كانت ليفيا تؤمن أنه لا يوجد أحد في العالم أكثر تميّـزًا منها.
كانت هي، المختارة من بيسيا، الشّخص الوحيد الذي أحبّـه الحاكم، وهذا “التميّـز” هو ما جعل ليفيا أرفين نبيلة.
كيف يمكن لشخصٍ نبيل و مميّز مثلها أن يُقارن بالأدنى مرتبة؟
لذلك، رأت ليفيا أن مَـنْ وُلدوا في مستوى أدنى منها هم الذين يلوّثـون العالم بنجاستهم.
كانت “القوة المقدسة” هي السّلطة التي جعلت ليفيا أرفين مميّزة، ودليلًا على أن الحاكم أحبّهـا هي فقط.
لكن لم يكن الأمر كذلك.
ظهـرَ شخصٌ آخر يمتلك القوة المقدسة التي ظنت أنها ملكها وحدها، ولم تستطع ليفيا قبول هذه الحقيقة.
كان ذلكَ أكبر خطأ ارتكبتـه.
“لماذا بحق الجحيم! كيف يمكن لهذه الفتاة أن تنشـر مثل هذا الحاجز المقدس!”
“اهدئي، سيّدتي ليفيا. لا داعي للانفعال.”
شعور لم تجرّبـه من قبل انفجر في قلبها كالعاصفة.
كان جسدها يرتجف بلا سيطرة، و أنفاسها مختنقة.
“لا بأس. إنه مجرّد حاجز مقدّس.”
حتى العناق الذي أمسكها بقوّة كان غريبًا.
لم يكن إدموند، الذي لا يتحرّك إلا بأوامرها، من المفترض أن يمسكها هكذا.
حتى إدموند، الذي كان دائمًا يتبع أوامرها، كان مختلفًا الآن.
كان ذلكَ دليلًا آخر على أن كل شيء قد تغيّـر.
“مجرّد؟ هل يبدو لك هذا الحاجز مجرّد شيء في عينيكَ؟”
صُدمت من كلماتها الخاصة.
نعم، لم يكن مجرّد شيء.
الحاجز المقدّس الذي غطى راجان بأكملها.
لم تكن تجهل أن سيّدة القوة المقدسة الجديدة، إيرديا، قادرة على نشـر حاجز مقدّس.
بما أنها أوقفت فيضان بيلانيف بحاجز مقدّس، توقعت أنها قد تفعل ذلكَ هنا أيضًا.
لذلك، سارعت بلقاء البابا المزعج و استدعته إلى راجان، و نشرت السّم في أنحاء المدينة، متظاهرةً بنبوءة وبـاء.
هل كان ذلكَ كلّ شيء؟
بالطّبع ، لا.
لقد خلطت آدم في مياه و طعام راجان.
كان آدم دواءً ذا آثار جانبية كبيرة.
عند تناوله بشكلٍ صحيح، يمنح قوة و مهارات تفوق المعتاد، لكن فقط المختارون القليلون يستفيدون منه، بينما يفقد الآخرون عقولهم و يتحوّلون إلى وحوشٍ شرسـة.
كم من الناس لمعت عيونهم الحمراء و هاجموا ليصبحوا فريسة للوحوش؟
لذلك، اعتبرت آدم هو الـدّواء الذي يختار مَنٔ يستحقّها من البشر.
كان السّـم المنتشر تحت قناع كونه وبـاء مشابهًا. السم المصنوع من قلوب الوحوش التي تعيش فقط في غابة فيغاس كان من الصعب على أي خبير بالسّموم صنع ترياق له.
لم ينته الأمر عند هذا الحـدّ.
مع أحداث القصر الإمبراطوري، كانت هناك العديد من المشكلات العاجلة التي يجب على أعدائها حلها.
السّـم، آدم، و جريمة الإمبراطورة بعد وفاة الإمبراطور.
اجتاحت راجان العديد من الكوارث في لحظة، وحتّى إيرديا، برأيهـا، لم تكن قادرة على نشر حاجز مقدّس يحـلّ كل شيء بالقوّة المقدّسة.
كان ذلكَ لأن راجان مدينة أوسع بكثير من بيلانيف.
ربّما كانت أستيريا، سيّدة القوة المقدسة الأولى، قادرة على ذلك، لكن مثل هذا الحاجز كان شبـه مستحيل.
“أنا نفسُي لا أستطيع فعل ذلك… فكيف لهذه الفتاة…!”
كان أمـرًا لا يُعقل.
ما جعلها تتألّم أكثر هو اللحظة التي تشكل فيها الحاجز المقدّس العظيم الذي غطى راجان بأكملها.
“آه… آآه، أغ!”
شحبَ وجه ليفيا وهي تنكر الواقع ، بينما أصابعها تُدمي ذراع إدموند.
“سيدتي ليفيا!”
لم تستطع الـرّد على صرخة إيدموند القلقة.
ضربَ الألم الذي شعرت به مـرّةً من قبل قلبها مجدّدًا.
“آه، أغ! آه…!”
خرجَ شيء من أعماق صدرها. شعور غريب و بارد بالفراغ عذّبها أكثر.
“لا… لا يمكن…!”
على الرّغمِ من أن التّمسك به لن يوقفـه، انكمشت وهي تمسك صدرها.
كانت القوة المقدّسة، التي كانت تملؤها دائمًا، تتسرب بلا توقف. كأنها تؤكد أن قلقها السّابق لم يكن وهمًا، كانت تُسلب قوّتها المقدّسة.
عضت ليفيا على أسنانها. رائحة الدم النفاذة طعنت أنفها. كانت قطرات الدم تتجمع على ذراع إدموند الذي خدشته أظافرها، لكن ذلكَ لم يكن السّبب.
عندما أدارت رأسها، رأت وجه إدموند مغطى بالعرق البارد.
كانت قطرات الدم التي بللت الأرض تتدفق منه.
يبدو أن الجرح الذي سبّبـه شوريل كان أعمق مما بدا.
بينما كان شوريل نفسه قد ركض خارج القصر فور سماع صوت صقر.
“…إدموند.”
“أنا بخير.”
أغلقت ليفيا عينيها.
عضت شفتيها بقوة، و استخدمت القوة المقدسة التي حاولت التّمسك بها بصعوبة.
شفت الخدوش على ذراع إدموند و الجرح العميق في ظهره الذي سبّبـه شوريل تمامًا.
“لا بأس… لا تـزال ملكـي.”
كانت القوّة المقدسة تطيع إرادتها بالتأكيد. لكن مجرد استخدامها لشفاء شخص واحد جعلَ ساقيها ترتخيان من استنزاف الطاقة.
شفاء شخصٍ واحد فقط.
“ضعي نفسكِ أولاً، سيدتي ليفيا. لا حاجة لمنح نعمتكِ لشخصٍ حقيـر مثلي.”
“اخرس. إذا قلتُ أنّني سأفعل، سأفعل.”
كان حتى قلق إيدموند مزعجًا لها.
كل شيء كان يتغيّـر، مما جعلها أكثر انزعاجًا.
لم تستطع قبول حقيقة أن القوة المقدسة، التي كانت تؤمن أنها ملكها وحدها طوال حياتها، قد ظهرت الآن لدى شخص آخر.
لماذا… حتى قوّتها المقدّسة تنتقل إلى تلكَ الفتاة؟
“لا يمكن أن يكون الأمر كذلك. أنا المختارة. الشخص الوحيد الذي أحبّه الحاكم… يجب أن أكون كذلك.”
لكن الوضع بدأ يتحرّك عكس رغبتها.
كان ثمن قراراتها المتسرعة بعد فقدان رباطة جأشها يعود إليها كعاصفة عاتية.
* * *
اعتقدتُ أنه إذا كانت هناك أدنى فرصة، فالأمر يستحقّ المحاولة.
كنتُ أعلم أن الثّمـن سيكون باهظًا. استنزاف القوة المقدسة يؤدي إلى استنفاد الطاقة، وقد يؤدي إلى فقدان الوعي و الانهيار.
في مثل هذه الحالات، لا يتعافى المرء بسهولة، وقد يعاني من الحمى لأيام و يظـلّ طريح الفراش.
تحمّل ذلك بجسدٍ منهك قد يؤدّي إلى الموت.
نعمة الحاكم ليست لانهائية. إذا أُسيء استخدام القوة المقدسة، يجبُ دفع ثمن مقابل.
في هذا الوضع، كان الضّـرر الذي يترتّب عن دفع مثل هذا الثمن يفوق الفائدة.
إذا انهـرتُ، سيتدهور الوضع بسرعة.
لذلك، لم يكن تغطية راجان بأكملها بحاجزٍ مقدس خيارًا آمنًا دونَ يقين.
ومع ذلك، كان علـيّ فعلها.
لذا تمسكتُ بأمل ضئيل.
لمعت السلسلة المقدّسة، و نفدت قوّتي المقدسة التي لم تتعافَ بعد بسرعة.
شعرتُ أنني سأفقد وعيي إذا فقدتُ تركيزي للحظة.
ربّما كنتُ طمّـاعة أكثر من اللّزوم؟
“ها… ها، آه!”
كـان الأمر مؤلمًا. كنـتُ ألهـث. شعرتُ وكأن جسدي يتمزّق.
بينما كان وعيي يتلاشى إلى بياض، امتـدّت يد من خلفي و أمسكت يدي بقوة.
“استندي إلـيّ. لا بأس…”
صوت مليء بالأسى جعلني أتخيّـل تعبيره دونَ الحاجة إلى النّظر.
“أنًتِ تقومين بعملٍ جيّـد. لا تجهدي نفسكِ… لقد فعلتِ ما فيه الكفاية، يمكنكِ التوقف إذا كنـتِ متعبـة.”
“…حسـ… نًـا، حسنًـا.”
بالكاد أجبتُ و ركّـزتُ مجدّدًا على القوة المقدسة.
حدثَ تغيير في لحظة.
القوّة المقدسة، التي ظننتُ أنها نفدت، امتلأت فجأة، بسرعة أكبر من المعتاد.
لذا، سكبتُ كل قوتي في الحاجز المقدس بإلحاح أكبر، مستخدمةً كل قطرة تتدفق.
“سأطهّر كل شيء. السم… و آدم أيضًا.”
الحاجز المقدس هو أعظم قوة للقوّة المقدسة، تحقق أكبر الأمنيات.
في الواقع، طُهـر السم الذي اجتاح راجان، و تبددت طاقة آدم. هـدأ أنين الناس المعذبين، و ارتفعت أصواتهم بالهتاف.
تحقّقت أمنيتي هذه المـرّة أيضًا.
ليلـة الجحيم الطويلة كـانت تنتهـي.
“…كاليـد، هل ساعدتُ الجميع؟”
“نعم، أكثر مما ينبغـي.”
شعرتُ بأن قوّتـي تنفـد من جسدي. استندتُ إلى كاليًد، و نظرتُ إلى الشوارع التي كانت كساحة حرب تُنظَّـم تدريجيًا.
لم أعرف كم من الوقت استمـرّ الحاجز المقدّس.
بـدا و كأنّـه استغرق لحظة، و بـدا أيضًـا و كأنه حدثَ خلال وقتٍ طويل.
لكن ما كنتُ متأكدة منه هو اليقين بأنني سأرى نهاية هذه المعركة الشاقّـة.
“…الآن، لنذهب.”
حـان الوقت لمواجهة مصدر كل هذه الكوارث.
أكمـل السحرة طلبي بنقلنا إلى قصر أرفين بعد انتهاء الحاجز المقدس في الجو.
ربّما بسببِ رؤيتهم لمعجزة لا تُفسر، أصبحوا أكثر احترامًا من ذي قبل.
“آه!”
“كما توقعتُ، من الأفضل أن أحملـكِ.”
“لا، لا بأس. فقط شعرتُ بضعف في ساقيّ فجأة.”
في لحظة هبوطي من السّماء، اجتاحني إرهاق عميق.
لم أشعر بذلك و أنا أطفو في الجو بقوة السحر، لكن بمجرّد أن لمست قدمـيّ الأرض، نفدت قوتي.
حاول كاليـد المذعـور أن يحملني على الفور، لكنني هززتُ رأسي بسرعة و أمسكتُ يده بقوة.
“فقط ادعمني هكذا.”
كان جسدي ثقيلًا كالرصاص، وقلبي يرغب في الاستسلام لعناقه، لكنّنـي لم أستطع.
لم يكن الوقت لإغماض عينيّ و فقدان الوعي، لا يزال هناك عملٌ يجب القيام به.
مشيتُ ببطء نحو ليفيا، التي تقاطعت عينيّ مع عينيها منذُ هبوطي في حديقة القصر.
تلاشى الضّوء الأبيض الذي ملأ السماء تدريجيًا، لكن الحاجز المقدس الذي أُرسي لا يمكن محوه من عيون أحد.
أتباع ليفيا الذين وقفوا في الحديقة شحبت وجوههم عندما تقدمتُ.
ركـع البعض، و صرخ آخرون و هـربوا.
شعرتُ و كأنني أصبحت كارثتهم.
في النهاية، بقـي أربعة أشخاص فقط.
ليفيا مع إدموند الذي بجانبها، وأنـا و كاليـد الذي يقف إلى جانبي.
وجه ليفيا، المتعجرف دائمًا، كان شاحبًا خاليًا من الحياة، على عكسِ لقائنا في حفل الشاي.
تذكرتُ حوارنا آنذاك و فتحتُ فمي.
“…أوّل تجربة لتكذيب تنبؤ سيّدة القوة المقدسة. كيف وجدتِهـا بها؟”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات