“شكرًا لكِ. مرّ نصف شهر، أليس كذلك؟ كنتُ أتساءل كيف قضيتِ وقتكِ، ولم أتوقّع أن أراكِ هنا.”
“لقد مرّت أيّامي بهدوء. ماذا عنكِ، سيّدتي؟ كيف كانت أحوالكِ؟”
“كنتُ مشغولةً قليلًا. سمعتُ أنّكِ زرتِ القصر، لكن لسوء الحظّ، كنتُ خارجه في ذلك الحين، وكم شعرتُ بالأسى لأنّي لم أستطع رؤيتكِ.”
تألّقت عيون الحضور في الصالون وهم يتلصّصون على حديث مونيكا.
منذ أن دخلت ديانا إلى الصّالون، بدأت نظراتهم الخاطفة تنهال عليها، والآن لم يعودوا يحاولون إخفاء فضولهم.
‘اهتمامٌ فاضحٌ للغاية…’
بدأ بعض السّريعين في الهمس لبعضهم، كأنّهم يؤكّدون ما سمعوه من إشاعات.
“هل استقبلكِ إيان كما يجب؟”
“بالطّبع، لقد كان دائمًا لطيفًا.”
“هممم…”
أطلقت السيّدة كروفورد صوتًا خفيفًا يوحي بالشكّ، وكأنّها لا تُصدّق، لكن ديانا تابعت الابتسام كأنّها لم تلاحظ شيئًا.
“ذلك الفتى لم يسبق أن زار أحدًا. حتّى دعوة الضّيوف إلى القصر كانت تلكَ أوّل مرّة، وهذا أمرٌ مفاجئ.”
“إنّه لشرفٌ كبيرٌ لي. لم أتخيّل أبدًا أن أتلقّى دعوةً إلى قصر دوق كروفورد.”
“إنّه مكانٌ عاديّ أكثر مِمّا تتوقّعين. تعالي لزيارتي متى شئتِ، واطمئني لرؤيتي في المرّة القادمة أيضًا.”
“سأفعل ذلك.”
عندما أومأت السيّدة برأسها، كانت القاعة قد امتلأت تقريبًا، فبدأ الخدم بتقديم الشّاي والحلويات بنشاط.
وبينما كانت الفرقة الموسيقيّة تفتح نوتاتها استعدادًا للعزف، ظهرت ماركيزة لانكاستر وصفّقت بخفّة.
“حسنًا، بما أنّ الجميع قد حضروا، فلنبدأ بشرب الشّاي معًا.”
كان من المعتاد أن يُحضّر مضيف الصّالون برامج ترفيهيّة لإمتاع الضّيوف.
كالعزف الموسيقي، النّقاش الفنّي، المسرح، أو مناقشات فلسفيّة، ولم يكن اليوم استثناءً.
لكن لم يكن على الجميع التّركيز في البرنامج.
فجمال الصّالون يكمن في تفاعله المتراخِي.
بإمكان المرء اختيار البرنامج الذي يهمّه، أو تجاهل الجميع والانغماس في القراءة.
يمكنه التّحدّث مع صديقٍ بجانبه، أو حتّى التّطفّل على أحاديث الآخرين.
وعلى الرّغم من أنّ الهدف اجتماعيّ في كلتا الحالتَين، إلّا أنّه لا يُقارن بعبء التّقاليد الذي تُفرضه حفلات الشّاي.
“إنّه لطيفٌ، ومن عائلةٍ عريقة. لا أظنّ أنّ هناك عريسًا أفضل من الدّوق كروفورد، أليس كذلك؟”
لكن، على ما يبدو، كلّ هذه المزايا قد اختفت اليوم.
ها هي ديانا تُسأل للمرّة الخامسة.
تبدأ المُحادثة بمجاملةٍ بسيطة، ثم تندرج نحو الحديث عن الإشاعات التي ‘سمعوها صدفةً’.
تتنوّع الأساليب، لكن المعنى واحد.
هل حقًّا كنتِ وحدكِ مع ذاك الدّوق المُبجّل؟
كأنّهم يحقّقون ليتأكّدوا من أنّ أفضل فرصٍ الزّواج قد سُرِقت من قبل فتاة لا تستحقّها.
شعرت ديانا بتشنّجٍ خفيفٍ في فمها من كثرة الابتسام.
“يبدو أنَّ لدّوق شابٌّ مثل باقي الرّجال في النّهاية. كنتُ أظنّه مشغولًا، لكنّه وجد وقتًا ليُقدّر جمالكِ، آنسة ديانا.”
“شكرًا لكِ، لكنّكِ تُبالغين في الإطراء.”
“أبدًا! أتذكّرين حين ظهرتِ لأول مرة؟ كم كانت ابنتي خجولة أمامكِ!”
“نعم، ليتني أنجبتُ ابنةً جميلة مثل هيلينا…”
وبينما كانت عبارات المجاملة تنهال، بدأت السيّدات الأرستقراطيّات تتجمّعن حول ديانا كالفِطر.
ثمّ سرعان ما كشفن عن وجوههنّ الحقيقيّة.
“بالمناسبة، ما نوع الحديث الذي دار بينكِ وبين الدّوق؟”
“نعم، نودّ أن نعرف!”
“لا بأس، أخبرينا براحتكِ. لا يوجد رجالٌ هنا، ونحن قد نُفيدكِ.”
ضحكت ديانا في سرّها.
تفيدنني؟ يا لَلسّخافة.
أغلب الحاضرين هنا من الأرستقراطيّين القدماء.
وديانة وحدها تمثّل الطّبقة الجديدة، بدعوةٍ نادرة لهذا الصّالون.
لو لم تُعامل كابنة لكونتٍ غنيّ أفسد أناقة المجتمع، لَكان ذلك حظًّا عظيمًا.
نظراتهم الحادّة كلّما ابتعدت قليلًا، أو لم تُشارك في الحديث، كانت كافيةً لتُفهمها مكانتها.
ولم تكن ساذجة لتظنّ أنّهم حلفاؤها.
“لم نتحدّث في شيءٍ خاصّ.”
لمحت إلى السّاعة: قاربت الثّالثة مساءً.
“سألني عن حياتي الاجتماعيّة، وعن نوع الزّهور الذي أحبّه… أشياء من هذا القبيل.”
“وهل قال شيئًا آخر؟”
“مممم… بدا عليه القلق بشأن مشروع الكازينو الملكي.”
“كازينو؟”
“ما هذا؟ لم أسمع به من قبل.”
بدت علامات الحيرة على الجميع… ما عدا واحدة.
“ألم تسمعن؟ الملك أمر ببناء كازينو منذ مدّة. يبدو أنّه أُغلِق مؤخرًا.”
“آه، الكونتيسة غراي تعرف الكثير، أليس كذلك؟”
“بالطّبع! لقد تلقيت دعوةً في يوم الافتتاح. لكنّه كان مشوّهًا بشكلٍ فظيع، حاولوا جعله بأسلوب أولفانو، وفشلوا.”
كانت الكونتيسة الوحيدة القادرة على مواكبة هذا الموضوع الجديد.
فهي معروفةٌ بذوقها العالي، لكنّها الآن قطعت حيرتها بين تناول التّارت أو البسكويت، وردّت بجفاء.
“كان فظيعًا للغاية. ثريّاتٌ ضخمة في السّقف، ومظلّاتٌ على الطّراز الأورمانيّ، مع سجادٍ صوفيّ على الأرض. هل تُصدّقون؟!”
بمعنى آخر…
فندقٌ فرنسيّ بثريّات، مع مظلّاتٍ فارسيّة وسجّادٍ يابانيّ.
فظيعٌ فعلًا.
تخيّلت ديانا المشهد، واشمأزّت.
أجل، الدّيكور وحده كان كفيلًا بفشل المشروع.
“حسنًا، لِنقُل إنّهم أرادوا جذب النّبلاء المنفيّين من أولفانو، لكن ألم يكن عليهم فعل ذلك بشكلٍ أفضل؟!”
كانت الكونتيسة تتكلّم بانفعال.
“ليس من العدل تحميل الدّوق كلّ ذلك. الملك كان قاسيًا. برأيي، الأفضل إغلاقه وبناء مدرسة دوليّة بدلًا منه.”
منطقيٌّ فعلًا.
فإنشاء مدرسة قد يساعد في دمج أولئكَ النّبلاء، ويبدو خيارًا أفضل من كازينو.
لكن بالنّظر إلى القصّة الأصليّة، كان من الواضح أنّ إيان سيرفض.
لأنّ ما يُريده ذاك الرّجل… هو المال الأسود.
ومع ذلك، كان هذا من أفضل المعلومات التي حصلت عليها اليوم.
ربّما يجدر بي زيارة الكازينو غدًا.
وبينما كانت تحتسي رشفة شاي، قُطِعَ تفكيرها.
“إذًا… لم يحدث شيءٌ مهمّ؟”
“نعم؟”
“كنّا نعتقد أنّكِ خضتِ حديثًا مذهلًا مع الدّوق.”
نبرة الصوت كانت وقحة بعض الشّيء.
نظرت ديانا لتتأكّد، فرأت وجهَين مألوفَين يُطِلّان عليها من الأعلى.
“أوه، لم أعلم أنّ شقيقتَي ماركيز لومييل مهتمّتان بحديثي.”
إيلين لومييل، وسيرا لومييل.
نفسهما اللّتَين التقت بهما في غرفة الاستراحة أثناء حفلة الحديقة.
آنذاك، كانتا تتحدّثان بالسّوء عن ديانا بجوار ميو وكارماين.
والآن، ترتديان مثل البجع، واقفتَين بأدب.
“هل كنتما تنتظران معرفة شيءٍ محدّد؟”
“لا، بالطّبع لا. ماذا يمكن أن نتوقّع من ابنة الكونت ويلينغتون؟ لا بدّ أنّكِ لا تعلمين شيئًا أصلًا.”
التقت عينا إيلين بعيني ديانا، ثمّ سخرت منها وهي تهزّ رأسها.
شَعَرُها الأشقر المضفور تمايل بخفّة.
“شعرنا بالارتياح، في الحقيقة. عندما سمعنا أنّكِ كنتِ مع الدّوق بمفردكِ، ظنَنّا أنّ هناك فضيحةً ضخمة!”
“فضيحة؟”
“أجل، لكن يبدو أنّنا كنّا مخطئات.”
“كفى، أختي.”
“ماذا؟ لم أَقُل شيئًا غريبًا. الجميع جاء مسرعًا لمّا سمع أنّ الدّوق بات يلتقي بامرأةٍ بشكلٍ مفاجئ.”
هزّت كتفيها كما لو أنّ الأمر لا يعنيها.
“في النّهاية، لم يكن الحديث ذا قيمة. أعتقد أنّ الأمر جيّد. الخطبة أو الزّواج يجب أن يكونا بين طرفَين متكافئَين. وأحدهما أقلّ بكثير من المستوى.”
فهمت ديانا أخيرًا لماذا تتجرّأ الأختان على استفزازها علنًا…
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 12"