لقد مرّ وقتٌ طويلٌ منذ أن كنتُ بالخارج، بعد أن علقتُ في مسكن داميان الخالي من النوافذ، لذا بدا ضوء الشمس غريبًا بعض الشيء.
لكنني شعرتُ بالراحة. كان الجو دافئًا ومريحًا.
‘أعتقد أن الناس تطغى عليهم المشاعر السيئة عندما يكونون عالقين تحت الأرض.’
هل هذا سبب شعوري بالكآبة والحزن طوال الأسبوع؟
عندما استلقيتُ، ظللتُ أفكّر في لُــو، وعندما نهضتُ وتحرّكتُ، ظلّلتُ أفكّر في لُــو.
لهذا السبب شعرتُ بالانزعاج والإحباط والضيق.
‘من الجيد أن أكون بالخارج الآن.’
بالطبع، التفكير في وجهتي القادمة جعل معدتي تتقلّب مجددًا.
‘حادثة المعبد هذه من فعل بايلور.’
لا أعرف بالضبط لماذا فعلها، لكنني أعتقد أنني أفهم بعض الشيء.
‘بسببي.’
لأكشف هويتي للُــو، فيتخلّى عني.
هذا يعني …..
‘أنتَ لا تريد أن تخسرني، أليس كذلك؟’
أشعر ببعض الانزعاج.
لكن عليّ أن أتمسّك.
عليّ أن أتحمّل، وأمضي كما خططتُ.
‘بهذه الطريقة، يمكن للُــو أن يشعر بالراحة.’
ارتسمت ابتسامةٌ على وجهي فجأة.
لم أكن أُدرِك أنني أحبّ لُــو إلى هذا الحد.
ماذا لو أدركتُ مشاعري مبكرًا؟
لأمضيتُ وقتًا أطول مع لُــو وقلتُ له كلماتٍ طيبة.
‘….. الآن وقد فكّرتُ في الأمر.’
ابتسمتُ بمرارةٍ وهززتٍ رأسي.
فجأة، تحول نظري إلى الأكشاك على جانب الشارع.
كانت هناك صحفٌ متراكمةٌ هناك.
كان العنوان …….
[“الأمير الصامت” لُــوفانتي، توقّف جميع الأنشطة الخارجية بعد دخوله القصر]
[الأمير الجديد، يمتنع عن حضور المناسبات الرسمية … زعزعةٌ تضرب المجتمع النبيل.]
ذكر المقال أن لُــو دخل القصر، لكنه يعيش في عزلة.
‘هل هناك خطبٌ ما معه؟’
انقبضت أطراف أصابعي لا إراديًا. في الوقت نفسه، لم يُبدِ قلبي المضطرب أيّ علاماتٍ على الهدوء.
ظننتُ أن شيئًا لن يحدث …… لكن مع ذلك، لم يختفِ القلق المتزايد بسهولة.
حتى وقتٍ قريب، كنتُ بجانبه مباشرةً.
كنتُ أراقب كلّ حركةٍ من جانبه.
لماذا، لماذا؟
لأنني كذبتُ، لأنني خنتُه.
خفضتُ عيني. تنهّدت.
إنه أمرٌ مُحبط.
إنه أمرٌ مُحبطٌ ومُزعج.
وأريد رؤية لُــو.
‘لكنني لا أستطيع.’
هذا هو الثمن الذي دفعته مقابل ما فعلتُ.
لذا …
‘يجب أن أقابل بايلور.’
هذه هي الطريقة الوحيدة التي أستطيع بها التكفير عن ذنبي.
‘هاه.’
خفضتُ قبعتي. خفضتُ نظري وانحنيتُ أقرب إلى الجدار.
صرّ الحصى تحت قدميّ، كما لو كان على وشك الانهيار.
بعد مشيٍ قليل، وصلتُ إلى مكانٍ لا يُسمَع فيه حتى همهمات الناس.
كان الهواء مختلفًا تمامًا.
رائحة الماء الفاسد، رائحة الدم القديم.
رائحةٌ رطبةٌ وثقيلةٌ ملأت الزقاق.
كانت معدتي تتقلّب مع كلّ نَفَسٍ أتنفّسه، لكنني كتمتُه.
‘يجب أن أذهب.’
ظهرت بوابةٌ حديديةٌ قديمة. كان المعدن صدئًا ورطبًا.
كان الممر خلف ذلك الباب يؤدي إلى الممرّات الداخلية لكاتاكل. أخذتُ نفسًا عميقًا آخر وفتحتُ الباب.
‘ما زال كما هو.’
فكّرتُ وأنا أسلك الممر المتعرّج.
سرعان ما ظهرت أمامي قاعةٌ كبيرةٌ تحت الأرض.
“…..”
ما إن ظهرت، حتى ساد الصمت القاعة بأكملها.
كان الجميع يراقبني. بعضهم نظر إليّ بنظراتٍ عدائية، كما لو كان يقول ‘لماذا أنتِ هنا؟’. بعضهم فرك عينيه كما لو أنه رأى خطبًا ما، والبعض تجاهلني ببساطةٍ وانصرف.
حسنًا، بالطبع.
بالنسبة لعملاء كاتاكل، أصبحتُ الآن خائنة، فكان من الطبيعي أن يتفاعلوا بهذه الطريقة.
كنتُ أتوقّع هذا، فتجاهلتُهم وتوجّهتُ نحو مقرّ بايلور.
في الماضي، كلّما شممتُ هذه الرائحة، شعرتُ بالارتياح. كان هذا المكان آمنًا، كنتُ أعلم أنني أحميه.
لكن الآن، اختلف الأمر.
حتى هذه الرائحة أصبحت خانقةً لي.
“أنتِ هنا.”
هذا الصوت.
صوتٌ مألوف، ما بات مرعبًا لي منذ فترة.
رفعتُ وجهي.
في منتصف الغرفة، على أريكة، يبدو أنها مُلقاةٌ بلا مبالاة، جلس بايلور.
تناثرت حول الأريكة قطعٌ من الزجاج المكسور وأكوامٌ من الرماد.
أمسك الزجاج بإحكامٍ بيده.
نظرتُ إليه وأخذتُ نفسًا عميقًا.
ظننتُ أنه والدي.
ظننتُ أنه مُنقذي.
اعتقدتُ بلا شك أنه الوحيد الذي بجانبي في هذا العالم.
لكن كلّ تلك الأفكار والمعتقدات كانت مجرّد أوهام،
أدركتُ الآن.
كان إدراكًا مؤلمًا.
“أنتِ هنا أبكر مما ظننت. اجلسي.”
أشار بايلور إلى المقعد المقابل له، لكنني هززتُ رأسي.
“لماذا فعلتَ ذلك؟”
ثم سألتُه.
كبتُّ مشاعري، محاولةً ألّا أُظهِر ارتجاف صوتي.
“لماذا قتلتَ الكهنة ودمّرتَ المعبد؟”
ضحك بايلور ببطء.
كانت ضحكته باردةً ولئيمة.
“لقد أتيتِ إليّ لأنكِ تعرفين السبب، أليس كذلك؟”
وضع الكأس على الطاولة. تردّد صدى صوت ارتطام الكأس البارد في أذني.
“لإعادتكِ.”
إجابةٌ مختصرة.
كانت نبرته هادئة.
كما لو أنه لا يخجل مما فعل.
“لا يوجد سببٌ آخر،”
هزّ بايلور كتفيه.
“لا شيء.”
صررتُ على أسناني.
نعم.
لا يمكن أن يكون هناك سببٌ آخر من الأساس.
“شارل. يا صغيرتي. فكّري في الأمر.”
واصل بايلور بهدوء، ولكن بشكلٍ مخيف.
“لقد استثمرتُ وقتًا طويلاً لأجعلكِ ما أنتِ عليه اليوم. لقد خسرتُ أكثر من بضعة أشياءٍ بسببكِ. ولكن مع ذلك، فقد وثقتُ بكِ، وكبرتِ مقابل ثقتي.”
كان صوته يحمل إحساسًا غامضًا بالفخر. وهذا جعل الأمر أكثر إثارةً للاشمئزاز.
“لذلك، بالطبع لا بد لي من إعادتكِ، أليس كذلك؟”
قام بايلر ببطءٍ من مقعده.
امتدّت شمعة ظلّه طويلاً.
“ماذا تريد مني؟”
سألت، وأنا أحاول كبح ما التوى في داخلي.
“أن تعودي إليّ.”
لم يتردد.
“سأسامحكِ.”
ثم همس وهو يقترب مني.
“سأسامحك على تيهكِ وتمرّدكِ القصير.”
ضحكتُ بخفة. دون حتى أم أملكَ قوّةً للرفض.
“إذن سامَحتَني، هذا يعني أنني يجب أن أصبح مرّةً أخرى كلباً مطيعاً.”
قلتُ ذلك وأنا ألوي شفتي.
“أنتِ …”
اقترب بايلر مني حتى أصبح أمام أنفي، ثم لمس خدّي براحة يده.
“لأنني أنا مَن صنعتُكِ هكذا.”
ارتجفت جسدي لا إرادياً، لكنني كبحتُ ذلك. ثم انحنت رقبتي موافقة.
“…… نعم، أيها القائد.”
شعرتُ بالخزي والغضب، ورغبتُ في الإطاحة ببايلور على الفور، لكنني …
كظمتُ غيظي.
لأن الآن هو وقت التحمّل.
“شكراً لكَ على مسامحتني.”
قلّدتُ لهجة تلك الأيام عندما كنتُ تابعةً له، لا، عندما كان هو مَن حطّمني.
“سأحرص على عدم تكرار مثل هذا الأمر مرّةً أخرى.”
أومأ بايلر برأسه راضياً عن كلماتي.
“أهلاً بعودتكِ.”
ثم همس بهدوءٍ وحنو.
“يا ابنتي.”
* * *
“لمّع حذائك! عشرة شلنات لحذاء الواحد! خمسة عشر شلنًا للزوج!”
كان بينكي في الشارع مجدّدًا اليوم.
الآن وقد طُرِد من منظمة كاتاكل، لم يعد عليه أن يكون مُخبِرًا، لكنه كان يخرج هكذا بدافع العادة.
ففي النهاية، العمل في الخارج يعني رؤية الكثير.
كان من الجيد أن يُبلِغ شارل وداميان بما رأى وسمع.
إذن …
‘أتمنى أن تكون شارل بخير.’
علمًا منه أنها ذاهبةٌ إلى مقرّ منظمة كاتاكل اليوم، تنهّد بينكي بقلق.
كان ذلك حينها.
ظهر أمام عينيه قدمٌ يسرى، مُرتديةً حذاءً.
“أوه! أهلاً بك!”
هتف بينكي بسرعة، وهو يغمس قطعة قماشٍ ناعمةٍ في مُلمِّع الأحذية.
“الدفع مسبقًا … هاه؟”
وما إن رفع رأسه ليرى وجه الزبون …
“هـ هاه؟”
صُدِم بينكي بشدّة ولم يستطع قول شيء.
كان الشخص الواقف أمامه …
“لُـ لُــو، لُــوفانسين؟”
لأنه لم يكن سوى لُــو.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 125"