‘يبدو أنّه يُحبّ الكعك! يا إلهي. إنّه لطيف جدًّا.’
أنا دلقتُ له بلطفٍ أشياءَ مختلفة في طبقه ووضعتُه أمام تشارلز. ثمّ جهّزتُ له شيئًا ليشربه.
“هل تكره الشاي لأنّك طفل؟ هل تفضّل شرب الحليب؟”
“أُحبّ الشاي أيضًا! أشعر بالانتعاش عندما أشربه مع بسكويت الشوكولاتة.”
“يا إلهي، مع أنّك طفل، لكن طريقة كلامك راشدة جدًّا.”
وجهه لا يزال وجه طفل صغير، فكيف يستخدم تعبيرًا كالانتعاش؟
كان تشارلز يُجيب بعينين لامعتين، فبدَت لي ملامحه شديدة اللطافة لدرجة أنّني ابتسمتُ بدوري.
“كُلْ كثيرًا! إنّ في عمر الخامسة أهمّ شيء هو أكل كلّ ما هو لذيذ.”
تفاجأ تشارلز بشدّة، ثمّ تمتم بخجل:
“لكن والدتي قالت إنّ هذا الخدّ الممتلئ مُقزّز…….”
“يا إلهي، ما هذا الكلام! إنّه جمال لا يملكه أيّ أحد!”
توقّفتُ مصدومةً من كلامه.
‘لا يجوز استعمال كلمة مُقزّز مع طفل!’
ورغم كلامي، ظلّ تشارلز ينظر إليّ متردّدًا وكأنّه يستأذن في أن يُظهر مشاعره، فشعرتُ بالأسى عليه. عندها رمشتُ له بمرح.
“لكن من الصحيح أنّ الإكثار من الحلويات كالكعك ليس جيدًا. لذا فلنأكلها نادرًا، وفي مراتٍ خاصة معي فقط.”
اتّسعت عينا تشارلز دهشة.
“……مع زوجة أخي؟”
“لستُ زوجة أخيك. نادِني إيديل.”
“إيديل.”
عندما تمتم اسمي بحذر، ابتسمتُ له وبسطتُ يدي.
“أعتني بي، يا تشارلز. يا صديقي العزيز في وقت الشاي.”
“صديق!”
احمرّ وجه تشارلز الأبيض حتى صار ورديًا. ثمّ هزّ رأسه بحماس وهو يُمسك بيدي.
“وأنا أيضًا أرجوكِ اعتني بي يا إيديل!”
***
كان تشارلز يبتعد بخطواتٍ سريعة صغيرة، وهو بمنتهى اللطافة، فتابعته بعينَين مُتعلّقتين به حتى قال سيروليان بوجهٍ عابس قليلًا:
“تبدين بارعةً جدًّا في التعامل مع الأطفال.”
“آه، لأنّ والدتي توفّيت، وأقمتُ فترةً في ميتم. كنتُ أعتني بأطفالٍ صغار بهذا الحجم.”
ابتسمتُ بخفّة. فهو ماضٍ قد انتهى، لذلك خرج صوتي مرتاحًا.
“بعد وفاة أمّي أُصبتُ بالاكتئاب. لم آكل ولم أشرب، وكنتُ طريحة الفراش حتى أوشكتُ على الموت من الجفاف. لحسن الحظ وجدني الأب في الميتم القريب من البيت، فاستضافني مدّة.”
“هذا…….”
سكت سيروليان لحظة كأنّه لم يعرف ماذا يقول، ثمّ عاد سريعًا إلى نبرةٍ خالية من العواطف.
“إنّه رجل طيّب إذًا. يجب أن نُكافئه لاحقًا.”
“لا، ليس طيّبًا فعلًا. طباعه سيّئةٌ جدًّا. وأنا من يجب أن أُكافئه، فأنا من كُلّفتُه العناء.”
“طباعه سيّئة……؟”
“آه، هل هذا كلامٌ غير لائق؟ لكنّه فعلًا رجلٌ ساخرٌ جدًّا.”
التعليقات لهذا الفصل " 27"