لم تمضِ فترة طويلة حتى عثرتُ على المنزل الذي كنت أعيش فيه.
مبنى فيلا من الطوب الأحمر بثلاثة طوابق، يقع خلف المكتبة.
رغم وجود بعض الشقوق المتفرقة على جدرانه…
“بالمقارنة مع بقية منازل هذا الحي، فهذا في وضع جيد جدًا.”
فقد تحطّم نصف مباني الحي تقريبًا، ويُعدّ مجرد بقاء المبنى محافظًا على شكله ضربًا من الحظ العظيم.
صعدتُ الدرج بخطوات حذرة حتى وصلت إلى الطابق الثالث.
هناك، أمام الباب، وُضعت أصيصات فارغة.
وتحتها، ما زالت مفاتيح البيت مخبّأة في مكانها القديم.
كما لو أن الزمن قد توقّف.
فتحتُ الباب بحذر ودخلت.
المشهد المألوف عاد إلى بصري.
المنزل كان مغطّى بالغبار، قديماً وفوضويّاً، لكنه بدا وكأن الزمن قد تجمّد، حابسًا الذكرى كما هي.
اليوم الذي غادرت فيه هيكتانغ دونغ مع أخي، أعدت النظر في كل زاوية من هذا المنزل لأحفظها في عينيّ، وها هي الآن كما تركتها تمامًا.
على الجدران بقيت آثار القياسات التي كانت تسجّل طولنا ونحن أطفال، وبقايا رسومات مشاغبة.
وفي خزانة محطمة وُجدت صورة عائلية.
داخل إطار صغير لا يتجاوز حجم الكف، كانت وجوه لا تُنسى تحدّق بي.
أمي، أبي، وأخي.
عندما غادرت لم أحمل معي أية صورة متعمّدة.
كنت أريد أن أنسى.
كنت أظن أن النسيان هو السبيل الوحيد للعيش.
في الحقيقة، شعرت أنّني لو لم أنسَ فلن أستطيع العيش.
لكن… آه، كم ندمت.
أعدتُ الإطار إلى مكانه.
العودة إلى هذا المكان الذي عشت فيه مع عائلتي، جعلت الذكريات تهاجمني بلا رحمة.
غير أنني حاولت أن أدفن مشاعر الحنين.
فكيف لي أن أبكي في حين أنّ عليّ أولًا أن أنتقم من أولئك الشياطين، توشين، الذين استغلّوا أخي كطُعم لاصطيادي في فخّهم؟
الدموع… يمكنها أن تنتظر حتى أُنهي انتقامي.
“أولًا، فلأبدأ بالتنظيف بدل التفكير.”
فالعمل الجسدي هو أفضل وسيلة لطرد الأفكار، كما أنّه ضرورة لتفادي الاختناق من الغبار.
* * *
لم أتمكّن من جعله نظيفًا كمنزل جديد، لكنني على الأقل استطعت أن أرتّبه إلى حدّ ما.
“ها أنا ذي، أخيرًا أملك مأوى خاصًا بي.”
لطالما عشت بشعور الضيف في منازل الآخرين.
بل في الواقع كنتُ حقًّا في بيوت غيري.
خصوصًا عندما كنتُ في سكن نقابة توشين.
رغم أن المرافق كانت متطوّرة كأي نقابة كبرى، إلا أن سوء المعاملة والأعباء التي ألقيت عليّ جعلت المكان أشبه بسجن.
افترشت الأرض بإزار قديم، وما أن تمدّدت حتى اجتاحتني موجة من التعب والجوع.
منذ أن خرجت من البرج، لم أتناول شيئًا، فكان من الطبيعي أن يطالب جسدي بالطعام.
لكن، لشراء الطعام، فلا بد لي من الذهاب إلى البلدة المجاورة.
والأمر لا يتوقف على الطعام، فحتى الضروريات اليومية كلها كذلك.
لم أفكّر في هذه التفاصيل الواقعية من قبل.
لا يمكنني الاعتماد على التنقّل عبر أنفاق المترو في كل مرة.
“مهلًا… ماذا لو استخدمتُ البرج نفسه؟”
خطر لي فجأة ذلك.
قد أستطيع استعماله كبوّابة انتقال.
عندما تشرق الشمس سأجرب ذلك.
استرحت قليلاً، ثم أخرجت هاتفي.
الآن وقد وجدت مأوى، حان وقت التفكير في الخطوة التالية.
فتحت الإنترنت لأطّلع على الوضع الخارجي.
المجتمعات الإلكترونية كانت تعجّ بالأحاديث عن حادثة الشقوق الطارئة التي عايشتها اليوم.
[عنوان: ثلاثة شقوق طارئة تظهر في قلب سيول في وقت واحد]
(صور)
(صور)
(صور)
ما الذي يحدث بحق الجحيم؟
خصوصًا عند تقاطع أودوك، مكان مكتظ بالناس.
لا أحد يجرؤ على تخمين عدد الضحايا حتى.
[التعليقات]
— ما هذا بحق…؟؟
⤷ شاهدوا الأخبار.
⤷ يا إلهي، خبر عاجل فعلاً.
— أنا كنت هناك اليوم؛ شعرت برعب لا يوصف.
— يا ويلي… وذلك مكان مليء بالمدارس، بل ظهر الشق خلال وقت خروج الطلبة!
— الشقوق الطارئة… لا يوجد حل لها.
— اللعنة…
— الخبر يقول أنه تم إنقاذ الجميع.
⤷ حقًا؟
⤷ الحمد لله… يا لروعة ذلك.
⤷ أن لا يكون هناك قتلى، هذا معجزة حقيقية.
امتلأت الصفحات بمثل هذه المنشورات.
تصفّحت الصور مرارًا لأتأكّد إن كنتُ قد ظهرت فيها.
لحسن الحظ لم يكن هناك أي صورة لوجهي أو لأي مدني آخر.
رغم كثرة الكاميرات، يبدو أن إدارة الأزمات قد تولّت التعتيم كما قال بايك هيدو.
لكن صوره هو كانت في كل مكان.
يبدو أنّه لم يستطع منع تسريبها، أو ربما استسلم لذلك.
المجتمعات امتلأت كذلك بالمنشورات عنه:
[عنوان: ما حدث اليوم في الشقوق الطارئة شيء أسطوري]
أتدرون أنه لم يُقتل أحد؟
كل هذا لأن بايك هيدو أنهى ثلاثة شقوق خلال 40 دقيقة فقط.
يبدو خيالًا، لكنه واقع.
[التعليقات]
— يا للجنون…
— حتى لو قالوا أنه قد أنهى واحدا في 40 دقيقة لما صدّقت، فما بالك بثلاثة؟
— يا هيدو… يا بطلنا…!
— المركز الأول ليس مجرد ترتيب، بل مستوى آخر كليًا.
— تخيّلوا لو لم يكن في كوريا؟ لكنا هلكنا.
— تزوّجني!
— كيف يمكن لإنسان أن يفعل هذا؟
— كأنه يلعب سبيدرن وحده.
[عنوان: بايك هيدو بطل حقيقي]
لنكن صادقين، ما الذي يميز إدارة الأزمات؟ مجرد قيود وإلزامات.
ومع ذلك، بقي فيها بايك هيدو.
كل كارثة يظهر في الصفوف الأولى.
انظروا إلى باقي المصنفين؛ كلهم أسّسوا نقابات ويجمعون المال فقط.
لكن اليوم، لولاه، لما نجا مئات الأشخاص الذين تورطوا.
[التعليقات]
— صدقوني، إذا ترك هيدو الإدارة، كوريا ستنهار.
— يجب إعادة التجنيد الإجباري لكل من هم أعلى من التصنيف A.
⤷ مهلاً، هذا ليس حلًا…
⤷ أنت تثرثر بلا منطق.
⤷ إلغاؤه كان له سبب وجيه أصلًا.
— نعم، هو عظيم، لكن هذا لا يعني أن نذمّ الآخرين.
⤷ دعه وشأنه!
— لكن لماذا بقي في الإدارة؟ مجرد فضول صادق.
[عنوان: لا شك أنه يعرف السبب]
فكروا لو دخل أو أسّس نقابة، كان سيكتسح الأبراج و الزنزانات.
هو ليس مبالغًا في تقديره، بل قدراته فعلًا مصممة لمداهمة الأبراح.
يستطيع بمفرده إنهاء مستوى خطر 11.
تخيلوا لو شكّل فريقًا كاملًا؟
لكن اتفاقية المستيقظين تمنع أي صيّاد تابع للإدارة من مداهمة الأبراج إلا في الكوارث.
هذا ما يبقي التوازن بين النقابات.
إذن، هو يبقى لأنه يعرف أن رحيله سيكسر التوازن.
[التعليقات]
— إذن هو المحافظ على التوازن بنفسه.
— ما هي هذه الاتفاقية؟
⤷ ببساطة، الإدارة قديمًا كانت تستنزف المستيقظين بنظام التجنيد الإجباري، مانعةً عنهم تأسيس النقابات، وتحتكر الأبراج والأدوات.
كان ذلك فعالًا لكن ولّد نقمة هائلة.
ثار البعض وأحدثوا كارثة.
فاضطرت الإدارة لتقليص تدخلها إلى الحد الأدنى.
— في النهاية، نحن نفسّر الأمور من وجهة نظرنا فقط… لكن ماذا عن مصلحته هو؟
⤷ ربما يفعلها لأنه يعتقد أنها الصواب.
⤷ أو لأن الإدارة تملك نقطة ضعف عليه.
⤷ هيدو؟ نقطة ضعف؟ لا أظن.
⤷ من يدري؟
[عنوان: في موقع الحادث اليوم]
هل كان هناك أعضاء من نقابة ساي يون هوِي؟ صحيح؟
أول مرة أرى هذه النقابة تتعاون مع الإدارة!
حتى لو استأجروهم، من أين للإدارة المال لذلك؟
ثم إن مستوى الخطر لم يكن مرتفعًا حتى.
ومع ذلك، ظهرت ما يونغ را بنفسها…!
[التعليقات]
— غريب فعلًا، ما الذي جاء بها؟
— لكن بفضلها، لم يكن هناك مصابون تقريبًا، ولا قتلى.
⤷ أحسنت صنعا هذه المرة.
— لا بد أن هيدو هو من دعاها؛ أليسا يتواعدان؟ ^^
⤷ هراء!
⤷ الجميع يعرف أن نظراتهما تلاقت يوم مداهمة القبر الملكي قبل ست سنوات.
⤷ يا رجل… وقتها كان قاصرًا.
⤷ وهذه الإشاعة لا تموت. ألا يخافون من دعاوى قضائية؟
⤷ حقًا يجب أن يُجرّم القانون هذا الافتراء السخيف على المصنفين.
[عنوان: لماذا سمعة ما يونغ را سيئة؟]
كونها موجودة في كوريا بحد ذاته معجزة.
فهي واحدة من أقل من عشرة معالِجين من الدرجة S في العالم.
وفوق ذلك، كانت ضمن الفريق الخماسي الذي داهَم القبر الملكي قبل ست سنوات وأنقذ البلاد من الانهيار.
فلماذا يعاملها الناس بجفاء؟
[التعليقات]
— قبل بضع سنوات، كان الجميع يقدّسها. لكن بعد أن أسست نقابة “ساي-يونهوِي”، انقلب الرأي العام.
⤷ ولماذا؟
⤷ لأنها جمعت جميع الداعمين تقريبًا، من معالجين ومساندين، بعروض مغرية. فارتفعت أسعار الدعم بشكل جنوني.
⤷ وأنت تعرف، لا يمكن مداهمة دهليز من دون معالج أو مُعزّز. فصرنا مضطرين للاستئجار مهما غلا.
— جشعة بحق… مهووسة بالمال.
— نقابة ساي يون هوِي يجب حلّها.
— أنا من فئة الدعم، وبصراحة لا يحق لكم انتقادها. قبلها كنا نتعرّض للاستعباد، يُعاملوننا كقطع غيار، بينما المحاربون يُعاملون كالملوك. نحن الأكثر عرضة للخطر في الزنزانات ، ومع ذلك الأدنى أجرًا. نقابتها منحتنا هواءا نتنفسه.
⤷ وماذا فعلتم؟ رفعتم الأسعار للسماء.
⤷ أنت لم تعش التجربة. الأمر يتعلق بحياتنا، لا بالمال فقط.
[عنوان: في موقع الحادث اليوم]
من كانت الفتاة الصغيرة التي كان “بايك هيدو” يحتضنها؟ أخته ؟ كان ينظر إليها بعين مليئة بالحنان.
[التعليقات]
— يا للحظ… تمنيت أن أكون مكانها.
— ليست أخته.
— صحيح، ليس لديه عائلة. ماتوا جميعًا.
⤷ ماذا؟ حقًا؟
⤷ يا إلهي…
⤷ ألا تعرفون حادثة نفق يونغان؟
⤷ أي حادثة؟ الحوادث كثيرة.
⤷ حسنًا، سأختصرها لكم…
♤♧♤♧♤♧♤
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 16"