“سقطت العربة من الجرف. لا أعرف من فعلَ ذلك، لكن يبدو أنّني نمت لفترةٍ طويلة. آمل أن يكون والدي قد أمسكَ بالجاني.”
أصبح الجوّ ثقيلًا و باردًا.
“أن يحاول أحدهم قتل سيّدة القوّة المقدّسة المباركة من الحاكم، لا يمكن أن يُترك مثل هذا الشّخص دون عقاب.”
كانت عيناها مشحونتان بالعداء، و صوتها باردًا.
كان هذا هو وجه ليفيا الذي لم يروه طوال الخمس سنوات الماضية.
لكن، قبل خمس سنوات، كان تعبيرًا مألوفًا للغاية.
فقد كاليد قدرته الكلام. لم يعد صوته الذي كان ينادي اسمها بحنان يخرج من فمه.
كأنّها ليست ليفيا التي أحبّها.
على الرّغم من أنّ حبيته التي طال انتظارها فتحت عينيها، كان يتمنّى لو أنّ هذه المرأة ليست ليفيا.
“لم يكنْ أمرًا عاديًّا، أليس كذلك؟ بما أنّ سموّ وليّ العهد موجود هنا.”
كانت ذاكرة ليفيا قد عادت إلى يوم حادث العربة.
لم يستطع أحدٌ في الغرفة تصديق أنّها فقدت ذكريات الخمس سنوات الماضية بسهولة.
كلّ مَنْ كان موجودًا هنا قد أعاد بناء علاقته معها خلال الخمس سنوات التي فقدتها. قبل خمس سنوات، كانت ليفيا تعيش معاديةً لهم جميعًا، لكن بعد أن فقدت ذاكرتها و تغيّرت، استعادت العلاقات ببطء.
لكن، لم يكنٔ من الممكن تجاوز الأمر بالصّمت إلى الأبد.
عندما بدأ التّساؤل يتسلّل إلى عيني ليفيا، فتح الدّوق فمه:
“…ليفيا، ذلك الحادث كان مدبّرًا، وقد أُعدم الجاني بالفعل. لقد مرّت خمس سنوات منذ ذلك الحادث.”
“خمس سنوات؟”
“أجل. استيقظتِ بعد الحادث بفترةٍ قصيرة، لكنكِ فقدتِ كلّ ذكرياتكِ السّابقة… و اليوم، سقطتِ مرّةً أخرى.”
“…هذا يعني أنّني هذه المرّة فقدتُ ذكريات الخمس سنوات الماضية، أليس كذلك؟”
“…..”.
فقد الدّوق الكلام و أخفضَ رأسه.
لم يستطع هو أيضًا تصديق هذا الواقع.
لم يكن هناك شخصٌ واحد يستطيع قبول هذا الوضع بهدوء.
“ربما… من الأفضل أن أرتاح أكثر.”
نهض كاليد أوّلاً بعد صمتٍ طويل.
لم يتمكّن في النّهاية من توجيه كلمةٍ ودودة واحدة إليها.
مكبحًا مشاعر لا يمكن وصفها، غادر كاليد غرفة النّوم كمن يهرب.
“أجل، قال الكاهن الأكبر أيضًا إنّ الرّاحة ضروريّة. من الأفضل أن ترتاحي جيّدًا الآن.”
تبع الدّوق و شوريل كاليد بهدوء خارج غرفة النّوم.
لم يتمكّن أيّ منهما من إخفاء شدّ فكّيهما، و أدارا رأسيهما بثقل.
في منتصف غرفة الجلوس، كان كاليد يقف متصلبًا.
“صاحب السّمو….”
عندما ناداه الدّوق بحذر، رفع كاليد يده بصمت ليمنعه.
فهم الدّوق أنّه يعني عدم الكلام، فتراجع بهدوء، لكن شوريل فتح فمه بحذر:
“سموّك، إذا كانت أختي قد فقدت ذكريات الخمس سنوات…”
لم ينطق كاليد بكلمة.
“بخصوص الزّواج… ما الذي تنوي فعله؟”
عبس كاليد بعمق.
غطّى وجهه بيده، و تنفّس بعمق.
كان قلبه لا يزال ينبض بعشوائيّة.
شعر بالأسف على نفسه لمغادرته المكان دون كلام بعد استيقاظ حبيبته. لكن، مهما حاول الكلام، لم تخرج كلماتٌ لطيفة من فمه.
في العادة، كانَ ينطق بكلماتٍ ودودة لدرجة أنّ ليفيا كانت تتذمّر منه طالبةً التّوقّف عن المزاح—
لكن، عندما واجهها بعد أنْ فقدت ذاكرتها، اجتاحه الخوف كأنّ العالم قد تغيّر بالكامل.
‘….الخوف؟ أنا؟’
لم يهتمّ بكرامة وليّ العهد أو ما شابه. فقط، لم يخرج الكلام.
لكن الصّمت وحده لن يحلّ شيئًا.
“حتّى لو فقدت ذكرياتها معي، فهي لا تزال حبيبتي. سنعيد إقامة حفل الزّفاف بعد أن تتعافى.”
“لكن، سموّك—”
“شوريل أرفين، سأكتفي بسماع مخاوفك إلى هنا.”
أغلق شوريل فمه.
“حتّى لو فقدت ذاكرتها، بالنسبة لكَ ، هي لا تزال أختكَ …و بالنّسبة لي، لا تزال ليفيا الشّخص الذي أحبّه.”
…حتّى لو بدتْ الآن غريبةً تمامًا كشخصٍ آخر.
كرّر كاليد هذا في نفسه مرّاتٍ عديدة، كأنّه لن يتحمّل إلّا إذا آمن بذلك.
* * *
تذكّرت ليفيا وجوه الثلاثة الذين تركوها و غادروا واحدًا تلو الآخر.
في الماضي، حتّى لو تعرّضت لحادثٍ كبير، لم يكونوا ليقلقوا عليها و يبقوا إلى جانبها.
“…خمس سنوات ضائعة.”
كان الشّخص الأقلّ تصديقًا بالنّسبة لها هو وليّ العهد كاليد.
كانَ من المفترض أن يكون أوّل من يفرح لوقوع مكروهٍ لها.
كانت سيّدة القوّة المقدّسة، التي تملك أقوى سلطةٍ في الإمبراطوريّة ، مرتبطةً مباشرةً بسلطة الإمبراطور الأوّل.
بالنّسبة لشعب الإمبراطوريّة، كانت سيّدة القوّة المقدّسة ممثّلة للحاكم، و كانت ليفيا أرفين هي من تقف في هذا المقام.
لذا، مهما فعلت، لم تُعتبر أفعالها جرائم. حتّى العائلة الإمبراطوريّة لم تجرؤ على لمسها.
وكان الشّخص الذي كان أكثر النّاس امضاءً منها هو كاليد.
“…التّعبير الذي كان على وجهه عندما فتحتُ عينيّ.”
كان مليئًا بالقلق بالتأكيد.
ما الذي حدث خلال الخمس سنوات الماضية حتّى ينظر إليّ وليّ العهد المتغطرس بهذه الطريقة؟
قبل خمس سنوات، كان ذلك أمرًا لا يمكن تخيّله.
نهضت ليفيا ببطء و توجّهت نحو النّافذة.
في اللّيل المظلم، كانت زهور الزّعفران الصّفراء المتفتّحة تملأ الحديقة.
كانت الإضاءة النّاعمة تُسلّط الضّوء على الزّعفران بلطف، كأنّها لوحةٌ طبيعيّة.
كان مشهدًا غريبًا. على الأقل، لم تكن حديقة قصر دوق أرفين التي تتذكّرها بهذا الشّكل.
“…بدائيّة بشكلٍ لا يُطاق.”
نظرت إلى الحديقة ببرود، ثم أدارت رأسها.
كانت غرفة النّوم، من السرير إلى الأثاث، كلّها باللّون العاجيّ. كانت الزّينة عبارةً عن إطار صورةٍ بسيطة معلّقة على الحائط فقط.
مع ملاءات السرير البيضاء، كانت الغرفة شبه عديمة اللّون. اللّون الوحيد الملحوظ في الغرفة كان السّجادة الصّفراء المنتشرة على نطاقٍ واسع.
كانت الغرفة مرتّبةً و منعشة، لكن بالنّسبة لها، كانت جوّها كئيبًا .
في الأصل، كان من المفترض أن تكون غرفتها مليئةً بأثاث الأبنوس الفاخر، و سرير من خشب الورد، و ستائر حمراء مزخرفة بأنماط زهريّة، و أغراض زينةٍ باهظة.
هذه الغرفة، التي كانت عكس ذوقها الذي كان يسعى دائمًا إلى الأفضل، بدت و كأنّها ليست ملكها، بل ملك شخصٍ آخر.
نعم، و كأنّ شخصًا ما قد استولى على هذه الغرفة و عاش فيها دون إذنها.
كانت آثار شخصٍ آخر، المنتشرة في كلّ زاويةٍ من الغرفة، تُثير استياءها الشّديد.
“هههه، يبدو أنّكِ استمتعتِ كثيرًا.”
ضغطت على صدغيها لتهدئة الألم النّابض، و اقتربت منَ المرآة.
شعرٌ فضيّ، و عينان ذهبيّتان رمز القوّة المقدّسة، وبشرة شاحبة، و زاوية عين مرفوعة قليلاً، ونقطة تحت العين—كلّ شيء كان بالتّأكيد ملكها.
تشوّهت شفتاها الخاليتان من اللّون، و امتلأت عيناها بغضبٍ بارد.
“…كأنّه كان لكِ، تتصرّفين كما يحلو لكِ.”
بهذا الجسد، كيف تجرؤين؟
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 3"