Who made me a princess - 174
“جلالتك، الإجتماع الرسمي سيُعقد قريباً. إلى أين أنت ذاهب؟”
“أنت تثرثر بصوت عالي جداً. سأتعامل مع ذلك بنفسي، لذلك كن هادئاً وارحل.”
بدا أن كلود في مزاج سيء كالمعتاد. على صوت الإمبراطور العميق، ألقى عليه فيليكس نظرات قلق. كان الإجتماع الرسمي الأسبوعي الذي يُعقد مع البيروقراطيين* مهماً للغاية، ومع ذلك، استمر الفارس في اتباع كلود واقترح بحذر أن يذهب إلى غرفة الإجتماعات الآن. لكن كلود أرسل فيليكس بعيداً كما لو كان ازعاج.
(*: هي مفهوم يستخدم في علم الإجتماع والعلوم السياسية يشير إلى تطبيق القوانين بالقوة في المجتمعات. وتعتمد هذه الأنظمة على الإجراءات الموحدة وتوزيع المسؤوليات. وهنالك العديد من الأمثلة على البيرقراطية المستخدمة يومياً: الحكومات، القوات المسلحة، الشركات، المستشفيات، المحاكم، والمدارس. يعود أصل كلمة البيرقراطية إلى بيرو (büro)، وهي كلمة ألمانية ومعناها مكتب، المستخدمة في بداية القرن الثامن عشر ليس للتعبير عن كلمة مكتب للكتابة فقط بل للتعبير عن الشركة، وأماكن العمل. وكلمة قراطية وهي كلمة مشتقة من الأصل الإغريقي كراتُس (κράτος) ومعناها السلطة والكلمة في مجموعها تعني قوة المكتب أو سلطة المكتب.)
{أتمنى أن يحب جلالتك هذا الطفل.}
بينما كان كلود يسير بمفرده، رن صوت شخصاً ما في أذنيه مرة أخرى. أمسك رأسه المتألم وعبس.
{قد تكون هذه آخر هدية يمكن أن أقدمها لك.}
فكر كلود أن صوت هذه المرأة المجهولة يقوده إلى الجنون. كان يحلم بهذا الحلم الغريب منذ فترة. ظهرت هذه المرأة المجهولة مراراً وتكراراً في حلمه واستمرت في إخباره بهذه الكلمات المحيرة.
لكن أكثر ما لم يستطع فهمه هو ردة فعله.
لماذا شعر أن قلبه تمزق بسبب هذا الشخص المجهول؟ ولماذا شعر بمشاعر الحزن والشوق كلما كان لديه هذا الحلم؟
قام بعدة محاولات لإمساك هذه المرأة في حلمه، لكنه لم يمسكها لأنه يستيقظ. بغض النظر عن مدى صعوبة محاولته تذكر وجه هذه المرأة، لم يستطع كلود تذكرها على الإطلاق.
مع صداع شديد، سار الإمبراطور بلا هدف. لم يكن لديه أي فكرة بمكان توجهه. كان يسير ببساطة إلى حيث تقوده قدميه…
ثم التقى بشخصاً ما. بعد أن شعر بوجوده، استدار الشخص الذي يقف في منتصف حقل زهور بيضاء.
فجأة هبت رياح. تمايلت الزهور. وطار شعر ذهبي لامع مع الزهور البيضاء.
اعتقد كلود أن المرأة في حلمه ظهرت أمامه. كما لو أنه رأى شبحاً، تجمد كلود في مكانه. لم يستطع فهم سبب اعتقاده أن الشخص الذي يقف أمامه يبدو مشابهاً جداً للمرأة المجهولة في حلمه.
“آه… آه… ما الذي أتى بك إلى هنا…”
وكأن هذا الشخص يسخر من تجمده، صوت مذهول اخترق أذنيه.
على الفور، شعر كلود كما لو أنه استيقظ للتو من حلم.
تعرّف أخيراً على الشخص الذي يواجهه وأين هو. الآن، هو في حقل زهور مجاور لقصر روبي. لم يستطع أن يفهم لماذا قادته قدميه إلى هنا.
“لماذا أنتِ هنا؟”
لإخفاء قلبه المضطرب، سأل كلود عمداً الشخص بصوت بارد.
نظرت إليه آثاناسيا كما لو كانت غير متأكدة من كيفية الرد عليه. ثم سمع صوتها.
“شعر قلبي بالشوق بينما كنت أفكر في الماضي، لذلك أتيت إلى هنا. هذا كل شيء.”
في اللحظة التي سمع فيها ردها، عاد صداع كلود.
“أتساءل إذا صحتك على ما يرام؟”
سألته آثاناسيا بحذر، وهي ترى عبوس كلود.
“ما هذا الهراء الذي تثرثرين به بظهوركِ المفاجيء؟”
سخر كلود بعدم تصديق.
منذ متى يسألان عن صحة بعضهما البعض؟ كان للشخص الذي أمامه صفة مزعجة ومثابرة. على الرغم من موقفه البارد الذي لا يتغير، كان هذا الشخص تلجأ إليه وتجبر نفسها على الإبتسام بالدموع في عينيها. هذا الجانب منها عذاب له.
توقف كلود عن التفكير.
عذاب؟ هل أشعر بالعذاب كلما أراها؟ إذا كان الأمر كذلك، إذن لماذا؟
“سألت فقط لأن بشرتك لا تبدو جيدة. ليس لدي أي نوايا أخرى.”
على الرغم من الإضطراب حول هذا الموقف، إلا أن آثاناسيا لم تبتعد واستمرت في التحدث إليه.
“ربما، إذا من الممكن لي أن أسأل، صحتك تدهورت فجأة في الآونة الأخيرة؟”
ما الذي تقوله هذه الفتاة بالضبط؟ في المرة السابقة، ابتعدت عنه والدموع في عينيها بعد أن بدت وكأنها لن تراه مرة أخرى…
“أم، أو تذكرت فجأة ما كنت قد نسيته…”
ثم رنت همسة في أذنيه مرة أخرى.
{هذه الطفلة التي سأتركها ورائي… من فضلك فلتحبها وتعشقها، كما فعلت معي.}
{هذه هي أمنيتي الوحيدة.}
فجأة، شعر كلود وكأن شخصاً هز قلبه بعنف.
“بعد أن أصبح لديكِ سحر فجأة، هل ألقيتِ عليّ تعويذة؟”
شعوره بألم شديد، عبس كلود.
“لا عجب أن المرأة في حلمي تشبهكِ بشكل غريب.”
“امرأة في حلمك؟”
ردت آثاناسيا على تمتمته.
تصلب وجه كلود من كلماتها التالية.
“هل كان هذا الشخص وأنا متشابهان؟ إذا كان الأمر كذلك، أتساءل عما إذا كنت تتحدث عن والدتي؟”
لماذا. في اللحظة التي سمعها فيها، شعر كلود كأن أحدهم يطرق رأسه. غمره الخدر. شعر بجسده وكأنه يتكسر إلى ملايين القطع.
ترنح كلود للخلف. بعد رؤية رد فعله، بدت آثاناسيا مندهشة للغاية وعيناها متسعتان.
“أبي…”
“لا تقتربي.”
لكن صوت كلود الجليدي بنى جداراً بينهما.
“إذا اقتربتِ أكثر…”
ربما كان يتصرف بدفاع غريزي. كان يعلم أنه إذا واجه هذا الشخص أكثر من ذلك، فسوف ينهار جسده.
“فأنا حقاً سأقتلكِ.”
لحسن الحظ، لم تتبعه آثاناسيا وهو يبتعد.
********************
“أبي، لماذا أنت هنا في هذا الوقت؟”
أصبح قصر الزمرد مشغولاً بظهور كلود المفاجيء دون سابق إنذار.
كانت جانيت سعيدة بزيارته لكنها شعرت بشيء غير عادي. توقفت بعد أن رأت وجهه عن قرب.
“هل حدث شيء؟ بشرتك…”
“أنا فقط متعب.”
على عكس طبيعته المعتادة، قاطعها كلود بحدة.
جانيت فقط حدقت به لفترة وجيزة. ثم ابتسمت بإشراق ورفعت ذراعه.
“بالطبع ستكون متعباً لأنك تعتني بالمملكة كل يوم دون أخذ قسط من الراحة. من فضلك تعالى إلى هنا واسترح قليلاً.”
بعد إمساك جانيت لذراعه، تبعها كلود بطاعة. شعر برأسه وكأنه على وشك الإنفجار، لذلك لم يستطع التفكير بشكل صحيح.
“هنا. سأبقى بجانبك، لذلك ستتمكن الآن من الراحة بشكل صحيح.”
بعد أن جعلته يستلقي على الأريكة، وضعت جانيت عليه بطانية. ربتت على كتفه بلطف.
ظهر السحر الأسود داخل جانيت، لكن كلود لم ينتبه لذلك. الغريب، أن عقله أصبح أهدأ ببطء. يشعر بالهدوء والسكينة كلما يكون مع جانيت. شعر كلود بالتناقص التدريجي لألم الصداع الشديد، فأغلق عينيه ببطء.
“ستكون على ما يرام. كل شيء سيكون على ما يرام.”
بدت الهمسة الهادئة لأذنه وكأنها تهويدة.
“لا تفكر في أي شيء الآن وفقط استرح.”
ابتسمت خادمة كانت تقف بالقرب من مدخل الغرفة بعد أن نظرت إلى كلاهما وغادرت الغرفة وهي تغلق الباب.
صمت ثقيل ملأ الجو.
بينما جانيت تشاهد كلود وهو يبدو أكثر هدوءاً، ابتسمت واستمرت في الهمس في أذنه.
“أبي، من فضلك ابقى بجانبي دائماً هكذا.”
بصدق، أعلم أنك لست والدي الحقيقي.
وأنا أعلم أنك قتلت أبي وأمي.
“مثل الآن، دون أي تغيير. دائماً.”
لذلك، على الأقل يجب أن تكون بجانبي، كبديل للأشخاص الذين سرقتهم مني.
“هذا كافي بالنسبة لي.”
ابتسمت جانيت وهي تلمس الشخص النائم أمامها.
الآن، في هذه اللحظة، هي سعيدة بما فيه الكفاية.
********************
تصلب وجه آثي وهي تحدق في المكان الذي وقف فيه كلود. شعرت أن هناك شيئاً خاطئاً جداً في ردة فعله. أتى فجأة إلى الحديقة المجاورة لقصر روبي وأجاب بغرابة على تعليقات آثي.
بصدق، جاءت إلى الحديقة باندفاع شديد. بما أنها اضطرت إلى البقاء داخل قصر روبي، تذكرت حقل الزهور الذي كانت تزوره كثيراً في الماضي عندما كانت تقطف الزهور كهواية.
الآن بعد أن فكرت في الأمر، توقفت عن زيارة قصر روبي بعد أن بدأت العيش في قصر الزمرد. ذهبت إلى هناك مرة واحدة عندما لعبت أمسك بي إذا استطعت مع لوكاس…
على أي حال، زارت آثي هذه الحديقة لأنها ذكرتها بعالمها وكانت تشم رائحة كانت مألوفة لها في صغرها. لم تكن الحديقة مختلفة عما كانت عليه عندما جاءت إلى هنا عندما كانت صغيرة لصنع تيجان الزهور لليلي وكلود. ثم تذكرت أن هذه الحديقة متصلة بقصر روبي وقصر جارنيت. قابلت كلود لأول مرة لأنها ضاعت بينما كانت تقطف الزهور هنا.
في ذلك الوقت، لم أكن أعلم أنه كان قصر جارنيت، لذلك خططت لإستخدامه كمكان لإخفاء جميلاتي…
ثم تذكرت الدماء، العرق، والدموع بعد أن قابلت كلود لأول مرة.
وبالحديث عنه، ظهر كلود أمامها بينما كانت تغرق نفسها في الحنين إلى الماضي. لاحظت آثي كيف أن بشرته لا تبدو جيدة. مثل ما قال لها لوكاس، قد تكون آثي فضولية، لكنها لم تستطيع منع نفسها. لذلك، سألته عن صحته. كان كلود شديد البرودة تجاهها، تماماً كما توقعت. لكن كان موقفه المعتاد تجاهها أقرب إلى اللامبالاة، بدا كلود متوتراً للغاية اليوم. أيضاً، ما قاله لها كلود…
[بعد أن أصبح لديكِ سحر فجأة، هل ألقيتِ عليّ تعويذة؟]
[لا عجب أن المرأة في حلمي تشبهكِ بشكل غريب.]
… كان غريباً جداً.
امرأة تشبهني في أحلامه. تذكرت آثي على الفور كلود في عالمها وهو يُظهر ديانا في أحلامها. هذا لا يمكن أن يكون مصادفة. لكن ألم يتصرف وكأنه لا يستطيع تذكر ديانا على الإطلاق؟
بالإضافة إلى ذلك، لم ترى قط تعبيراً مثل ذلك من كلود. كما لو أن الوقت قد توقف عن السير من حوله، فقد وقف فقط هناك وشاهدها. ثم لكي يهرب من شيء ما، استدار وابتعد.
لم تستطع آثي أن تتبعه.
أعتقد… ربما… الذكريات التي مسحها كلود لا بد أنها تكون عن ديانا. وإذا كان هذا هو سبب تركه آثاناسيا في قصر روبي ولم يهتم بها، إذن…
بمجرد أن بدأت آثي تشك في ما حدث في الواقع، جاءت الأفكار إليها واحدة تلو الأخرى.
في وسط حقل الزهور البيضاء، بدأت تراودها أفكار ومشاعر معقدة للغاية. في النهاية، سارت حيث اختفى كلود. لم تكن تعرف ما يمكنها فعله الآن، لكنها لم تستطع تركه بمفرده.
لاحظت غياب كلود في قصر جارنيت. مثل قصر جارنيت في ذكرياتها عندما كانت صغيرة، القصر هاديء للغاية. بحثت عنه آثي في حدائق مختلفة، وغرفة نومه، ومكتبه، وما إلى ذلك، لكنها لم تجد حتى خصلة من شعره.
“آه، أميرة آثاناسيا.”
بدلاً من ذلك، التقت بفيليكس.
“سيد روبان.”
آه، لست متأكدة من مدى قرب آثاناسيا وفيليكس في هذا العالم، لكن لا بد أنهما ليسا قريبين جداً. لذلك، أنا متأكدة من أنني يجب أن أدعوه باسمه الأخير. لا تستطيع آثي تذكر تحدث الأميرة آثاناسيا وفيليكس مع بعضهما البعض، لذلك لم تكن متأكدة تماماً.
“فلتكن بركة أوبيليا معكِ.”
وكأن افتراضاتها صحيحة، حياها فيليكس لحسن الحظ دون أن يبدو في حيرة.
“أتساءل عما إذا كنتِ ربما أتيتِ لرؤية جلالته.”
“نعم، أين أبي؟”
تردد فيليكس قليلاً بشأن سؤال آثي. توقفت آثي عند رده.
“لقد سمعت منذ وقت ليس ببعيد، لكن جلالته موجود حالياً في قصر الزمرد.”
ماذا؟! لقد هددني بقتلي إذا اقتربت منه، ثم ذهب لرؤية جانيت على الفور؟ لا بد أنه كان أفضل مما كنت أعتقد لأنه ذهب إلى قصر الزمرد بدلاً من الذهاب إلى غرفته. كنت قلقة جداً عليه لأن تعبير وجهه لم يكن جيداً عندما ابتعد… لكن بالتفكير أنه ذهب لرؤية جانيت على الرغم من حالته… أنا غبية لأنني كنت أبحث عنه.
كان لدى آثي اضطراب داخلي في قلبها. لكنها تعرف أن كلود هذا العالم ليس والدها كلود، لذلك كانت قادرة على التحكم في مشاعرها بسرعة. بدا تعبير وجه الفارس وكأنه يعتذر. ابتسمت آثي لتقول إنها بخير. لكنها شكت في ابتسامتها عندما رأت وجه فيليكس المظلم بعد أن نظر إليها. افترضت أنه يشفق على الأميرة آثاناسيا.
ثم رأت بعض البيروقراطيين من مسافة بعيدة، لذلك فتحت فمها مرة أخرى.
“بالمناسبة، هؤلاء الناس…”
“تم إلغاء اجتماع رسمي فقط قبل لحظة…”
كلود، كيف أمكنك؟! هل ألغيت بالفعل اجتماعاً رسمياً لرؤية جانيت؟ أنت إمبراطور، فكيف تفعل ذلك؟ حسناً… ربما يمكنه إلغاء الإجتماعات الرسمية لأنه كلود…
“إذن سأرحل.”
“نعم، عندما يعود جلالته، سأخبره عن زيارتكِ.”
فكرت آثي في إخباره أنه ليس هناك حاجة، لكنها قررت المغادرة. غادرت قصر جارنيت وهي تشعر بالإحباط والإنزعاج. شعرت بالطريقة نفسها عندما أزعجنها القليل من السيدات خلال حفلة اللورد إيرين. لم تكن آثي في حالة سكر بالطبع، لكنها أرادت أن تكون أكثر وحشية.
بجدية! لماذا أحتاج إلى الإهتمام بكلود هذا الآن؟! أنا في وضع سيء أيضاً!
لم يخبرها أحد أن تهتم بكلود هذا العالم وأميرة هذا العالم آثاناسيا، لذلك آثي تحصد ما زرعته. إنها محبطة للغاية من هذا الموقف. ومع ذلك، كانت تعلم أنها لن تشعر بالرضا إذا تركت هذا لعالم في ظل الظروف الحالية. غاضبة، مستاءة، ومنزعجة، ركلت آثي صخرة أمامها بقسوة.
سمعت أنين أحداً ما.
مـ-ماذا؟ كانت آثي منغمسة في أفكارها لدرجة أنها لا بد أنها لم ترى الشخص الذي أمامها. مذهولة، رفعت الأميرة رأسها ورأت من هو الشخص. اتسعت عيناها بتفاجؤ.
“سيد كلب أبيـ–!”
الشخص الذي يئن ويداه على رأسه لم يكن سوى روجر ألفيوس! فوجئت آثي برؤية الدوق لأنها لم تره منذ فترة.
سيد كلب أبيض! هذه أول مرة ألتقي بك في هذا العالم! يبدو وجهك جيداً، لذلك لا بد أنك كنت تعيش بشكل جيد في هذا العالم، هاه؟ حسناً، لا بد أنك حققت ما كنت تريده مع جانيت، لذلك أنا أفكر في الأمر الواضح.
“أوه يا إلهي. أليست هذه الأميرة آثاناسيا؟”
عبس الدوق ألفيوس وهو ينظر إلى آثي. ثم اقترب منها بسرعة. وإيجيكيل بجانبه.
“أميرة آثاناسيا، فلتكن بركة أوبيليا معكِ.”
“فلتكن بركة أوبيليا معكِ.”
بعد الرد على تحيتهما، ألقت آثي نظرة خاطفة لرؤية دوق ألفيوس أمامها. لم تره هو وإيجيكيل معاً في عالمها، لذا كانت سعيدة برؤيتهما. ولكن عندما فتح الدوق ألفيوس فمه للتحدث على الفور، ساءت الحالة المزاجية للأميرة.
“من النادر أن تقوم الأميرة آثاناسيا بزيارة شخصية إلى قصر جارنيت. ومع ذلك، ذهب جلالته لرؤية الأميرة جانيت في قصر الزمرد، لذلك أنا متأكد من أنك أُصبتِ بخيبة أمل كبيرة.”
أيها السيد، وأنت تتحدث هكذا، ألست تبتسم بشكل صارخ؟ أعني، بالطبع، دوق هذا العالم ألفيوس ينحاز إلى جانيت، لكن إذا كنت ستضايقني بهذه الطريقة، فإن فمي سيشعر بالحكة.
آه، لكن السلام الداخلي… السلام الداخلي.
“على أي حال، هل أنتِ الشخص الذي ركل الصخرة نحو رأسي، أميرة آثاناسيا؟ بالتفكير أن أميرة أوبيليا ستتصرف بشكل غير لائق… أقدم رأيي لأنني قلق بشأن مستقبل أوبيليا، لكن هل لي أن أقترح على الأميرة آثاناسيا أن تتصرف على الأقل مثل نصف أناقة الأميرة جانيت.”
السلام… الداخلي…
“أميرة آثاناسيا، سمعت أن سلوككِ كان وحشياً بشكل مفاجيء ومهين مؤخراً. بصفتكِ أول أميرة في المملكة، ألا يجب أن تكوني مثالاً للآخرين؟”
“أبي.”
تـبـاً لـلـسـلام الـداخـلـي!
إيجيكيل، الذي وقف بصمت يفكر أن التدخل بين الدوق ألفيوس وآثي سيكون وقحاً، أطلق أخيراً صوته الهاديء وكأنه يوبخ والده.
ثم تحدثت آثي أيضاً.
“أفهم كلماتك، دوق ألفيوس. إذن أنت تخبرني أنني لا أعرف شيئاً عن آداب السلوك، اللياقة، الكرامة، والأناقة. وبالتالي، ليس لدي ذرة من حق الأميرة، هل أنا محقة؟”
“المعذرة؟”
“وأن شخصاً مثلي كأميرة أوبيليا الأولى، فأنا ليس لدي حياء…”
“المعذرة؟!”
رد الدوق ألفيوس بغباء على تصريحات الأميرة. كما لو أنه لم يستطع فهم ما قالته آثي تماماً، كان يقوم بتعبير وجه غبي.
“ما هذا الهراء الآن؟”
في الوقت المناسب، سمعوا صوت فيليكس.
“دوق ألفيوس، هل حقاً قلت مثل هذه الكلمات للأميرة آثاناسيا؟”
نظر فيليكس إلى السيد ألفيوس بعدم تصديق مطلق.
بدا الدوق مذهولاً لأنه لم يتوقع ظهور فيليكس.
همف، لكنني كنت أعرف بالفعل أنه قادم من هذا الطريق! على الرغم من أنني لا أعرف لماذا أتى إلى هنا بما أننا افترقنا في وقت سابق.
“كـ-كيف يمكن لي؟ الأميرة آثاناسيا أساءت الفهم فقط…”
نظر روجر ألفيوس بيأس إلى آثي حتى تتفق معه، لكنها تجاهلته وأدارت رأسها متظاهرة بالبكاء.
“لا يمكنني وصف مدى جرح مشاعري بعد الإستماع إلى الدوق ألفيوس. لكنني متأكدة من أنه قدم رأيه فقط لأنني أفتقر إلى الكثير…”
“لـ-لم أقصد أبداً أن أقول ما قلته بهذه النية.”
تلعثم الدوق لأنه ارتبك من تظاهر الأميرة بالقيام بتعبير وجه وكأنها جُرِحت.
أرادت آثي في الواقع أن تصرخ في وجهه، أنت تعاملني بهذه الطريقة، كيف تتوقع أن ينمو القصر ليكون مستقراً؟!
لكنها تعرف بشكل أفضل. إلى جانب ذلك، لن يهتم الدوق ألفيوس حقاً إذا صرخت عليه الأميرة الخجولة فجأة. إذا كان هناك أي شيء، فإنه سيفكر فقط، ‘ما الأمر مع هذه الفتاة؟’ ويسخر.
“دوق ألفيوس، كيف أمكنك أن تقول مثل هذه الكلمات الوقحة للأميرة آثاناسيا… لا يمكنني النظر باستخفاف في هذا الحادث.”
فكرت آثي أنها محظوظة جداً لظهور فيليكس في مثل هذا التوقيت المثالي. كانت تعرف أن ما قالته للسيد كلب أبيض لن يحل المشكلة الحقيقية. على الرغم من أن فيليكس لن ينظر باستخفاف إلى هذه الحادثة وسيبلغ كلود، فإن كلود لن يرمش عينيه.
بجدية… من الواضح جداً أنني لم أعد متفاجئة بعد الآن. ومع ذلك، بالنسبة إلى دوق ألفيوس، قد يتسبب هذا الحادث في حدوث مشكلة بالنسبة له، لذلك سيكون أكثر حذراً حول الأميرة آثاناسيا من الآن فصاعداً.
“اعتذاراتي، أميرة آثاناسيا. توقي لصالح أوبيليا جعلني أتجاوز حدودي، وقلت كلمات مضللة جعلت قلبكِ مضطرب. لقد أخطأت لأنني جعلتكِ قلقة. سأقبل بكل سرور أي عقوبة قد تصدرينها.”
“أنا أيضاً أعتذر.”
كما هو متوقع من السيد كلب أبيض، سرعان ما غير موقفه. إيجيكيل أيضاً اعتذر لآثي.
لم أتصرف بالطريقة هذه لرؤية إيجيكيل ينحني لي رغم ذلك.
“لا، لا بأس، دوق ألفيوس. كيف لي أن لا أعرف عن قلبك العزيز لأجل أوبيليا. سآخذ ملاحظة عن ولائك وسأحاول جاهدة أن أكون شخصاً أفضل للحصول على هذا اللقب.”
استمرارها في التظاهر بالبكاء حتى النهاية، مسحت آثي عينيها الجافة.
ارتجفت زاوية شفتيّ السيد كلب أبيض بينما يعاني من عرق بارد.
“أميرة آثاناسيا، من فضلكِ لا تقولي مثل هذه الكلمات. أنتِ تفعلين ما يكفي بالفعل لتحملي لقبك.”
تحدث فيليكس إلى آثي بصوت متعاطف.
أعطته ابتسامة صغيرة لتشكره على دعمه لها.
“إذا كان الأمر على ما يرام معكِ، أردت أن أسأل عما إذا كنتِ ترغبين في زيارة قصر الزمرد معي…”
ولكن في اللحظة التي سمعت فيها كلماته المترددة، غضبت مرة أخرى. حتى في هذا العالم، يواجه فيليكس صعوبة في قراءة الجو.
لا عجب أنه أتى لرؤيتي مرة أخرى. أراد أن يقترح الذهاب إلى قصر الزمرد معاً، هاه. لكن هل تعتقد حقاً أنني أود أن أرى كلود وجانيت يبتسمان ويضحكان معاً؟! ولماذا ما زلت تنظر إليّ بتلك العيون الحزينة؟! هل ما زلت تريدني أن أذهب إلى قصر الزمرد؟ هاها. من فضلك استيقظ يا سيد.
ثم تحدث إيجيكيل، الذي كان يراقب آثي.
“بشرة الأميرة آثاناسيا لا تبدو جيدة. أتساءل ما إذا كان يجب عليكِ العودة إلى قصر روبي على الفور والراحة.”
هم؟ بشرتي تبدو جيدة رغم ذلك؟ أشعر في الواقع بخفة أكثر من المعتاد بعد إغاظة السيد كلب أبيض ومعاقبته قليلاً، فما الذي يتحدث عنه؟ هل لاحظ ربما أنني لا أرغب في زيارة قصر الزمرد، لذلك هو يحاول مساعدتي؟
“سأرافق الأميرة آثاناسيا إلى قصر روبي.”
هم. أعتقد أنني محقة.
سأل فيليكس بقلق عما إذا كانت آثي على ما يرام ووعد برؤيتها في المرة القادمة بصوت حزين. السيد كلب أبيض، الذي أراد أن تذهب آثي في أقرب وقت ممكن، أخبر إيجيكيل أن يذهب معها. ومن ثم، بدأت الأميرة تمشي إلى قصر روبي مع اللورد.
********************
أخفض إيجيكيل نظراته إلى الشخص الذي يسير بجانبه. رأى الأميرة آثاناسيا تنظر إلى الأمام مباشرة.
لأنه رآها تتقيأ الدماء مرتين بالفعل، فقد كان قلقاً جداً عليها.
لحسن الحظ، يبدو أنها استعادت صحتها بسرعة كبيرة. في الواقع، كان إيجيكيل مرتبكاً إلى حداً ما لرؤيتها تبدو حيوية للغاية، حيث بدت شاحبة للغاية في ذلك اليوم. أيضاً، بدت الأميرة آثاناسيا بشكل غريب فخورة ومرحة. تذكر ما حدث منذ لحظات قليلة فقط وقام بتعبير لا يوصف.
لم يرى والده أبداً وهو مرتبك أمام الأميرة آثاناسيا من قبل.
لم يعتقد إيجيكيل أن الأميرة آثاناسيا قد تأذت في الواقع مما قاله لها والده. هل هو يفكر كثيراً إذا فكر أنها كانت تحاول في الواقع السخرية من والده في وقت سابق؟
“لورد ألفيوس.”
حتى لو كانت فعلت هذا، فقد كان والده شديد القسوة عليها، لذلك لم يشعر إيجيكيل بالسوء بشكل خاص.
“لا نحتاج إلى العودة إلى قصر روبي معاً، فلماذا لا نفترق هنا؟”
نظرت آثاناسيا إليه. من الإقتراح الحذر، أدار إيجيكيل رأسه نحوها. لم تبدو الأميرة آثاناسيا مرتاحة لوجوده. هذا وحده لم يتغير فيها.
“قلبي لن يكون في سلام إذا تركتكِ بمفردكِ. من فضلكِ دعيني أرافقكِ إلى قصر روبي.”
بعد سماع رده، حركت آثاناسيا فمها وكأنها تريد أن تقول شيئاً.
ولكن كما لو أنها قررت بسرعة أنه لن يغير رأيه، أغلقت فمها ولم تحاول إقناعه أكثر.
“مثل المرة السابقة، قد يكون هذا مصدر إزعاج لك، ولكن شكراً لك على اهتمامك.”
بدأ إيجيكيل يشعر بالغرابة مرة أخرى.
[شكراً لك، سيدي.] (آثي قالتها في الماضي)
[أعتذر لكوني ضايقتك عن غير قصد.] (آثاناسيا قالتها في الماضي)
كم هذا غريب. لا بد أنها نفس الأميرة آثاناسيا التي أعرفها طوال الوقت لكن… لماذا أشعر بهذا التنافر؟
لم يستطع إيجيكيل أن يصف الفرق بين آثاناسيا التي قالت له ‘شكراً’ بعد تلقي مساعدته أو آثاناسيا التي قالت ‘آسفة’. أيضاً أثناء حادثة حفلة اللورد إيرين، لم تكن الأميرة آثاناسيا التي يعرفها لتسبب مشهداً كهذا.
انعكس ضوء حاد على عينيّ إيجيكيل. حدقت به الأميرة آثاناسيا بصمت. رأى شعرها الذهبي الراقص المتلأليء المُقابِل ضوء الشمس وتلك العينان الكريستاليتان. لم يستطع فهم سبب إنجذابه لعينيها غير المألوفتان.
وقف إيجيكيل ساكناً في مكانه وهو يحدق في الأميرة.
ثم حدق بعيداً. ملأ صوته الهاديء الهواء.
“أعتقد أنه يبدو أفضل من ‘آسفة’.”
توقف إيجيكيل بعد الرد عليها دون تفكير. ما قاله للتو كانت الحقيقة الصادقة، وكأنه تحدث بلا وعي. لأنه لم يقل أي شيء لأي شخص دون أن يفكر، فقد ذُهل إيجيكيل قليلاً من نفسه. بالطبع، قد لا يكون لما قاله معنى مهم، لكنه عادة لا يتحدث أبداً دون تفكير.
لحسن الحظ، يبدو أن الأميرة آثاناسيا لم تدرك حيرته.
“نعم، أعتقد ذلك أيضاً.”
ابتسامتها الصغيرة اخترقت قلبه بطريقة ما. مثل الطريقة التي تحدث بها إليها للتو، لا بد أنها أيضاً ابتسمت دون تفكير كبير لأنها غيرت تعابير وجهها على الفور مرة أخرى.
لم يعرف إيجيكيل أن صورة ابتسامتها لن تختفي من عقله لفترة.
بدأ اللورد والأميرة المشي مرة أخرى بين الأشجار الخضراء والزهور الجميلة المعطرة. لسبباً ما، بدا هذا الطريق أكثر إبهاراً مما كان عليه قبل لحظة.
********************
بعد عودتها إلى قصر روبي، عقدت آثي ذراعيها وهي تفكر.
بغض النظر عن عدد المرات التي فكرت فيها، لم تستطع تجاهل الأميرة آثاناسيا وكلود. لم تكن آثي متأكدة مما إذا هذا العالم يسير بالفعل مثل الرواية التي تعرفها. وفي هذه الحالة، قد لا يقتل كلود الأميرة آثاناسيا في غضون بضعة أشهر. ومع ذلك، كانت ملاحظة آثي يأس الأميرة آثاناسيا حقيقي للغاية. سألها لوكاس عن حقها في التدخل في هذا العالم ولكن…
سألت آثي نفسها أيضاً عما إذا لديها أي حق للتدخل في هذا العالم. لكن في الوقت الحالي، فكرت أن هذه مجرد أفكار غير مجدية.
من الذي يعطي الحق على أي حال؟ إله، قد يكون أو لا يكون موجود في هذا العالم؟ إذا كان الموقف لا يحتوي على إجابة مهما فكرت في الأمر، فهل سيكون الأمر على ما يرام إذا تصرفت وفقاً لإرادتي؟
وهكذا، قررت آثي أن تصدق أنها جاءت إلى هذا العالم لهدف، لسبب ما.
نعم أعرف. في النهاية، أنا أفكر فقط في الطرق التي لن تفيد سواي. ومع ذلك، لم تستطع التظاهر بأنها غافلة عن وضع أميرة هذا العالم آثاناسيا وكلود. إذا تجاهلتهما وعادت إلى عالمها، عرفت آثي أنها ستحلم بكوابيس من قلبها الثقيل على مدى السنوات العشر القادمة.
ماذا يمكنني أن أفعل؟ هذا ما أنا عليه.
تخيلت آثي لوكاس من عالمها ينقر على لسانه ويصفها بالغباء لو كان رآها الآن.
نظراً لأنها تستطيع التحرك بحرية أكبر في الليل، قررت أن تتصرف حينها. في الوقت الحالي، عليها مقابلة لوكاس هذا العالم.