكذا.’
عندما فقدت والديها، كان نيد هو الرجل الذي احتضنها وواساها. لكنه تغير تمامًا بعد سلسلة من الإخفاقات في مشاريعه.
لم تعد حتى تتذكر طعم شريحة اللحم التي اعتادا تناولها معًا في مطعمهما المفضل.
لم يعد يعود إلى المنزل إلا نادرًا، وانشغل كليًا بالسعي خلف المستثمرين. أما المواعيد واللحظات الدافئة، فقد أصبحت حلمًا بعيد المنال.
كان يدّعي أن كل ما يفعله هو من أجل العائلة، لكنها لم تكن تهتم بالثروة التي أضاعها.
كل ما أرادته هو أن يعود الرجل الذي أحبّته في الماضي.
‘كان يقول إنه سيملأ الفراغ الذي تركه والداي، لكن كل وعوده تبخّرت.’
كانت بينيلوب مجرد يتيمة في دار رعاية، تُستغل بلا رحمة.
رأى مدير الدار موهبتها الفذّة في العزف على الكمان، فاستغلها لاستدرار دعم النبلاء.
أُجبرت على قضاء أيامها حبيسة القبو، تعزف بلا توقف.
حتى جاء الكونت والكونتيسة أوترباك، وأخرجاها من ذلك الجحيم.
‘ملاكنا الصغير. لقد كان مقدرًا لنا أن نصبح والديك حتى قبل أن تولدي.’
رغم أن العلاقة التي جمعتهم كانت بالتبنّي، إلا أن الحب الذي منحاه لها كان حقيقيًا.
لكن السعادة الممنوحة لعائلة أوترباك كانت قصيرة الأجل.
꧁꧁꧁꧂꧂꧂
– نهـــــــاية الفصل 🎀
تعليق + تصويت = دعم + فصول أكثر 🫶
حساب الواتباد: ALEX_XXL
حساب الانستغرام: alex0xxl
حبيت أنوه إن الراو برضه مب متوفر لذا بعتمد على صديقتي وقت ما تفرغت بتساعدني ʕ´•ᴥ•`ʔ
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 0 - المقدمة 2025-03-26
التعليقات لهذا الفصل " 0"