كانت نبرته تبدو مرحة ظاهريًا. في المقابل، كان إيساك ينظر إليه بحدّة.
“ما الذي فعلته بميا بالضبط؟”
تقدّم رفائيل خطوة بخطوة. رنّ صوت عصاه وهي تطرق الأرض، طق، طق، طق.
كان الصوت يثير التوتر بشكل غريب. اقترب رفائيل حتّى وصل أمام إيساك مباشرة، محدّقًا فيه بنظرة ثاقبة.
“إيساك، يبدو أنّني كنت متساهلًا معك مؤخرًا.”
“….”
“ألا ينبغي أن تشرح أوّلًا لماذا كنتَ في ذلك المكان؟”
أغلق إيساك فمه. لم يرغب في تقديم أيّ تبرير. قرأ رفائيل تمرّده وابتسم بهدوء.
“أوه، هل وصلتَ إلى سنّ المراهقة؟ لم تكن هذا الطفل العاصي من قبل.”
تصاعدت قوّة في صوته تدريجيًا. امتدّ ظلّ رفائيل المتأرجح تحت ضوء الفانوس.
“إيساك، أنتَ تعرف جيّدًا ماذا يحدث للأطفال السيئين، أليس كذلك؟”
قبض إيساك يده بقوّة. كان يعرف تمامًا ما يريده رفائيل.
أخرج شيئًا من الدرج. كان سوطًا متعدّد الأطراف.
بدت أداة مخيفة، لكن رفائيل كان يبتسم فقط. بدأ إيساك بخلع ملابسه العلويّة ببطء.
ربطة العنق، الصديري، القميص… حتّى أصبح عاري الصدر.
كان ظهره مليئًا بالندوب. جلس إيساك معطيًا ظهره لرافائيل، وأخذ نفسًا عميقًا.
– صفعة!
عندما ضرب نفسه بالسوط، شعر بألم كالنار في ظهره. عضّ إيساك أسنانه ورفع السوط مجدّدًا.
في هذه الأثناء، جلس رفائيل على الأريكة، يراقب المشهد بمتعة، بلا توقّف، بلا توقّف.
أصبحت الساعة الثانية عشرة.
بعد منتصف الليل، أغمضت عينيّ وفتحتهما لأجد قصر الليل المظلم أمامي.
كنت متعبة من الحفلة مع رفائيل اليوم، فتمنّيت الراحة، لكن ليس باليد حيلة.
توجّهت خلسة إلى المكتبة وألقيت نظرة داخلها. لم يكن إيساك هناك.
‘إذا لم يأتِ، يمكنني البحث بحريّة، وهذا جيّد، لكن… لماذا أشعر بخيبة أمل؟’
‘بالمناسبة، اليوم كان مليئًا بالمفاجآت. أن يكون رفائيل الدوق! وحتّى طلب القبلة…’
لم أفهم لماذا جاء إلى القصر، ولا سبب اقترابه منّي.
تذكّرت أنّ إيساك ورفائيل كانا أستاذًا وتلميذًا.
‘هل يعرف إيساك هويّة رفائيل أم لا؟’
إن لم يعرف، يجب أن أحذّره. وإن عرف… يجب أن أعرف السياق. لكن السؤال مباشرة قد يعرّضني للقتل.
‘… سأفكّر في ذلك لاحقًا، لأبدأ بالبحث الآن.’
بينما كنت أتفحّص المكان، سمعت صوتًا مألوفًا.
“آه، ميا!”
التفتّ فوجدت ريان هناك. كان وجهه مشرقًا كالعادة. عانقني وضحك بحماس.
“ميا، هل أنتِ بخير؟ قلقتُ لأنّني لم أسمع منكِ أي خبر. هل الأمور جيّدة في القصر؟”
“مياو…”
هززت رأسي، فبدا ريان مرتبكًا. دخل إلى غرفة فارغة وأخرج لوحة الويجا.
“ما الذي حدث؟”
– حسنًا، ظهر دين جديد… استخدمت كلّ النقود التي أقرضتني إيّاها، وما زال هناك دين.
“استخدمتِها كلّها؟”
– نعم. سأردّها لك بطريقة ما، فلا تقلق.
“لا، المشكلة ليست النقود… أنا قلق لأنّكِ لا تزالين في ذلك القصر.”
‘طيّب القلب، يستحقّ أن يكون البطل.’
فركت رأسي به لأطمئنه.
– سأجمع 150 ذهبيّة مجدّدًا، فلا تقلق.
“هل أقرضكِ إيّاها؟”
– لا، لا بأس. أقدّر عرضك، شكرًا حقًا.
حتّى لو لم أكن ذات ضمير، لم أستطع اقتراض 150 ذهبيّة إضافيّة بعد 100.
وعلاوة على ذلك… لا أريد مغادرة القصر الآن. ربّما تمون هذه فكرة خطيرة، لكنّني أريد معرفة نوايا رفائيل.
شعرت أنّ الرحيل دون معرفة شيء قد يكون أخطر.
“إذن، هل نبحث اليوم أيضًا؟ سأعطيكِ أيّ شيء ثمين أجده!”
“مياو!”
وجود حليف يعطي شعورًا بالأمان. تجوّلت مع ريان في القصر بحثًا عن أشياء، لكن لم نجد شيئًا مميّزًا.
‘يبدو أنّنا انتهينا من الطابق الثاني، يجب فتح الطابق الثالث. لذلك، نحتاج إلى حلّ أحد الألغاز…’
تقدّمت نحو مكان اللغز.
‘بالتأكيد هناك تلميح هنا…’
“مياو؟”
‘أوه؟ اللغز مختلف عمّا أعرفه.’
صُدمت عند رؤية النص المغيّر. نظر ريان، الذي لا يعرف ذلك، إلى النص على الحائط بهدوء.
“همم… قصيدة مقلقة.”
[“اليوم الأوّل: قُتلت ماري بثقب عينيها. بقي ثلاثة.
اليوم الثاني: غرق توم في الماء. بقيا اثنان.
اليوم الثالث: احترقت شارلوت في النار. بقي واحد.
اليوم الرابع: قُطع عنق بيتر. لم يبقَ أحد.
اليوم الخامس: لم يبقَ في القصر سواهم.”]
كان المحتوى مقلقًا، لكن الأكثر إزعاجًا… أنّ هذه الأسماء تنتمي للخدم الذين عملوا في قصر دياز.
هل كلّ ما كُتب هنا صحيح؟
إذن، بعد موتي، قُتل هذا العدد من الأشخاص.
‘ما الذي حدث في قصر دياز؟’
“إذن، ميا، هل تعرفين معنى هذا؟”
“مياو…”
هززت رأسي. أومأ ريان دون أن يبدي خيبة أمل.
“حسنًا، لنبحث معًا. يبدو أنّ هناك المزيد لاستكشافه. باب واحد لم يُفتح بعد.”
يجب فتح ذلك الباب لحلّ المشكلة. أخذني ريان إلى مكان كنت أعرف فيه محتوى اللغز لحسن الحظ.
دخلنا غرفة بها لوحة شطرنج. كان علينا العثور على قصيدة، ومن خلال استنتاجها، نقل قطع الشطرنج للحصول على مفتاح.
أحضرت ورقة قريبة وأريتها لريان. فكّر قليلًا وبدأ بنقل القطع.
“آه، هذا معناها. مثير للاهتمام.”
‘يفعلها جيّدًا دون تعليم!’
بعد نقل كلّ القطع، انفتح درج سفلي بنقرة.
“رائع، وجدنا المفتاح!”
“مياو!”
شعرت بالرضا لسلاسة الأمور. توجّهنا معًا إلى الباب الأخير، ففتحه ريان.
عندما انفتح الباب، تراجعت قليلًا لأنّ الغرفة كانت غريبة وغير مألوفة.
لم يكن فيها أثاث، لكنّها كانت مهيبة بسبب أربعة إطارات معلّقة على الحائط.
كانت لوحات بورتريه، لكنّها لم تُصوّر نبلاء. امرأتان بزيّ الخادمات، ورجلان بملابس عمل…
وكانت وجوههم مألوفة.
“ماري، توم، شارلوت، بيتر…؟”
تمتم ريان وهو يقرأ اللوحات تحت الإطارات. كما قال، كانت بورتريهات الأربعة الذين أتذكّرهم.
بدت اللوحات أكثر حيويّة من كونها مجرد صور، كأنّني أرى أشخاصًا حقيقيين عبر نافذة.
كانوا جميعًا يحدّقون للأمام بوجوه خالية من التعبير، مما أثار قشعريرتي.
‘ما هذه الغرفة؟’
فحص ريان الإطارات، لكن لم يجد شيئًا ملحوظًا.
“همم، لا يوجد شيء في الإطارات نفسها…”
يجب حلّ هذا الوضع. القصيدة التي رأيناها مرتبطة بهذه اللوحات بالتأكيد.
تذكّرت المحتوى داخليًا: العين، العنق، الحريق، الغرق… ثم خطرت فكرة. نقرت على ساق ريان.
“هل لديكِ شيء تريدين قوله؟”
“مياو.”
أخرج لوحة الويجا، فكتبت تخميني. عبس ريان وهو يستمع.
“معقول. لكنّها طريقة مقلقة حقًا…”
“مياو.”
‘أفكّر مثلك.’
تنهّد ريان بهدوء، خرج قليلًا، وعاد بزجاجة ماء من مطبخ الطابق الأوّل.
تردّد لحظة، ثم أخرج سيفه الطويل من خصره. طعن عيني بورتريه ماري، ثم قطع عنق بيتر.
رذّ الماء على لوحة توم، وأشعل النار في لوحة شارلوت.
‘هل هذا الحلّ الصحيح؟’
— ترجمة إسراء
التعليقات لهذا الفصل " 55"