34
عندما أنهى هيوغو استحمامه، كان جسده يتصاعد منه البخار كأنه مشتعِل.
أطلق زفيرًا يمزج بين حرارة جسده الغامضة، التي لم تكن تعلم إذا كانت من داخله أم بسبب الاستحمام، وارتدى روب النوم.
الندوب الكبيرة والصغيرة على جسده اختفت تحت الحرير الأسود، وبعضها كان بشعًا لدرجة أن شكله يبرز بشكل مخيف، لكن ظلام الليل خفف من هول المشهد.
خطواته الثقيلة، متجهاً مباشرة نحو غرفة نوم أنجيليكا. رغم مرور يوم واحد فقط، بدا وكأنه بدأ يعتاد على الأمر قليلًا.
‘سأترك غرفة النوم في الطابق الثالث كما هي الآن.’
كانت تلك الغرفة من المفترض أن تكون لها، لكنه أراد أن يوفر لها متنفسًا بعد أن أصبح الزواج يُقيد تحركاتها.
ولكن في الوقت الحالي، الأمور مختلفة.
فتح الباب بيده، وعيناه الحمراوان تكيفتا سريعًا مع الظلام.
كانت أنجيليكا متكورّة في وسط السرير الكبير كما لو سقطت فجأة، وكان مشهدها يجمع بين الشفقة والرضا في قلبه.
خطواته الخفيفة، أصبحت بالكاد تُسمع.
رفع الغطاء الجديد الثقيل الذي خصصه لها، واتكأ ببطء على الملاءة.
وبما أن أنجيليكا كانت متكورّة في منتصف السرير، حتى وهو يجلس على طرف السرير، تلامس جسده معها.
أمسك هيوغو يدها الدافئة لمحة، وجذبها نحو صدره حين ارتجفت بخفة.
في تلك اللحظة، صدر منها أوهام غريبة، صوت أثار الدهشة، وهو صوت شخص لم ينام نومًا عميقًا من قبل.
تجمد هيوغو ممسكًا بكتفها، ثم تخلى عن قبضته حين فتحت عينيها وأطلقت آه مندهشة.
“…يبدو أنكِ بردانة.”
“آه، قليلًا، لكن لا بأس.”
كان في صوتهما مزيج من الارتباك والمشاعر الغامضة، لكنها لم تكن سيئة.
استلقى هيوغو متجمدًا على السرير، بينما تحركت أنجيليكا برفق لتبتعد عن ملامسته.
ساد صمت طويل محرج، جعلها تستيقظ فجأة من نومها نصف العميق، وحدقت في السقف المظلم محاولة فهم ما حدث.
‘هل كان يقصد أن يحتضنني للتو؟’
لاحظت قوة يده الكبيرة، لكنها تذكرت أن هيوغو عادة لا يتحكم في قوته.
تذكرت ما حدث منذ اختطافها، وما زال جسدها يتذكر الشعور بأثره.
‘لن أسمح لأي سوء فهم أن يخلق آمالًا وهمية.’
لكن لو كان لديه حتى القليل من النية لذلك؟ تذكرت يد هيوغو التي لامست كتفها، دفء جسده الذي أبعد عنها كل شعور بالبرد.
غمضت عينيها وتنفست بعمق، متجاهلة الخجل والحرارة في جسدها.
‘سأفكر فيه كأنه “هيوغو” فقط…’
بدأت بالكلام مترددة:
“أ… أتعلم…؟”
“نعم.”
ترددت في الكلام، لكن صوته تجاوب سريعًا كما لو كان ينتظرها.
“هل يمكنني… أن أمسك يدك؟”
الظلام الدامس ساعدها على الشجاعة. لم تشعر أمامه إلا أنها تتعامل مع “هيوغو” الذي اختطفها، لا الشخص الحقيقي.
“أشعر بالقليل من البرد، وأيضًا…”
عضت شفتها محاولة التفكير في أي عذر آخر، حينها تحدث هيوغو:
“ما زلتِ خائفة من الليل؟”
“هـ… نعم!”
“لا يوجد ذئاب في العاصمة، فلا تقلقي.”
ابتسمت أنجيليكا بخفة، رغم أنها تعرف الحقيقة، لكن جوابه أزال جزءًا من توترها.
‘هذا الأمر لطيف جدًا، لا أستطيع الغضب منه…’
ارتعشت شفتاها وابتسمت بلا وعي، ورفعت كتفيها قليلًا محاولة الاسترخاء.
‘نعم، يمكنني تحمل كل شيء، طالما أن هيوغو بجانبي!’
اهتز جسدها مرة واحدة، ثم أطلقت الغطاء الذي كانت تتمسك به بشدة.
“……!”
في لحظة، أمسكت يدها بيده بسرعة خاطفة. ضغطت يدها الرقيقة على معصمه من الداخل، وتداخلت أصابعها مع أصابعه مثل أفعى، لتغلق راحة يدها عليه بالكامل.
“آه!”
دفء جسده المختلف تمامًا عن برودة الهواء جعلها تطلق صرخة مفاجئة انعكاسًا للطبيعة.
ربما ظن أنه رد فعل خوف، فأرخى يده قليلًا ولف أصابعه حول أصابعها برفق.
“يدك باردة… سأبقى هكذا قليلًا.”
أومأت برأسها بسرعة. رغبتها في الرد كانت موجودة، لكنها شعرت بأن الحرارة التي تصلها من يده تخنق أنفاسها بلا سبب.
لحسن حظها، لاحظ هيوغو شعورها، فزاد قوة قبضته على يدها المتشابكة تدريجيًا.
في لحظة، كانت اليدان ملتصقتين بلا أي فراغ. أطلقت أنجيليكا زفيرًا خفيفًا لتعيد لنبض قلبها الهادر هدوءه.
‘أخيرًا، أمسكت بيده……!’
ارتفعت زوايا شفتيها من شدة الفرح. في تلك اللحظة، ساعدها الظلام الكثيف على ذلك.
شدّت أصابعها بقوة لتلامس ظهر يده، معلقة يديها المتشابكتين للأعلى.
ارتجف قليلًا، شعرت أنجيليكا بمفاجأته، لكنها لم ترغب في إفلات قبضتها.
‘دافئ جدًا، رائع جدًا، ههه.’
لم تتوقع أن تشعر برضا شديد من مجرد الإمساك باليد.
بدأت بحركة طفيفة صعودًا وهبوطًا باليدين المتشابكتين، وهي تحدق في مكان هيوغو.
حتى بعد أن اعتادت على الظلام لفترة طويلة، لم تتمكن من رؤية ملامحه بوضوح.
ومع ذلك، شعرت أنه يبدو غير منزعج كثيرًا.
“أنجيليكا، يجب أن تنامي الآن. الليل قد تأخر.”
سمعته يتحدث، وصوته الناعم المختلف عن المعتاد جعلها تخفض بصرها وتبتسم بسرعة.
ربما لهذا السبب…
“…هيوغو.”
أطلقت الاسم وكأنها مسحورة.
شدّت أنجيليكا يده المتجمدة بقوة أكبر، وابتعدت شفتيها عنه قليلًا.
“بالنسبة للأسماء، هل يمكنني المزج بينهما عند النداء؟”
“……ما المقصود بذلك؟”
“فقط… في النهار أرغب في مناداتك بـ’ويغو’.”
لقد مر أسبوعان منذ أن تعرفت على الشخص الذي أحببته بشدة.
لكن على الرغم من كل محاولاتها، لم تستطع نطق اسم “هيوغو” بوعي كامل بسهولة أمامه.
فمناداته باسمه كان يشعرها كما لو أن حبها الطويل والعميق منذ ثلاثة عشر عامًا سيُكشف بلا خجل.
أما عند مناداته بـ “ويغو”، فكان بإمكانها إخفاء مشاعرها الثقيلة.
“وماذا عن المساء؟”
رد هيوغو بسؤال على شكل استفسار.
نظرت أنجيليكا حول الغرفة المظلمة برهة قبل أن تهمس بصوت خافت:
“عندما نتحدث، سأدعوك ‘هيوغو’.”
“ولماذا؟”
لم تستطع حجب صوتها الصغير عن الفضول، ومالت شفتاها إلى الأمام وهي تخفض نبرتها أكثر.
“لا يمكنني مناداتك دائمًا بـ’هيوغو’، ولا أريد ذلك…”
ربما لن يعرف أبدًا كم كانت تتمنى مواجهة “هيوغو” الحقيقي ونطقه باسمه.
‘يوماً ما، عندما أتمكن من نطقه بلا خوف، سأدعوه بـ’هيوغو’.’
كانت رغبتها أن يرد عليها بابتسامة مشرقة عند مناداتها له، فكان هذا من أمنياتها القديمة.
“نادِني بما يريحك، فالأمر عندي لا يهم.”
وافق هيوغو فورًا على اقتراحها. لحسن الحظ.
‘لو لم يوافق، لكنت أستمريت بالقول: “أتعلم، أتعلم…”’
لم تستطع مناداته بـ’هيوغو’ بسهولة، لكن بـ’هيوغو’ كان يكفي غمضة عين.
استرخى جسدها المتشنج من التوتر، ولمعت عيناها.
لكن حينها، خفف هيوغو قبضته عن يدها وقال:
“لا تجهدي نفسك، أنجيليكا.”
“ماذا تقصد؟”
“مناداتي بـهيوغو’.”
“……؟”
“لا حاجة لأن تفعلي ما تكرهينه.”
♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪
حسابي على الإنستا:@empressamy_1213
حسابي على الواتباد: @Toro1316
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
التعليقات لهذا الفصل " 34"