ابتسمت إيفلين ابتسامةً رقيقة، ثم نظرت إلى كاميلا التي كانت بجانبي.
أوه. أعرف هذا التعبير.
إنه التعبير الذي ارتسم على وجهها عندما رأتني لأوّل مرّة.
“لكنها أوّل مرّةٍ أراكِ.”
حدّقت إيفلين في كاميلا بنظراتٍ باردة.
“مَن أنتِ؟”
بدا على كاميلا بعض التوتر.
حسنًا، بالطبع.
أنا، قرويّةٌ ريفية، وإيفلين، ابنة الكونت فلوريا، أحد أركان الإمبراطورية.
كان من الطبيعي أن تكون أكثر توتّرًا وخوفًا أمام إيفلين فلوريا.
“مرحبًا … آنسة إيفرين. أنا كاميلا، فارسةٌ من فرسان الإمبراطورية.”
انحنت كاميلا، وكان تعبيرها مختلفًا تمامًا عن موقفها السابق تجاهي.
“آه. لا أعرف مَن أنتِ.”
تجاهلتها إيفلين بلا مبالاةٍ والتفتت إليّ. يا لها من رائعة!
“المهم، شارل؟ إلى أين كنتِ ذاهبة؟”
شبكت ذراعيها معي بلا مبالاة. أجبتُها وأنا أشبك ذراعها بإحكامٍ بخاصتي.
“حسنًا، كنتُ في طريقي إلى المنزل.”
“بالفعل.”
“التقيتُ بالآنسة كاميلا صدفة.”
“هل قابلتِها صدفة؟”
“تحدّثنا.”
“تحدّثتُما؟”
نفخت إيفلين بحنق ونظرت إلى كاميلا.
“عن ماذا كنتما تتحدّثان؟”
تردّدت كاميلا للحظة، ثم أجابت وهي تضم يديها.
“حسنًا، كنتُ أقول إنني واللورد لُــو أصبحنا صديقين في الشرب.”
تصلّب تعبير إيفلين. ثم أضافت كاميلا بسرعة.
“هاهاها. لا، النساء العاديات لا يستمتعن بالشرب كثيرًا. لهذا قلتُ إنني سأشربه من أجل اللورد لُــو.”
“النساء العاديات.”
ضحكت إيفلين وأومأت برأسها.
“هل تقولين أن الآنسة كاميلا تجد صعوبةً في قضاء الوقت مع النساء العاديات؟”
“نـ نعم؟”
“تقولين أنكِ لا تتفقين مع النساء عادةً، وأنكِ تشعرين براحةٍ أكبر مع الرجال؟”
شحب وجه كاميلا.
أجل. هذا ما قصدته! هذا ما شعرتُ بالإهانة منه!
“سواءً أمضت الآنسة كاميلا وقتًا مع الرجال أم لا، فهذا لا يعنينا، ولكن …”
شدّت إيفلين قبضتها عليّ.
“من الأفضل تجنّب قضاء الوقت مع الرجال المخطوبين.”
“….”
“لأن النساء العاديات لا يتصرّفن هكذا من باب الأدب.”
بعد أن وجّهت لكمةً أخيرة، ابتسمت إيفلين ابتسامةً مشرقة، كما لو أن تعبيرها لم يكن باردًا قط، وانحنت نحوي.
“هيا بنا، شارل.”
نظرتُ إليها، وعقدتُ حاجبيّ.
“آنسة إيفلين.”
“نعم؟”
“اشتقتُ إليكِ …”
حقًا.
إيفلين، منذ أن قابلتُ كاميلا لأوّل مرّة، وأنا أشتاق إليكِ.
ظننتُ أن إيفلين ستُهاجمني هكذا، مع أنني لم أكن لأستطيع حتى الكلام ضدها بشكلٍ صحيح.
“آه، أوه …”
أدارت إيفلين وجهها بعيدًا، واحمرّت وجنتاها.
في السابق، كنتُ أعتقد أنني أخطأتُ بكلمة، لكنني الآن أعرف.
إيفلين تشعر بالحرج.
“أنا … أنا أيضًا اشتقتُ إليكِ، همم؟”
لقد قرّرتُ الآن.
إيفلين هي مُنقذتي، نوري، شمسي التي لا تغيب.
“لم آتِ إلى هنا لأني شممتُ عطر الآنسة شارل أبدًا! كانت مجرّد صدفةٍ أن التقينا اليوم! صدفةٌ بحتة! فهمتِ؟”
هاهاها.
عانقتُ إيفلين بقوّة، التي كانت تقول شيئًا لم تقصدها، وأبطأتُ من خطواتي.
“لنذهب لنشرب القهوة!”
سأشتريها اليوم على حسابي.
همهمتُ.
* * *
في ركنٍ من أركان المقهى، على طاولةٍ بجانب النافذة.
جلس لُــو بهدوء.
لم يَفِ بوعده مؤخّرًا بسبب اجتماعه مع أدريان.
لذا، أخيرًا، حدّد موعدًا آخر وكان ينتظر دوره.
طرق، طرق.
لمس لُــو الجريدة نصف المقروءة ونظر من النافذة.
تحت سماء الغروب الطويلة، مرّ الناس في ضبابية.
نظر معظمهم إلى لُــو.
كان لُــو، الغارق في أشعة الغروب المائلة، ينضح بجمالٍ أكثر إشراقًا من أيّ وقتٍ مضى.
“سيد لُــو؟”
في تلك اللحظة، تحدّث أحدهم إلى لُــو. كانت شابةً ذات شعرٍ بنفسجيٍّ فاتحٍ مضفّرٍ على جانبٍ واحد.
“مرحبًا، لقد مرّ وقتٌ طويل.”
“آه …”
نظر لُــو إليها، وتردّد للحظة، ثم ابتسم ابتسامةً مشرقةً وأومأ لها.
“الآنسة جازمين.”
“أجل! هذا صحيح!”
صفّقت جازمين بيديها واقتربت من الطاولة، مسرورةً لأن لُــو تذكّرها.
“كيف حالك؟”
“بفضلكِ، أنا بخير. ماذا عنكِ، آنسة جازمين؟ تفضلي بالجلوس.”
“شكرًا لك. أنا أيضًا بخير.”
جلست جازمين مقابل لُــو وتابعت.
“هذه الأيام، أصبحت الحفلات أقلّ تكرارًا، لذلك لم تسنح لي الفرصة لرؤيتك، لُــو. لذلك، كنتُ أفكّر في استضافة مجموعة قراءةٍ غير رسميةٍ قريبًا.”
“سأكون ممتنًّا إن دعوتِني. سأتأكّد من حضوري أنا وشارل.”
“سأكون سعيدةً لو أتيح للآنسة شارل الحضور أيضًا.”
ابتسمت جازمين ابتسامةً مشرقةً وشبكت يديها.
“بالمناسبة، متى تخطّطون للزواج؟”
“أعتقد أنه قد يكون ممكنًا عندما يصبح الطقس أدفأ قليلًا.”
كانت قد وصلته قبل أمس رسالةً تفيد بأن تعديلات فستان الزفاف على وشك الانتهاء.
الآن، كلّ ما أحتاجه هو بدلةٌ رسمية، وكلّ شيءٍ آخر للزفاف سيكون جاهزًا.
“أخطّط لإرسال الدعوات في وقتٍ ما من الأسبوع المقبل، لذا تفضّلي وأعطِنا شرف حضوركِ بهذه المناسبة.”
“يا إلهي. سيشرّفني ذلك!”
هتفت جازمين وهي تدوس بقدمها فرحًا. ثم ضحكت.
“هل تعلم أن روايات الطفولة الرومانسية رائجةٌ جدًا بفضلكما، اللورد لُــو والآنسة شارل؟”
همم؟
أمال لُــو رأسه.
“أنتَ والآنسة شارل ثنائيٌّ جميلٌ جدًا. لهذا السبب يبحث الجميع عن قصص حبٍّ قديمةٍ أو يستذكرون علاقاتهم القديمة.”
عبست جازمين قليلاً، وبدا على وجهها حسدٌ حقيقي.
“كنتما قريبين جدًا، أليس كذلك؟”
قريبين جدًا …
تذكّر لُــو ما قالته شارل عندما جاءت إلى الإمبراطورية لأوّل مرّة.
«لماذا استدعيتَني؟»
لسنا مقرّبين.
هذا صحيح.
في الواقع، لم نكن مقرّبين.
كنتُ أكرهها، ولم تكن مهتمّةً بي.
لكن …..
بدأتُ أُعجَب بك.
بوجودها حولي، انجرفتُ تمامًا مع موجها.
فجأة، شعرتُ بشوقٍ لرؤية شارل. بعد اعترافي، كنتُ أتجنّبها لأيام، لذا لم أرها منذ أيام.
‘هل يجب أن نتناول العشاء معًا اليوم على الأقل؟’
لكنني ما زلتُ لا أملك الثقة لمواجهة شارل.
لم يكن ذلك لأنني عبّرتُ عن مشاعري تمامًا. بل ببساطةٍ لأنني شعرتُ بالغباء والحماقة لاعترافي بهذه العفوية.
لو اعترفتُ، لرغبتُ حقًا في فعل ذلك بروعة.
لم أستطع السيطرة على غضبي، لذا أطلقتُ كلماتي كما لو كنتُ أُنفِّس عن غضبي.
‘يا لي من أحمق.’
عبس لُــو ونقر على لسانه.
“لورد لُــو؟”
“آه. نعم.”
رفع رأسه ورأى وجه جازمين القلق. ابتسم لُــو بسرعة.
“كنتُ أنا وشارل مقرّبين جدًا. لهذا السبب أصبحنا عشّاقًا بشكلٍ طبيعي.”
“أشعر بغيرةٍ شديدة. أتمنى لو كانت لديّ هذه العلاقة!”
“سيكون هناك بالتأكيد علاقةٌ لكِ، آنسة جازمين. أنا متأكدٌ من ذلك.”
“يا إلهي. شكرًا لك.”
ضحكت جازمين ووضعت يدها على خدّها. ثم أمالت رأسها للخلف قائلةً “آه”، لأنها لاحظت الشخص الغريب الذي يقف خلفها.
“أوه، هل أنتَ هنا؟”
أومأ لُــو برأسه بسرعة. عندها فقط أدركت جازمين أنه ضيفه ووقفت بسرعة.
“يا إلهي. لديكَ خطط. إذن سأعود. لا تنسَ إرسال الدعوة لي!”
“نعم. كوني حذرةً في طريق عودتكِ.”
أومأ لو لجازمين ثم أومأ للرجل. أنزل الرجل غطاء ردائه أكثر وجلس على كرسيه.
“لو لم ترسلها فورًا، لعُدت مجددًا اليوم أيضًا.”
“لا يمكنني أن أترككَ تنتظر سُدًى حتى اليوم.”
ضحك لُــو بهدوءٍ ووضع ذراعيه على الطاولة.
“حسنًا.”
اتّكأ على مرفقيه، وخاطب الشخص الذي أمامه.
“ما الوضع داخل كاتاكل؟”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات