تركتُ لُــو، الذي عاد إلى النوم، مع الطبيب الذي يفحصه، وغادرتُ الغرفة.
ثم أسرعتُ إلى غرفتي.
يا إلهي!
أغلقتُ الباب وأحكمتُ إقفاله، وانهرتُ على الفور.
«ربما تكون منظمةً سريّةً داخل الإمبراطورية.»
لا.
«ما اسمها… كاتاكوم؟ لا، هل كانت كاتاكل؟»
لا!
«كانوا يطاردونني.»
لاااااا!
جبالٌ وراء جبال.
ظننتُ أنه لا يوجد ما هو أكثر لأكتشفه الآن بعد أن عرفتُ كلّ شيءٍ عن أهداف بايلور والصراع داخل كاتاكل.
‘هل كاتاكل يطاردون لُــو؟’
لماذا بحق السماء؟
‘هل بسبب الأثر؟’
لا.
هناك العديد من الطرق لمنع لُــو، من جارديان، من العثور على الأثر.
لم يكن هناك داعٍ لقتل لُــو، العميل النخبة من جارديان، وإثارة المشاكل.
‘أودّ لو أتوقّف عن التساؤل.’
لكن، كيف أصف الأمر؟
شعرتُ أنني تجاوزتُ الحدود لأتجاهل الأسئلة.
‘لقد اكتشفتُ بالفعل العلاقة بين بايلور وأدريان.’
خطرت ببالي مذكّرات هنري.
[يريد الاستيلاء على قلعة العاج، وابنه يريد السيطرة على من سيدخلونها قريبًا.
ستكون هذه معركة أبٍ وابنه ……]
بايلور وأدريان على خلافٍ مع بعضهما البعض، ولكلٍّ منهما أجندته الخاصة.
الآن وقد عرفتُ هذا، لم أستطع التراجع.
ربما عرفوا أنني أعرف هذا أيضًا.
‘لكن هذا لا يعني أنني سأخونهم.’
لو خُيِّرتُ بين بايلور وأدريان ……
‘سأختار بايلور، في النهاية.’
أنا خائفةٌ من أدريان. ربما لأنني أشعر بمشاعره تجاهي كالمستنقع، أو لأنني أجد تصرّفاته المختلفة تجاهي مثيرةً للاشمئزاز.
مهما كان، لن أختار أدريان.
‘لأن بايلور هو سيدي.’
بالتفكير بهذه الطريقة، بدا لي من السخافة أن أكون ممتنةً للُــو. لهذا السبب شعرتُ أنني بحاجةٍ لمعرفة سبب مطاردة كاتاكل للُــو.
‘حتى أتمكّن من الحفاظ على سلامة لُــو.’
لن تخون بايلور بفعلي ذلك على الأقل، فكّرتُ.
تمتمتُ في نفسي، وتوجّهتُ إلى غرفة الطعام لأتناول الوجبة التي فاتني تناولها.
* * *
“لقد تحسّنتُ كثيرًا.”
قال لُــو، واضعًا ذقنه على راحتيه.
على عكس عندما كان مستلقيًا، اكتسب بعض الوزن، وعادت عيناه إلى طبيعتهما، لذلك ظننتُ أنه تحسّن كثيرًا.
رمشتُ، وأنا أحدّق في لُــو.
“ما هذه الوضعية؟”
“كأس الزهرة.”
(لما يكون ساند ذقنه على كف ايديه الثنين وكأنه مكوّب وجهه.)
“أين الزهرة في هذا؟”
“وجهي؟”
هاهاها. أطلقتُ ضحكةً جوفاء.
“يبدو أنكَ قد تحسّنتَ كثيرًا، بالنظر إلى هراءك. هذا يُريحني.”
ضمّ لُــو شفتيه وسحب يديه.
“إذن، هل يُمكننا الخروج اليوم؟”
بدلًا من الإجابة، نظرتُ إلى كتف لُــو الأيمن المُضمّد بإحكام.
“ما رأيكَ أن ننظر إلى ذراعكَ ونتحدّث؟”
“هذا مجرّد إجراءٍ مؤقت.”
لا.
قال الطبيب.
إذا ضغط على نفسه أكثر، سيفقد استخدام ذراعه الأيمن.
“إنه أمرٌ مُحبط للغاية.”
“لا.”
انحنى لُــو نحوي ومدّ شفته السفلى.
“ليس الأمر وكأنني ذاهبٌ لركوب الخيل أو الصيد. أقول فقط لنخرج ونتناول وجبة.”
لمعت عيناه الزرقاوان برقّة، كما لو كانتا تحملان ضوء الفجر الخافت.
ارتجفت رموشه الطويلة الكثيفة برقّة، كثلجٍ يلامس زوايا عينيه برفق.
“ألا أستطيع؟”
انخفضت زوايا شفتيه قليلاً.
شفتاه، اللتان تمتلئان دائمًا بابتسامةٍ ساخرة، أصبحتا الآن منحنية، رطبةٌ ولامعة، كما لو كانت مليئةً باستياءٍ خافت.
“…أنا أفضل حالًا الآن. حقًا.”
الظلال الداكنة تحت رموشه المقوّسة، وانسيابية شفتيه حتى مع تعبيره الساخط.
حتى خدوده المتورّدة قليلاً وحاجبيه ارتعشا برقّة.
كلّ شيءٍ فيه، حتى في خضمّ ألمه، كان يتألّق بأناقة، كلوحةٍ فنية.
“هااه.”
تنهّدتُ بعمقٍ ووضعتُ يدي على جبهتي.
لم أستطع تجاهل لُــو، الذي كان يتصرّف كطفلٍ محروم.
لماذا؟
‘لأنه وسيمٌ جدًا.’
لهذا السبب تُعتبر ملكات الجمال مخيفاتٍ جدًا. إنهن يُجبرنكِ على فعل كلّ ما هو مطلوبٌ منكِ.
“إذن تناول العشاء وعُد. لا شيء آخر. مفهوم؟”
أشرق وجه لُــو كربيعٍ في أوج إزهاره.
“حسنًا!”
نهض فجأة. وأسرع إلى الخزانة.
أخرج قميصًا رماديًا مزرقًّا وسترةً رمادية.
بما أنهما من نفس خامة البنطال الرمادي الذي كان يرتديه، فلا بد أنه خلعهما عمدًا.
“هل تمانعين في الالتفاف للحظة؟”
قال لُــو وهو يفتح أزرار قميصه.
“بالطبع، يمكنكِ الاستمرار في النظر إن أردتِ.”
“لن أفعل!”
التفتُّ بسرعة. سمعتُ ضحكةً مكتومةً وحفيفَ ملابس من حلفي.
كم من الوقت قد مرّ؟
مع أن الوقت كان كافيًا لتغيير ملابسه بالكامل، إلّا أن لُــو ظلّ صامتًا.
التفتُّ ببطءٍ، في حيرةٍ من أمري، ونظرتُ إلى لُــو.
كان واقفًا هناك، يرتدي قميصًا رماديًّا على كتفيه بطريقةٍ عشوائيّة، وقد أدخل ذراعًا واحدة فقط في كمّه، ساكنًا.
“أنتَ متشوّقٌ جدًا للخروج، ومع ذلك لا تستطيع حتى ارتداء ملابسكَ بشكلٍ لائق.”
“هناك ظروفٌ لا مفرّ منها.”
أشار إلى ذراعه اليمنى المُضمّدة.
“سأساعدك.”
مشيتُ ببطءٍ نحوه. تمتم بهدوء.
“أستطيع ارتداءه بنفسي.”
“كاذب.”
ضحكتُ ووقفتُ أمامه، مُمسكةً بكمّه المتبقي بحرص.
“والآن، ارفع ذراعك.”
نظر إليّ لُــو بحاجبٍ عابس، ثم رفع ذراعه مطيعًا.
“هل يؤلمكَ لمس الضمادة؟”
“إنه محتمل.”
“إذًا تقول إنه يؤلم.”
حرّكتُ أطراف أصابعي برفق، محاولةً ألّا ألمس الجرح، لكنني شعرتُ بأنفاسه ترتجف قليلًا كلّما لامس قماش القميص جلده.
“أنا آسفة. هل يؤلمك؟”
أجاب لُــو بهزّة رأسٍ بطيئة.
“أنا على وشك الانتهاء.”
زرّرتُ كل زرٍّ بعناية، متجنّبةً ذراعه اليمنى المغطّاة بالضمادة.
شعرتُ بلُــو ينتفض مع كلّ طرف إصبعٍ بين أزرار قميصه المضغوطة بدقّة.
بدا وكأنه يتألّم.
“سأنتهي بسرعة.”
أسرعتُ قدر استطاعتي.
في الوقت نفسه، تحرّكت تفاحة آدم على عنق لُــو قليلًا.
حاولتُ سماع ما كان يحاول قوله، لكنه لم يقل شيئًا.
فأغلقتُ الزرّ الأخير بإحكام، ثم رفعتُ ربطة عنقه.
“حسنًا. انحني.”
انحنى لُــو بهدوءٍ مرّةً أخرى. لففتُ يدي حول رقبته، وأغلقتُ ربطة العنق.
عقدتُ العقدة بإتقان، وضبطتُ ياقة قميصه.
“حسنًا. انتهى كلّ شيء.”
عندها فقط، زفر لُــو نفسًا عميقًا. هل كان يحبس أنفاسه طوال هذا الوقت؟
“… هذا غريب.”
أملتُ رأسي.
“ما الأمر؟”
لم يُجِب لُــو. حدّق في أطراف أصابعي فقط.
شعرتُ بتوتّرٍ في نظراته، فتراجعتُ نصف خطوةٍ إلى الوراء، وشعرتُ ببعض الإحراج.
“ماذا؟ ما الخطب؟”
“لا. لا شيء.”
مدّ لُــو يده اليسرى خلف ظهري.
انتابني الذهول للحظة، وتساءلتُ إن كان سيعانقني، لكنه أعاد يده بسرعةٍ ممسكًا بدبوس ربطة العنق.
“أن تفعل شارل هذا من أجلي. كيف أصفه؟”
قال وهو يُثبّت الدبوس بمهارة.
“نبدو حقًا كزوجين.”
رفعتُ بصري فجأة.
ثم رأيتُ وجه لُــو، يبتسم ابتسامةً خافتة، أمام عينيّ.
“هذا ليس سيئًا.”
ارتسمت على وجه لُــو ابتسامةٌ لامعة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات