Your sweet breath - 9
“كان يسعى وراء حياتك.”
… ما الذي سمعته للتو؟
“بالنسبة لتلك الأرواح الدنيئة، مقاومة الجوع أصعب من كسر المحظورات.”
“ذلك كان حقيقته.”
تغلغلت كلماته في أذنيها ببطء، كفحيح ثعبان سام، مما جعل قشعريرة تسري في أوصالها. شلّها الذعر، وكأنها استيقظت وسط كابوس، غير قادرة على تحريك أطرافها أو حتى التقاط أنفاسها بشكل طبيعي.
كان “سان” يراقبها بصمت، وعيناه الداكنتان تغوصان في عينيها المرتجفتين. ثم، ببطء، ابتعد عنها، مما جعل المسافة بينهما تتسع.
نظر إليها بهدوء، وكأنه كان يتوقع رد فعلها هذا. في النهاية، كان يعلم أن الجهل كان خيارًا أفضل لكليهما.
وبعد أن اتخذ قراره، تنهد بخفوت، مستعدًا لإنهاء هذه المحادثة:
“هل هذا يكفي؟”
اختفت ابتسامته العابرة، ولم يتبقَ سوى ظل بارد يغطي ملامحه.
“كانغ”، التي لم تستوعب بعد كل ما قيل، رمشت بعينيها وسألت بتردد:
“ماذا تعني؟”
“من البداية، كانت الإجابة واضحة، وكل ما طُلب مني هو تقديم تفسير مقبول.”
عندها فقط، أدركت الحقيقة.
اقترب منها قليلاً، ونبرة صوته عادت إلى هدوئها المعتاد:
“يبدو أنكِ ما زلتِ متعبة. ربما عليكِ أن تستريحي لبعض الوقت.”
“…”
“إذاً، هل تخشى ذلك؟”
ساد الصمت.
لم يكن الصمت العادي، بل ذلك الذي يسبق العاصفة، حيث يترقب كل شيء لحظة الانفجار.
نظر “سان” إليها بعينين نصف مغمضتين، وكأنها طرحت سؤالًا كان عليه أن يجيب عنه منذ زمن، لكنه كان يتهرب منه باستمرار.
لم ينزعج من قربها، بل اكتفى بالتنفس بهدوء، فيما ظلّت “كانغ” ممسكة بطرف ربطة عنقه، وكأنها لن تسمح له بالهرب هذه المرة.
“أنتِ تملكين شجاعة كبيرة، أو ربما مجرد تهور أعمى.”
كلماته كانت هادئة، لكنها حملت في طياتها تحذيرًا ضمنيًا.
لكنها لم تتراجع.
بل شدت قبضتها أكثر، وعيناها تتوهجان بتصميم غير مسبوق:
“لا أعتقد أنني أنا من يجب أن يخاف هنا.”
في تلك اللحظة، تقوس طرف شفتيه بابتسامة خافتة، غير واضحة المعالم، بين السخرية والاهتمام، وكأنه أخيرًا وجد شيئًا يستحق عناء الالتفات إليه.
لكن، بدلًا من الرد مباشرة، انخفض صوته أكثر، هامسًا بالقرب منها:
“وهل تظنين أن بإمكانكِ تحمل الحقيقة؟”
“جربني.”
“هناك شيءٌ واحدٌ فقط أخشاه.”
“…….”
“ألا أتمكّن من حمايتك.”
تواجهت نظراتهما الحادّة في معركةٍ غير معلنةٍ، لم يُظهر أيٌّ منهما نيّة التراجع.
لكن فجأة، عاد “سام يونغ” إلى المكان، مُشتّتًا الجوّ المشحون، وكأنّ الهواء الثقيل الذي كان يملأ المساحة قد تلاشى بعودته.
—
“يا إلهي! كم مرّ من الوقت منذ آخر لقاء لنا!”
استقبلتها خبيرة التجميل المسؤولة عنها بترحابٍ حار.
“كيف حالكِ، مديرة الصالون؟”
“أنا بخير، لكن ماذا عنكِ؟ هل أصبحتِ بخير الآن؟”
“نعم، أنا بخير.”
تأمّلت المديرة وجهها الشاحب لدرجةٍ مقلقة، ثم تنهدت وهي تنقر بأصابعها على خدّها برفقٍ، وكأنّها تأسف لحالتها.
“أوه، لا بدّ أنّكِ كنتِ مرعوبةً. لمَ هناك هذا العدد من المجانين في العالم؟! أمثال هؤلاء يجب أن يُلقَوا في السجن ولا يخرجوا أبدًا.”
كانت تثرثر بانفعالٍ حتى لمحت فجأة “سان” واقفًا خلفها، فاتّسعت عيناها بدهشةٍ لم تستطع إخفاءها.
خرجت منها شهقةٌ صغيرةٌ دون أن تشعر، قبل أن تقترب منها بخطواتٍ سريعة، مائلةً نحوها لتهمس لها بحذرٍ:
“مَن هذا الرجل صاحب الهالة المرعبة؟!”
“آه، إنه حارسي الشخصي.”
كان ردها بسيطًا، لكن نظرتها سرعان ما تحولت نحو سان، الذي وقف هناك، جامدًا كتمثال منحوت بإتقان، لكنه رغم ذلك، كان ينبض بحضور ثقيل لا يمكن تجاهله.
ارتسمت على شفتي المديرة ابتسامة ذات معنى، وهي تتفحصه من رأسه حتى أخمص قدميه، قبل أن تهمس مجددًا:
“حارس شخصي بهذا المظهر؟ عزيزتي، أين وجدتِ هذا الكنز؟”
لم ترد كانغ، بل اكتفت بتنهيدة خفيفة، فيما كان سان يراقب المشهد بصمت، وكأنه غير معني بالحديث.
لكن ما لم تدركه كانغ هو أنه كان يصغي إلى كل شيء، بما في ذلك نبضاتها المتسارعة، التي حاولت إخفاءها خلف قناع البرود.
أما المديرة، فواصلت كلامها بحماس:
“حسنًا، اجلسي، لنجعل هذا الوجه الباهت يستعيد رونقه!”
وبينما جلست كانغ استعدادًا لجلسة التجميل، لم تغب عنها نظرة سان التي لم تفارقها للحظة واحدة، وكأنها كانت تحت رقابته المستمرة، حتى في أكثر اللحظات عفوية.
لكن ما لم تدركه بعد، هو أن هذه الرقابة لم تكن مجرد واجب… بل كانت شيئًا أعمق من ذلك بكثير.
رفعت كانغ رأسها لتنظر إلى مصففة الشعر الجديدة، التي انحنت لها بلطف بابتسامة دافئة. كانت شابة ذات ملامح ناعمة، وعينين مليئتين بالحيوية، لكنها رغم وداعتها، لم تستطع كانغ تجاهل ذلك الشعور الطفيف بالغرابة الذي تسلل إلى قلبها.
“أوه، مرحبًا. أنا كانغ.”
مدّت يدها بتهذيب، لكن قبل أن تصل المصافحة، تدخّل سان، الذي كان يراقب الموقف بصمت.
“يبدو أنكِ جديدة هنا.”
كان صوته هادئًا، لكنه حمل نبرة غريبة جعلت المصففة تتوقف للحظة قبل أن تبتسم مجددًا.
“نعم، لقد انضممت حديثًا إلى الفريق. أرجو أن تعتني بي جيدًا.”
راقبته كانغ بحذر، لم تكن نظراته تحمل أي شيء واضح، لكنه بدا وكأنه يحاول قراءة شيء ما خلف ابتسامة الفتاة.
“حسنًا، لنبدأ إذن!”
حاولت كانغ كسر هذا الجو الغريب، بينما بدأت المصففة عملها، لكن ذلك الشعور بالغرابة لم يتبدد تمامًا.
أما سان، فظل واقفًا بجانبها، وعيناه تتابعان كل حركة، وكأنه ينتظر شيئًا ما أن يحدث.
بعد لحظات، أشارت المديرة إلى امرأة لم ترها كانغ من قبل، قائلة:
“آه، هذه هي مصففة الشعر الجديدة لدينا.”
ابتسمت المرأة ومدت يدها للتحية.
“مرحبًا، أنا جيون.”
كانت امرأة ذات شعر قصير بقَصّة شعر قصيرة بلون برتقالي محمرّ وشفاه مكسوة بدرجة من الأرجواني اللافت.
“مرحبًا.”
“أنتِ أجمل بكثير على الطبيعة! أنا من أشد معجبيكِ.”
“آه، شكرًا لكِ.”
كانت تمتلك طاقة ودودة جعلتها تبادر بالتحية بحرارة، ثم أشارت إلى كانغ قائلة:
“سأبدأ بغسل شعركِ أولًا، هل ترافقينني إلى الطابق الثاني؟”
قبل أن تجيب، علّقت المديرة التي كانت تقف بالقرب منهما:
“جرّبي تدليك فروة الرأس مع جيون، يديها بارعتان بشكل مذهل! لا أعرف من أين تعلمت هذه المهارة، لكنها الأفضل على الإطلاق.”
ابتسمت كانغ بخفة قبل أن تتبع جيون إلى غرفة غسيل الشعر في الطابق الثاني، بينما خرج ساميونغ لتلقي مكالمة هاتفية.
أما سان، فقد بقي متكئًا على الجدار، عاقدًا ذراعيه، يراقب بصمت ظهر المرأتين وهما تبتعدان.
عند وصولها إلى الطابق الثاني، تمددت كانغ على المقعد المعتاد، فوضعت المصففة منشفة على وجهها لتمنع تطاير الماء، ثم تأكدت من حرارة المياه قبل أن تبدأ بغسل شعرها بخبرة.
“هل الحرارة مناسبة؟”
“هل الضغط مناسب لكِ؟”
“نعم، إنه جيد.”
يبدو أن المديرة لم تكن تبالغ حين أثنت على مهارتها، فقد كانت لمساتها دقيقة وقوية في آنٍ واحد. شعرت كانغ بتوتر عضلاتها يذوب تدريجيًا، حتى كادت تغفو دون أن تشعر.
لكن، فجأة، ازدادت قوة الضغط على فروة رأسها.
‘أنه يؤلم قليلًا…’
عندما بدأت تشعر بوخز أشبه بانغراس الأظافر في فروة رأسها، انعقد حاجباها لا إراديًا.
في تلك اللحظة، أدركت أن أنفاس المصففة، التي كانت صامتة طيلة الوقت، بدأت تصبح متقطعة وثقيلة.
ثم، كما لو كانت تستنشق رائحة خفية، أخذت نفسًا عميقًا، ممتلئًا حتى أقصى رئتيها.
“هاه…”
كانت شفتيها المتباعدتين مبللتين كما لو أن اللعاب كاد ينسكب منهما، وعيناها نصف المغلقتين بدتا وكأنهما تدوران بلا تركيز.
ثم تمتمت بصوت خافت:
“رائحة شهية…”
في تلك اللحظة، انسحبت يدها اليمنى ببطء بعيدًا عن عنق كانغ، واتجهت أظافرها السوداء نحو الحزام الجلدي الذي يلف خصرها.
وبحركة سلسة، استلّت مقصًا حادًا من أدواتها، انعكست أنواره اللامعة تحت الإضاءة.
“أريد أن آكل… سأأكل…”
فيما كانت تهمس بكلمات غامضة، ارتفعت يدها القابضة على المقص في الهواء، واستدار النصل بسرعة خاطفة نحو عنق كانغ.
لكن في نفس اللحظة…
“ممف!”
يد قوية باغتتها من الخلف، تطبق بقوة على فمها المفتوح قبل أن تتمكن من إصدار أي صوت.
وفي غمضة عين، اختفت المصممة داخل ظل قاتم امتد على الجدار، كما لو أن العتمة ابتلعتها بالكامل.
كل ذلك حدث بلا أي صوت، بسرعة تفوق إدراك العين المجردة.
أما كانغ، فكانت لا تزال مستلقية تحت تدفق الماء الدافئ، والمناشف تحجب رؤيتها.
لم تسمع الهمسات التي كانت المصففة ترددها.
لكنها شعرت بقشعريرة غريبة تتسلل إلى جسدها.
نادَتْ كانغ على المصففة بصوت هادئ، لكن لم يأتِها أيّ رد.
مرّ وقت طويل دون أي حركة… فبدأ إحساس غريب يزحف إلى صدرها.
… ما هذا؟ هل ذهبت لتحضر شيئًا؟
نادَتْ “كانغ” مرة أخرى، لكن الصمت ظلّ سيد المكان.
—-
داخل غرفة التخزين المعتمة، حيث لم تُضَأ الأنوار.
“إن صرختِ… سأقتلكِ.”
جاء الصوت هادئًا، لكنه حمل في طياته تهديدًا قاتلًا.
كانت يدها لا تزال تقبض على المقص، الذي أصبح الآن موجهًا نحو عنقها.
طرف النصل الحاد كان قريبًا جدًا من شريانها السباتي، حتى بدا وكأنه سيخترقه في أي لحظة.
شعرت بقطرات من العرق البارد تسيل على طول ظهرها.
الإدراك بأنها قد تموت هنا لم يكن فكرة، بل كان يقينًا غريزيًا تسلّل إلى قلبها، إذ شعرت بجسدها يتجمد تحت وطأة الضغط الهائل الذي أحكم قبضته عليها، فلم تستطع حتى تحريك إصبع واحد.
“آه…”
خرج أنين خافت، أشبه ببكاء مكتوم، من شفتيها المرتجفتين، بينما تحركت عيناها المرتعدة نحو يسارها.
عبر اليد الضخمة التي كانت تضغط على فكّها بقوة كادت تحطّمه، برز وجهٌ غارق في الظلال، نصفه فقط مكشوف تحت الضوء الخافت.
“هذا ما أكرهه في الحثالة أمثالكِ.”
“تحاولين التهام ما لا يُناسبكِ، دون أن تدركي مكانتكِ.”
همس بصوت خافت قرب أذنها، بينما كانت عيناه المتوهجتان بحمرة قاتمة تراقبانها بثبات.
“تصرّفي وكأن شيئًا لم يحدث… عندها، لن يحدث شيء.”
تملّكتها الرهبة، فهزّت رأسها بسرعة دلالةً على تفهّمها، لكن عينيها المليئتين بالخوف كانتا محمرّتين بوضوح.
بعد لحظات.
خرجت المصففة من غرفة التخزين المظلمة، متّجهة نحو “كانغ” بوجه شاحب ونَفَسٍ مضطرب.
كانت قدماها ترتجفان بشدّة، بالكاد تستطيع الوقوف، فضلًا عن السير. ومع ذلك، كان الرعب المنحوت في أعماقها كفيلًا بجعلها تتحرك رغمًا عنها.
“سـ… سأكمل غسل شعركِ.”
لم تكن “كانغ”، التي لا تزال عيناها محجوبتين بالمِنشفة، قادرة على رؤية وجهها المذعور، لكن يدي المصففة المرتجفتين حملتا إحساسًا بالقلق غير المبرّر.
—
—
لم يكن لدى “هوانغ” أي نية للتساهل معها في يوم عودتها الأول.
على العكس، كان منشغلًا بتعويض الخسائر التي تسبّبت بها فترة توقّفها عن العمل، سواء من مشاريع تأجّلت أو فرص ضاعت.
خرجت “كانغ” من الصالون، متّجهة إلى أولى مواعيدها لهذا اليوم، مقابلة لمجلةٍ شهيرة.
عادت إلى الشركة مباشرةً لحضور اجتماعٍ قصير، ثم كان عليها مرافقة “هوانغ” إلى لقاءٍ مسائي مع أحد رجال الأعمال في المجال.
لقد كان يومًا طويلًا بحق.
لو لم تتمكّن من إغماض عينيها ولو قليلًا خلال النهار، لكانت قد انهارت من الإرهاق داخل السيارة.
بعدما أنهت جدول أعمالها بسلام، شجّعها “سام-يونغ” على العودة سريعًا إلى المنزل، حرصًا على راحتها.
“كانغ، لا بدّ أن ثلاجتكِ فارغة، أليس كذلك؟”
كان ينوي شراء بعض الطعام لها، لكن “سان” أوقفه قائلًا:
“من الأفضل أن تخلد للراحة مبكرًا اليوم، أليس كذلك؟”
“أجل، يبدو أن هذا هو الخيار الأفضل.”
بجملةٍ واحدة، تخلى “سام-يونغ” بسهولة عن فكرته، وكأنه لم يكن مستغربًا أن يُؤخذ رأي “سان” بهذه الجدية. لم تتفاجأ “كانغ” أيضًا، فقد بات الأمر مألوفًا بالنسبة لها.
بعد مغادرته، استقلّت المصعد برفقة “سان”، متجاورَين في صمت.
بمجرّد أن تعرّف الجهاز على بطاقتها، أُضيئت أزرار الطوابق تلقائيًا واحدًا تلو الآخر.
ولكن لسببٍ ما، بدا الصمت داخل هذا المكان الضيّق أكثر ثقلاً من المعتاد هذه الليلة.
كانت “كانغ” هي من قطعت هذا السكون أولًا.
“قلتَ إنك ستأتي متى ناديتُك… صحيح؟”
“نعم.”
“إذًا… بأي طريقةٍ يجب أن أناديك بها؟”
كان سؤالها غريبًا بعض الشيء، وربما غير منطقيٍّ حتى.
لكن “سان” لم يُبدِ أي استغرابٍ، بل أجاب ببساطة:
“نادِني باسمي.”
“…….”
“إن ناديتِني، فلن يكون أمامي خيارٌ سوى أن آتي إليكِ.”
كانت إجابته غريبةً بقدر غرابة السؤال نفسه.
“نادِني باسمي”؟
“طنين—”
رنّ صوتٌ خافتٌ معلنًا وصول المصعد، وانفتحت الأبواب الثقيلة ببطء.
خرجت “كانغ” منه بخطواتٍ هادئة، لكنها توقّفت عند الباب والتفتت نحوه.
كان هو الآخر ينظر إليها.
“أنا بحاجةٍ إليك.”
“…….”
“حتى لو لم تكن إنسانًا… لن يهمّني ذلك.”
سواءً كنتَ كائنًا فضائيًّا، أو عفريتًا، أو حتى شيئًا لا يمكنني تصوّره.
كلّ ما تمنّته أن تصل إليه مشاعرها، أن يدرك مدى صدقها.
بالطبع، لو كان “هان سان” إنسانًا عاديًّا، لبدت كلماتها محض هراءٍ لا أكثر.
لكنّه لم يُجب بشيء.
كان فقط يُحدّق بها بصمتٍ، نظراته ساكنةٌ كسطح ماءٍ عميق.
“لذا، في أيّ وقتٍ وأيّ مكان… أتمنى أن تصلك صرختي حين أنادي اسمك بحرقةٍ.”
“…….”
“وألّا تفوّت سماعها أبدًا.”
تلاقت نظراتهما لوهلةٍ، ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ هادئة، كما لو كان مشهدًا مصوّرًا بإتقان.
وأخيرًا، تحرّكت شفتاه الحمراوان لينطق بعبارةٍ واحدة:
“تصبحين على خير.”
حين بدأت أبواب المصعد تُغلَق، شعرت وكأن الزمن يتباطأ فجأة، كما لو كان يُطيل تلك اللحظة عمدًا.
وظلّت أعينهما متشابكةً… حتى اختفى كلٌّ منهما خلف الأبواب المغلقة.