كان وجهها الشاحب و تعبيرها الخالي من الغطرسة غريبًـا بشكلٍ لافـت.
“…أنـتِ! كيف تجرؤين، أنـتِ…!”
لم تستطع ليفيا إكمال جملتها.
كانت عيناها تراقبان المحيط بحذر، كما لو كانت تخشى أن يسمع أحد هذا الحديث.
ثم، وهي تعضّ على أسنانها، صرخت بنظرة لامعة:
“لا تعتقدي أن الأمر انتهى بهذا! هل تظنين أنّـكِ ستنجين بعد كل هذا؟!”
كان صوتها لا يزال مشبّعًا بالكبرياء، لكنها لم تستطع إخفاء ارتجافها.
كل ما خططت له ليفيا قد انتهى بالفعل.
مع نشر الحاجز المقدس، تـمّ التخلص من المياه و الطعام الملوثين بالسم و آدم في راجان، و تـمّ القضاء على الوحوش، وطُهر جميع المدمنين على السم و آدم.
ما لم تتدخل ليفيا أكثر، لم يتبقَ سوى التنظيف.
كان ذلكَ نتيجة إطلاق الحاجز المقدس مع المخاطرة بحياتي.
‘…لكن، الأمر أفضل مما توقعتُ، هذا صحيح.’
على الرّغمِ من أنني استهلكت قوة مقدسة أكثر بكثير مما استهلكته في بيلانيف، إلا أنني كنتُ قادرة على المشي بدعم، و على الرّغمِ من شعوري بالصداع و الدّوار، لم أفقد وعيي.
على النّقيض منّـي، ليفيا، التي لم تستخدم قوتها المقدسة، كانت جالسة بوجهٍ شاحب أكثر من وجهي بعد نشر الحاجز.
‘…هل يمكن أن…’
تذكرتُ اللحظة التي امتلأت فيها قوتي المقدسة مجدّدًا بعد أن ظننتُ أنها نفـدت.
تذكرتُ أيضًا الامتلاء الذي شعرتُ به عندما شفيتُ جينا لأوّل مرة.
…هل امتصصتُ قوة ليفيا المقدسة؟
إذا فكرتُ بهذه الطريقة، فكأنني استفـدتُ من ليفيا، لكن بما أن هذا النقل للقوة كان لتنظيف الكوارث التي نشرتها، لم أشعر بالأسف.
بقيَ شعور في داخلي بأنني سلبتـها منها، لكن هذا أيضًا لم يكن إرادتي، بل إرادة الحاكم.
تقدمتُ خطوة نحو ليفيا على الفور.
بجانبي، تبادل كاليـد و إيدموند النظرات و سحبـا سيوفهما و اندفعا نحو بعضهما.
شينغ.
على الرّغمِ من بدء قتالهما الصّامت، ظلّـت عيناي مثبتتين على ليفيا فقط.
“انتهى الأمر. كما تريـن، أنا بخيـر.”
“…لا يمكن أن يكون كذلك. كيف يمكنكِ نشر حاجز مقدّس و… هذا، هذا…”
“ماذا عنكِ؟ لماذا أنـتٍ هكذا؟”
“…..”
عبست ليفيا بوجه شرس.
وقفت بالكاد وهي تعض شفتيها، و مـرّ وميض من العار على وجهها الشاحب، كما لو كانت لا تستطيع تحمل إظهار جسدها المرتجف.
حتى عند رؤية هذا، لم أشعر بأي شفقة. كان هناك الكثير من التضحيات في راجان خلال أيام قليلة فقط.
“لا زلتِ تعتقدين أنّـكِ مميزة؟”
“ها! هل تعتقدين أنّـكِ يمكن أن تحلّي محلي لأنكِ نظفـتِ هذه الفوضى؟ هل تظنين أن فتاة حقيرة بلا أصل يمكن أن تقف في مكاني؟!”
“أنتِ مخطئة، ليفيا.”
“…مـاذا؟”
“لأنني لا أنوي استبدالكِ. والأهم من ذلك… ليس لدي نيّـةٍ للوقوف في مكانكِ.”
“لا تمزحي معي!”
صرخت ليفيا وهي ترتجف من الغضب.
كانت تبدو وكأن الغضب هو الذي يسيطر عليها و هي لا تستطيع السيطرة عليه.
“سرقتِ كل شيء منّـي، و الآن تقولين إنكِ لم تنوي فعل ذلك؟ ها! هذا مضحك.”
“لم أسرق شيئًا. كل ما حدثَ الآن هو نتيجة البذور التي زرعتِها. أنتِ فقط تدفعين ثمن خطاياكِ. كل ما فعلتُـه هو حماية أولئك الذين ضحّيتِ بهم من أجل طموحاتكِ.”
“البذور التي زرعتُها؟ هل إنقاذ الأوغاد الذين لا يعرفون سوى التّوسل هو خطأ عظيم؟ كنتُ أحاول فقط تنقية العالم. لأنني مميزة! لأنني المختارة من الحاكم! قمتُ فقط باختيار الأصلح، فكيف يكون ذلك خطيئة؟”
كانت المشكلة الأكبر ليفيا هي تفكيرها الخاطئ.
منذُ ولادتها، افتقـرت إلى التعاطف و كانت مأخوذة بالاندفاع و الأنانية، ولم تشـكّ أبدًا في أنّها مميزة.
في الواقع، كانت سيّدة القوة المقدسة مميزة، لذا لم يجرؤ أحد على لومها.
بعد أن أدركت قوّتها بنبوءة في سنّ مبكرة، تنكرت كـ”سيدة القوة المقدسة” ليفيا أرفين، الرحيمة واللطيفة.
لكن خلال وجهها الحقيقيّ، كانت مريضة نفسيّـة تمتلك القوة.
مع تفكيرها الخاطئ، كان من الطبيعيّ أن تصل الأمور إلى هذا الحـدّ الأسوأ.
“أنا المختارة! الحاكم يحبّني!”
صرخت ليفيا، لكن صراخها تردّد في الفراغ دونَ رد من أحد.
كان إدموند، الوحيد الذي بقـيَ بجانبها، منشغلًا في قتال مع كاليـد على الحياة و الموت، وكان أتباعها قد هربوا بالفعل.
لو بقـوا، لربّما صفقوا و مجّدوها.
لكن الآن، لم يبـقَ سوى أربعة أشخاص، و كأننا على مسرح معزول لا مفرّ من مواجهة الحقيقـة فيه.
لم أتردّد بعد الآن وأنا أرى ليفيا تصرخ بعناد.
صفعة!
انحرف رأس ليفيا بشدّة إلى الجانب، و ظهر الدم على زاوية فمها.
رفعت عينيها بشراسة، و هي تنظر إليّ بتعبير لا يصدق.
ربّما كانت هذه أول مرّة تُضرب فيها من شخصٍ آخر.
“…أنـتِ، كيف تجرؤين، كيف…!”
بينما كانت مشاعرها تتّجـه إلى الغضب بسببِ الإذلال، لوّحت بيدها، لكنني أمسكتُ معصمها المتّجه نحوي و قيّـدته.
“انظري.”
“…أفلتيني!”
في الأوقات العادية، ربّما كان ذلكَ ممكنًا، لكن الآن كان مستحيلًا.
كانت ليفيا، التي استنفدت كل قوتها المقدسة، تقف بعنادها و هوسها فقط، ولم يبـقَ لها قوة لصدّي.
صفعة!
صفعتُ خدّها الآخر و صِحـتُ:
“قُلت لكِ انظري!”
توقّفت ليفيا عن المقاومة و ارتجف جسدها عند صوتي القوي.
“لم تعودي مميّزة على الإطلاق.”
اهتزت عينا ليفيا بشدّة.
على بشرتها الشاحبة، كانت علامات يدي الحمراء بارزة. تدفق الدم من زاوية فمها الممزقة.
تلمست وجهها ببطء.
الجرح الذي كان يُشفى فورًا بقـيَ هذه المرة كما هو.
“آه… آه…!”
لأوّل مرة، ظهرَ الخوف في عينيّ ليفيا.
لم تعـد قادرة على الوقوف، انهارت على الأرض، و غطّت خدها المرتجف بيد مرتعشة.
“لا، لا يمكن أن يكون… لا، ليس صحيحًا.”
كان صوتها اليائس لا يزال ينكر الواقع.
“الحاكم لم يختركِ. كنتِ محظوظة فقط لأنكِ أصبحتِ سيّدة القوة المقدسة.”
“اخرسي! ماذا تعرفين لتتفوّهي بمثل هذا الهراء! محظوظة فقط لأنني وُلدتُ بالقوّة المقدسة؟ لا! اختارني بيسيا لأنّني أنـا.”
“…..”
“لقد اختارني لأزيل الأوغاد الوضيعين و أجعل العالم أجمل! نفّذتُ إرادة الحاكم فقط، فلمـاذا؟”
“لماءا تخلى عنكِ الحاكم؟”
“اخرسي! اخرسي! اخرسي!”
أزالت ليفيا يدها من خدّها المتورم و نظرت إليّ بنظرة شرسة.
كأنها تنظر إلى لصّ سرقَ كل شيء منها.
“الحاكم لم يحبّـكِ أبدًا. الحاكم… أحبّ شخصًا واحدًا فقط منذُ البداية، و اختارَ فقط حماية أمنية ذلكَ الشخص.”
لهذا أنا هنـا الآن.
“لا!”
“هل تشعرين أنني سلبْتُ كل شيء منكِ؟”
“…أليس ذلك صحيحًا؟ انظري إليكِ! سرقتِ كل شيء مني، و تقولين أنّ الأمر ليس كذلك؟!”
“لقد أخبرتكِ . أنتِ فقط تجنين ما زرعتِه.”
“……”
“الخطايا التي ارتكبتِها، الأعمال التي كدستِها. أنـا… استعدتُ فقط الأشخاص الذيك أحبّهم. هل تعتقدين حقًا أنني أنا مَنٔ أخذ كل شيء منكِ؟”
تشوّه وجه ليفيا باليأس.
عضت شفتيها و هزت رأسها بعنف.
“كذب… لا يمكن، أنا، كيف… لا يمكن لبيسيا أن يفعل هذا بـي…”
كأنها تمرّ بمأساة لا يمكن أن تحدث، كانت ليفيا تذرف الدموع و هي تنكر الواقع.
لكن ليفيا، التي حكمت كسيّدة القوة المقدسة لفترةٍ طويلة، كان يجب أن تعلم.
مصدر قوتها، و الامتيازات التي ضمنت تميزها، كانت القوة المقدسة، و الآن تـمّ استرجاعها منها.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات