ما أن فتحت عيني حتى اجتاحتني دوخة عارمة وغثيان لا يُطاق.
“أووغ…”
تقيأت جافًا وأنا ملقاة على الأرض.
انعكاس الأضواء على البلاط الأملس اللامع دخل بصري… لكن أين أنا؟
حتى الالتفات حولي لم أقدر عليه.
“هل أنتِ بخير؟ هل تشعرين بسوء شديد؟”
كان صوت بايك هيدو يأتي من خلفي.
عندها فقط تذكرت… لقد سحبني معه بالانتقال الفوري.
تمتمت بصوت متحشرج:
“كأن أحدهم يمسك دماغي ويخضّه بعنف…”
حتى كلمة بخير لم أستطع قولها، لا بد أن وجهي كان شاحبًا كالموتى.
رفعني من الأرض برفق وأجلسني على كرسي أمام مكتب.
“ستتحسنين سريعًا.”
لكن جسدي خانني… فانحنيت على الطاولة مباشرة.
“…جسدي لا يطيعني. هل حدث خطأ ما؟”
كنت متراخية مثل خضرة مسلوقة، أشتكي وأنا لا أملك حتى القدرة رفع إصبع، لكن لساني ما زال يعمل.
“ربما نسيت شيئًا في الطريق…؟”
ضحك بخفة على قولي.
“لا تقلقي. إنها أعراض طبيعية مع الانتقال الفوري. يبدو فقط أن مقاومتك أقوى من المعتاد.”
“وأنت تبدو في غاية العافية.”
“بالطبع، إنها قدرتي.”
ما زلت ملتصقة بالطاولة، أحرك شفتي فقط:
“مثل السائق… لا يصاب بدوار القيادة، أليس كذلك؟”
مد أمامي قدحًا، كان فيه ماء على ما يبدو.
بمجرد أن لمحته، اجتاحتني عطش قاتل.
لقد قضيت يوما كاملا بلا طعام أو شربة ماء.
مددت ذراعي المرتجفة، لكنه التقطها ووضع الكوب في يدي.
“تمنيت لو كان الأمر كذلك… لكن الحقيقة أنني اعتدت عليه مع الوقت. كنت أتقيأ بشدة في البداية.”
“أنت؟ بايك هيدو؟”
“نعم. عندما استيقظت لأول مرة. قدرتي كانت أقرب إلى لعنة.”
قالها بصوت هادئ متأمل.
“لكن مع أي شيء… الممارسة تجلب التكيف.”
حتى من صار الأول في الترتيب مرّ بهذه البداية.
أمر بديهي… لم يولد مستيقظًا.
فجأة في الرابعة عشرة، وهو مازال صغيرا، انفجرت فيه قوة غريبة.
أتذكر وقتها المقالات: “أصغر مصنّف S في كوريا”.
وكنت أندهش لأن له نفس عمري بالضبط.
لم أتخيل أنني بعد سنوات سأُساق أمامه كمتهمة.
رفعت رأسي ببطء، شربت الماء.
شعرت أن جسدي يعود إليّ، وضباب عقلي يتبدد شيئًا فشيئًا.
اتسع بصري أخيرًا.
كان المكان أشبه بغرفة استشارات، الإضاءة خافتة، والمصابيح الدافئة تنشر نورًا لطيفًا.
على الجدار نافذة زجاجية ضخمة، خلفها سيول المتلألئة.
منتصف الليل تقريبًا، لكن المدينة ما زالت بحرًا من الألوان.
من العلو، يبدو أننا في الطابق الخمسين تقريبًا.
“تشون سُوري.”
التفت مذعورة.
هل ذكرت اسمي أمامه؟
“بينما كنتِ فاقدة الوعي، تحققنا من هويتك عبر بصمتك.”
فاقدة الوعي…؟ لا عجب أني لا أتذكر شيئًا من الطريق.
جلس أمام المكتب، ينشر أوراقًا أعدها مسبقًا.
“المنزل في هكتانغ-دونغ مسجل باسمك. تصريح الاستيقاظ نظامي أيضًا.”
“طبعًا.”
“هويتك سليمة. لا سجل جنائي. لم تُغرّمي حتى بمخالفة مرورية.”
أومأت بفخر صغير.
ربما لم أكن مثالية، لكني على الأقل لم أضر أحدًا.
ظننت أن الأمر انتهى، لكن عينيه ارتفعتا إليّ فجأة.
“لكن هناك سؤال واحد… يخصك أنتِ يا تشون سُوري.”
ها قد جاءت اللحظة.
وضعت الكوب على الطاولة، والماء يرتجف فيه.
حلقي جاف كالصحراء.
هل سيسأل: “ما معنى بيانات الوحش في نافذتك؟”
أم “أأنت حقًا زعيمة الطابق الأخير؟”
أم “هل ستضحين بنفسك من أجل البشرية؟”
إن كانت إحدى هذه… ربما سأكسر النافذة وأهرب.
لكنه قال شيئًا مختلفًا كليًا:
“لماذا لم تنضمي إلى أي نقابة؟ وأنت مستيقظة.”
“هاه؟”
شهقت بدهشة… ثم تنفست بارتياح.
ليس عن البرج إذًا.
يبدو أن النظام حقًا لا يكشف أكثر من بيانات أساسية.
لكن… مهلاً. أليس من المفترض أن تكون لديّ سجلات في نقابة توشين؟
“لا يوجد أي سجل؟”
“صحيح.”
أجاب من فوره.
غير ممكن!
حتى لو أرادوا محو اسمي، فإدارة الرقابة لا يمكن اختراق بياناتها.
ثم أدركت الحقيقة.
ذلك الوغد، باك كي هيوك… لم يسجّلني من الأساس.
ظننت أنني كنت عضوة، لكنني لم أكن من جماعتهم قط.
الخذلان القديم عاد يتفجر في صدري.
أنهيت الكوب بضربة، ووضعته بقوة.
“لا سبب محدد. فقط لم أرَ حاجة لذلك.”
“ولماذا؟”
سأل بهدوء، ثم أضاف بلطف:
“لا أتهمك. مجرد فضول. الانضمام يمنحك امتيازات كبيرة.”
كان محقًا. حتى ذوو الرتبة F في نقابة صغيرة يعيشون أفضل من أي مواطن عادي.
التأمين، الرعاية، المكافآت… كلها مغرية.
لكنني لم أفعل.
السبب واحد: أخي عارض بشدة.
“أي شيء غير مهم. افعلي ما شئت. لكن النقابة… لا. أرجوك لا. لا أريدك أن تقتربي من عالم الصيادين إطلاقًا. أريدك أن تعيشي كإنسانة عادية.”
أتذكر حينها وجدت وجهه صلبًا كالصخر، لم أرَه بهذا الإصرار من قبل.
“لقد كبرت. لا أستطيع الاتكال عليك للأبد.”
“أفهم… وأعرف شعورك. لكن، فقط… فليكن طلبي الأخير.”
لم أستطع سوى الاستجابة له.
قلت لهدوء:
“بصراحة… عائلتي لم تسمح. أرادوا أن أعيش حياة عادية.”
“عائلتك؟ تقصدين تشون دان يونغ؟”
قلّب ملفاتي وهو ينطق الاسم. أومأت.
بدت على وجهه رغبة في قول شيء آخر، لكنه صمت.
ساد جو ثقيل غير مفسَّر.
عيناه مثبتتان على المكتب، يغوص في أفكار لا أعرفها.
انتظرت بصبر.
وفجأة، خطر لي: “مهلاً… لم يسجلوا وفاة أخي كما يجب.”
لم أكن أعلم أنه مات، فكيف كانوا سيسجّلون؟
وذاك الوغد باك كي هيوك لم يكن ليهتم.
في زمن الانهيارات والاختفاءات، كم من شخصٍ مات ولم يُتحقق، أو عاد بعد ظنهم أنه مات… أو عاد على هيئة وحش متنكر.
لم يكن غريبًا أن تكون سجلات الموت مهلهلة.
كل شيء فوضى. كم من شيء يجب إصلاحه؟
حينها، وبعد صمت طويل، رفع بايك هيدو رأسه فجأة وقال:
“أنتِ… تشبهين دان يونغ كثيرًا.”
♤♧♤♧♤♧♤
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 19"