هيوغو بيرنشتاين لم يفكر يومًا في حياته في معنى كلمة “اندفاع”.
لم يسعَ إلى فهمها ولم يحاول إدراكها. لم تكن لديه رغبة تدفعه لفعل شيء ما، ولم يشعر بأي حافز يحثه على اتخاذ قرار. كان يحمل سيفه لأنه اعتاد ذلك، ويعيش وفق قوانين الإمبراطورية لأنه جزء منها، ويبقى إلى جانب من يرغبون فيه لأنه لا يجد سببًا للابتعاد.
لذلك عندما اعترف له كاين أفنديل بأنه لم يستطع مقاومة اندفاعه وقبّل سيريل النائمة، لم يكن بإمكان هيوغو سوى أن يهز رأسه متفهمًا، دون أن يبدي أي تعليق.
ليس لأنه لم يجد ما يقوله، بل لأنه لم يستطع فهم سبب تصرّف كاين بهذا الشكل أصلاً.
لماذا يندم المرء لاحقًا على قرارات اختارها بملء إرادته؟ لم يستطع هيوغو فهم ذلك أبدًا.
ولكن الآن، في هذه اللحظة تحديدًا، أدرك تمامًا ما كان يشعر به كاين حينها.
“…….” “…….”
لم يكن قد مضى وقت طويل، بالكاد يومان، ومع ذلك فإن مجرد رؤيتها جعلته يفقد صوابه.
جسدها النحيل، الذي بدا وكأنه صنع ليحتويه، لم يكن كافيًا لإشباع حاجته ، مما جعله يضمّها إلى صدره لفترة طويلة دون أن يتمكن من تركها.
وجهها، الذي غاص بين طيات قميصه المفتوح قليلاً بسبب الضيق، أشعل بداخله عاصفة لم يستطع تهدئتها.
أوشك أن يلامس شفتيها، لكنه بالكاد تمالك نفسه وتوقف عند آخر لحظة.
ما الذي كان ينوي فعله لشخص نائم؟.
ضغط على عينيه بشدة، وتجمّعت خطوط الضيق على جبينه. زفر أنفاسه العميقة وكأنه يحاول طرد الأفكار التي تعصف برأسه، ثم فتح عينيه وقد بدا أكثر هدوءًا.
“هيوغو……”
لكن هدوءه لم يدم طويلًا، إذ جمد في مكانه عندما نطقت باسمه أثناء حديثها وهي نائمة. لم يتوقع أبدًا أن تذكر اسمه حتى في أحلامها.
لا، إذا فكّر في الأمر، فكل هذا الموقف غير منطقي على الإطلاق.
البارحة فقط، غادر مكتب الإمبراطور دون أن يعترض على زواجه من أنجيليكا. كان عقله يعلم جيدًا أنه عليه أن يبتعد عنها، فهي ليست من نصيبه ولا يمكنه حتى أن يحلم بامتلاكها.
ومع ذلك، كانت هناك رغبة عميقة تتصاعد بداخله، رغبة ملحّة في امتلاكها. تحدثت ذات مرة عن حبها الأول، وقالت إنه شخص لن تراه مجددًا أبدًا.
إذن، إذا لم تكن سعيدة مع أي شخص آخر، فهل يمكن أن تبقى بجانبه؟ لم يكن يجرؤ على أن يطمح إلى حبها. كان يعلم أنه حتى لو جاب القارة بأكملها، لن يجد امرأة تحبه.
لكن على الأقل، كان بإمكانه أن يقنع نفسه بأنه قد يرضى بهذا الوضع.
لديه القدرة على جعل حياتها أفضل من أي شخص آخر، وكان متأكدًا من ذلك.
ثم تذكّر كلماتها:
<في الحقيقة، شعرت براحة كبيرة بعدما اعترفت بذلك لأول مرة.> <كنت محظوظة لأنك كنت أنت من استمعت لي، يا هيوغو.>
كانت تكره كل شيء باستثناء حبها الأول، ومع ذلك اعتبرت نفسها محظوظة لأنها تحدثت معه.
صحيح أنها لم تكن تعلم حينها أنه “هيوغو بيرنشتاين”، لكن ربما، مع مرور الوقت، إذا قلّت كراهيتها له قليلًا، ستبدأ برؤيته بشكل مختلف.
يا للسخرية.
كان يدّعي أنه راضٍ بهذا الوضع، ومع ذلك كان يجرؤ على التفكير في المستقبل! كانت هذه الأفكار المتناقضة تجعله يشعر بغرابة تجاه نفسه.
ربما لهذا السبب، عندما التقى بها صباح اليوم مصادفة أثناء حديثه مع سيريل، لم يستطع قول كلمة واحدة.
صحيح أن الإمبراطور أعلن أن أنجيليكا قد اختارت الزواج، لكنه لم يصدق ذلك.
لا تزال تتجنب النظر إليه مباشرة، وكان واضحًا أنها تشعر بالانزعاج عندما تكون برفقته.
لهذا السبب، لجأ إلى الجلوس وحيدًا قرب البحيرة حيث لا يأتي أحد. أغمض عينيه بشدة، محاولًا تهدئة أفكاره.
وفي اللحظة التي قرر فيها المغادرة…
“……!”
تردد صوت خطوات مألوفة في أذنيه. كانت خطواتها هادئة أكثر من المعتاد، لكنها لم تخدعه. كان يعلم أنها أنجيليكا.
تجمّد مكانه، ولم يجرؤ حتى على فتح عينيه.
لم يكن يريد أن يبدّد شجاعتها بعد أن قررت الاقتراب منه.
لكن رغم ذلك، لم يستطع التوقف عن التساؤل: لماذا جاءت إلى هنا؟
ثم…
لامسَت يدها يده.
هل كان ذلك صدفة؟ لم يحتج إلى التفكير كثيرًا هذه المرة.
لم تكتفِ بلمس يده، بل شبكت أصابعها بأصابعه أيضًا.
ابتلع ريقه بصعوبة دون أن يدرك ذلك، ولم يُدرك خطأه إلا بعد فوات الأوان، لكنه كان محظوظًا لأنها لم تلاحظ.
بعد ذلك، استمع بهدوء إلى همساتها.
“لا بد أنه يؤلمك. أتمنى أن تتعافى قريبًا.”
كانت تدهن الدواء على يده برفق، مما أعاد الحياة إلى قلبه الذي كان يعتقد أنه قد تحطم.
تصرف كما لو كان يتبع كلماتها. بما أنها لا تريد أن يستيقظ، فسيحرص على ألا يفتح عينيه مهما حدث.
ورغم ذلك…
عندما قالت: “جميل”، لم يستطع منع نفسه من التساؤل.
ماذا كانت ترى؟ ما الذي جعلها تنطق بهذه الكلمة؟
كان المشهد بالنسبة له عاديًا، لم يكن هناك شيء يستحق الاهتمام.
لكن حين لاحظ يدها تمر على شعره، تساءل إن كانت تشير إلى الأزهار التي تفتحت بجواره.
كانت سيريل روز قد ألقت ببذور الورد على ضفاف البحيرة ذات يوم، وها هي الورود تملأ المكان الآن.
لم أفهم ما تعنيه بقولك إنها ترغب في التجربة، ولكن مهما كان قصدها، فقد كان من المؤكد أنها لم تكن تتحدث عني.
فالعبارات التي توجهها إليّ دائمًا تكون من هذا النوع.
“هل وضع الدواء على هذا النوع من الإصابات سيكون عديم الفائدة؟”
ملامسة خفيفة على حاجبي جعلتني أدرك أنها تشير إلى ندبتي.
لم أكن أعير اهتمامًا كبيرًا للندوب التي نُقشت على وجهي من قبل، لكن في هذه اللحظة بالتحديد اجتاحني شعور بالندم.
كان عليّ أن أحرص على ألا أُصاب في مواضع واضحة للآخرين بينما ألوّح بسيفي.
لكن ما يريحني قليلًا هو أن كلماتها لم تحمل أيّ نبرة كراهية بعد.
“أنجيليكا، إذا كان هذا ما تريدينه…”
همس هيوغو بيرنشتاين بصوت خافت وهو يرفع يدها التي كانت متشابكة مع يده، محاولًا أن يتقبل هذا الموقف الغريب الذي لم يصدقه بعد.
“سأحاول التخلص من هذه الندبة بأي وسيلة ممكنة.”
إذا كان ذلك سيجعلها تخاف مني أقل، فلا بأس بأي شيء.
لكن قبل ذلك، كان عليه أن يقوم بشيء واحد. بدأ هيوغو بإزالة الدواء الذي كانت قد وضعته بكمية كبيرة فوق يده المصابة. كمية المرهم كانت كبيرة لدرجة أنه بالكاد شعر بأي ألم رغم الجرح.
ابتسم ابتسامة خفيفة وهو يشبك أصابعها المرتفعة عن الأرض بحركة لطيفة. لكن عندما لامس المرهم البارد جلدها، صدرت منها أنة خفيفة وكأنها تتألم.
هيوغو، المعتاد على الاعتناء بها، بدأ يدلك يديها برفق وهو يضع طبقة رقيقة من المرهم على البثور التي غطت أصابعها.
“تركتها دون علاج مجددًا، أليس كذلك؟”
كان ينبغي لها أن تعتني بيدها بدلًا من أن تأتي إليه لتضع المرهم على يده. بعد أن انتهى من دهن الدواء بلطف، نظر إلى شفتيها المصابة.
تردد قليلًا… ربما لأنه تذكر ما كان ينوي فعله بها قبل قليل. ولكنه لم يستطع تجاهل الجرح الذي كان ينزف قليلًا.
“ليس الأمر كما تعتقدين، أنجيليكا. فقط لحظة…”
همس لنفسه باعتذار لم تسمعه، ثم مدّ يده إلى شفتيها بعزم. لامس إصبعه المغطى بالمرهم شفتها السفلى بلطف بالغ.
لحسن الحظ، كان المرهم كافيًا ليخفف من شعوره بملمس شفتيها، وإلا كان قد فقد السيطرة على نفسه مجددًا.
ولكن… يبدو أنها لم تكن تدرك الجهد الذي كان يبذله للتحكم في نفسه. حين شعرت ببرودة المرهم على بشرتها الرقيقة، ارتسمت على وجهها ملامح انزعاج، ثم حاولت أن تختبئ في حضنه.
وضعت وجهها على صدره أولًا، وعندما لم تجد راحتها، ارتفعت تدريجيًا حتى دفنت وجهها في عنقه.
مع كل حركة كانت تقوم بها، كان الشوق المتقد في قلبه يشتعل حتى وصل إلى حلقه. بدأت أطرافه ترتجف بشدة، فغلق عينيه بإحكام ليهدّئ نفسه، ثم وضع كمية مضاعفة من المرهم على إصبعه.
“حسنًا، بهذا لن أشعر بأي شيء.”
كرر لنفسه أن هدفه الوحيد هو معالجة الجرح، ثم أعاد يده إلى شفتيها بحذر شديد.
لكن النتيجة… كانت شيئًا لم يتوقعه مطلقًا.
بينما كانت وجهها ملتصقًا برقبة هيوغو، تسرّب القليل من المرهم إلى فمها…
“همم…؟”
فجأة فتحت شفتيها تلقائيًا، وكأنها تستجيب لذلك دون وعي. __________________________________________
•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار!!⭐•
《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 21"