‘أريد الخروج.’
خطرت لي هذه الفكرة بعد أن حُبِستُ في غرفتي لأيام.
‘أريد الخروج بشدّة.’
لكن حتى نزهةٌ قصيرةٌ كانت تُشعِرني بضيق التنفّس والانهيار. كانت هذه حالتي الجسدية الحالية.
كنتُ أتمدّد باستمرارٍ صباحًا ومساءً، وأتناول كلّ وجبة، لكن جسدي، بعد أن تعب، لم يتعافى بسهولة.
بعد أسبوعين من الإرهاق، من الطبيعي ألّا يتعافى جسدي بعد …
‘السبب الرئيسي هو أن لُــو لا يسمح لي بالخروج.’
كان قلقًا جدًا على صحّتي لدرجة أنه كان يتفقّد حالتي يوميًا.
‘إذا أصررتِ على الخروج، يمكنكِ ذلك، ولكن.’
بدلًا من ذلك، كنتُ أسمع تعليقاتٍ ساخرة.
مثل ‘أوه، ستخرجين؟ مَن الذي تُخططين لإنقاذه هذه المرّة؟’ أو ‘هذه المرّة، من فضلكِ لا تسقطي مع القنبلة في يدكِ، بل اسقطا منفصلين.’
بدلًا من سماع ذلك، أُفضِّل البقاء في المنزل.
جسدي ليس على ما يُرام، وإذا تألّم عقلي أيضًا، فسيكون الأمر صعبًا.
‘أعتقد أنني سأتعافى بشكلٍ طفيفٍ خلال الأسبوع القادم تقريبًا.’
عندها عليّ الخروج ومعرفة كلّ شيء.
أحتاج إلى معرفة المزيد عن الإرهاب، وإيجاد مَن يُساعدني، وحتى معرفة خطّة بايلور.
هكذا تمتمتُ في نفسي مقتنعةً أنه يجب أن أركّز على التعافي قليلًا، ومددتُ ساقي. كان ذلك حينها …
“معذرةً يا آنسة؟ هل أنتِ مُستيقظة؟”
طُرِق الباب، ثمّ تردّد صوت ماردي من الخارج.
“نعم. ادخلي.”
أطلّت ماردي برأسها من الباب المفتوح قليلًا.
“لقد جاء أصدقائكِ هنا للزيارة.”
هاه؟ أصدقائي؟
أملتُ رأسي.
“عن مَن تتحدثين؟ ليس لديّ أيّ أصدقاء.”
“….”
احمرّ وجه ماردي فجأة. اقتربت مني، وحاجباها عابسان.
“لماذا ليس لديكِ أصدقاء يا آنسة؟ جاء أربعة أشخاصٍ لرؤيتكِ، إنهم قلقون عليكِ.”
“هاه؟ حقًا؟”
عندما سأبتُ في حيرة، تابعت ماردي.
“إيفلين فلوريا، دوروثي هارينغتون، أغاثا لوكوود، وسيسيل روزفيلدت هنا.”
“أوه.”
بالتفكير في الأمر، وقع الانفجار بينما كنتُ معهم. لم أرهم منذ ذلك الحين.
“إنهم ليسوا أصدقاء. إنهم قلقون عليّ فقط كشخصٍ كان معهم.”
“لا!”
لكن ماردي أنكرت كلامي بشدّة.
” لقد قالوا ذلك بوضوح. ‘الآنسة شارل لا تردّ على رسائلنا أبدًا، لذا نعلم أن هذا تصرّفٌ وقح، لكننا أتينا بدون موعدٍ مسبق. كيف يمكننا الجلوس فقط ومشاهدة صديقتنا مصابةٌ بجروحٍ خطيرةٍ؟”
“….”
“كانوا ينادونكِ بصديقتهم.”
حككتُ رأسي.
قال لي لُــو سابقًا ‘من الجميل أن أرى أنه أصبح لديكِ أصدقاء’.
أنكرتُ ذلك حينها …
ربما أصبحتُ لديّ أصدقاء في الإمبراطورية؟
“و…”
تابعت ماردي بحذر.
“أنا مجرّد خادمة، لكنني أكنّ شعورًا وديًّا شديدًا لآنسة. أنتِ تعلمين ذلك.”
رمشتُ عدّة مرّات.
إذن أنتِ تقولين أن ماردي صديقةٌ لي أيضًا، أليس كذلك؟
“إذن …”
ضحكتُ ضحكةً مكتومةً وزممتُ شفتي.
“إذن لديّ الآن خمس صديقات. من بينهن ماردي.”
أشرق وجه ماردي. بدت سعيدةً بكلامي.
لكنني لم أستطع أن أبتسم ابتسامةً عريضة.
كنتُ أكذب عليهم كذبةً كبيرة.
كنتُ أُخفي هويتي وأهدافي ونواياي المظلمة أثناء تعاملي معهم.
ربما لهذا السبب لم أعتبرهم ‘أصدقاء’.
لكن ……
‘أعتقد أنني أستطيع الاستمتاع الآن.’
ابتسمتُ ابتسامةً مشرقةً وضغطتُ على يد ماردي.
“ساعديني على الاستعداد. سأنزل.”
* * *
“يا إلهي!”
“آنسة شارل! لماذا أنتِ نحيفةٌ هكذا!”
سمعتُ ذلك لحظة دخولي غرفة الاستقبال.
الشابّتان، اللتان كانتا جالستين بهدوء، قفزتا فجأةً واندفعتا لتحيطا بي.
“لتكوني نحيفةً هكذا … كم من الألم شعرتِ به؟”
“يا إلهي. انظري إلى معصميكِ!”
احمم. خدشتُ خدي، وشعرتُ ببعض الحرج.
“أعتقد أن السبب هو أنني كنتُ مستلقيةً طوال هذا الوقت. هل أصبحتُ … قبيحة؟”
عندها، قفزت إيفلين كالقطة الغاضبة وصاحا.
“بالتأكيد لا، هذا لا يعني أنكِ لستِ جميلة! ما زلتِ فاتنة الجمال!”
“أنتِ نحيفة، لذا تبدين أكثر أناقة.”
“أجل. هذا ما قصدتُه. لا أعرف إن كان من المقبول لشخصٍ مريضٍ أن يكون بهذه الوسامة!”
عند إضافة أغاثا، أومأت إيفلين برأسها وهتفت.
هذا يزيد الأمر إحراجًا…
ولتهدئة الموقف ونفسي، ضممتُ ذراعيّ إلى إيفلين.
“شكرًا جزيلاً على قدومكم. طلبتُ منهم تحضير الشاي والوجبات الخفيفة، يتكون جاهزةً قريبًا.”
ردّت كاثرين وأغاثا.
“لا تتعبي نفسكِ.”
“لقد جئنا لأننا كنا قلقين عليكِ، آنسة شارل.”
مع ذلك …… نظرتُ إلى إيفلين.
بعد كلّ شيء، كانت إيفلين هي مَن تُقدّر آداب السلوك أكثر من غيرها.
“حسنًا، كنا معاً فقط، وفكّرنا أن نزوركِ مرّةً واحدة، لكن ما المشكلة! ذراعاكِ مغطّاتان بالكدمات!”
لكن إيفلين كانت منشغلةً بالصراخ، وقد تخلّت تمامًا عن أدبها.
“ماذا لو ساءت الأمور؟ لماذا لم تضعي الدواء أصلًا؟”
عبست إيفلين، وهي تنظر إلى ذراعي.
أوه، لا. لديّ ندوبٌ كثيرةٌ أسوأ من هذه، لذا لم أُعِرها اهتمامًا يُذكَر ……
لا داعي لكلّ هذه الضجة.
“يا إلهي. أحضرتُ مرهمًا تحسّبًا لأيّ طارئ. جرّبيه! صحيحٌ أنه مرهمٌ كنتُ أستخدمه من قبل، لكنه سيكون جيدًا بلا شك!”
لكن على عكس كلامها، كان جديدًا تمامًا، غير مفتوح.
“على أيّ حال، آنسة شارل، حتى تلك الندوب أعتقد أن لها سحرها الخاص عليكِ، لكنني قد أكره أن تبقى على جسدكِ لأنني كلّما رأيتُها سأفكّر في القنبلة.”
كان بإمكانها أن تقول إنها أحضرته لي مباشرة.
أثلج لطفها صدري. فأجبتُ بكلّ صدقٍ وإخلاص.
“شكرًا لكِ. سأستعمله جيدًا.”
“لم أُعطِكِ إياه لأتلقّى مثل هذا الإطراء!”
شخرت إيفلين وأجلستني على الأريكة. جلست الآنسات الأخريات بسرعةٍ أيضًا.
“على أيّ حال، هناك سببان لمجيئنا.”
قالت أغاثا.
“أولهما أننا قلقين على الآنسة شارل. وأيضًا…”
نظرت أغاثا إلى الشابات الأخريات، ثم تنهّدت وتابعت.
“نحن نشعر بالأسف لأننا لم نستطيع إخبار أحدٍ عن ما بذلته الآنسة شارل من جهد.”
“لقد نجونا بفضل الآنسة شارل، على أيّ حال.”
“لم يكن لدينا خيارٌ آخر بسبب الأوامر الإمبراطورية.”
ابتسمتُ وأومأتُ برأسي على كلمات الآنسات.
جِئن ليخبرنني أنهن آسفاتٍ لأنهنّ لم يستطعن إخبار أحدٍ عني.
أين في العالم يمكن أن يوجد مثل هؤلاء الناس الدافئين والمحبّين؟
ارتسمت البهجة على وجهي.
نظرتُ في عيني كلّ آنسةٍ منهن وأجبتُ.
“لا بأس. لم أفعل ذلك لأحصل على الثناء أصلًا.”
“أوه، آنسة شارل …!”
غطّت دوروثي فمها ووسّعت عينيها.
“لهذا السبب أفكّر دائمًا في الآنسة شارل. أنتِ شخصٌ طيبٌ ونادر.”
“وشخصٌ لطيفٌ أيضًا.”
“أنتِ شجاعة.”
“….”
لا. قلتُ فقط إنني بخير، والآن أتلقّى كلّ هذا الثناء.
شعرتُ بالحرج مجددًا، ولم أعرف ماذا أفعل حقًا.
أجهدتُ ذهني محاولةً كسر حاجز الصمت، ولكن فجأةً خطر لي لُــو، فرفعتُ رأسي.
“امم، هل أُنادي لُــو؟ أعتقد أنه سيكون من اللطيف التحدّث معه أيضًا.”
بما أنهن جميعًا يكنّين مشاعر تجاه لُــو ولو بإعجابٍ طفيف، افترضتُ أنهنّ سيقبلن عرضي تلقائيًا.
لكن …
“أوه، لا.”
“ألا يمكننا … البقاء وحدنا؟”
أليس هذا رفضًا متسرّعًا بعض الشيء؟
سألتُ وعيناي مفتوحتان على اتساعهما.
“ما الخطب؟ هل أخطأ لُــو في أمرٍ ما؟”
ثم تبادلت الشابات النظرات، ودقّقن في بعضهن البعض خلسةً.
“هذا …”
ثم تحدّثت كاثرين بحذر.
وبما أنّها كانت من أكثر اللواتي يحببن لُــو، حتى لو ارتكب لُــو خطأً، فستقول بطريقةٍ غير مباشرة.
“بعد إصابة الآنسة تشارلز، كان اللورد لُــو نوعًا ما…”
كان لُــو نوعًا ما؟
“لقد كان مثدر ازعاج.”
….. هاه؟
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات