يا إلهي.
لأوّل مرّةٍ في حياتي، ناجيتُ الإله.
ذلك لأن الوضع كان محفوفًا بالمخاطر.
‘لا، ليس محفوفًا بالمخاطر فحسب.’
كان الخروج ليلًا دون أن أقول شيئًا كافيًا لإثارة الشكوك، بل كان كافيًا لإثباتها.
‘ما العذر الذي يمكنني اختلاقه؟’
مهما قلتُ هنا، سيكون من الصعب تجنّب الشكوك. ماذا أفعل؟
لأوّل مرّةٍ منذ زمنٍ طويل، أصبح ذهني فارغًا، عاجزًا عن التفكير أو الكلام.
عندها.
“شارل.”
نهض لُــو ببطء.
واقترب مني خطوةً بخطوة.
وأخيرًا، توقّف على بُعد يد.
كان وجهه، المغطّى بضوء القمر، أكثر صفاءً من أيّ وقتٍ مضى، وعيناه، الممتلئتان بنورٍ متلألئ، زرقاء داكنةً كبحيرةٍ عميقة.
شعرتُ بأنفاسٍ خفيفةٍ تخرج من بين شفتيه، وابتسامةٌ غامضةٌ ارتسمت على وجهه. لسببٍ ما، سيطر عليّ شعورٌ بالحرج، ولم أستطع إلّا أن أغمض عينيّ.
“إلى أين كنتِ ذاهبة؟”
كما توقعتُ. كنتُ أعرف أنه سيسأل هذا السؤال.
كان ذهني فارغًا تمامًا، ولم أجد كلماتٍ لأقولها.
لذا، ودون تفكير، تفوّهتُ بإجابةٍ غبية.
“نزهةٌ ليلية…؟”
أدركتُ خطأي على الفور.
مَن سيخرج في نزهةً ليليةً عبر النافذة؟ أضفتُ على عجل.
“إذا خرجتُ من الباب الأمامي، فسأوقظ الخدم. لهذا السبب دخلتُ من النافذة. هاها.”
لم يُجب لُــو.
بدلًا من ذلك، حدّق بي بعينيه الصافيتين الجميلتين، كما لو كان يحاول أن يرى من خلالي.
“أنا.”
بعد صمتٍ طويل، قال.
“أعتقد أن لكلّ ما تفعله شارل سببًا.”
ثم جمع شعري المنساب ووضعه خلف أذني.
“أتمنى ألّا يكون السبب سيئًا.”
خفقان.
وخزني ألمٌ في صدري.
كنتُ بالفعل أخدع لُــو، كنتُ جاسوسةً تُلحق الأذى بمنظمة جارديان بأكملها.
بمعنًى آخر، كنتُ أتصرف ‘بسببٍ سيء’.
لذا، لسعني حلقي بلا سبب. شعرتُ بجفافٍ في فمي.
“لا يزال الجو باردًا في الليل، فلماذا تخرجين بملابس خفيفةٍ هكذا؟”
أمسك لُــو بذراعي. أجلسني على الأريكة ولفّ بطانيةً حول كتفي.
“سأحضر الشاي.”
مع استقرار الوضع قليلًا ودخول الدفء، بدأ عقلي أخيرًا بالعمل.
‘كان عليّ أن أسميه استطلاعًا محيطيًا!’
تسك. لم يعد هناك جدوى من الندم الآن.
على أيّ حال، كان لُــو يحاول تجاهل الأمر دون مزيدٍ من التساؤل. لذا لم أستطع قول المزيد.
لذا، كان عليّ فقط الانتظار بهدوءٍ حتى يمر هذا، تمتمتُ وأنا أتشبّث بحافة البطانية.
“اشربي بعض الشاي الدافئ أولًا.”
ناولني لُــو، الذي كان قد أحضر الشاي بالفعل، كوبًا.
“إذا أُصِبتِ بنزلة بردٍ كهذه، ستحزن ماردي. أوه، وبالطبع، سأحزن أنا أيضًا.”
شعرتُ ببعض الحيرة.
ما زال الحديث الذي دار بيني وبين لُــو آخر مرّةٍ رأيتُه فيها حاضرًا في ذهني.
«أقول إنني أكرهكِ، شارل.»
«أكرهكِ بشدّةٍ لدرجة أنني أكاد أجن.»
والآن، بعد أن أعلنتَ أنكَ تكرهني بوضوح، تشعر بالقلق فجأة ……؟
ما الذي تُخطّط له بحق السماء؟
ضيّقتُ عينيّ وهززتُ كتفي، فتصلّب تعبير لُــو قليلًا. توقّف، ويده معلّقةٌ في الهواء، قبل أن يقبضها.
“منذ وقتٍ ليس ببعيد.”
أكمل ببطء.
“كنتُ قاسيًا.”
انحنى بما يشبه الإعتذار. فزعت، رميتُ البطانية جانبًا وأمسكتُ بكتف لُــو.
“لا، لا، لا أعتقد أنكَ بحاجةٍ للاعتذار كثيرًا. انهض.”
ساعدتُه على النهوض بسرعة. بدت تعابير وجه لُــو، الغارقة في الضوء الخافت، أكثر كآبةً من المعتاد.
“لكن كلماتي آذتكِ، شارل.”
“لا. لم يكن الأمر سيئًا إلى هذا الحد.”
ثم سحبتُه ليجلس على الأريكة.
“كنتُ أعرف أنكَ تكرهني. لم أكن متفاجئةً حقًا.”
اتسعت عينا لُــو بمفاجأة.
لكنها كانت عابرة.
أدار لُــو بصره بسرعة، وابتسامته الماكرة المعتادة لا تزال ترتسم على شفتيه.
“إذن، كنتِ تتجاهلين كلّ تعبيراتي عن حبّي لكِ؟”
“كنتَ تمزح فقط.”
أجبتُ بحزم.
“لماذا يُعجَب بي شخصٌ عظيمٌ مثلك؟”
مثل لُــو، كنتُ أمزح فقط.
لكن تعبير لُــو كان غريبًا.
حدّق بي، وعيناه ترتجفان كما في السابق.
“لماذا …”
ضيّق إحدى عينيه وانحنى نحوي قليلًا.
“أتقولين هذا؟”
ارتسمت على وجهه نظرة حيرة، كما لو أنه سمع للتوّ شيئًا سخيفًا.
“أنتِ شخصٌ عظيم، شارل.”
عيناه الزرقاوان، اللتان ترتجفان الآن، حدّقتا بي مباشرةً.
“أنتِ شخصٌ لا ينهار أبدًا، مهما كانت الظروف. لا تُظهِرين خوفًا حتى عندما تكون حياتكِ على المحك.”
“…..”
“على الرغم من أنكِ عشتِ على هذا النحو، إلّا أنكِ لا تزالين تتقدّمين لمدّ يد تلمساعدة الآخرين.”
في جوٍّ أصبح جادًّا في لحظة، عضضتُ شفتي من دون أن أشعر.
غمرني شعورٌ بالحرج، ثم غمرني الإحراج في لحظة.
لذا تظاهرتُ بالابتسام على نحوٍ مازح.
“الأمرُ ببساطةٍ هو الصمود لا أكثر. إنه ليس أمرًا رائعًا حقًا.”
“الصمود هو الجزء الأصعب.”
لكن هذه المرّة، كان صوت لُــو حازمًا.
“العيشُ مثل شارل ليس شيئًا يستطيع الجميع فعله.”
مدّ يده وضغط على يدي التي كانت تتلوّى من الحرج.
“بعض الناس يُلقون باللوم على ظروفهم وينهارون، والبعض الآخر يهرب ببساطة. لكنكِ تحمّلتِ كلّ شيء، ومع ذلك تبتسمين.”
شعرتُ بالدفء.
دفءٌ أدفأ بكثيرٍ من البطانية التي غطّتني.
“إن لم يكن هذا رائعًا، فما هو إذن؟”
حاولتُ التحدّث مرّةً أخرى، لكن الغريب أن الكلمات لم تخرج.
لطالما عشتُ هكذا، وظننتُ أنه أمرٌ طبيعي.
لذا، لم أشعر أن هذا ‘أمرٌ رائع’.
ولم يُخبرني أحدٌ بذلك قط.
“حسنًا.”
ضيّق لُــو عينيه وزفر بهدوء.
“لا تقولي هذا مُجددًا. أنتِ شخصٌ أكثر روعةً وجمالًا مما تظنّين، شارل.”
مرّت لحظة صمت.
لكنني لم أستطع الهدوء إطلاقًا.
شعرتُ بوضوحٍ بقلبي يخفق بشدّة ووجنتاي تحمرّان.
كنتُ … جميلةً ورائعة.
بطريقةٍ ما، شعرتُ برغبةٍ في الابتسام، وشعرتُ برغبةٍ في البكاء. كان قلبي يؤلمني بمشاعر لا يُمكن السيطرة عليها.
“حسنًا، حتى لو قلتُ ذلك، فمن المُرجّح أن تنسي الأمر غدًا.”
في تلك اللحظة، تابع لُــو.
“لذا، عليّ إخباركِ كلّ يومٍ من الآن فصاعدًا.”
رفعتُ نظري المُنخفض ورأيتُ وجه لُــو المُبتسم. اقترب أكثر وقال.
“أنتِ رائعة، وستظلّين رائعةً دائمًا.”
حدّقتُ به كالممسوسة.
كان وجه لُــو كعادته.
لكنني لم أكن كعادتي.
كان قلبي ينبض بلا توقّف.
وبطريقةٍ أخرى، شعرتُ باحمرارٍ في وجنتي.
‘لماذا؟’
لم أستطع فهم سبب نبض قلبي بقوّة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
تجدون الفصول المتقدمة لغاية فصل 50 على قناة التيلجرام، الرابط: Link
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات