[الموعد في المطاعم المشهورة]
حذفتُ من رأسي أحد عناصر قائمة أحلامي.
لقد ركض بنفسه ليفتح معي محلّ الحلوى الأشهر في المدينة وقت الافتتاح، فهل يُعقَل أن أعتبر الأمر فشلًا؟
“آ-“
“سيدي الدوق، أنتَ تجرِّب هذا باستمرار.”
“يُقال: لا عمودٌ في القصر إلا ويهتزّ بعد عشر ضربات.”
“وإن لم اهتزّ فعلًا، فماذا ستفعل؟”
ظننتُ أن المهمة انتهت عند هذا الحد، لكن الدوق واصل جولته في محلات الحلوى وكأنه يضع أختامًا عليها.
“هناك أمر أود أن أسأل عنه.”
“اسألي ما شئتِ.”
“بعد هذا… ألا تفكر في التوقف؟”
فالقائمة أمامه لا تزال طويلة كالجبال.
“هل تذكرُ ما كتبتهُ لكَ؟”
ربما بسبب هدوئه واسترخائه، شعرتُ أنا نفسي بالارتخاء.
حتى الحمام الزاجل الذي كنتُ أفزع منه في البداية صار مألوفًا، حتى إني بدأت أراه طائرًا لطيفًا.
انظُر الآن، لا غُربة أبدًا في قيامه بجولة المقاهي معي.
حتى أنني بدأتُ أشكّ في أنه يحاول ببساطة تجاوز كل شيء ليُصبح هو نفسهُ حُلمي .
“قُلها.”
“إرسال الحمام ثلاث مرات في اليوم للسؤال عن الحال،
الموعد في المطاعم الشهيرة،
الالتفاف عشر مرات عند بوابة القصر على طريقة خرطوم الفيل ثم المشي مستقيمًا ورسم قلب على الثلج بخطواته للأعتراف،
القدوم ليلًا متسلقًا السور ومعه باقة ورد ثم الرجوع مشيًا،
إعداد صندوق طعام بعشر طبقات للذهاب في نزهة،
الاعتراف العلني في الساحة (انظر التفاصيل المرفقة)،
القفز من مكان مرتفع وهو يصرخ باسم إيرين فرومروز ليُثبت حبه،
الصعود إلى أعلى جبل جليدي في الشمال والدعاء:
“لتصبح الآنسة إيرين ثرية”، ثم تعليق قفل وإلقاء مفتاحه……”
شعرتُ بالدوار من طول ما تلاها دون أن يلتقط أنفاسه.
“والأمران الآخران هما:
أن أتعرف على الآنسة وأنا معصوب العينين،
وأن أشرب خمس قوارير خمر ثم أمشي مستقيمًا وأقول أحبك كل عشر خطوات.”
‘بأي عقل كتبتُ هذا؟’
لكن الأعجب هو أنه قَبِل بتنفيذه كله، هذا الدوق كايل ديهارت الجالس أمامي.
“آه، إذاً أنتَ تتذكرُ.”
كنتُ أظنّه يتجاهل الأمر.
“يبدو أن الآنسة متعجلة للتقدم معي.”
“نعم؟”
“فهل أُسرِع دون مراعاة؟”
سمعتُ حولي همسات الناس: “يا إلهي!”، “آه! ما العمل!”
لكن ألم يسمعوا ما سبق من كلام عن تسلّق الجبال وتعليق الأقفال؟
“هل تستطيعُ فعل كل ذلك حقًا؟”
“كلامكِ هذا يجعل قلبي يخفق أكثر.”
أسند ذقنه على يده وابتسم ابتسامةً ماكرة.
“هل تفرغين في نهاية هذا الأسبوع؟”
“آه، لدي عمل هذا الأسبوع.”
“أوه.”
“إنها الحقيقة.”
رفعتُ حاجبي لأبرر له. لم يكن تصنّعًا بل فعلاً لدي عمل.
وبينما كنتُ أعضّ قطعة ماكارون، خطرت لي فكرة.
“هل تحبُ الأطفال يا سيدي الدوق؟”
“لا.”
يا لهُ من صريحٍ.
وأنا أيضًا لا أحب الأطفال، لكن هذا أمر آخر……
‘همم… ربما هذه المرة سأتمكن من إرباكه.’
فقلتُ له:
“إذًا نلتقي في عطلة نهاية الأسبوع.”
لم يسألني: أليس عندك عمل؟
اكتفى برفع حاجب واحد قائلاً: “حسنًا.”
* * *
“أُختي!!!”
“أيتها الأخت! جئنا لنراكِ”
“أوه… يا أولاد، أنتم… كُح… أصبحتم أقوى.”
قبل أشهر فقط لم تكن صدمات أجسادكم بهذا العنف…
لقد كبروا وزادت قوتهم، أي أنهم تغذوا جيدًا.
تلقيتُ اندفاعهم بصعوبة. وحين لم يهدؤوا، أخرجتُ ورقتي الرابحة.
“قفوا مكانكم-!”
وبإشارة مني تقدّم الخادم حاملاً صناديق الحلوى.
ابتسمتُ بفخر ونظرتُ إلى الأطفال.
“مَن الطفل الطيب الذي يريدُ بعضَ المعجناتِ؟”
أشرقت أعينهم، وصاروا فجأةً مطيعين.
“فيو، سمعتُ أنك أخذتَ الضفدع الذي كان يربيه رين.”
“لا، ليس صحيحًا! وأعدتُه!”
ينكر ثم يقول أعادَه، متناقض في كلامه، يا له من طفلٍ.
“وهل اعتذرتَ؟”
“…….”
“هل فعلتَ؟”
هاه، هذا ما عندكَ؟
“الأطفال الطيبون وحدهم يأكلون المعجنات~”
“سـ-سأعتذر! ليس من أجلِ ذلك فقط!”
اغرورقت عيناه بالدموع، فهدأته.
اللعب جميل، لكن البكاء يُربكني.
“انظر، ذاكَ رين. اذهب واعتذر ثم عُد.”
“هُه… نعم.”
ركض مسرعًا، ثم عاد مع رين يضحكان ويضعان أيديهما على أكتاف بعض.
“تصالحنا!”
“تصالحنا!”
كان منظرهما وهما يمدان أيديهما نحوي جميلًا، فمسحتُ على رؤوسهما وأعطيتُهما ما جلبته.
“أحسنتما. وإذا تشاجرتما ثانية فاعتذرا وتصالحا.”
“حسنًا.”
“ورين، مهما كان فيّو مخطئًا، لا تشدّ شعرهُ.”
في الحقيقة كلاهما مذنبٌ. لكن البادئ أظلمُ.
ثم إنني أعلم أن فيو يهتمُ برين… يا لهما من طفلين طريفين.
“أهذا دار أيتام؟”
“المكان الذي ترعاه عائلتنا.”
سألني الدوق عندما أنهينا توزيع الطعام.
“أيتام الحرب يفترض أن الدولة تعتني بهم.”
أدركتُ قصده: ‘لماذا تهتمين بما لا يعود عليكِ بفائدة؟’
فأجبتُ ببساطة:
“هناك أطفال لا يستطيعون دخول تلكَ المؤسسات.”
فلم يُعلّق، ولم أزد بدوري.
وبعد أن وزعنا كل شيء، هرع الأطفال إليّ بأعين متلألئة.
“أختي! ستلعبين معنا اليوم أيضًا، صحيح؟”
ها قد بدأ وقت استنزاف الطاقة.
لكنني كنتُ مرتاحة… ابتسمتُ بصدق.
“اليوم!”
ومدَدتُ يدي نحو الدوق.
“هذا العم سيلعبُ معَكم~!”
فلنجرب كيف سيتحمّل طاقتهم اللامتناهية.
* * *
”مخيف……”
”لكن وسيم……!”
”مع ذلك شكله مخيف……”
”لكن وسيم…؟”
ارتبك الأطفال.
“آه! ماذا لو أكلنا؟!”
“لكن أختنا إيرين جاءت به!”
“فلنكلّمه أولاً.”
“وإن كان غريبًا، نهاجمه جميعًا.”
“موافق.”
لكنهم كانوا شجعانًا بلا حدود.
“يا عم.”
“نعم.”
“ما الألعاب التي تعرفها؟”
ألعاب؟ فكر كايل.
“الشطرنج.”
“ما هذا؟”
“لا نعرفهُ.”
فغيّر قوله:
“لعبة الحرب.”
هل تُعد لعبة أصلًا؟
لكن الأطفال قادرون على تحويل أي شيء إلى لعب.
“إذن أنت الملك الشرير، ونحن الحرس الإمبراطوري.”
“لكن كيف نكون حرسًا ونحن كُثر يا غبي؟”
“فسمِّها كما تشاء!”
“لا أعرف! أمسِكوا السيوف!”
فضربوه بفروع الأشجار.
كان غريبًا لكنه تحمّل، إذ خطته كانت أن يتظاهر بالموت ثم يستلقي ليستريح.
لكن…
“عمي، لا نحب الحرب.”
“الحرب مخيفة.”
“فلنلعب بيت العائلة.”
“أنا الأم، وهذا الأب، وأنت الكلب.”
‘أليس المفترض أن أكون الأب؟’
“أنبح.”
لكنه لم يعترض، فهو الدور الأسهل.
لكنهم أرهقوه:
“أحضر لنا ذاك الشيء من فوق الشجرة.”
“اركض معنا!”
“خبِّئ لنا وجبة من المطبخ!”
لقد كان أسوأ دور.
نظر كايل بعينين ميّتتين نحو الفراغ.
“آه…”
“تعبنا…”
تساقط الأطفال على الأرض مغطّين بالتراب والأوراق.
وبينما هم مستلقون، تقدّم منهم رجل.
“يا سادتي الصغار.”
“…….”
“انهضوا.”
“لنلعب.”
ابتسم كايل ديهارت بسعادةٍ.
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 11"