Who made me a princess - 185
رأى كلود عيناها المتسعتان.
بينما هناك شاي وكعك يحبه الأطفال على الطاولة، بدت الطفلة خائفة وهي تنظر حولها. لاحظ كلود الطفلة التي بدت متوترة جداً أمامه. عندما أحضر الطفلة باندفاع، كان منجذباً إلى حداً ما.
لكن هذا الشعور لم يدم إلا للحظة وجيزة. وسرعان ما بدأ الفراغ والملل يملأ قلبه.
وبينما يراقب وجهها المتوتر، بدأت الذكريات المنسية تعود ببطء.
لم يستطع أن يتذكر السبب، لكنه قتل جميع خدم القصر في قصر روبي. وخطط لقتل الطفلة المولودة حديثاً، والتي تكون ابنته بيولوجياً، لكنه في النهاية لم يقتلها وابتعد.
“لم أسمع أنكِ خرساء.”
بعد أن قام خدم القصر بوضع المرطبات، رفع كلود كوب الشاي إلى فمه وتحدث.
أصيبت الطفلة بالفواق وكأنها تفاجأت.
“أنتِ هادئة جداً. كم هذا ممل.”
في تلك الفترة القصيرة من الزمن، الوجه، الذي بحجم يده، تغير تعابير وجهها. وجد كلود هذا الأمر مثيراً للإهتمام.
“هل أنتِ في الواقع لا يمكنكِ التحدث؟”
“آثي يمكنها التحدث.”
بعد الرد، ابتسمت الطفلة بخفة وإحراج.
“سمعت صوتكِ أخيراً. لماذا أبقيتِ فمكِ مغلقاً؟”
بعد أن سألها بإصرار، أصبح تعبير وجه الطفلة قلق مرة أخرى وكأنها لم تبتسم أبداً للتو.
“جلالتك، من فضلك اعذر وقاحتي، لكن الأطفال في عمر الأميرة عادة ما يكونون خجولين للغاية.”
“هل هذا صحيح؟”
أتى الرد من فيليكس الذي يقف في الجانب. بعد سماع هذه الكلمات، فكر كلود أن هذا مفهوم. من وجهة نظر الطفلة، فجأة التقطها شخص لم تره من قبل واختطفها. يستطيع أن يرى سبب خوفها وتوترها.
نظر كلود إلى الطفلة الجالسة أمامه مرة أخرى. لكن في اللحظة التي التقت فيها أعينهما، بدأت الطفلة تبتسم مرة أخرى بوجه نقي، وكأنها لا تعرف شيئاً.
شعر بغرابة بعض الشيء عندما نظر إلى ابتسامتها. لماذا تبتسم بلا حذر هكذا؟ ألا تعلم أنه بحركة يد واحدة مني، يمكنها أن تموت على الفور دون أن تتاح لها الفرصة للصراخ؟
الآن بعد أن فكر في الأمر، تذكر كيف أن الطفلة تبعته بسهولة شديدة على الرغم من أنه شخص غير مألوف لها. ألم يعلم أحد الطفلة ‘لا تتبعي أبداً شخصاً تقابلينه لأول مرة’؟ اعتقد أن المرأة، التي أتت لتتوسل إليه بشأن رغبتها في رعاية الطفلة في قصر روبي، ستظل موجودة.
ثم تذكر كيف ظلت الطفلة تنظر إلى فيليكس.
“فيليكس.”
“نعم، جلالتك.”
“غادر.”
سيكون من الأفضل أن يتواجد شخص واحد غير مألوف بدلاً من شخصين. أغمض كلود عينيه وفتحهما وهو يأمر فيليكس. لو رأى أحد أفكاره، لتفاجأ من طريقة تفكيره العادية. لقد كان تفكيره مختلف عن المعتاد منه.
تردد فيليكس لفترة وجيزة، لكنه لم يستطع إلا أن يغادر بسبب أمر الإمبراطور.
بعد ذلك، تحدث كلود مع الطفلة المتجمدة في مكانها مرة أخرى.
“لا بد أن ‘آثي’ يكون لقباً.”
آثاناسيا. وآثي. بالمقارنة مع المعنى الكبير للإسم، إن اللقب لطيف جداً.
“آثاناسيا. آثاناسيا، أنتِ تقولين.”
لا بد أن الشخص الذي قام بتسمية الطفلة هي والدتها. لم يكن قادراً على تذكر من تلك المرأة المتعجرفة.
“تجرأت على إعطاء هذا الإسم لطفلتها. يا لها من وقاحة.”
لم يستطع إلا أن يتذكر الوجه بشكل ضبابي. وبينما كان يحاول أن يتذكر المزيد، عادت موجة من الصداع مرة أخرى. هناك شيء غير طبيعي في هذا. ولكن بغض النظر عن مدى صعوبة محاولته التفكير، يصبح عقله فارغاً فقط. شعر وكأن هناك ستارة معتمة تحجبه.
جهوده لا معنى لها. وحتى هذا سرعان ما أصبح مزعجاً له.
“لماذا أنتِ هكذا؟ فلتأكلي.”
أمسك بالطفلة وهي تنظر إليه.
“لقد أمرت عمداً بإحضار ما يريده الأطفال، ولكن إذا لم تأكلي، فلا يمكنني سوى معاقبة أولئك الذين حضّروا هذا الطعام.”
“شكراً لك على الطعام.”
رأى كلود الطفلة تلتقط الشوكة وكأنها كانت تنتظر كلامه. منذ أن علم أن الطفلة كانت تجمع جواهر رديئة الجودة في حقائب بالكثير من التقدير، بالإضافة إلى مظهرها وسلوكها، شعر أنها بعيدة كل البعد عن أن تكون ملكية. هي لا تبدو سيئة للغاية، لكن قماش فستان الطفلة نفسه ليس بأفضل جودة.
حسناً، كان من المفاجيء أن شخص ما اعتنى بهذه الطفلة، في حين أنه هو نفسه نسي وجودها.
“إنه لذيذ.”
تحدثت الطفلة ذات الخدان المنتفخان وهي تمضغ. وضعت الكعكة في فمها كما لو كانت هذه هي المرة الأولى التي تأكلها فيها. لقد لفت هذا السلوك انتباه كلود بشكل غريب.
“من علمكِ الآداب؟”
“ليلي علمتني.”
سألها كلود لأنه رغم كل هذا، إن آداب الطفلة جيدة جداً. وهذا غريب.
“نعم، لا بد أنكِ تتحدثين عن ليليان يورك.”
إذن هي السبب. كما هو متوقع، هذه المرأة لا تزال تعتني بها.
“قبل خمس سنوات، كانت تتوسل لي لتعتني بكِ في قصر روبي.”
أصبحت عينا كلود حادتان. وكأن شخص ما يتلاعب بأعصابه باستمرار، ساء مزاجه. وهو يفكر في الأمر، شعر بهذه المشاعر منذ أن التقى بالطفلة.
“أنتِ. هل تعرفين من أنا؟”
كما فكرت، هل يجب أن أقتل هذه الطفلة؟ حدق في عينا الطفلة النقيتان. تنظر إليه بالكريمة المخفوقة على خديها. فكر في إنهاء هذا الملل.
لكن الطفلة فتحت وأغلقت فمها ثم تحدثت بتردد.
“أ-أبي؟”
اهتزت عينا كلود دون أن تلاحظ. بما أن الطفلة تبعت بلا حذر شخصاً تراه لأول مرة، اعتقد أنها طفلة جريئة ومهملة، لكن… يبدو أنها تعرف من هو.
هل أخبرتها تلك المرأة التى اسمها ليليان؟ أم أنها اكتشفت ذلك بنفسها بعد رؤية عيناه الكريستاليتان.
“… بابا؟”
… ولكن كم هذا غريب. لماذا أشعر هكذا؟
عندما رأى وجه الطفلة وهي تنظر إليه وتهمس بصوتها الهاديء، شعر فجأة بالتردد قليلاً في قتلها. عندما شعر بالإضطراب بداخله، نظر كلود للطفلة التي تحدق به. لكن تأمله لها انتهى في اللحظة التي ابتسمت فيها الطفلة بإشراق.
“بابا!”
لقد كان كلود دي ألجير أوبيليا يشعر بالملل بصدق من الحياة. لكن في هذه اللحظة، فكر، قد يكون هذا مثيراً للإهتمام بعض الشيء… لم يكن يعلم أن قراره في هذا اليوم سيغير حياته تماماً إلى الأبد.
********************
“جلالتك، كيف حدث هذا؟”
في تلك الليلة، سأله فيليكس، وهو يبدو وكأنه لا يصدق ما حدث.
لم يرد كلود.
“إذا هي حقاً ابنة جلالتك، فكيف لم أعرف بوجودها؟”
سأل فيليكس، وكلود يعرف الإجابة.
“لأنني أمرت بهذا.”
بعد أن أمر فيليكس بإعادة الطفلة إلى قصر روبي، حدق بشرود في الطبق الفارغ الذي يحتوي على فتات الخبز المتبقية. ثم تذكر.
“قلت إذا وصل أي شيء عن الطفلة حديثة الولادة من قصر روبي إلى أذنيّ ولو مرة واحدة، فسوف أقتل جميع خدم القصر والطفلة بيدي.”
لقد حدث ذلك بعد المذبحة في قصر روبي. وبما أن حياتهم تهمهم، فقد عاش خدم القصر في قصر روبي في صمت تام طوال السنوات الخمس الماضية. ومن ثم، كان من المستحيل على فيليكس، الذي يبقى معظم اليوم مع كلود، أن يعرف عن الطفلة التي نسيها حتى كلود نفسه.
“حدث هذا أيضاً خلال حادثة قصر روبي المؤسفة؟ لكن كيف…”
ثم رفع فيلكس صوته على سيده، وهو أمر نادر.
“حتى عـنـي، كيف أمكنك أن تُخفي عني حقيقة أن طفلتك، التي أنجبتها السيدة ديانا، لا تزال على قيد الحياة؟ ألم تخبرني في ذلك الوقت أن السيدة ديانا والطفلة قد ماتا؟ لا أستطيع أن أصدق أن الأميرة الصغيرة قد نشأت بمفردها في القصر المنعزل بينما كانت بحاجة إلى الرعاية. جلالتك، ما الذي كنت تفكر فيه؟ اعتقدت على الأقل…”
توقف فيليكس عن الكلام كما لو كان يبتلع شيئاً بداخله وفتح فمه مرة أخرى.
ومن كلماته التالية، أصبحت عينا كلود حادتان للغاية.
“حتى رغم أنك تُخفي مشاعرك، اعتقدت دائماً أن رحيل السيدة ديانا كان له غصة في قلب جلالتك. ولكن هل كان حتى هذا وهمي الأحمق؟ كيف أمكنك أن تكون مهملاً جداً نحو الطفلة التي تركتها السيدة ديانا…!”
“أغلق فمك إذا كنت لا تريد أن تموت.”
تردد صدى صوت منخفض، مثل خدش الأرض، وانخفضت درجة الحرارة المحيطة بهما فجأة.
“ليس لدي سبب لسماع تلك الكلمات المتعجرفة منك بسبب تلك الطفلة وتلك المرأة.”
“جلالتك!”
بدا فيليكس وكأنه يريد الإحتجاج، لكن صوت كلود لا يزال بارد.
“لقد سمحت لك بالثرثرة لأرى إلى أي مدى ستصل، لكنك تجاوزت حدودك دون أن تعرف نهايتك. هل تجرؤ على إلقاء محاضرة عليّ حول القرارات التي اتخذتها؟ منذ متى تقف ضد سيدك وأصبحت وقحاً جداً؟”
تغير تعبير وجه فيليكس للإحباط. لكن كلود لم يعد يرغب في الإستماع إليه.
“غادر. هذا هو حدي الأقصى للتغاضي عن عجرفتك.”
في النهاية، شاهد فيليكس سيده بصمت بعينان مظلمتان واستدار بلا كلام. لم يلقي كلود حتى نظرة خاطفة على الشخص الذي غادر.
عندما أغلق فيليكس الباب، أغمض كلود عينيه ووضع يده على رأسه حيث كان يشعر بألم شديد منذ وقت سابق. كما لو كان شخص ما يطعن رأسه بخنجر، كان الألم لا يطاق.
[حتى عـنـي، كيف أمكنك أن تُخفي عني حقيقة أن طفلتك، التي أنجبتها السيدة ديانا، لا تزال على قيد الحياة؟]
[حتى رغم أنك تُخفي مشاعرك، اعتقدت دائماً أن رحيل السيدة ديانا كان له غصة في قلب جلالتك.]
ديانا. ديانا… ديانا، أنت تقول؟ هل ‘ديانا’ هو اسم المرأة التي أنجبت طفلتي؟ كرر كلود الإسم في عقله.
شيء من الشوق يضغط بشكل مؤلم على قلبه. شعر بالإختناق.
وسرعان ما سمع همسات، لا تتذكر. لا تحاول أن تتذكر بعد الآن. إذا تذكرت ما حاولت جاهداً أن تنساه، فسوف تندم بالتأكيد، وترددوا في عقله باستمرار.
أغلق كلود عينيه مرة أخرى.