•♡•
كادين لم يُنكر.
“إنها مكانة مشرفة لشخصٍ من عامة الشعب.”
وكان الأمر كذلك فعلاً.
فالراغبات في أن يصبحن خليلاته كن كثيرات يفقن الحصر.
لكن إيلّا لم تكن واحدة منهن.
نظرت إليه مباشرة.
“لا، لا أستطيع، كادين.”
“ماذا؟”
انعقد حاجباه بتجهم.
لم يستوعب لماذا ترفض هذه الفرصة الذهبية مرة تلو الأخرى.
فتاة فقدت كل شيء وأصبحت معدمة، وتجرؤ على رفض عرضه.
ولأجل خطيبها الذي لم يستوعب الموقف بعد، تابعت إيلّا كلامها بهدوء.
“كما تعلم، عاجلاً أو آجلاً، ستفسخ خطبتنا. وبعدها، سترتبط بخطيبة جديدة.”
“……”
“وبالنظر إلى العلاقة بيني وبين عائلتك، فستكون تلك الخطيبة بلا شك، روزيا.”
“ذلك……”
“لقد نشأت روزيا محرومة من كل شيء بسببي، ولا أريد أن أتسبب لها في مزيد من الأذى.”
عندها فقط، بدا أن كادين فهم مقصدها، فتح فمه ليقول شيئاً، ثم أغلقه.
كانت إيلّا تطلب الانفصال بدافع التفكير في روزيا.
رغم أنها لا تريد ذلك فعلاً.
شعر كادين وكأن قلبه يسقط من مكانه.
“لكن روزيا ليست أختك الحقيقية، فلا حاجة لأن—”
“لا. الأفضل أن ننهي كل شيء هنا. حان الوقت لأدرك مكاني.”
هزّت رأسها بأسى.
“مؤلم، نعم… لكن لم أعد أملك المكانة التي تسمح لي بالبقاء إلى جانبك.”
“لكن، إيلّا…”
“سأرحل الآن. لو استمعتُ إليك أكثر، فسيصعب عليّ الرحيل.”
استدارت دون تردد، متجاهلة كل محاولاته لثنيها.
‘هذا كافٍ، أليس كذلك؟’
ابتعدت بخطى ثابتة، تفكر.
لقد أعطته سبباً مقنعاً لرفض عرضه دون إثارة حقده.
وحتى إن حاول التمسك بها لاحقاً، فالعذر ذاته يكفي لصدّه.
‘على الأرجح، سيغضب آل الماركيز من أن فتاة من عامة الشعب تجرأت على فسخ الخطوبة علنًا. لكن، يمكنني أن أجد من يحميني قبل ذلك.’
كانت تعرف جيداً.
كم هو مؤلم أن تُكبت الكلمات في القلب ولا تجد من تُقال له.
وفي تلك اللحظة، كانت تأمل أن يكون كادين في أسوأ حالاته، بينما تبتعد عنه بخطى سريعة.
***
ما لم تكن إيلّا تعلمه، هو أن شخصًا ما كان يراقب حديثهما عن بُعد.
كانا روزيا وسيدريك، وقد أتيا إلى الأكاديمية لإجراء امتحان القبول.
تأمل سيدريك وجه إيلّا وهي تستدير، وبدت عليه علامات الانزعاج.
كانت ملامحها كافية ليدرك أن الحديث بينهما لم يكن عاديًا.
‘هل قالت له أنها تريد فسخ الخطوبة؟’
كان يعلم جيداً كم تحب إيلّا خطيبها.
لذا، لم يستطع أن يهدأ وهو يرى حالتها تلك.
‘لا بد أنها تأذت كثيرًا.’
كانت إيلّا التي يعرفها، فتاة نبيلة تعتز بكبريائها.
فما بالك وقد فقدت مكانتها وطُردت من بيتها وخذلها خطيبها؟
‘لا شك أنها شعرت بالضياع. كيف لا، وقد قيل لها فجأة إنها ليست ابنة الدوق.’
حتى إنها، تلك الفتاة المتزنة دوماً، طلبت إعادة فحص النسب.
هل يجب عليه اللحاق بها الآن؟
‘فتاة تعتز بكبريائها….. وتبدو بذلك الحزن.’
لم يستطع إلا أن يغضب على كادين الذي لا شك أنه جرحها بكلماته.
لكن صوتٌ قاطع أفكاره.
“أخي، فيمَ تفكر بهذه الجدية؟”
رفعت روزيا عينيها البريئتين تنظر إليه.
“لا شيء، روزيا.”
لم يستطع إظهار قلقه على إيلّا أمام أخته الجديدة.
فكتم كل شيء، وعضّ على شفتيه بصمت.
***
بعد إعلانها الانفصال عن كادين، أغلقت إيلّا على نفسها في غرفتها.
كانت القنبلة التي فجّرتها كفيلة بأن تُربك بيت الماركيز بل وحتى بيت بلانش.
فتاة من عامة الشعب تُعلن فسخ خطوبتها من نبيل علنًا؟ أيُّ وقاحة هذه.
‘حتى وإن كان كلامي مهذبًا، فهم سيعتبرون مجرد طلبي للفسخ إهانة لكرامتهم. وروزيا، التي سيتعين عليها الارتباط بكادين، ستجد نفسها في موقف حرج أيضًا.’
تخيلت ملامحهما المربكة، فارتسمت على شفتيها ابتسامة خافتة.
‘لا بد أن بيت الدوق في فوضى الآن.’
كاليوس بالتأكيد سيحاول استغلال الموقف لترسيخ مكانة روزيا، ويُلقي على عاتقها المهام.
لكن روزيا، التي لا تعرف شيئاً، ستُفسد كل شيء.
‘على كل حال، ما سيؤول إليه بيت الدوق لم يعد من شأني.’
قررت إيلا أن تطوي صفحة بلانش.
فهم لم يعودوا جزءًا من حياتها.
والآن، كان عليها التركيز على المهام المقبلة.
‘أولاً، يجب أن ألتقي بفيليكس، الذي التحق بالأكاديمية وهو من عامة الشعب.’
رغم أنه من عامة الشعب ظاهريًا، إلا أنه ليس كذلك فعلاً.
في الرواية الأصلية، حيث الأسرار تُكشف كما لو كانوا يأكلون الوجبات، يتبين لاحقًا أنه ينتمي لعائلة نبيلة.
ومع أنه بارع في السيف وسيشق طريقه بنفسه، إلا أن…
‘التقدم كشخص من عامة الشعب سيستغرق وقتًا طويلاً ويكون شاقًا.’
أرادت أن تساعده في اكتشاف أصله، مقابل أن يدين لها ببعض الجميل.
نظرت إلى أمتعتها بتمعن.
رغم أنها تخلت عن كل ما حصلت عليه من العائلة، فقد حرصت على أخذ المكونات اللازمة لصنع علاج مؤقت.
كانت غير قادرة على استخدام السحر، لأنها مصابة بحالة نادرة تُعرف بـ “عدم استجابة المانا”.
‘لكنني أعرف العلاج.’
ولصنع العلاج الكامل، يجب أولاً أن يُكشف أن فيليكس هو الابن المفقود لدوق أزينتا.
فالمكون الأهم للعلاج موجود هناك.
‘مع ذلك، يمكنني صنع علاج تقليدي له تأثير مشابه، ولو كان مؤقتاً.’
فتحت حقيبتها، لتجد الأعشاب مصنفة بعناية.
‘صحيح أن تأثيره ضعيف، لكنه سيساعد في إقناع فيليكس.’
بدأت بتحضير المكونات بمهارة، تضعها واحدة تلو الأخرى في القدر.
ثم أشعلت تحته النار.
ولم تمضِ لحظات، حتى غلى السائل كحممٍ زرقاء، وتكاثف البخار في الهواء.
نظرت إيلّا إلى تلك المشاهد بابتسامة راضية.
‘سيكون هذا مفيدًا لإقناعه.’
إيلّا هذه هي نفسها إيلّا من الرواية الأصلية.
وإن كانت تلك قد فعلتها، فلا شيء يمنعها من فعلها الآن.
‘لا مجال للفشل، يجب أن أركز بكل ما أملك.’
حبست أنفاسها، ووجهت كل حواسها إلى صناعة الإكسير.
***
لم تمضِ أيام قليلة على مغادرة إيلّا لقصر بلانش، حتى وصل خطاب من الماركيز.
وما إن رآه جيرالد، حتى عبس وكأن رأسه يؤلمه.
فقد بات يعاني مؤخراً من صداع متكرر.
‘لا شك أن سببه تلك الأخبار.’
أحداث الأيام الماضية وضعت بلانش في حالة استنفار.
إذ كيف لفتاة من عامة الشعب أن تُعلن فسخ خطوبتها هكذا، مسببةً حرجًا فادحًا؟
بات جيرالد يتوجس مما قد يكون داخل ذلك الخطاب.
‘ماذا لو قرر الماركيز الانتقام من إيلّا؟’
رغم أنها لم تكن ابنة حقيقية، لكنه لم يستطع نسيان السنوات التي قضياها معًا.
وبدافع القلق، توجه إلى كاليوس حاملاً الرسالة.
“وصل خطاب من الماركيز لايت.”
رفع الدوق رأسه من فوق أوراقه، وبدت على وجهه علامات الضيق.
“هل هو بسبب ما حدث مؤخرًا؟”
لم يرد جيرالد، واكتفى بهز كتفيه.
«««»»»
لا تنسوا التصويت والكومنت اللطيف 🙈
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 8"
حبيت سالفة فيليكس واضح البطل😭💘