غيبوبة؟ كلمة غير متوقعة جعلت عيني إيساك تتسعان. لم تكن أي شخص، بل ميا بالذات. شعر بشيء غير عادي وتحرك.
“يجب أن أراها بنفسي. قودي الطريق.”
“حسنًا، سيدي.”
تبع إيساك الخادمة إلى سكن الخادمات. عند دخوله الغرفة، رآها مستلقية على السرير.
كانت تبدو هشة وكأنها ميتة، وجهها شاحب. قالت رئيسة الخادمات المرتبكة بجانبها:
“سيدي، فحصنا حالتها، لكن شيئًا غريبًا يحدث. مهما حاولنا إيقاظها، لا تستيقظ. يبدو وكأنها تسممت…”
لم تصل كلماتها إلى إيساك، فقد لفت انتباهه شيء آخر.
كان ينظر إلى معصم ميا. كان فيه طوق ميا مربوطًا كسوار. في تلك اللحظة، عرف إيساك غريزيًا.
اختنقت أنفاسه. اجتاحته قشعريرة وخوف، مع شعور بالذنب من كل ما فعله، وفرحة لا تُوصف.
هذه المرأة هي ميا.
كانت ميا بالفعل.
هذه المرأة، في أول لقاء، قالت إنها ميا. كانت صادقة.
أصبح واضحًا لماذا اختفت فجأة أثناء ركضها وظهرت قطة ميا بدلاً منها.
عندما أدرك ذلك، ظهر القلق على وجه إيساك. عانق ميا وصرخ كأنه يحتضر:
“ميا! استيقظي! من فضلك، ما هذا…؟”
مهما ناداها إيساك، لم تفتح ميا عينيها. كانت كمن غرق في نوم أبدي. نظر إلى الخدم بنظرات ملتهبة وقال:
“استدعوا طبيبًا! شخصًا خبيرًا بالسموم!”
كانت ميا نائمة على سرير غرفة الضيوف. شعرها الأسود الطويل ممدود كحجاب، وعيناها مغمضتان.
مر أسبوع منذ دخول ميا في غيبوبة، وبجانبها كان إيساك والطبيب. فحص الطبيب حالتها، لكنه بدا محرجًا:
“يبدو أنها في حالة موت معلق، لكن مضادات السموم لا تعمل. يبدو أن هناك سببًا آخر…”
“إذن، تقول إنك لا تعرف السبب؟”
“نعم، هذا صحيح. أعتذر.”
غادر الطبيب دون تحديد السبب. خلال الأسبوع، زار القصر عشرة أطباء، لكن لا أحد وجد السبب.
أمسك إيساك يد ميا ووضعها على جبهته كأنه يصلي، يتمتم كمن يرتل صلاة:
“ميا، من فضلك، افتحي عينيكِ…”
ظن أن شيئًا حدث لميا في الليل، فتجول في عالم الليل بلا توقف. بدا كالمجنون.
مهما فتش قصر الليل، لم يجد ميا، ولم يعرف أحد مكانها.
اشتبه أن أحدهم آذاها، فأمسك بأعناقهم مهددًا بالقتل إن لم يعترفوا.
لكنهم بدوا جاهلين. حتى ريان كان كذلك. تجول إيساك ليلاً ونهارًا بحثًا عن ميا.
“ميا…”
‘لقد وجدتكِ أخيرًا، فلماذا لا تستيقظين؟ هل حدث شيء في عالم الليل؟’
أراد البكاء. لم يكن يشعر بهذا اليأس منذ موت ميا. في تلك اللحظة، دخل أحدهم الغرفة:
“أوه، يبدو أن الآنسة لم تستيقظ اليوم أيضًا.”
كان رفائيل. تحدث بنبرة مريحة وكأنه يسأل عن أمر عادي.
أثار هدوؤه غضب إيساك، لكنه عرف أن رفائيل هو ملجأه الوحيد الآن.
نهض إيساك متعثرًا وركع على ركبتيه أمام رافائيل. نظر إليه رفائيل مستمتعًا:
“…سيد رفائيل، أرجوك. ميا لا تستيقظ. هل يمكنك إخباري كيف أوقظها؟”
ابتسم رفائيل رغم التوسل، ووضع يده على كتف إيساك كأنه يهدئ طفلاً:
“يمكنني المساعدة، لكنك تعلم أنني لا أساعد مجانًا، أليس كذلك؟”
“….”
“هل ستدفع الثمن؟”
حدق إيساك في رفائيل بذهول وعض شفته. كان لديه إجابة واحدة فقط.
كانت ساعة الجيب تتكتك بلا توقف. كنت مستلقية تحت ظل شجرة أراقبها.
أشارت الساعة إلى الحادية عشرة مساءً. بعد ساعة، سيبدأ يوم جديد.
مر أسبوع منذ حبسي هنا. في البداية، تجولت بحثًا عن مخرج.
لأنني لعبت اللعبة ودخلت هذا المكان، وجدت اللوحة الأصلية، لكن لم يكن لدي وسيلة لحرقها.
تذكرت برامج تستخدم الحرارة الاحتكاكية، فحاولت إشعال نار كإنسانة، لكن عبثًا.
آملت أن أجد شيئًا لإشعال النار، فتجولت طوال اليوم، لكن لا شيء. استسلمت منهكة.
‘هل سأبقى محبوسة هنا إلى الأبد؟’
فكرت في ذلك، فكادت دموعي تسيل.
أخبرتني الساعة بمرور الوقت. مر منتصف الليل، وبدأ يوم جديد.
‘ماذا عن جسدي؟ هل ما زلت نائمة لأنني لم أعد؟’
لا أعرف. شعرت بالحزن. لماذا تجسدت بداخل لعبة رعب، وانتهيت في حال أسوأ من الموت؟
‘كان يجب أن أنتحر في اليوم الأول. لكان حجر الحماية أعاد الزمن…’
لكن لم يكن هناك وسيلة للانتحار. لا سكين، لا حبل، مجرد حديقة…
حاولت كبح دموعي، لكنها تدفقت. أردت العودة إلى البيت. تذكرت وجهًا واحدًا.
إيساك.
أشتاق إلى إيساك. لقد قتلني، لكنه الوحيد الذي أنقذني.
وجهه عندما أنقذني من الغرق لا يزال حيًا في ذهني.
‘أشتاق إليه. ألن أراه مجددًا؟’
كان ذلك مؤلمًا كالموت.
‘لو علمت، لقضيت وقتًا أطول معه. لسمحت له بتقبيلي. لكنت…’
– كواش!
سمعت صوت انفجار حاد من مكان ما.
‘ما هذا؟ ما هذا الصوت؟’
نهضت وتفحصت المكان. سمعت صوت تكسير آخر.
كانت السماء تنشق. كأن جدارًا يتحطم.
‘ما الذي يحدث؟’
من خلال الشق، رأيت أحدهم.
“ميا! اخرجي من هنا!”
كان إيساك.
صرخ بنبرة عاجلة.
‘لماذا إيساك؟ ما الذي يحدث؟’
لم يكن وقت التفكير. رؤيته أثارت مشاعر جارفة، فلم أستطع البقاء ساكنة.
ركضت نحو الشق وإلى إيساك. عندما خرجت، عانقني بقوة كأنه لن يتركني أبدًا.
“ميا!”
“أو…!”
تغير المشهد فجأة. كنا في قصر دياز. مكان مرعب، لكنه الآن كان مرحبًا.
أسبوع. أسبوع واحد فقط. ظننت أنني سأبقى محبوسة إلى الأبد.
انهمرت دموعي. ربت إيساك على وجهي وقال:
“ميا، ميا. آسف. تأخرت كثيرًا، أنا آسف جدًا…”
دفنت وجهي في ذراعيه وبكيت. خلال الأسبوع، لم أدرك مدى شوقي إليه.
‘قد أنقذتني. كما في البركة.’
بكيت حتى رفعت رأسي ورأيت المكان.
على الأرض، كانت هناك فأس وشظايا إطار محطم. كانت عليه آثار فأس واضحة.
‘إذن، يمكن الخروج هكذا.’ لكن كيف عرف إيساك؟’
أردت السؤال، لكنني كنت قطة، فلم أستطع الكلام
وحضن إيساك كان دافئًا ومطمئنًا، فغفوت كأنني أغمي عليّ.
— ترجمة إسراء
التعليقات لهذا الفصل " 64"