“لمَ يا تُرى تتجسس ميلي مويسا على حديثنا هنا؟”
“ألم يُقال إن المرأة هي من تفهم قلب امرأة أخرى على أفضل وجه؟”
عندما سألت ولي العهد، أجاب بهذا الهراء، بل وأضاف أن الهدية كانت من توصية ميلي.
‘…حتى لو كنتُ بكامل صحتي، ألم يكن لديَّ كل الأسباب لكره تلك الهدية؟’
تساءلت أغاثا إن كانت قد أخطأت حقًا في ذلك الوقت. فجأة، وقعت عيناها على كومة من الوثائق موضوعة على المكتب.
نهضت من السرير، اقتربت، وتناولتها.
هذه الوثائق…
‘هذه مهمة.’
ربما أمسكت بها دون وعي وهي تغادر المكان في وقت سابق.
“التحضيرات لإقامة الدوق الأكبر في القصر الإمبراطوري… هذه مسألة شائكة للغاية.”
كويرون بالوالتو، الدوق الأكبر.
تذكرت صورة الرجل الشبيه بالوحش، ملفوفًا بمعطف فراء كثيف مزين بعُرف، فتقلصت عينا أغاثا.
“ذلك الرجل… ضخم، أسود حالك، ومخيف بطريقة ما.”
كان يحمل رتبة لا تقل عن العائلة الإمبراطورية، رغم أنه لم يكن من ذوي القربى المباشرة بها. لقد مُنحت هذه الرتبة منذ زمن بعيد لتكريم عائلة بالوالتو، التي كانت دائمًا تضع سلامة الإمبراطورية فوق مصالحها الخاصة وتحرس الحدود الشمالية.
بما أنه كان يقود أكبر جيش في الإمبراطورية، كانت الأسرة الإمبراطورية تحترس منه بحذر، ومع ذلك تعامله بأقصى درجات الاحترام.
كانت آخر زيارة له قبل ثلاث سنوات، وفي ذلك الوقت، وقعت مهمة استضافة الدوق الأكبر على عاتق أغاثا، التي كانت آنذاك وصيفة ولي العهد.
في التجمعات بين العوائل رفيعة المستوى، كانت أدق التفاصيل تحمل وزنًا كبيرًا، لذا كانت تهتم بكل شيء، حتى زخارف غرف الضيوف. خطأ تافه واحد قد يعود في اليوم التالي كانتقاد غير معقول على طاولة المفاوضات.
‘عاداتهم تختلف عن النبلاء العاديين، لذا يجب أن أكون حذرة بشكل خاص في توزيع الغرف، وأن أطلب من الطاهي العناية الخاصة بالسلطة التي تُقدَّم كمقبلات…’
مهلاً… لمَ أفكر في هذا مجددًا؟
هذه ليست حتى مسؤوليتي بعد الآن.
بصوت خافت، وضعت أغاثا الوثائق التي كانت تتفحصها بعناية على المكتب.
‘لا عليَّ. من بقي ورائي سيتولون الأمر بأنفسهم.’
وإن كانت الوثائق مطلوبة، فبالتأكيد سيطلب أحدهم إعادتها.
ما لم تستطع أغاثا تخيله بعد هو كيف أن هذا الأمر الذي تجاهلته بسهولة سيعود إليها ليطاردها.
***
الدوقة الكبرى السابقة، جانيت بالوالتو، نظرت إلى الرجل الوسيم أمامها.
طويل القامة، عريض المنكبين، ينضح بسحر ممزوج بالخطر. حتى نظرته المتثاقلة بدت كفخ مدبر.
رغم أنها رأت ملامح زوجها الراحل في ملامحه، إلا أن هذا الرجل كان يمتلك هالة أكبر تليق بدوق أكبر. ثم تحدث ابن زوجها، كويرون.
“طعم الشاي جيد.”
تكونت ابتسامة سلسة على شفتيه المتناسقتين.
“كدتُ أظن أنكِ قد سممتِ الكأس.”
“يا إلهي، لكنني أشرب منه أيضًا، أليس كذلك؟ بالتأكيد لا تعتقد أنني سأسمم الشاي الذي أشربه بنفسي؟ إنك حقًا مفرط في الريبة.”
ابتسمت جانيت له عمدًا بمرح وهي ترفع كأسها وتشرب. جذب الشاي بلون الياقوت الأنظار وهو يمر بشفتيها. بعد أن استمتعت برائحته، تحدثت مجددًا.
“سمعتُ أنك متجه إلى العاصمة.”
“نعم.”
“متى ستعود؟”
“لا أعلم. يعتمد ذلك على أهواء جلالته.”
كانت الدوقية الشمالية بعيدة عن المدينة الإمبراطورية. لتكريم جهود الدوق الأكبر في قيادة القوات والدفاع ضد التهديدات الأجنبية، ولكن أيضًا لمراقبته خشية أن يفكر في التمرد، كان الإمبراطور يستدعي أسرة الدوق الأكبر إلى العاصمة كل بضع سنوات.
كانت هذه الرحلة للورد الشمالي إلى العاصمة تقليدًا منذ تأسيس الإمبراطورية.
لذا كان سؤال جانيت عن الأمر لا معنى له؛ فكدوقة كبرى سابقة، كانت تعلم ذلك أفضل من أي أحد. ومع ذلك، سألته على أي حال، على الأرجح لأن…
‘الزواج على الارجح.’
ما إن فكر كويرون في هذا حتى تنهدت جانيت، كما لو أنها قرأت أفكاره.
“عندما تعود هذه المرة، دعنا نناقش الزواج. لقد مر وقت طويل منذ أن ورثت لقب الدوق الأكبر، وما زلت…”
قاطعها كويرون، بوجه يعبر عن الملل.
“سأتولى هذا الأمر بنفسي. كما أخبرتكِ من قبل.”
“حقًا؟ ألا يهمك أن الناس سيتحدثون عني، وأنا مع ابن زوجي البالغ الذي لم يتزوج بعد؟”
“هذا لا يزعجني.”
“ليس وكأنه لا توجد آنسات مناسبات. لمَ تبقى بعيدًا هكذا، رغم مكانتك وثروتك؟”
نظرت إليه جانيت بقلق، ثم تغيرت تعابيرها.
“بالمناسبة، ابنة أختي قد جاءت للإقامة هنا. لقد كبرت الآن. كانت فتاة جميلة حتى وهي طفلة.”
“قلتِ إنكِ دعوتِها لأنكِ اشتقتِ إليها، لكن هذا كان السبب الحقيقي، أليس كذلك؟”
تكونت ابتسامة خافتة على شفتي كويرون، ابتسامة متضايقة. في اللحظة التالية، أراق عمدًا الشاي الذي كان يحمله على الأرض.
“ما…!”
وما زال ممسكًا بمقبض الكأس المتدلي، هدد:
“عند التفكير مجددًا، ربما كان هذا الشاي مسمومًا بالفعل. هل نستدعي محققًا للتحقق؟”
“كويرون بالوالتو!”
رفعت جانيت صوتها، مصدومة من سلوكه الخشن.
الآن وقد تحطم قناع السلام، لم يعد لدى كويرون حاجة للحفاظ على ابتسامته المثالية.
تلاشت الابتسامة الخافتة من وجه الرجل، تاركةً إياه صلبًا وباردًا.
“التظاهر بأنكِ أم حنونة لا يليق بكِ. يبدو أنكِ انتهيتِ مما كنتِ تريدين قوله، لذا سأغادر. فكما أن ذلك لا يناسبكِ، فإن التمثيل ليس من طباعي أيضًا.”
بصوت خشن لاحتكاك الكرسي بالأرض، نهض كويرون واقفًا.
“…شارلوت مورو.”
بينما كان يهم بالمغادرة بخطوات واثقة، توقفت خطاه فجأة عند سماع الاسم. كانت تلك اللحظة التي كانت أمه تنتظرها، فانفرجت شفتاها بابتسامة عريضة.
‘تصرف كما شئت بعجرفة، لكن قلبك شفاف أمامي. تريد أن تجعل زوجتك امرأة لم تمتد إليها يدي بعد.’
“كما هو متوقع من اختيارك، الآنسة من عائلة مورو حقًا جديرة بالإعجاب. كنتُ أخشى أن يخلو قصر الدوقية في غيابك، لكن مع شارلوت الصغيرة إلى جانبي، سأجد رفيقة ممتعة.”
‘لكن يا كويرون، ولسوء حظك… أنا ما زلت أسبقك بخطوة.’
ارتشفت جانيت رشفة أخرى من شايها وابتسمت بمرح.
“سافر بأمان، يا كويرون. أتمنى أن تكون زيارتك المنتظرة طويلًا إلى العاصمة ممتعة للغاية.”
ذلك الوجه المقنَّع بالطيبة الزائفة كان لا يُطاق على الإطلاق. دون رد، استدار كويرون على عقبيه.
لقد حان وقت المغادرة إلى العاصمة الإمبراطورية.
***
وقفت ميلي أمام نوافذ الزجاج الملون في الكنيسة الصغيرة، مغمورة بالضوء.
‘أشعر وكأنني قديسة من الكتب المقدسة.’
عبثت بالحجاب الملفوف فوق رأسها.
“في السابق، لم يُسمح لي حتى بدخول هذا المكان. يا لها من لحظة مؤثرة.”
“الآن، كل شيء يخصكِ، يا أميرة.”
تحدثت خادمتها المخلصة، التي تبعتها طوال الطريق من عائلتها، بنبرة مفعمة بالعاطفة وهي تمسح دموعها.
عندما رأت ميلي الفتاة تمسح عينيها بمنديل، انفرجت شفتاها بابتسامة مشرقة.
“يا لكِ من سخيفة، لمَ تبكين؟ في مثل هذا اليوم السعيد.”
والآن، من سيجرؤ على قول شيء، حتى لو جاءت وذهبت من هنا كما يحلو لها؟
كانت ميلي الأكثر حبًا لدى ولي العهد، والمرشحة الأقوى لتولي مكان أغاثا التي تخلت عن لقب ولية العهد.
تذكرت وصولها الأول إلى القصر الإمبراطوري.
***
على عكس الأراضي الجليدية القاحلة التي مرت بها من قبل، كان هذا المكان دافئًا، فخمًا. كان الناس يتجولون في القصر بملابس أنيقة، ينضحون بحيوية راقية.
ومع ذلك، كانت أيضًا أرض القلوب الباردة.
في ذلك اليوم، كان يوم قداس إمبراطوري.
‘كم ستكون السيدة أغاثا سعيدة برؤية اميرة مثلي. بالتأكيد، سترغب في أن نصبح صديقتين.’
كانت أغاثا لابيلوس، التي تليق بلقب ولية العهد المستقبلية، محاطة بعدد من الآنسات من عائلات نبيلة قوية.
بينما كان المصلون يغادرون الكنيسة الصغيرة، رصدت ميلي أغاثا واستقبلتها بابتسامة مشرقة.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات