أن تفكر و تتصرف بهذه الطريقة في وقتٍ قصير يُظهر أن الخبرة والسنوات لا يمكن تجاهلهما.
‘من المحتمل أن ينتهي الأمر هنا. و…’
نظرتُ ببطء إلى ظهر الدوقة بياترس. كانت على وشكِ مغادرة غرفة الاستقبال، لكنها توقفت وأدارت رأسها.
كانت نظرتها موجّهةً نحو ليفيا، التي كانت تظهر استياءها بوضوح.
“…لقد تسببنا في إزعاج حفل شاي رائع.”
“إزعاج؟ من حسن الحظّ أن تكونَ آيشا بخير. إذا احتجتِ إلى مساعدتي في حالةِ وجود مشكلة صحية، فتفضلي بزيارتي في أيّ وقت. يبدو أن هناك العديد من الأشخاص غير الموثوقين في عائلتكٌ… مَنٔ يدري، قد يحدثُ شيء مشابه مرة أخرى.”
“لا تقلقي. سأستغلُّ هذه الحادثة لإزالة الحشرات الفاسدة الملتصقة بالعائلة. لن نحتاج إلى استعارة قوة سيّدة القوة المقدسة.”
“هههه، إذا لم تكوني بحاجةٍ إلى قوتي، فهذه نعمة بحدِّ ذاتها. سأصلي من أجلكِ. فلتكن بركة بيسيا مع آيشا دائمًا.”
كان نبرتها هادئةً و وقحة للغاية، لكن الدّوقة رفعت زاوية فمها و أومأت برأسها برفق.
“شكرًا على كلماتكِ المباركة. ما حدثَ اليوم… ستأتي فرصةٌ لردِّ جميله يومًا ما. أتطلّعُ إلى ذلكَ اليوم.”
مع هذه الكلمات، أدارت الدوقة بياترس ظهرها.
وجهها، الذي كانَ يرسم ابتسامة مثالية، أصبحَ باردًا كالجليد في لحظة.
“سنعود إلى شيرن.”
الدوقة بياترس شيرن، سيدة المجتمع الراقي ومالكة الأراضي الكبرى في الجنوب.
لم أحبط خطّة ليفيا فحسب، بل قد أكونُ أيضًا قد اكتسبتُ دعمَ شخصية قيمة.
بما أن هذا سيؤدي إلى قطيعة كاملة مع ليفيا.
كما برد وجه الدوقة، تجمّدت ملامح ليفيا أيضًا بتعبيرٍ بارد.
لم تحاول ليفيا إخفاء استيائها.
“مع وقوع هذا الحادث المؤسف، سيكون من الصعب الاستمرار في الراحة هنا. أعتقد أن حفل الشاي اليوم يجب أن ينتهي هنا.”
كان ذلكَ متوقعًا. فضيحة التسميم بحدِّ ذاتها كانت كافية لإثارةِ الاضطراب، ناهيكَ عن أن الهدف كان وريثة عائلة دوقية.
لو كانَ المضيف شخصًا آخر غير سيدة القوة المقدسة، لكانَ حادثًا كبيرًا يستوجب المسؤولية.
لم يتمكن الناس من إخفاء شعورهم بعدم الراحة، و كانوا يراقبون ليفيا. بما أنهم كانوا يعرفون الغرض من حفل الشاي هذا، كانوا مترددين في إنهائه هكذا.
‘حتى لو لم يعرفوا عن التّسميم… كانوا جميعًا يعرفون أن هذا الحفلَ كان لدفعي إلى الزاوية.’
لم يكونوا جميعًا في صفّ ليفيا، لكن عندما اتهموني بالجريمة سابقًا… كان من الواضحِ أنه لم يكن لديَّ حلفاءٌ هنا.
“لا تقلقي كثيرًا. على الرّغمِ من الحادث المؤسف، كان حفل شاي رائع.”
“أتمنى ألا تكوني قد تأذيتِ. فليرعاك بيسيا.”
حاولَ الجميع تهدئة ليفيا بكل جهدهم. بدت حركاتهم و طأنها لعبة مهرجين مضحكة.
فجأةً، لم يبقَ أحد في غرفة الاستقبال.
غادر مالكوم أيضًا مع الآخرين في الوقت المناسب.
بعد أن غادرَ الجميع، بقيت أنا و ليفيا وحدنا في غرفة الاستقبال الواسعة. كأننا كنا ننتظر هذه اللحظة، لم يتحرّك أحد منّا أولاً.
كان الصّمت القارس يخنقني. ليفيا، التي لم تخف استياءها حتى تلكَ اللحظة، رسمت فجأةً ابتسامة رقيقة و اقتربت ببطء.
تحدثت ليفيا كما لو كانت تمدح طفلةً موهوبة. لم يكن هناكَ أيّ زيف في تصفيقها.
كان الأمر المرعب أن ذلكَ كان “حقيقيًا”.
“هل كل هذا مجرّد لعبة بالنسبة لكِ؟ كادت آيشا أن تموت!”
“آه، إذن موت تلكَ الفتاة كان بالنسبة لكِ أمرًا أكبر؟ ألا تعتقدين أنّ من حسن حظكِ أنكِ لم تُسممي؟”
“…لا تلعبي بحياة الناس.”
“هممه! لعبة؟”
لم تستطع ليفيا كبح ضحكتها. بدت ضحكتها صادقة أيضًا، مع دموع في زوايا عينيها. مسحت دموعها بأطراف أصابعها وتحدثت بصوتٍ يحمل ضحكة.
“إذن، أنتِ تعرفين ما هي اللعبة؟”
“…..”
“سمعتُ أنكِ ضعيفة بشكلٍ خاصّ تجاه الأطفال الصغار و المحتاجين. لذا، كنتُ أعلم أنكِ لن ترفضي إذا اقتربت تلكَ الفتاة منكِ.”
“…إذا كنتِ قد جعلتها تقترب مني عمدًا لتتهمينني…”
“أتهمكِ؟ لا، لو لم يكنْ لديكِ الدواء المضاد، لكنتِ أنتِ الجانية بالفعل.”
نظرت ليفيا إليّ بعيون باردة، تفحصتني من رأسي إلى أخمص قدميّ، كما لو كانت مفترسًا يراقب فريسته، مما جعلَ ظهري يقشعرّ.
حاولتُ إخفاء تعبيراتي، لكن ليفيا، كما لو أنها رأت من خلالي، اقتربت أكثر بابتسامةٍ ساخرة.
مدت يدها ببطء، و كادت تلمس خدي المتورم من صفعة الدوقة، و همست.
“لا تعتقدي أنكِ انتصرتِ. أنا مَنٔ تركتكِ.”
كادت أطراف أصابعها أن تلمسني، ثم ابتعدت ببطء. كانت ليفيا، و هي تواجهها عن قرب، امرأةً تملك هيبة أكثر إرباكًا مما كنتُ أتخيل.
كان من الطبيعيّ أن تجعلني عيناها الذهبيتان، التي قيل إنها تحمل القوة المقدسة، متوترة.
لو لم أكن قد عشتُ كليفيا و رأيتُ المرآة كل يوم، لربّما تجمدتُ ولم أستطع قولَ شيء.
“تحدّثي بوضوح.”
تراجعت خطوةً و نظرت إلى ليفيا مباشرةً. كانت عيناها الذهبيتان الغامضتان تبدوان كما لو أنهما ستبتلعانني في أيّ لحظة، لكنني لم أتجنًب نظرتها.
“لقد خسرتِ. أنقذتُ آيشا، ولم تفعلي شيئًا. الجاني شخصٌ آخر. وقد قدمتُ مساعدةً كبيرة للدوقة.”
“…..”
“ما الذي حصلتِ عليه؟”
“…كيف تجرؤين!”
“نعم، أجرؤ. لقد حاولتِ التهديد بحياةِ إنسان. ولهذا خسرتِ.”
“إيرديا!”
على الرّغمِ من صرختها المدوية، لم أرمش بعيني وابتسمت. مثل ليفيا، تحركتُ ببطء و قلت.
“في المكان الذي نشأتُ فيه، لا يُعطون الأطفال الكثير من الحلويات. هل تعرفين لماذا؟”
“إذا كنتِ تعتقدين أنكِ انتصرتِ، فأنتِ مخطئة.”
لم أجبْ على سخريتها. نظرتُ إلى جمال ليفيا، الذي يشبه تمثال بيسيا، كما لو كنتُ أستمتع به.
“عندما تأكلينها، تشعرينَ بالسعادة و النشوة، لكن إذا أكلتِ الكثير… ينتهي الأمر بتسوّس الأسنان.”
“…..”
“الأسنان المتسوسة تؤلم. لا يمكنكِ مضغ الحلويات، ولا حتّى أي شيء آخر. فماذا يجب أن تفعلي؟”
“ما الذي تحاولين قوله؟”
أمسكتُ بالدّانتيل الذي يمتدُّ من كتف فستان ليفيا الخالي من العيوب إلى مرفقها. كانَ الدانتيل ناعمًا وملفوفًا حولَ أصابعي.
“يجبُ اقتلاعها.”
عندما سَحبتُ الدانتيل، تمزّقَ القماشُ المتعلق بالزينة بسهولة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 97"