الفصل 15 :
بينما كنت أتنفّس بغضب،
“همم.”
صدر صوتٌ منه بخفّة وكأنّه يُغنّي. فزعتُ والتفتُّ لأنظر إليه، لكنّه كان قد أدار جسده، فلم أتمكّن من رؤية تعابير وجهه.
سيـرويليان وهو يُغنّي؟! رغم أنَّ معرفتي به قصيرة، إلّا أنّني متأكّدة أنَّ ذلك لا يُناسبه بتاتًا.
سيـرويليان لوك يُغمغم وهو يقرأ مجلة الفضائح التي تتحدث عنه؟!
‘أمّي! خطيبي صار غريبًا فجأة!’
هل عليَّ اعتبار هذا وجهًا آخر من شخصيّته أيضًا؟
لكن، بالطبع، لم تكن هناك إجابة.
تمتم سيـرويليان بصوتٍ خافت:
“كما توقّعت، في ذلك اليوم… يبدو أنَّ سموّه كان يقرأ مقالكِ في مجلّة الفضائح أيضًا.”
“نعم؟ ماذا قلت؟”
تساءلتُ متردّدة لأنني لم أكن متأكدةً مما سمعته، لكن سيـرويليان لم يُجبني واستدار مبتعدًا.
“سأقوم بجولةٍ حول المنزل.”
“هاه؟ ن-نعم.”
ضممتُ ذراعيّ وأنا أُحدّق في ظهر سيـرويليان وهو يخرج من الباب.
مجلّة الفضائح… ودوق لوك…؟
‘لا يمكن أن يكون والد زوجي أيضًا أحد معجبيني؟!’
مستحيل، لا بدّ أن ذلك من وحي خيالي. هززتُ رأسي بسرعة.
***
مضى يومان.
وبشكلٍ يُثير السخرية، رغم كلّ التوتّر الذي شعرتُ به، عشتُ حياتي كالمعتاد. أكلتُ جيّدًا، ونمتُ جيدًا.
وخاصة لأنني وجدتُ روايةً نادرة كانت قد نُفدت منذ زمن في سوق السلع المستعملة أثناء نزهتي، فقد قضيتُ كامل ظهر يوم الثلاثاء وأنا أقرأ.
‘آه، كم هو رائعٌ هذا السلام.’
أتمنّى لو تستمرّ الأيام بهذه الوتيرة الهادئة.
لكن، ما إن فتحتُ عيني في الصباح حتى دوّى صوت الطَرق العنيف على الباب.
تنهدتُ.
“لحظةً فقط.”
من المؤكد أنه سيـرويليان. بدأت أتساءل إن كان وقت استيقاظي متأخّرًا كثيرًا.
‘آه… كم هو مزعج.’
غسلتُ وجهي كغسل القطط، وارتديتُ شالًا على عجل. وكنتُ على وشك أن أفتح الباب وأخبره أن يعود بعد ساعتين على الأقلّ، لكن…
“صباح الخير، سيدتي!”
فتحتُ الباب، وإذا بامرأةٍ ذات شعرٍ بنيّ قصير وتبدو لطيفة، تُحدّق بي بعينين متألقتين.
“م-من أنتِ؟”
كنتُ أتوقّع أن أرى سيـرويليان، لذا تفاجأتُ بشدّة من ظهور امرأةٍ لم أرها من قبل.
‘لكن… ماذا نادتني للتو؟’
لقبٌ لم أسمعه قطّ من قبل.
“سي-سيدتي؟!”
يا إلهي. لقد نادتني بسيدتي.
أُصبتُ بالذهول وبُهتُّ، وبينما كنت أُحاول استيعاب الموقف، ظهر وجهٌ مألوف من خلف رأسها… سيـرويليان.
“أظنّ أن من الأفضل مناداتكِ الآن بالآنسة إيديل.”
“فعلاً. لقد تفاجأتِ كثيرًا.”
طبعًا تفاجأت. كنتُ مجرّد فتاةٍ من عامّة الشعب أعيش يومًا بيوم، وفجأةً يُنادونني بـ”سيدتي”؟!
تلعثمتُ من شدّة الدهشة، لكن الفتاة ذات الشعر البنيّ عبست قليلاً ودفرت شفتيها.
“لكنّكِ ستتزوجين قريبًا، أليس من الأفضل أن نُعوّدكِ على لقب ‘السيدة’ منذ الآن بدلًا من تغييره لاحقًا؟”
“رأيٌ منطقي.”
“انتظرا! انتظرا قليلًا!”
هل يمكنكما التوقّف عن اتخاذ قراراتٍ حول لقبي من دوني؟!
سيـرويليان من النوع الذي لا يمانع استخدام لقب السيدة فقط لأنه منطقي.
لكن، لم يكن اللقب وحده ما يستوجب اعتراضًا!
“ما كلّ هذا؟!”
كدت أظنّ أننا انتقلنا إلى منزل جديد! أكوامٌ من الصناديق صارت كجبل صغير في الحديقة، وكان الجيران يمرّون ويُحدّقون بفضول.
وما زاد الطين بلّة…
‘ما الذي يفعله هذا ذَلك الشي في هذه الحديقة الضيّقة!’
حديقتي، التي كانت تُشغلني بمهمّاتٍ بسيطة، تحوّلت إلى مساحةٍ تعجّ بالطاولات والكراسي ونادل يُقدّم الشاي، وطاهٍ صغير يُعدّ الحلوى.
‘حتى الجيران… لماذا جميعهم هنا؟!’
عرفتُ جميع الوجوه التي كانت تأخذ فنجانًا من الشاي. كانوا يتحرّكون بخجل لكن بفرحٍ ظاهر. بقيتُ فاغرة الفم بلا كلمة.
‘لقد تحوّلت إلى حفل شايٍ خارجي تمامًا!’
شرح لي سيـرويليان باختصار:
“قرّرتُ هذا الصباح أن أبدأ يومي بشرب الشاي مع خطيبتي.”
ما هذا القرار المفاجئ؟! صرختُ بحدة.
“لكنتَ جئتَ وحدك كما فعلتَ في المرة السابقة!”
“كان ذلك لطيفًا، نعم.”
قالها وهو يُمسك بيدي بلُطف.
“لكنني أريد أن أُقدّم الأفضل دائمًا لخطيبتي.”
“هـ-هاه؟”
شحب وجهي فجأةً. لأنني أدركتُ السبب الحقيقي وراء هذا التصرف الغريب.
“لقد ذكرتِ ذلك في مقالكِ يا سيدتي! ‘سيـرويليان لوك يُحب شرب الشاي مع خطيبته.’ “
قالت الفتاة ذات الشعر البني وهي ترفع الصحيفة الصادرة صباح اليوم.
“ذلك فقط كان… للتأثير على المبيعات…”
لكن سيـرويليان وضع يده على صدره وقال بجديّة:
“شعرتُ بمسؤوليّة أن أجعل ذلك المقال حقيقةً واقعة.”
“آااااه!!”
سوف ينفجر وجهي! أمسكتُ بذراعه وجذبته نحو الداخل.
“إذا لم تُرد أن ينفجر وجهي، فادخل إلى الداخل فورًا!”
“آه، لحظةً فقط.”
لوّح سيـرويليان بيده، فبدأ الناس بنقل الصناديق المكدّسة في الحديقة إلى داخل المنزل.
‘آآآه، منزلي سينفجر!’
منزلي صغيرٌ بالأصل!
منذ وفاة أمّي وأنا أعيش وحدي في هذا المنزل الصغير، ولم أشعر يومًا بأنه ضيّق… حتى الآن.
“ما هذه الصناديق؟!”
سألتُ مذهولة، فأجاب سيـرويليان بهدوء:
“فساتين جاهزة، وقبعات وقفازات وأحذية مطابقة. هل يوجد قبوٌ يُمكننا استخدامه للتخزين؟”
“يوجد قبوٌ تحت الطابق الأول إذا رفعنا الأرضية… لا، انتظر! هذا ليس المهمّ الآن!”
منزلني يبدو كمنزل قديم بطابقٍ واحد من الخارج، لكن يوجد درج سرّي تحت طاولة الطعام يقود إلى قبو كنا نستخدمه لحفظ النقانق والنبيذ.
حين نطقتُ بكلماتي، اقتربت الفتاة ذات الشعر البنيّ، وأعينها تتلألأ كالنجوم.
“هذا مهمٌّ جدًا، سيدتي! من المهمّ أن أعرف مثل هذا المكان السرّي إذا كنتُ سأقوم بحمايتكِ.”
“تحمينني؟!”
كانت أقصر مني. أقرّبت مني فجأةً حتى تراجعتُ خطوةً للخلف من التوتر. ابتسمت وقالت:
“أوه، لقد تأخّرت في التعريف عن نفسي! أرجو أن نعتني ببعضنا، سيدتي. اسمي كاليما، وسأتولّى مسؤولية حياتكِ بالكامل من الآن. لا تقلقي بشأن الخيمة في الحديقة. فذلك سيكون مكان إقامتي!”
“هاه؟!”
نظرتُ إلى الحديقة، وإذا بي أرى خيمة على شكل خيمةٍ هندية بجانب طاولة الشاي. بينما كنت أرتبك من الضيفة الجديدة المفاجئة، قال سيـرويليان بصوته الهادئ:
“كاليما مرتزقةٌ ماهرة. يمكنكِ الوثوق بها والاعتماد عليها. و…”
“أرجو التوقيع، سيدتي!”
“… كما أنّها من أشدّ معجبيكِ.”
ما قدّمته لي كاليما كان نسخةً من مجلّة الفضائح التي أُصدر فيها مقالي الأسبوعي “أخبار من المجتمع الراقي”.
‘توقيع؟!’
كان الأمر مربكًا للغاية. لكن كاليما لم تُعطني فرصةً لاستيعاب ما يحدث، وراحت تتحدث بسرعة:
“أنتِ عبقريةٌ، سيدتي! لا تتخيلين مدى انتظاري كل أسبوع لقراءة مقالكِ عن الحماة السيئة وزوجة الإبن البائسة!”
“أوه… شكرًا لكِ على كلّ حال.”
أن ألتقي بأحد المعجبين فجأة؟! لم أتوقّع هذا قطّ.
وقبل أن أستوعب شيئًا، وجدتُ نفسي أُوقّع على غلاف المجلة بالقلم الذي قدّمته لي.
بينما أنا كذلك، قال سيـرويليان وهو يجلس على الأريكة:
“كاليما بارعةٌ في استخدام يديها، كما أنَّ مهاراتها في السيف ممتازة. بالتأكيد ستكون عونًا كبيرًا.”
إذا كان هو، الذي لا يعرف المجاملة، يقول هذا… فلا بدّ أنّها حقًّا موهوبة.
لكن، براعتها شيء… ووجودها في حديقتي شيءٌ آخر تمامًا.
“سيـرويليان، لقد عشتُ حياتي وأنا أعتني بنفسي جيدًا. لستُ بحاجةٍ إلى من يحميني.”
فأجاب وكأنّه كان يتوقّع ذلك:
“لكن في هذا المنزل يوجد جوهرة العائلة: الياقوت الأصفر. من الطبيعي أن نوفّر حراسةً مشدّدة.”
“… أوه، هذا صحيح.”
الياقوت الأصفر.
‘ربّما هناك من يسعى خلفه فعلًا.’
وبينما كنتُ أتردّد عاجزةً عن الردّ، تمتمت كاليما إلى سيـرويليان:
“رائع، قائد الفريق يكذب ببراعة. وكأنّك تهتمّ بالجوهرة أصلًا.”
“اشش.”
ما الذي يخططان له معًا؟!
‘هل هي مؤامرة؟!’
ضيّقتُ عينَي بشكّ، فقالت كاليما وهي تبتسم بوجهٍ ودود.
“تحدّثي براحة، سيدتي. فأنا خادمتكِ الآن.”
“فجأة تقولين هذا…”
حين لم أبدُ مقتنعة، غيّرت نبرتها فورًا.
“أو فكّري بي كصديقةٍ جديدة. صديقةٌ اشتراها زوجكِ الثري والمكروه عنوةً.”
“عبارةٌ قاسيةٌ فعلًا.”
زوجٌ ثريّ ومكروه؟!
كان وصفها لسيـرويليان لاذعًا للغاية حتى ضحكتُ رغمًا عنّي.
دفعتني بخفّة من ظهري وقالت:
“نُكمل الحديث لاحقًا! عليكِ أن تستعدّي الآن. اليوم يومٌ مهم!”
“ماذا؟ ما الذي يحدث اليوم؟”
“اليوم سترتدين هذا الفستان لأوّل مرّة.”
فتحت كاليما أكبر صندوقٍ مِن بين الأكوام. بداخله كان الفستان الأخضر الذي طلب سيـرويليان من المصمّمة أن تُعدّه شخصيًا، بقبةٍ عريضة وتنانير منتفخة.
اتّسعت عيناي وقلتُ بدهشة:
“لا تُخبرني إنَّ اليوم هو اليوم الذي سأقابل فيه دوق لوك؟!”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"