شعرٌ أشقر، عيونٌ زرقاء، خطوطٌ ناعمةٌ مطويةٌ تحت العين، وشفةٌ مرفوعةٌ قليلاً.
“هاه، هاه؟”
صرختُ، وأنا أنهض من حوض الاستحمام.
“لا، لا يمكن. لا!”
كنتُ مرتبكةً لدرجة أن كلماتي ظلّت متلعثمة. لحظة، لحظة. ما هذا بحق الجحيم…؟!
“هل هذا حقًا لُــو؟”
نظرتُ إلى الصورة مرّةً أخرى.
لكن مهما نظرتُ إليها، كان لُــو. لُــو الصغير. لُـــو الجميل.
‘لُــو… لقد تبنّاه رئيس الكهنة.’
سمعتُ أن لُــو تُرك على الجبل الثلجي وتولّى رئيس الكهنة رعايته.
إذن، هل قام شخصٌ ما بمداهمة قصر الأمير باختطاف لُـــو وتركه على الجبل الثلجي؟ ورئيس الكهنة، الذي وجد لُــو، هو مَن ربّاه؟
‘لا. هل هذه حقًا مصادفة؟’
مهما فكّرتُ في الأمر، فهي ليست مصادفة.
يبدو الأمر وكأنه مُدبَّرٌ بدقّة.
إذن…
‘إذن لُــو هو الأمير؟’
الأمير الذي يبحث عنه الإمبراطور بيأس.
ماذا سيحدث لو ظهر لُــو في القصر الإمبراطوري في هذه الحالة؟
‘سيرث لُــو العرش.’
لهذا.
‘تحاول كاتاكل قتل لُــو.’
ساااااه – سرت قشعريرةٌ في جسدي.
رغم أنني كنتُ في الماء الدافئ، سرت قشعريرةٌ باردةٌ في عمودي الفقري.
‘بايلور يحاول تجنيد لُــو في كاتاكل…’
ليمنع لُــو من معرفة أنه هو الأمير المفقود.
ولكن ماذا لو اكتشف لُــو أصوله؟
سيحاولون قتل لُــو بالتأكيد.
‘لا.’
كان لا بد من إيقاف ذلك.
لكن كيف؟
في لحظة، أصبح ذهني فارغًا، ولم أستطع التفكير في أيّ شيء.
وفي تلك اللحظة.
“شارل. هل يمكنني الدخول؟”
“…هاه؟”
يقولون إن حتى الأسد سيظهر إذا ذكره أحد. كان لُــو خارج باب الحمام.
بسرعة، أخفيتُ التسجيلات والصور بجانب حوض الاستحمام على الفور.
لا، انتظر. ألا تعتقد أن الدخول وأنا أستحمّ أمرٌ مُبالَغ فيه؟
“لا! لماذا تدخل؟ أنا أستحم!”
“سأدخل.”
“مهلاً!”
حاولتُ إغلاق الباب، لكن لُــو كان أسرع مني. اندفع وفتحه واتّجه نحوي بوقاحة.
“أ- أنا أستحمّ الآن…!”
لحسن الحظ كنتُ في حمامٍ ذي فقاعات. وإلّا لكان قد كُشِف جسدي العاري أمامه.
“ماذا تفعل؟”
عبستُ ونظرتُ إلى لُــو.
لكن شيئًا غريبًا كان يحدث. لماذا يبدو لُــو أكثر غضبًا مني…؟
شفتاه المطبقتان وعيناه المتوتّرتان كشفتا عن غضبه الشديد، مما زاد من حيرتي.
لماذا…؟
“شارل.”
رمشتُ ببطء.
“هل أخبرتيه؟”
سأل سؤالًا غير مفهومٍ ولا طائل منه.
نظرتُ إلى وجهه.
“ماذا قلت؟”
“هل أخبرتِ أدريان عن علاقتنا؟”
أخذتُ نفسًا عميقًا.
“أدريان كان يعلم مُسبقًا. أن زواجنا مزيّف.”
“هل قابلتَ أدريان؟”
“نعم. في المقهى. أصرّ على التحدّث معي وأخبرني أنه يعلم عن زواجنا المزيّف.”
ارتجفت أطراف أصابعي قليلًا في الماء.
‘هذا الوغد المجنون.’
لماذا أخبرتَ لُــو بذلك؟!
رفعتُ ذقني محاولةً إخفاء إحراجي. كان عليّ اختلاق عذرٍ بسرعة.
“قلتُ لكَ أنني كنتُ أتبادل الرسائل مع أدريان كثيرًا.”
“أجل.”
“لم أذكر في أيٍّ منها وجود حبيبٍ لي، ولكن عندما أعلنتُ فجأةً عن زواجي بك، بدأ يشك.”
تغيّرت نظرة لُــو بحدّة.
“لذا قلتِ له الحقيقة، أليس كذلك؟”
شعرتُ أنه يكبت مشاعره المشتعلة. أصبح صوته أكثر هدوءًا.
“…لقد كشف أمرنا.”
أضفتُ على عجل.
“قلتُ إن زواجنا وهميٌّ لأن لدينا ظروفنا الخاصة. لم أذكُر شيئًا عن مَهمتنا، فلا تقلق.”
“ليس هذا هو المهم!”
ارتفع صوت لُــو فجأة.
لهذا السبب ارتجفتُ لا إراديًا.
هل كان لُــو دائمًا يعبّر عن عواطفه إلى هذا الحد؟
نظرتُ إلى لُــو، الذي كان لا يزال ينظر إليّ. ارتجفت شفتاي.
“لماذا لم تخبريني؟”
“هذا… لأنه ليس من النوع الذي سيُخبر الناس، لذا لم أعتقد أن ذلك ضروري.”
“ليس هذا هو السبب، شارل.”
لمس لُــو جبينه وأرجع رأسه للخلف. سمعتُ تنهيدةً عاليةً تخرج من بين شفتيه.
“هل أبدو لكِ غاضبًا بسبب قلقي من أن أفشل في المَهمة؟”
كانت نبرته هادئةً بشكلٍ غريب. توقّفتُ للحظةٍ وأنا أتأمّله.
“ثم … لماذا؟”
أسأل لأنني لا أعرف حقًا.
لولا المَهمة، لما استطعتُ فهم سبب غضب لُــو الشديد.
بعد لحظة صمت، ضحك لُــو وقال.
“لقد ناديتُكِ بخطيبتي أمام أدريان، بل وأخبرتُه أنني أحبّكِ.”
“… أجل.”
“مع أن أدريان يعلم مسبقًا أن علاقتنا زائفة.”
“هذا…”
“ماذا عَنَت هذه الكلمات لأدريان؟”
رأيتُ عيني لُــو تتجمّدان.
“تظاهرٌ بالغيرة؟ تصرّفٌ طفولي، أم خِدعة، أو لتزييف علاقةٍ زائفة؟ لا. ربما كان كلّ ما ذكرتُه.”
نظرتُ إلى لُــو، فتحتُ فمي، ثم أغلقتُه دون أن أنبس ببنت شفّة.
عندها فقط شعرتُ أنني فهمتُ قليلاً.
لو كان أدريان يعلم منذ البداية، لكانت تصرّفات لُــو تجاهه عاجزةً بشكلٍ مضحك.
غمستُ يدي في الماء وتحدّثتُ بهدوء.
“ربما بدا وضعكَ مضحكًا بعض الشيء.”
خفضتُ عينيّ قليلًا.
“أنا آسفة.”
آه، صدر صوتٌ مُحبَطٌ من أسنان لُــو.
“شارل غافلةٌ حقًا.”
“… هاه؟”
وضع يده على خصره للحظة، يلتقط أنفاسه، ثم ضغط على صدغيه ونظر إليّ مجددًا.
” هل أنتَ غاضبٌ مني؟”
ثبّت لو نظره عليّ، كما لو كان يتأمّل تعبير وجهي.
“ظننتُ أنني المسيطر طوال هذا الوقت. ظننتُ أنكِ بجانبي، وأن أدريان كان يُعجَب بكِ من الخارج فحسب داخل أوهامه.”
“…..”
“لكنني كنتُ المُخطئ.”
“لُــو.”
“لهذا السبب أنا غبيٌّ وبائسٌ جدًا، ولهذا السبب أنا غاضبٌ جدًا.”
سمعتُ المرارة في صوته، فعضضتُ على شفتي السفلى.
“أنا آسفة. لم أقصد أن أجعلكَ تفكّر بهذه الطريقة.”
“شارل.”
كان صوته مُمزوجًا بمشاعر غامضة.
“لماذا لا تُخبريني بأيّ شيء؟”
“هاه؟”
“لماذا لا تُخبريني بأيّ شيءٍ عن علاقتكِ بأدريان، أو عن ماضيكما المشترك؟”
“لُــو. هذا شأني الشخصي.”
“إن كنتُ في طبيعتي ما كنتُ لأسأل.”
حدّق لُــو بي بإصرار.
“لكن الآن، أريد أن أعرف شيئًا عنكِ، شارل.”
كان صوته منخفضًا وحازمًا.
“ليتكِ تنظرين إليّ فقط.”
انقبض قلبي. للحظة، عجزتُ عن الكلام.
“ليتني الوحيد الذي يعرف كلّ شيءٍ عنكِ.”
فتحتُ فمي، ثم أغلقتُه مجددًا. لم أعرف ماذا أقول، ولكن في تلك اللحظة، خطر ببالي شيءٌ واحدٌ فقط.
“لماذا؟”
تساءلتُ لماذا يفعل لُــو هذا بي.
“لماذا… لماذا تفعل هذا؟”
“لأنني أحبّكِ، شارل.”
كان صوته حازمًا.
كما لو أنها حقيقةٌ لا يمكن إنكارها، أمرٌ عليّ تقبّله مهما حدث.
“اللعنة، لأنني أحبّكِ.”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات