هيبريون جيرفيه. ذاك الاسم الذي تردد في ذهن هيوغو جعل أطراف أصابعه تبرد على الفور.
<إذا أطلقنا سراحها، ستنتقل إلى إمبراطورية جيرفيه. هنالك يكون حبها الأول منذ عشر سنوات… من يكون ياترا؟ لا أعرف حقًا، هل قد تتمكن من التقائه ام لا..>
<حتى إن وصلت إلى هناك، فالزواج سيكون أمرًا لا مفر منه. هناك احتمال كبير أن تصبح زوجة الأمير الثاني الذي يلفت الأنظار مؤخرًا.>
تلك الكلمات التي قالها الإمبراطور سابقًا عادت لتتردد في رأسه.
حينما كان الإمبراطور يضغط عليه، متسائلًا إن كان هذا حقًا ما يريده، اختار هيوغو الصمت بدلًا من الإجابة.
لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد. في النهاية، قرر اتخاذ تسوية أنانية وأبقاها بجانبه.
ومع ذلك… هذا القرار تحوَّل إلى أسوأ ما يمكن أن يعود عليه بالوبال.
لو أنه فقط رفض منذ البداية. لو تخلَّى عن طمعه المعتاد كما يفعل دائمًا، لكانت أنجيليكا قد وجدت السعادة.
ربما كانت قد اجتمعت بمعجزة بحبها الأول وتزوجته، وعاشت حياة هادئة تحت أشعة الشمس المشرقة.
ولكنه بيديه، جرَّها إلى أعماق الظلام.
“…”.
البرودة التي بدأت من أطراف أصابعه انتشرت عبر ذراعيه حتى غمرت جسده بأكمله.
شعر بأن قلبه، وحلقه، وعقله قد تجمدت تمامًا، ولم يعد يستطيع حتى أن يتنفس بشكل طبيعي.
الشيء الوحيد الذي ظل قابعًا في وعيه المتجمد هو قرار بسيط: عليه أن يحرر أنجيليكا.
الآن بعد أن أدرك ذلك، عليه أن يسرع إلى كاين ويُلغي الزواج.
إذا جعل الأمر و كأن شيئًا لم يكن، فقد تستطيع أنجيليكا أن تعيش حياة سعيدة مع حبها الأول…
<سيدي بيرنشتاين، سأراك غدًا.>
فجأة، توقفت كل أفكاره.
“غدًا”.
راح يكرر الكلمة وهو شارد، متناسيًا ما كان قد عزمه للتو.
لم يكن يتوقع أن كلمة عادية إلى هذا الحد ستزلزل كيانه بهذا الشكل.
“أيمكن أن…؟”
هل من الممكن أن أنجيليكا لا تعرف أن ذلك الرجل هو الأمير من إمبراطورية جيرفيه؟.
لا، هيوغو هزَّ رأسه مستبعدًا الفكرة. لو كان الأمر كذلك، لكان كاين قد لاحظ شيئًا غريبًا وأخذ يطرح أسئلة تكشف الحقيقة.
علاوة على ذلك، لم تكن حقيقة كونه أميرًا سرًّا أصلًا.
ولكن لماذا، رغم معرفتها بذلك، قالت له أنجيليكا “سأراك غداً”؟
وكأنها تعرف هوية حبها الأول، لكنها لا تزال تنوي الزواج به.
كان مجرد افتراض سخيف.
ومع ذلك…
“هيوغو؟ هل هناك ما يزعجك؟”
“… لا، لا شيء.”
لكن الأمل الذي اعتقد أنه اختفى عاد لينمو داخله، يغمره من جديد.
هيوغو بيرنشتاين غيّر وجهته وابتعد عن المكتب الإمبراطوري متجهًا إلى خارج القصر.
“غدًا”.
بما أن أنجيليكا قد وعدته باللقاء في الغد، فسيصبر حتى ذلك الحين.
مهما كان ما سيحدث بعدها…
سواء كان زواجًا… أو هروبًا.
رغم كل شيء، ما زالت مشاعره تجاهها صافية، لا يشوبها شيء.
وإذا توسلت إليه في أي لحظة، فسيبذل قصارى جهده لتحقيق ما تتمناه.
لقد عقد عزمه على ذلك.
❈❈❈
كان الوقت المتبقي ضيقًا للغاية بالنسبة لأنجيليكا وهيوغو كي يستوعبا الحقائق التي أدركاها ويضعا الأمور في نصابها.
بلمح البصر، حلَّ يوم الزفاف.
وقف هيوغو على السجادة الحمراء في الحفل، بعدما قضى الليلة السابقة دون أن يذوق النوم لأسباب عدة.
ورغم مظهره الأنيق ببدلة رسمية فاخرة، لم يبدُ عليه أي أثر للفرح كما ينبغي للعريس.
بل بدا أشبه بشخص جاء ليُفسد الزفاف، بملامح صارمة لا تحمل أي ابتسامة، مما أثار الخيال لدى الحاضرين.
وبسبب ذلك، تعالت الهمسات في صفوف النبلاء الذين ملؤوا القاعة.
ولو لم يسعل الإمبراطور الذي كان يراقب الحفل من مكان مرتفع، لربما ارتفعت الأصوات لتطغى على الموسيقى الهادئة التي كانت تعزف في الخلفية.
خطا هيوغو بيرنشتاين عبر السجادة الحمراء متجهًا إلى الكاردينال الذي سيتولى مراسم الزفاف.
وعلى الرغم من أن القاعة كانت واسعة، فقد بدا وكأن وجود هيوغو وحده يملؤها بالكامل.
“والآن، لتتقدم العروس.”
بينما كان الحضور منشغلين بالتحديق في طول هيوغو وضخامته، ظهرت العروس أخيرًا.
–تك، تك.–
رغم أن حذاءها كان ذا كعب منخفض، فإن صوته كان قويًا كفاية ليخترق الموسيقى وينتشر في القاعة.
سرعان ما تحولت أنظار الحاضرين من هيوغو إلى العروس.
“آه…!”
انطلقت شهقات مندهشة من بين الحضور، وكأن الصمت كان سيكون أغرب من تلك الأصوات.
لقد كانت دهشة مختلفة تمامًا عن تلك التي صاحبت ظهور هيوغو.
ابتلع هيوغو ريقه وهو يحاول كبح رغبته في الالتفات لرؤية العروس.
كان عليه الالتزام بالبروتوكول الإمبراطوري، الذي ينص على ألا ينظر العريس إلى عروسه حتى تقترب منه.
لم يتبقَ سوى بضع ثوانٍ، بالكاد دقيقة، ومع ذلك بدا له الأمر وكأنه أبدية.
حينما شعر أن يده المشدودة على قبضته بدأت ترتجف،
توقفت خطوات العروس.
أخيرًا، وصلت إليه.
استدار هيوغو تلقائيًا.
أول ما وقعت عليه عيناه كان فستانها الأبيض الناصع، رمز العروس.
كانت قد اعتادت ارتداء فساتين تغطي عنقها ورسغَيها، لكنها اليوم اختارت فستانًا يكشف كتفيها بجرأة.
رغم أن الكثيرين في الإمبراطورية كانوا ذوي بشرة بيضاء، فإن لا أحد كان في بياضها.
بدى وكأنه لم يرَ النور طيلة حياته.
عاد إلى ذهنه تلك اللحظة البعيدة حينما رآها لأول مرة بجانب البحيرة.
“آه…”
كتم أنفاسه بصعوبة.
شعر وكأن قلبه قد هبط إلى قاع جسده، تاركًا إياه فارغًا من كل نقطة دم.
ورغم ذلك، كان عقله في حالة من الإثارة والارتباك، ولسانه جافًا.
ترك قبضته ترتخي ومدَّ يده، ممسكًا بيدها الرقيقة.
“…”.
“…”.
في تلك اللحظة، شعر هيوغو وكأنه يحدق مباشرة في عينيها من خلف الحجاب، على الرغم من أنه يدرك تمامًا أن هذا مجرد وهم سخيف.
لا يمكن أن تكون تنظر إليه بهذه الطريقة، أليس كذلك؟
ومع ذلك، بينما تسير مراسم الزواج كما هو مخطط لها، ظل هيوغو يقاوم أي توقعات قد تتسلل إلى قلبه. فهو لم ينسَ أن أنجيليكا قد تطلب منه في أي لحظة أن يطلق سراحها ويُنهي هذا الزواج.
حتى عندما ردّ على وعود الزواج المقدسة التي كان يتلوها الكاردينال، وعندما تبادل معها خاتم الزفاف ووضعه برفق حول إصبعها، ظل عقله متيقظًا وحذِرًا.
وأخيرًا، جاء الدور على الخطوة الأخيرة من المراسم:
“وأخيرًا، قبلة العهد بين العريس والعروس.”
رفع هيوغو الحجاب الذي كان يغطي وجه أنجيليكا ببطء، ليمنحها القبلة التي ستعلن عن إتمام زواجهما رسميًا.
عندما التقت شفتيه بشفتيها الناعمتين والدافئتين، اجتاحه شعور قوي أشبه بذوبان تام لعقله وكل حواسه.
كانت وجنتاها ساخنتين تحت كفيه عندما أسند يديه على وجهها بحذر، وكأنها كائن هش يخشى أن يتسبب في كسرها.
ولكن حتى في تلك اللحظة، تمكن هيوغو من التمسك بذرة من العقلانية التي وعد بها نفسه. لقد قرر أن يفعل كل ما بوسعه ليمنحها الحرية التي قد ترغب بها.
‘ لن أعيقكِ، أنجيليكا. سأمنحكِ كل ما تتمنين… حتى لو كان ذلك يعني أن أترككِ ترحلين. ‘
ولكن، لم يكن يدرك أن هناك شيئًا آخر لم يكن قد استعد له، شيئًا كان ينتظره بعد انتهاء الحفل… ليلة زفافهما الأولى.
❈❈❈
كانت حفلات الزفاف في إمبراطورية سيلين مختلفة إلى حد ما عن المعتاد في باقي الممالك. بدلاً من أن يستقبل العروس والعريس الضيوف معًا، تم تقسيم الحفل إلى قسمين؛ حيث يتولى العريس استقبال الرجال، والعروس النساء.
بعد ساعات طويلة من استقبال الضيوف والاستماع إلى حديث كاين وبعض النبلاء الآخرين، تمكن هيوغو أخيرًا من الابتعاد عنهم. لقد أنهى جميع واجباته الملكية وأخذ حمامًا سريعًا، ليجد أن الوقت قد أصبح قريبًا من منتصف الليل.
ربما تكون قد خلدت إلى النوم الآن.
فكر في الأمر بينما كان يقف أمام باب جناحهما المشترك، حيث كانت أنجيليكا من المفترض أن تكون في الداخل، نائمة بسلام.
ولكن ما إن فتح الباب حتى تبخرت توقعاته بالكامل.
“أوه…؟”
“أنجيليكا؟”
كانت جالسة على حافة السرير، تحمل زجاجة نبيذ نصف فارغة وتحدق فيه بعيون واسعة ومتفاجئة.
بدت مختلفة. تلك النظرة المرتبكة والمبتهجة التي ارتسمت على ملامحها جعلت قلبه ينبض بسرعة أكبر، وكأن الزمن قد عاد به إلى الأيام الأولى التي عرفها فيها.
“هيوغو!”
وقبل أن يتمكن من قول أي شيء، قفزت من مكانها وهرعت نحوه، ثم ألقت بنفسها في أحضانه دون تردد. __________________________________________
•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار!!⭐•
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات