دخل الخادم وجلس أمام الدوق والدوقة يقبعان جنبًا إلى جنب، وقد بدا عليه التوتر الشديد.
وكانت إيرين تجلس بين الزوجين، في قلب الموقف.
قالت إيف بهدوء:
“ديفين، استدعيتك لأتحقق مما سمعته من إيرين أمس، هل ما قالته صحيح؟“
ثم شرعت بهدوء تسرد ما أخبرتها به إيرين، ومع كل كلمة، كان لون وجه ديفين يزداد شحوبًا.
لكنه سارع إلى الدفاع عن نفسه.
“أنا مظلوم! لم أفعل شيئًا من هذا القبيل…!”
صرخت إيرين فجأة، ونهضت من مكانها:
“كاذب!”
قالت ذلك بغضب وانفعال.
“إيرين! اجلسي بهدوء.”
قالت إيف وهي تمسك بمعصمها، ترسل إليها نظرة صامتة تحمل أمرًا بأن تهدأ وتجلس.
امتلأت عينا إيرين بالدموع في لحظة.
قالت إيف بصوت أكثر صرامة:
“إذن أخبرنا، ماذا حدث بالأمس؟“
لم يلاحظ ديفين التغير في نبرة صوتها، فأجاب بسرعة:
“ألقت الآنسة شيئًا نحوي بعشوائية، فأخبرتها ألا تفعل ذلك لأن ذلك قد يؤذيني.”
“وماذا قلت لها تحديدًا؟“
“ربما… قلت لها شيئًا مثل ‘إذا رميتِ بهذه الطريقة فقد تؤذين الناس، لا ينبغي لكِ فعل ذلك.'”
“وما الشيء الذي رمته عليك؟“
“أظن أنه كان مكعبات ألعاب.”
“همم، فهمت…”
ابتسمت إيف بهدوء وهي تضع فنجان الشاي جانبًا.
“غريب… مكعبات الألعاب ليست في غرفة إيرين، بل في غرفة اللعب.”
وكانت الحادثة قد وقعت في غرفة إيرين.
“آه… الآن حين أفكر، أظن أنها لم تكن مكعبات بل كانت دمية.”
“هل كنت تحت تأثير الكحول البارحة يا ديفين؟“
“ماذا؟! لا، أنا لا أشرب أثناء نوبات العمل!”
قالها بدهشة واضحة وهو يرفع صوته.
“غريب فعلًا… كيف يمكن للمرء أن يخلط بين مكعبات صلبة ودمية لينة؟“
“أعتقد أنني ارتبكت بسبب سحر الآنسة المفاجئ، فاختلط علي الأمر.”
آه، هكذا إذن…
يريد أن يلقي باللوم كله على إيرين.
شعرت إيف من جانبها بطاقة عدوانية هادئة، فالتفتت تلقائيًا في ذلك الاتجاه.
كانت عينا باليريان الزرقاوان مثبتتين على ديفين، لا تتركه لحظة.
شعرت إيف أنه إن استمر الأمر هكذا، فقد يُقدم باليريان على اقتلاع لسان الخادم بنفسه.
‘هل أتركه يفعل ذلك ببساطة؟‘
خطر هذا في بالها لوهلة، لكنها تمالكت نفسها بقوة جبارة.
وبدلًا من ذلك، حركت الجرس الصغير الموضوع على الطاولة.
فُتح الباب بحذر، ودخل رجل إلى الغرفة.
ارتبك ديفين بشدة حين تعرف على الرجل.
ابتسمت إيف وقالت:
“تعرفه جيدًا، أليس كذلك؟ زميلك في العمل من نفس الجناح، بل ويسكن معك أيضًا، إنه روبرت.”
ثم وجهت كلامها إلى الرجل:
“روبرت، هلّا رويت لنا ما شهدت به البارحة؟“
“نعم…”
قال روبرت الذي كان واقفًا بتردد قرب الأريكة.
في ظهيرة البارحة.
كان روبرت في إجازة، وعاد إلى الغرفة فوجد ديفين قد سبقَه إليها، فتعجب، لأن ديفين عاد قبل موعده الطبيعي بست ساعات على الأقل.
“ما الأمر اليوم؟ هل أنت مريض؟“
أجاب ديفين بابتسامة ماكرة:
“لا، فقط لقّنت تلك الصغيرة المتذاكية درسًا.”
“الصغيرة… تقصد الآنسة إيرين؟“
“نعم.”
لم يستطع روبرت فهم ما يقصده.
كيف لخادم أن يلقّن الآنسة درسًا؟
تذكّر روبرت مدى تبجح ديفين وادعاءاته المستمرة، فضحك ساخرًا:
“كفّ عن هذه الأكاذيب. من تظن نفسك حتى توبّخ الآنسة؟“
“ولِمَ تظن أنني عدت مبكرًا؟ حتى إنني حصلت على إجازة للغد.”
شعر روبرت أن هناك شيئًا غير طبيعي، فسأله:
“وكيف لقّنتها هذا الدرس؟“
“أعطيتها درسًا لا يُنسى.”
ثم أخذ يسرد تفاصيل ما حدث، بكل فخر وبدون أدنى إحساس بالذنب.
“ألم تسمع أن من يتجاوز حدوده يُبغَض؟ تلك الصغيرة أصبحت تتطاول عليّ مستندة إلى خلفيتها، فاستفزَزتُها قليلًا، فما كان منها إلا أن استخدمت سحرها! تظاهرتُ بالخوف طبعًا.”
“هاي!…هل تعتقد أن هذا الأمر سيمرّ بسلام؟“
“وإن لم يكن كذلك، فما الذي سيحدث لي؟ من سيصدق الصغيرة التي تُعرف بسلوكها المتعجرف؟“
قهقه ديفين وضحك، ثم تمدد على سريره وهو مطمئن.
لكن بينما كان نائمًا، تلقى روبرت استدعاءً سريًا من الدوق والدوقة في منتصف الليل، وذهب إلى جناحهم.
وبعد استجواب مطوّل ومباشر، اعترف روبرت بكل ما سمعه من ديفين.
لم يكن الأمر صعبًا على الزوجين.
فقد وعدا روبرت، الذي كان والده يعاني من مرض خطير، بأن يوفرا له طبيبًا ماهرًا إن تحدّث بصدق.
وبما أن العلاقة بينه وبين ديفين لا تتجاوز الزمالة السطحية، فلم يتردد في قول الحقيقة.
“…وهذا كل ما قاله.”
ما إن أنهى روبرت شهادته، حتى رمقته إيف بنظرة باردة كالصقيع.
“أ… أنا آسف! لقد ارتكبتُ ذنبًا لا يُغتفر!”
جثا ديفين على ركبتيه تحت وطأة نظرات إيف وباليريان الحادة.
لقد وجد نفسه بين سيفين…
فارس الإمبراطورية الأعظم وسيدة القصر وساحرته العظمى.
تقدّم باليريان وقال ببرود:
“إن كنت ترى فعلتك تستحق الموت، فمت إذًا.”
لكن إيف قاطعته بحدة:
“ليس نحن من يجب أن تعتذر له… بل إيرين.”
كانت تدرك أن الاعتذار في هذا التوقيت لم يعد ذا قيمة، لكنّها كانت تأمل أن تتعلم إيرين من هذا الموقف كيف تحل الخلافات بالحوار.
وقد سبق أن أوصت باليريان بعدم التدخل، ولهذا ظل صامتًا حتى اللحظة.
تردد ديفين، ثم نظر إلى إيرين قائلاً بتكلف:
“…أعتذر يا آنسة.”
“همف.”
أشاحت إيرين بوجهها عنه بازدراء.
كان من الواضح أنها لا تريد حتى النظر إليه.
“اشرح لها بالضبط ما الخطأ الذي ارتكبته، واعتذر بطريقة لائقة.”
“أ… أعتذر لأني كذبت.”
عندها تلاشى الابتسام الخفيف الذي كان لا يزال يلامس شفتي إيف.
قالت بنبرة صارمة:
“الخطأ أنك تصرفت بتعجرف وحاولت فرض سيطرتك على طفلة. اعتذر عن ذلك.”
“أ–أعتذر لأني حاولت السيطرة على الآنسة–”
بووم!
“آه!”
قبل أن يُكمل، كانت قبضة إيف قد ارتطمت بوجهه بقوة.
سقط أرضًا وهو يصرخ، فألقت عليه نظرة ساخطة وهمست:
“فات الأوان، أيها الوغد.”
ثم راحت تركله بقدمها لتوقظه، وهي تتأفف من منظره.
“هيا، توقف عن التظاهر. انهض.”
بدا الجميع مذهولين من تصرف السيدة الجليلة، وكأنهم أمام شخصية أخرى بالكامل… باستثناء شخص واحد فقط.
باليريان، الذي ارتسمت على وجهه ابتسامة رضا، قال:
“ألم تقولي إنك ستحلين الأمر بالحوار؟“
“الحوار مجدٍ فقط مع من يفهم الكلام.”
أجابت وهي تزفر بسخرية، ثم أطلقت ضحكة خفيفة وهي تنظر إليه.
لكن الشخص الذي صُدم أكثر من أيٍّ كان… كانت إيرين.
فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي ترى فيها والدتها الجادة والرزينة دائمًا، تتصرف بهذه الطريقة.
فتحت عينيها على وسعهما وفمها فاغر من الدهشة.
“أظن أنه فقد وعيه حقًا…”
قالت إحدى الخادمات بحذر وهي ترى إيف تواصل ركل ديفين.
ردّت إيف بتهديد وهي تلوّح بيديها:
“إن كان يتظاهر فقط، فسأريه نوعًا جديدًا من السحر! وإن كان فضوليًا ليعرف كيف، فليبقَ مكانه.”
لكن ديفين لم يتحرك قيد أنملة.
“ما هذا؟ أيعقل أنه فعلاً أغمي عليه؟ لما هو ضعيف هكذا؟“
لكن باستثناء باليريان، لم يوافق أحد على وصف ديفين بالضعف…
فبعد أن شاهدوا قوة السيدة الجسدية، بلع الخدم ريقهم بتوتر.
“هل ما زال ديفين حيًا فعلًا؟“
لم يشعر أحد بالقلق فعليًا عليه، لكن الجميع أدرك أنه إن أخطأ أحدهم بحق الآنسة لاحقًا، فسيكون مصيره كمصير ديفين.
“إيرين.”
ناداها فاليريان بلطف.
“ن–نعم؟“
ارتجفت كتفا إيرين قليلاً وهي تستجيب لنداء والدها.
“هل فهمتِ الآن مشاعر أمك الحقيقية؟“
“نعم…”
أجابت بصوت خافت، وقد فهمت بالفطرة أن والدتها لم تكن تغضب منها يومًا بدافع الكراهية.
بل إن غضبها الآن في وجه الخادم كان مهيبًا ومخيفًا لدرجة أن ساقيها كادتا لا تقويان على الوقوف.
وأكثر ما أدهشها…
أن تلك السيدة الرزينة طرحت خادمًا ضخم البنية بضربة واحدة!
‘أمي… مذهلة حقًا!’
كانت عينا إيرين تلمعان وهي تحدّق بوالدتها بإعجاب.
بل كان الحماس بادٍ عليها بوضوح.
‘سأصبح ساحرة قوية مثل أمي!’
لكن إيف لم تكن تدري قط أن ابنتها في تلك اللحظة، قد قررت مصيرها…
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 118"