في جزر الأوركيد الجنوبية يكون لون البشرة هذا شائعًا، لكن في إيفانيس يبدو نادرًا. لذلك، كانت الأحاديث حول الأخت الأصغر المختلطة للدوقة بيرك تنتشر بخفوتٍ بين من حولهم.
مع ذلك، لم يكن هناك من يتحدث بهذا الصراحة، إلا أمام الملك ربما. فهنا، أليس اجتماع إليونورا؟
إذا لم تكن هناك الماركيزة فلاندر، فهذا يعني عمليًا أن هذه الدوقة هي التي ستقود الاجتماع لسنواتٍ قادمة على الأقل.
عندما حرك الناس أعينهم بتوجس، أسرعت لورا أيضًا لتغطية كلامها بسرعة.
“مثلًا، هذا ما قلتُه فقط. لو قيل بهذهِ الطريقة، يمكن أن يُساء فهمه على أنه حديثٌ عن الدوقة، صحيح؟ كل ما قلته كان مجرد شعورٍ بالأسف تجاه زميلٍّ كان يُحاول توفير المال ويأكل في مطعم البحرية.”
“مهما كان من يكون، ألا تظنين أنه من الأفضل التوقف عن الحديث عن أشخاصٍ غير موجودين هنا؟”
عندما تدخلت ثيودورا غير قادرة على التحمل، بدا أن الآخرين شعروا بالراحة قليلًا. ابتسمت لورا وهي تغطي فمها بخجل.
“هل نكمل العمل إذن؟”
تحولت الأجواء بسرعةٍ مذهلة. من يراها قد يتساءل: هل يبذل الناس كل هذا الجهد لحفل دبلوماسي؟
تنهدت ثيودورا وجمعت الأواني المتبقية. يا ليت الحفل ينتهي بسرعة. في هذه اللحظة، من المؤكد أن كل النساء في هذا الاجتماع يتمنين نفس الشيء.
إليونورا، على أيّ حال، تجمع النساء القادرات على الاعتماد على أنفسهن، لذلك كانت ظروف كل واحدةٍ مختلفة، والأشخاص المتورطون متعددون.
“ماذا عن حفل الاستقبال، كيف سنقوم به؟”
خرجت ثيودورا من تفكيرها. كانت لورا دي غوتيا مبتسمةً بجانبها.
“…هذا ليس من قراري. يجب أن يتم ذلك عندما تكون الماركيزة فلاندر حاضرةً.”
ابتسمت لورا ابتسامةً أوسع عند سماع ذلك.
“حسنًا، هذا مجرد رأيي… لكن يبدو أن هناك فرصةً أثناء الحفل.”
ثيودورا لم تجب، بل نظرت حول قاعة البريق. لم يكن الأمر مقتصرًا على لورا دي غوتيا فقط. كان هناك عددٌ من الشخصيات التي وصلتها يد الملك.
على أيّ حال، لم يكن أمامها سوى إنجاز ما يجب القيام به.
ولكن من بين الجميع، كانت ثيودورا تعتقد بثقةٍ أن موقفها هو الأصعب الآن.
***
سبب صعوبة موقف ثيودورا بسيط.
الأمر ليس إلا أن مهمتها كانت حماية إيزابيلا لا غلينترلاند في إيفانيس.
عادةً، يرافق الوفد الدبلوماسي حرسٌ من الحرس الملكي. لكن بفضل إساءة العميد بيرك، تم نقل المهمة إلى الجيش.
بعد عدة مراحل، تولت ثيودورا وبعض ضباط الجيش الإناث حماية إيزابيلا لا غلينترلاند.
لذلك لم تكن موجودةً في سيلتي، مقر الجيش، بل في القصر الملكي.
‘تبًا.’
تبقى يومان فقط حتى الحفل. بالإضافة إلى أعمال إليونورا، كان على ثيودورا الوفاء بمهمة الحماية.
عادةً، كانت مهمتها في الجيش تتعلق بتدريب الجنود وتفقدهم. لكن فجأةً أصبحت حارسةً لشخصٍ واحد.
الاعتناء بشخصٍ واحد ليس بالأمر السهل على من لم يعتد عليه، والأسوأ من ذلك أن إيزابيلا كانت بارعةٌ في التملص من الحراس.
“أوه، آسفة، حدائق القصر جميلةٌ جدًا فمشيتُ بدوّن أن ألاحظ.”
“كنتُ أبحث عن المرحاض وأضعت الطريق!”
“آه، لم أرد أن أشرك الجيش بأكمل أموري الشخصية.”
كانت الأعذار متعددة. لم تستطع ثيودورا معرفة إلى أين تختفي إيزابيلا. كانت حذرةً، لكنها لم تستطع الإمساك بها أبدًا.
أوقات غيابها مختلفةٌ. أحيانًا ساعة، وأحيانًا نصف يوم.
يبدو أنها لا تخرج من القصر، لكن هذه الأمور عادةً ما تتم سرًا، وإذا أرادت إيزابيلا الاختفاء عمدًا، فمن الطبيعي ألا تعرف ثيودورا شيئًا.
“دوقة غلينترلاند، إذا تكرر تهربكِ من الحماية، سأعتبره تصرفًا تجسسيًا.”
رغم تحذيرها، كانت المرأة تتملص بخداعٍ أكثر.
وبالنتيجة، قل نومها. حاول الآخرون الذين يحرسون إيزابيلا نصحها بالراحة، لكنها لم ترغب بذلك.
ما تعلمته ثيودورا من الدروس في الفوج الثامن هو: ‘التراخي يعني أنك ستخسر بلا شك.’
لكن هذا الملك، على ما يبدو، كرّس كل شيءٍ للتراخي.
عندما أبلغت الرؤساء، كانت الإجابة سخيفةً: ‘لقد جاءت إلى إيفانيس، ولم تنتبهي لمشاعر المرأة التي رُفضت في عرض الزواج؟ من الطبيعي أن تختبئ في ظل الحديقة عند انزعاجها…’
لأول مرةٍ شكّت ثيودورا في جنسها. هي تشرب حين تكون غاضبة.
لكن لم يكن بمقدورها أن تقول: “يبدو أن لديكم سوء فهم بشأن النساء، يا صاحب الجلالة، وربما تحتاج إلى دراسة التجسس أيضًا.”
على أيّ حال، فكرت في أنه ربما يمكنها الاعتماد على حُسن نية زملائها اليوم فقط…
“هاهاها! رؤية الدوق تجعلني سعيدًا اليوم.”
رؤية الملك يتردد في غرفة إيزابيلا لا غلينترلاند تحت ذريعة الاجتماع كانت تجربةً مزعجة.
كانت تعرف جيدًا أن الرجال، حتى لو كانوا متزوجين، يلتفتون إلى أماكن أخرى.
وبعضهم يتفاخر بسلوكهم السيء مع بعضهم البعض.
فماذا عن الملك الذي فقد زوجته قبل سنوات؟ إنه أمرٌ لا يُصدَّق.
‘كان من الأفضل أن أنام.’
ثيودورا فكرت بذلك بصمت، بينما وضعت إيزابيلا يديها معًا وسألت:
“كيف تسير الأمور التي طلبتها مني؟”
صدر إيزابيلا مكشوفًا بشكلٍّ واضح، والنظر إليه جعل الملك يضحك بسخافة.
‘يا إلهي، هؤلاء الرجال في العائلة الملكية يحبون نساء غلينترلاند بطريقةٍ مرضية.’
يستثنى الدوق بالطبع.
‘كان يجب أن أخلع نظارتي.’ فكرت ثيودورا بصمت. بغض النظر، كان الملك يبتسم على الدوام.
“الماركيزة فلاندر ستحلها جيدًا.”
“أوه، شكرًا جزيلاً…”
لو كان سيزوجها إلى أخيه غير الشقيق لكان أفضل.
الجمع بين امرأةٍ ترغب في الاعتماد على شخصٍ ذي سلطة والسلطة نفسها كان شائعًا، لكنه لم يكن منظرًا جيدًا.
كانت ثيودورا مجرد مراقبة بصمت، وهي تحدق من النافذة.
التعليقات لهذا الفصل " 75"