“لم أسمع بمنطقة كوتجي من قبل، لذا من الصعب معرفة بماذا تختصون.”
ليست كوتجي، بل كورتني.
لكنني لم أكلّف نفسي عناء تصحيحها.
كانت هذه هي طريقة النبلاء الساخرة في الحديث.
“ربما ليست منطقةً غنيةً بما يكفي لامتلاك كروم العنب. لو كانت كذلك، لكنا عرفنا. صحيح؟”
أومأتُ برأسي بابتسامةٍ مصطنعة.
“إذن، اشربي الكثير. إن لم يكن اليوم، فمتى ستتمكّنين من تذوّق هذا النبيذ الفاخر؟”
فكّرتُ في سيسيل.
قالت لي الشيء نفسه.
“سمعتُ أنكِ قريبةٌ من اللورد لُــو.”
همم. لسنا قريبين فحسب، بل مخطوبين.
“اللورد لُــو، إنه حقًا يهتم بالكثير من الناس. إنه لطيفٍ جدًا.”
هاهاها.
حُسِم الأمر.
الكونتيسة لا تحبّني فقط.
إنها تكرهني.
‘يا للأسف.’
لكن ماذا عساي أن أفعل؟
لا داعي لأن أبدو بمظهرٍ حسنٍ أمام مَن لا يحبّني.
لا، كلّما حاولتُ أن أبدو بمظهرٍ حسن، كلّما ساءت علاقتنا.
‘وليس هناك فائدةٌ لأن أبدو بمظهرٍ حسنٍ أمامها.’
على أيّ حال، عليّ أن أجعل الناس يكرهونني هنا.
نظرتُ حولي خلسةً وأنا جالسة.
ماذا عساي أن أفعل لأحظى بالثناء على الفوضى التي سأُحدِثُها؟
قلب الطاولة هنا سيكون أمرًا جيدًا، لكن لو فعلتُ ذلك، سيشكّ بي لُــو بالتأكيد.
‘لماذا تُصبحين حمقاء كلّما ذهب إلى التجمعات الاجتماعية، شارل؟’ من الواضح أنه سيسأل هذا.
ثم هناك طريقةٌ أخرى…
في تلك اللحظة، لفت انتباهي شيءٌ ما.
كان كأس النبيذ أمام الكونتيسة.
‘هذا هو.’
ضحكتُ بهدوء.
* * *
كانت إيفلين فلوريا أنانيةً منذ البداية.
لم تتردّد في وصف نفسها بالأنانية.
أن تكون أنانيًا يعني أن تكون قادرًا على حماية نفسكَ بشكلٍ أفضل، وأن تعرف كيف تتصرّف لمصلحتك.
وصفت إيفلين نفسها بالأنانية لأن شخصيتها يمكن اعتبارها مفرطة الذكاء.
لهذا السبب كانت تعتقد دائمًا أنها لن تُعجَب بأحدٍ بسهولة، وأنها لن تُعطي قلبها إلّا إذا كان ذلك مفيدًا لها.
أجل.
بالتأكيد كانت كذلك.
“أوه، هذا النبيذ حامض؟ من أيّ منطقةٍ هو؟”
لماذا …..
“يا إلهي، هذا الجبن لذيذٌ جدًا أيضًا. أعتقد أنه يُناسبها تمامًا.”
لماذا شارل لطيفةٌ جدًا؟
تدفّق شعرها الوردي بشكلٍ طبيعيٍّ وتمايل برفق.
بشكلٍ عام، أظهرت تسريحة شعرها المنسّقة بعنايةٍ جوّها المشرق والحيوي المميّز، بينما أضفت عليها الغرّة التي سقطت فوق جبهتها لمسةً مرحة.
عندما فتحت شارل عينيها على اتساعهما وارتسم على وجهها تعبيرٌ غريب، بدت كحيوانٍ صغيرٍ بأذنين منتصبتين.
وخاصة، جعلتها البهجة الصبيانية التي شعرت بها عندما ابتسمت سرًّا أكثر جاذبية.
‘إنها لطيفةٌ للغاية.’
لهذا السبب لم تُطِق الأمر. أرادت أن تركض إليها فورًا وتعانق كتفيها بقوّة!
‘لكنني لا أستطيع فعل ذلك.’
بصفتها فردًا من عائلة الكونت فلوريا، كان عليها أن تحفظ ماء وجهها، ولا يمكنها أن تكشف أنها وقعت في حبّ شارل، الفتاة الريفية.
‘وهي أيضًا خطيبة لُــو.’
مَن كان لُــو فانسين؟
نبيلٌ جديدٌ ظهر فجأةً في أحد الأيام، لكنه أسر قلوب جميع النبلاء بذكائه الفريد وسلوكه الذكي.
لم تكن هذه أوّل مرّةٍ ترى فيها نبلاءً يستثمرون في أعماله بعد سماع نصيحته يضحكون من احتمالية الفوز بالجائزة الكبرى.
لهذا السبب طلب منها والدها، الكونت فلوريا، أن تغري لُــو.
‘كان بإمكاني أن أتوافق مع لُــو، لكن شارل ظهرت فجأة.’
لذا كان عليها أن تكره شارل.
ما كان يجب أن تكون جميلة ولطيفة ومحبوبة، بل يجب أن تكرهها!
لكن …
“جيد! الآن أعرف طعم النبيذ! أنا سعيدة!”
… هل عليّ فعل ذلك حقًا؟ بما أنها جميلة، ألا يجب أن أعانقها ولو لمرّةٍ واحدة؟
أمسكت إيفلين بالشوكة التي كانت تمسكها بقوّةٍ أكبر وحاولت أن تهدّئ من روعها.
“أوه، لقد انتهيت.”
في تلك اللحظة، تمتمت شارل.
بما أن الكأس فارغة، كان عليها أن تنتظر حتى يأتي الساقي ويسكب لها.
لكن شارل لم تفعل ذلك.
بدلاً من الانتظار، أمسكت بكأس النبيذ بجانبها.
كان هذا كأس نبيذ الكونتيسة!
يا إلهي؟
الكونتيسة تكره شارل بالفعل، وإذا اكتشفت أن شارل أخذت كأسها…؟
ستُطرد شارل من هذه الحفلة فورًا!
لا!
“آنسة شارل!”
رفعت إيفلين صوتها بسرعة، لكن شارل كانت أسرع.
وضعت شارل كأس نبيذ الكونتيسة على شفتيها مباشرةً.
وَيحي.
نظرت إيفلين حولها بسرعة.
لحسن الحظ، لم تكن الكونتيسة موجودة، وبدا أن الآخرين كانوا مشغولين جدًا بالحديث فيما بينهم فلم يلاحظوا خطأ شارل.
نهضت إيفلين بسرعةٍ وسارت نحو شارل.
“بف، ضعي هذا الكأس!”
ثم صرخت بسرعة.
“هذا كأس الكونتيسة!”
بالطبع، كانت شارل تعلم منذ البداية.
ظنّت أنه إذا شربت نبيذًا من كأس الكونتيسة أثناء غيابها، ستغضب بشدّةٍ وتطردها.
بما أنها تستطيع ببساطة أن يقول إنه ‘خطأ’، فلن يثير هذا ريبة لُــو أيضًا.
فشربت نبيذ الكونتيسة…
“الآنسة شارل؟”
عبست شارل، متجاهلةً إلحاح إيفلين. ثم حدّقت في كأس النبيذ الذي كانت تحمله.
“هذا ….”
بعد أن دحرجت شارل كأس النبيذ في فمها لفترةٍ وجيزة، قلبته رأسًا على عقبٍ وسكبت ما تبقى منه على الأرض.
“وَيحي!”
فزعت إيفرين من تصرّفها المفاجئ، فصرخت، وفي الوقت نفسه، التفتت أنظار الجميع إلى شارل.
“ماذا تفعلين…!”
تسكب النبيذ على الأرض في حفل نبيذ؟
“هذا الكأس. أليس لي؟”
وماذا عن كونه النبيذ في كأس الكونتيسة؟
نظر الجميع إلى شارل بدهشة، كما لو أنهم لم يصدّقوا هذا الواقع.
لكن شارل لم تهتز.
حدّقت فقط في الأرض حيث انسكب النبيذ بنظرةٍ لا مبالية.
“انظري هنا، آنسة شارل كورتيناي!”
اقتربت الكونتيسة من شارل بوجهٍ متورّد.
“حاولتُ أن أتحمّلكِ حتى لو كنتِ وقحةً بعض الشيء، لكنكِ تجاوزتِ هذه المرّة الحدود! كيف يمكنكِ ارتكاب هذه الوقاحة الفاضحة؟”
صرخت وهي تشتم.
“قد تبدين نبيلةً من الخارج، لكنكِ لا تستطيعين إخفاء حقيقتكِ. ها، كيف يمكن أن يوجد مثل هؤلاء الأغبياء!”
غضبت الكونتيسة، لكن شارل ظلّت تحدق في الأرض.
“أرجوكِ غادري الحفلة الآن …”
“كونتيسة.”
ثم رفعت رأسها فجأةً ونظرت إلى الكونتيسة.
عيناها، اللتان كانتا أرجوانيتين غامضتين كحجر الجمشت الشفاف، التفتتا إلى الكونتيسة.
“انظري إلى الأرض.”
الأرض …… ؟
كان هناك ضغطٌ غريبٌ في كلمات شارل وسلوكها بحيث لم تستطع رفضها. لذا نظرت الكونتيسة إلى أسفل دون أن تُدرك ذلك.
ثم رأت.
“…هاه؟”
تشييك-
قابلها منظر الأرض تذوب حيث لامسها النبيذ.
“هذا.”
قالت شارل، مُشيرةً إلى كأس النبيذ الذي كانت لا تزال تُمسكه.
“إنه سم.”
مرّت لحظة صمت.
ثم.
“جياااااه!”
ملأت صرخةٌ مُرعبة قاعة الحفلة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات