“آه، هذا ليس للثمالة يا سيدتي، بل لتهدئة الحلق. لقد كنتِ تبكين طوال الفجر، لا بد أنك متعبة.”
“ماذا؟! أنا بكيت؟”
اتسعت عينا أنجيليكا في دهشة، فبادرت الوصيفات إلى الحديث بحماس وكأنهن يروين قصة طريفة.
“في الفجر، يا سيدتي، فجأة خرجتِ إلى الممر تركضين وتقولين إنكِ تريدين العودة إلى المنزل!”
“أنا فعلت ذلك… آه.”
حين سمعت ذلك، بدأت ذاكرتها تتضح شيئًا فشيئًا.
“صحيح… أظن أنني فعلت ذلك.”
كان ذلك عندما بدأت سُكرتها تخفّ، وكعادتها كلما تحسنت حالتها قليلاً، أرادت أن تقرأ رواية «وردة الإمبراطورية».
“كنت أركض في الممر حينها…”
“أنجيليكا، احذري من هنا. الأرضية خشبية، قد تدخل شظية في قدمك—”
“دعني! يجب أن أذهب الآن! يجب أن أعود للبيت، لدي أشياء يجب أن أراها فورًا!”
“أشياء…؟ حسنًا، على الأقل ارتدي حذاءك أولاً.”
“لاأملك وقتاً! يجب أن أقرأ الآن! كنزي… أريد أن أراه!”
“حسنًا، تعالي إذًا.”
ركع هيغو بنفسه على الأرض ليُلبسها حذاءها، لكنها، في سكرها، ركلته بعيدًا إلى آخر الممر.
حينها تنهد هيوغو، ثم حملها بين ذراعيه بلا تردد.
كانت خفيفة جدًا، وبمجرد أن ارتفعت عن الأرض، فتحت عينيها المبللتين ونظرت إلى وجهه…
“مم؟ ما هذا؟ من… هذا الوجه؟”
“هيوغو بيرنشتاين.”
“هيوغو؟! هيوغو بيرنشتاين الحقيقي؟”
“نعم.”
“آه، حقًا… إنه هيوغو بيرنشتاين… هه…هاآآآه.”
“آه…”
كانت تحاول لمس وجهه، لكنّ قوتها خانتها، فانتهى بها الأمر تسند رأسها على كتفه وتبكي بحرقة.
حاول هيوغو أن يهدئها قدر استطاعته، لكن…
“لا تتركني! أريد رؤيتك، يجب أن أنظر…إلى هيوغو… هيوغو بيرنشتاين…”
“آسف لأنك تبكين، أنجيليكا.”
“لا تقل آسف… لا… بل يجب أن تعتذر… وجهك، وجهك جميل جدًا، هااا…” . . . لحسن الحظ أن كلمة «جميل» ابتلعتها دموعها ولم تخرج بوضوح، وإلا لكانت أحرجت نفسها أمامه تمامًا.
“لو أنها سُمعت، لظنّ أنني مهووسة بوجهه!”
أغمضت أنجيليكا عينيها بإحكام. يا ليتها لم تتذكر شيئًا من هذا كله.
شربت الكوب الثاني بسرعة ثم تبعت الوصيفات إلى الحمّام وهي تمشي مترنّحة.
وبينما كانت تسير، لم يتوقفن عن الثرثرة والضحك.
تأملت وجوههنّ بابتسامة خافتة؛ لم يظهر على أيٍّ منهنّ نفور أو استهزاء.
“جيد… لا يبدين أنهن يرينني كفضيحة.”
بل بالعكس، كنّ يتهامسن بانبهار عن كيف بدا الدوق مرتبكًا لأول مرة في حياته.
“منذ حضرتِ يا سيدتي، والبيت كله صار أكثر إشراقًا!”
“صحيح! حتى الجو صار أكثر دفئًا!”
وأضافت إحداهن أن قصر الدوق في الشمال كان باردًا حتى في منتصف الصيف.
“حقًا… في البداية كان الجو باردًا، لكن حين استيقظت، شعرت بالدفء.”
وربما كان ذلك… بفضل حرارة مشاعرها تجاه هيوغو.
“هيهي…”
رغم أنها كانت تعرف أنه لا يوجد سبب وجيه لذلك، إلا أن كتفيها انتصبا بفخرٍ طفولي. أومأت برأسها لحديث الوصيفات، متظاهرة بأنها تستسلم لمجاملاتهن، وتستمتع بالجو العام.
ولذلك، لم تبدُ لها خدمة الاستحمام التي قدمتها الوصيفات غريبةً أو محرجة هذه المرة.
رش… رش…
خرجت أنجيليكا من الحمّام وهي تمسح قدميها المبللتين، ثم وقفت أمام المرآة.
كان الفستان الذي ارتدته مريحًا إلى حدٍّ مدهش، إذ رُوعي فيه خفة الحركة أكثر من المظهر الرسمي، فلا ضيق في أي موضع.
“هذا ما يعجبني في فساتين الإمبراطورية.”
فجميع ما أُخذ معها أثناء اختطافها كان مزودًا بمشدّات ضيقة، لا تجلب سوى الضيق والعذاب.
تأملت حزام الخصر الذي يربط بخيط بسيط، ثم رفعت رأسها نحو المرآة بلا تفكير، لتتجمد مكانها.
“هاه؟!”
كان هناك شيء غريب…
عيناها اللتان اعتادتا أن تكونا شفافتين، تلألأتا الآن بوهجٍ أحمر!
هل هذا من أثر الصداع أو هذيان الثمالة؟ رمشت مرتين، ثلاثًا، لكن اللون بقي كما هو.
“يا فتيات، كيف تبدوان عيناي؟”
“عيناكِ يا سيدتي؟ لونهما أحمر واضح.”
“إذًا ليس مجرد وهْم، أليس كذلك؟”
ربما استعاد بصرها فتبدل لون عينيها أيضًا؟ عقدت حاجبيها قليلًا، ثم تبسمت بخفة.
“نفس لون عيني هيوغو…”
لم تعلم إن كان ذلك صدفة أم قدرًا، لكنها أحست بسعادةٍ غامرة تغمر صدرها.
“هل رآني هيوغو هكذا يا ترى؟”
لم يكن واضحًا متى حدث هذا التغير بالضبط، لكنها ظنت أنه لم ينتبه، خصوصًا أنه كان متماسكًا حتى وهي ثملة تصرخ وتبكي.
“أريد أن أريه بسرعة!”
نادرًا ما تُرى أعين حمراء كهذه. حتى سيريل روز، كانت عيناه ورديتين أكثر من كونهما حمراوين. ولأن ذلك اللون كان غريبًا، اعتاد الناس نبذ من يمتلكه، أما الآن فقد أصبحت أنجيليكا واحدةً من القلة التي تقف بجانبه.
“أين هيوغو الآن؟”
لم تستطع كبح فضولها أكثر، فسألت الوصيفات بلهفة. فأشرن نحو النافذة.
وبما أنها انتهت من الاستعداد، هرعت أنجيليكا نحو النافذة القريبة من السرير.
–هوووش… هوووش…
ما إن اقتربت حتى اخترق سمعها صوت الهواء وهو يتمزق تحت ضربات السيف.
رغم ارتفاع الطابق، كانت حركاته عنيفة وحادة بما يكفي لتُسمع بوضوح.
“وااو…”
انفلتت منها شهقة إعجاب خافتة.
كان هيوغو بيرنشتاين يقف في ساحة التدريب، مظهره المهيب يُغري العيون. وقفته الرشيقة، حركته الدقيقة، والشَعر الذي يتطاير كلما شقّ السيف الهواء… لوحة فنية حيّة.
“عضلة الكتف…”
تمتمت بصوتٍ خافت، تحدق باندهاش في كتفيه العريضتين اللتين برزتا بوضوح تحت ملابسه الخفيفة.
لم تستطع أن تبعد عينيها عنه، وكأن جسده وحده جذب كل انتباهها.
رغم أنها شربت كوبين من الشاي، جفّ حلقها فجأة.
وفي اللحظة التي كانت تحدّق فيها به، مأخوذة كأنها مسحورة…
هوه!
“…!”
رفع هيوغو رأسه فجأة، لتلتقي عيناه بعينيها مباشرة.
كانت نظرته ثابتة، هادئة، لكنها حادة كالسيف. تجمدت أنجيليكا في مكانها، ثم انكمشت وجلست على الأرض بلا وعي.
“كاد قلبي يتوقف!”
لم تكن تتوقع أبدًا أن يستطيع استشعار وجودها على هذا الارتفاع، مهما كان سيّد السيف الذي هو عليه.
“لقد كنت أتأمله بطريقةٍ مريبة حقًا…”
كان يمكن أن تحدق بطريقةٍ أقل… غرابة. لكن لا، المذنب الحقيقي هو من؟ ذاك الذي يملك جسدًا بتلك الروعة!
أرجعت كل اللوم إليه في سرّها، ثم رفعت رأسها بخفة لتتأكد مما إذا كان قد نسي وجودها.
لكنها حين نظرت مجددًا…
“…!” “…!”
تلاقت عيناهما مرةً أخرى.
لمحت في عينيه بريقًا طفيفًا، وكأنه يسخر من أفكارها أو يقرأها.
ارتجفت مجددًا، لكنها لم تستطع هذه المرة أن تُشيح بنظرها.
“هل… هل ابتسم؟”
نعم، لقد فعل.
ففي زاوية فمه الصارمة دائمًا، تسللت ابتسامة صغيرة دافئة — وجهٌ لم تره من قبل قط.
♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪
حسابي على الإنستا:@empressamy_1213
حسابي على الواتباد: @Toro1316
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 31"