Who made me a princess - 172
“لوكاس!”
عندما استيقظت آثي في اليوم التالي، رأت المكان فارغ بجانبها. فركت عينيها ورأت خارج النافذة لترى الشمس في منتصف السماء.
يشعر جسدي بتحسن كبير بعد نوم جيد وعميق.
بعد استخدام سحر تنظيف بسيط لتنظيف جسدها، وقفت آثي من على السرير.
بحثت في كل مكان في البرج عن لوكاس، لكنه لم يكن في أي مكان يمكن رؤيته فيه.
ربما ذهب إلى القصر؟! مع هذا التفكير المفاجيء، انتقلت بسرعة إلى القصر.
“آه، كل شيء على ما يرام. هذا جيد…”
لحسن الحظ، كان للقصر مظهره الفخم المعتاد.
كنت قلقة للغاية أنه قد يدمر القصر تماماً بين عشية وضحاها! آه، لم أدرك حتى عندما ترك يدي وغادر البرج… كم هذا محرج… بالمناسبة، أين هو الآن؟
“أوه.”
ثم رأت آثي أناساً مألوفين جداً.
“فلتكن نعمة أوبيليا معكِ. هل تشعرين بتحسن في جسدكِ، أميرة آثاناسيا؟”
حبست آثي أنفاسها عندما رأت الأميرة آثاناسيا وإيجيكيل.
لم أكن أعتقد أن هذين الشخصين سيلتقيان قريباً! مر يوم واحد فقط على عودة الأميرة آثاناسيا إلى منزلها.
شاهدت آثي تفاعلهما بتوتر.
“نعم، أنا بخير.”
بدت الأميرة آثاناسيا محرجة وأعطت إيجيكيل ابتسامة صغيرة. حسناً، لم يكن لديهما عادةً محادثة كهذه.
بعد حديثها الطويل مع آثي، تصرفت الأميرة آثاناسيا بطلاقة كما لو أنها وآثي لم يبدلا مكانهما أبداً.
“أعتذر لكوني ضايقتك عن غير قصد.”
في تلك اللحظة القصيرة جداً، كانتا عينا إيجيكيل مركزة عليها. بعد ثانية، شاهدت آثي إيجيكيل يحني رأسه برفق للأميرة آثاناسيا.
“أي شخص في مثل هذا الموقف كان سيفعل الشيء نفسه، لذلك من فضلكِ لا تقلقي كثيراً.”
خمّنت آثي أن كلماته لها معنيان. لم تكن متأكدة مما إذا كان إيجيكيل يقصد أن أي شخص، سواء كان إيجيكيل أو أي شخص آخر، كان سيساعد الأميرة آثاناسيا. أو، ربما كان يقصد أنه كان سيساعد أي شخص، سواء كانت الأميرة آثاناسيا أو أي شخص آخر، في هذا الموقف. مهما كان قصده، لاحظت آثي أن إيجيكيل يصنع مسافة قليلاً عن الأميرة.
“أتساءل عما إذا كنتِ في طريقكِ إلى حفلة شاي الأميرة جانيت.”
“نعم، أنت محق.”
“سأرافقكِ.”
“المعذرة؟ لا، لا بأ–“
“لدي عمل لأحضره في تلك المنطقة على أي حال.”
رفضت الأميرة آثاناسيا بسرعة، لكن إيجيكيل استمر. في النهاية، سار الإثنان معاً نحو قصر الزمرد.
واو… هذا التوتر المحرج في الهواء… حتى أنني أشعر بعدم الإرتياح! حسناً، يبدو أنهما كانا دائماً لديهما علاقة غريبة.
بدت الأميرة آثاناسيا شاردة. تسير ببطء وعيناها على الأرض تفكر في شيء ما. حاول إيجيكيل التحدث إليها عدة مرات كآداب معاملة، لكنها بالكاد أعطته أي رد مناسب. لذلك توقف السيد بشكل طبيعي عن التحدث معها.
ظلت عيناه تنظران إلى وجهها، لكن يبدو أنها لم تلاحظ ذلك حتى.
“آه، آثاناسيا. إيجيكيل.”
بعد المشي بصمت ثقيل بينهما، وصلا الإثنان أخيراً إلى قصر الزمرد. جانيت، التي صُدِف أنها خرجت من قصرها، رأتهما وحيّتهما.
“كيف أتيتما معاً؟”
“قابلت الأميرة آثاناسيا في طريقي ورافقتها إلى هنا.”
“شكراً لك. لقد كنت قلقة على حالة آثاناسيا.”
أوه، هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها جانيت وإيجيكيل يتحدثان مع بعضهما البعض. بسبب مكانة جانيت كأميرة أو بسبب وجود شخص آخر، تحدث إيجيكيل معها بشكل رسمي للغاية.
“أميرة آثاناسيا، فلتكن نعمة أوبيليا معكِ.”
من ذلك الشخص؟
خرجت سيدة ذات مكانة عالية من القصر مع جانيت. عندما حيت آثاناسيا أولاً، ردت الأميرة أيضاً على المرأة.
“كونتيسة روزاريا، مرحباً.”
كـونـتـيـسـة روزاريـا؟! هـذا يـعـنـي أنـهـا خـالـة جـانـيـت!
مندهشة، شاهدت آثي وجه الكونتيسة بعناية.
آه، عند إلقاء نظرة فاحصة، تبدو مشابهة لصورة امرأة في غرفة نوم كلود. حسناً، من الواضح أنهما كذلك لأنهما أختان.
على الرغم من كونها في منتصف العمر، بدت الكونتيسة روزاريا لعوبة وجميلة بشعر بني وعينين خضراوين.
في العالم الذي أتيت منه، ماتت في حادث، لذلك لم أرى وجهها أبداً. إذن، هي من قتلت آثاناسيا في الرواية، هاه؟
“سمعت أنكِ لم تكوني بخير في وقت سابق، لكن يبدو أنكِ بصحة جيدة.”
قامت الكونتيسة روزاريا بفحص آثاناسيا من الرأس إلى أخمص القدمين.
الطريقة التي نظرت بها إلى آثاناسيا أثارت غضب آثي. هذه السيدة تفكر بالتأكيد أنه من المؤسف أن آثاناسيا تبدو بصحة جيدة!
“الآن بعد أن رأيت أنكِ بصحة جيدة، يمكنني أن أرى سبب وجود شائعة حول تزييف الأميرة آثاناسيا لصحتها لمجرد جذب انتباه جلالته.”
كانت الكونتيسة روزاريا تبتسم، لكن ما تعنيه وراء كلماتها كان واضحاً للغاية. بعد الإستماع إليها، بدت جانيت مندهشة للغاية لأنها لم تعتقد أبداً أن خالتها ستقول مثل هذه الكلمات لآثاناسيا.
تصلب وجه جانيت.
“خالتي، ما الذي…”
“كونتيسة روزاريا، أعتقد أن كلماتكِ كانت غير مهذبة للغاية للأميرة آثاناسيا.”
بشكل غير متوقع، عبّر إيجيكيل عن رأيه أسرع من جانيت. سرعان ما ركز عليه الأشخاص الثلاثة الآخرون.
“أوه يا إلهي، أعتذر إذا كنت غير مهذبة. كنت أتحدث فقط عن الشائعات. هذا لا يعني أنني أتفق معها.”
اعتذرت الكونتيسة روزاريا بسرعة، ولم تفكر في أن كلماتها قد تسبب أي مشاكل.
يُظهر موقف الكونتيسة روزاريا أنها لا تفكر كثيراً في آثاناسيا على الإطلاق… حسناً، كانت آثاناسيا في الرواية أميرة خجولة واعية لذاتها وكانت هدفاً سهلاً للكثيرين. أستطيع أن أفترض أن الكونتيسة روزاريا قد تصرفت بهذه الطريقة مع آثاناسيا في الماضي أيضاً.
“آثاناسيا، من فضلكِ لا تأخذي كلام خالتي على محمل الجد.”
كانت الكونتيسة روزاريا قد غادرت، وتبعها إيجيكيل لترك قصر الزمرد. كما توقعت آثي، ربما قال إيجيكيل إنه كان لديه عمل حول هذا المكان فقط حتى لا تشعر آثاناسيا بعدم الإرتياح.
بعد أن غادر الإثنان، تحدثت جانيت إلى آثاناسيا بنبرة قلق.
“يتحدث الناس دون معرفة الكثير. أنتِ في الواقع، تقيأتِ دماء–“
“لا بأس. كلمات الآخرين ليست مهمة بالنسبة لي.”
فوجئت آثي برؤية آثاناسيا لا تهتم حقاً بما قالته الكونتيسة روزاريا.
بعد الرد على جانيت بطريقة غير مبالية، ابتسمت آثاناسيا بخفوت.
“سمعت أن أبي زار قصر روبي بناءً على طلبكِ. أشكركِ على اهتمامكِ، جانيت.”
تجمدت جانيت للحظة.
“أبي زار قصر روبي؟”
اتسعت عينا جانيت وهي تحدق في آثاناسيا، وسرعان ما ابتسمت بإشراق.
“لم أتقدم بمثل هذا الطلب مطلقاً. على الأرجح زار أبي لأنه كان قلقاً بشأن آثاناسيا.”
فوجئت آثي برد جانيت. ماذا؟ قال كلود صراحةً إنه جاء في زيارة سريعة لمجرد أن جانيت طلبت منه ذلك.
ولكن عندما شاهدت تعبيرات جانيت، أدركت آثي أنها لم تكن تكذب لمراعاة الأميرة آثاناسيا. لقد بدت مندهشة حقاً قبل ثانية أيضاً.
[لم يعد لدي عمل هنا، لذلك سأرحل. لا تقولي أي شيء غير ضروري لجانيت.]*
(*: جملة قالها كلود في الماضي)
أوه، إذن ماذا كان ذلك؟ هل قال ذلك لأنه لا يريد أن يتم الإمساك به يكذب؟ إذا تحدثت آثاناسيا مع جانيت، فستدرك أن كلود زار قصر روبي بمفرده.
على عكس آثي، يبدو أن الأميرة آثاناسيا لا تصدق جانيت.
“لا تحتاجي إلى أن تكوني مراعية جداً، جانيت. لديكِ قلب طيب.”
“لا، أنا أقول الحقيقة. لم أقدم مثل هذا الطلب إلى أبي…”
“حقاً، لا بأس يا جانيت. لا يوجد شيء جديد في هذا الأمر بعد الآن على أي حال.”
بدت جانيت مذعورة قليلاً من رد آثاناسيا. كان لدى آثاناسيا ابتسامة حزينة على وجهها، وشعرت آثي بالحزن.
إنها لا تصدق لهذه الدرجة. هذا هو مدى عدم اكتراثك تجاه آثاناسيا، كلود هذا العالم!!!
شاهدت آثي الفتاتين وهما تدخلان القصر من بعيد.
بالمناسبة، أين لوكاس الوغد؟ لم يكن في البرج… أو ربما كان كذلك؟ لم أنظر في كل مكان في البرج لأنني كنت قلقة من أنه ذهب لتفجير القصر.
مهلاً… هل سيعتقد أنني غادرت دون أن أقول أي شيء، لذلك سيصبح فجأة هائجاً؟
شاعرة بالقلق قليلاً، انتقلت آثي إلى قصر توباز. نظراً لأنها لم تعد مضطرة للتظاهر بأنها الأميرة آثاناسيا، أرادت آثي استئناف البحث عن الكتاب.
“ماذا؟! كنت هنا؟!”
لكن كان هناك ضيف وصل أولاً.
كانت تواجه ظهر لوكاس نحو الباب وهو يقف أمام طاولة. بعد سماع صوتها، استدار وهو يهز يده.
“لقد وصلتِ إلى هنا في وقت متأخر عما كنت أتوقع. اعتقدت أنكِ ستركضي إلى هنا في اللحظة التي تفتحين فيها عينيكِ. ربما لستِ يائسة للعودة إلى المنزل؟”
عندما هز لوكاس يده، تراب أو شيء آخر تشتت في الهواء واختفى.
“ماذا كنت تفعل بمفردك هنا؟”
“أثار الكتاب الذي ذكرته اهتمامي، لذلك كنت أبحث عنه أيضاً.”
عند سماع كلماته، تجمدت آثي لجزء من الثانية.
“أثار اهتمامك؟ لماذا فجأة؟”
“لماذا تستجوبينني كثيراً؟ إذا بحثت عنها معكِ، ألن يفيدكِ ذلك؟”
أعني، هذا صحيح ولكن… لكن لماذا؟ تخبرني حواسي أنه مريب للغاية.
“إذن هل وجدت أي شيء؟”
“لا، ولكن لماذا يوجد الكثير من الغبار هنا.”
“حقاً؟ لكن يبدو أن الناس ينظفون هنا كل يوم.”
بدا لوكاس منزعجاً للغاية وهو يلوح بجزيئات الغبار بعيداً عن رئتيه الثمينتين.
يبدو المكان نظيفاً بالنسبة لي، فما مشكلته؟
على أي حال، بمساعدة لوكاس، أصبح عمل آثي أسهل. بدآ في البحث في قصر توباز، لكنها أمضت بالفعل بضعة أيام في البحث عن هذا الكتاب. لن يظهر فجأة بهذه السهولة.
“دعينا نتوقف هنا لهذا اليوم ونذهب.”
عندما كانت الشمس تغرب، ظهر لوكاس أمامها.
لا يبدو أن الكتاب سيظهر حتى لو بحثنا لفترة أطول، فلما لا.
“سأزور بسرعة قصر روبي.”
“هل أنتِ قلقة على تلك الأميرة؟”
كان لوكاس محقاً. بصدق، آثي كانت قلقة على تلك الفتاة منذ الليلة الماضية. هذا هو السبب في أنها راقبت الأميرة آثاناسيا عمداً في وقت سابق.
“لن تكون في قصر روبي حتى لو ذهبتِ إلى هناك. يبدو أنها ستلتقي بالإمبراطور.”
علّق الساحر عندما بدا وكأنه ينظر من النافذة.
تجمدت آثي.
“إذا كنتِ فضولية إلى هذا الحد، فعليكِ أن تذهبي إلى حيث يعيش الإمبراطور.”
ترددت لثانية وفرقعت أصابعها.
*******************
وصلت آثي إلى حديقة في قصر جارنيت.
“كان لدي حلم.”
رقصت الأزهار الأرجوانية مع الرياح. كان الصوت الرقيق الذي يتردد في الهواء يخص الأميرة آثاناسيا. مثل ما قال لوكاس، وقفت الفتاة أمام كلود الذي لديه تعبير بارد، غير مبالي.
“كنت سعيدة جداً وبكيت لدرجة أنني تمنيت أن يستمر الحلم إلى الأبد.”
عندما سمعتها آثي، تذكرت ما قاله لوكاس الليلة الماضية.
[لقد وضعتها في نوم عميق فقط. لقد جعلت لديها أفضل الأحلام فقط، لذلك قد لا ترغب أبداً في الإستيقاظ. ألست خاطفاً له ضمير؟]
عرفت آثي على الفور ما تعنيه الأميرة آثاناسيا. حلم سعيد لدرجة البكاء. ماذا رأت في حلمها؟
“ولكن الآن بعد أن استيقظت من الحلم، أنا متأكدة الآن.”
ظهرت ابتسامة حزينة على وجه الأميرة آثاناسيا.
“أبي، أنت حقاً لم تعتبرني ابنتك أبداً، ولا حتى ولو للحظة واحدة.”
انجرفت الرياح المعطرة بالزهور خلال شعرها. غطت وجهها للحظة لكنها سرعان ما كشفت عن وجه الفتاة.
“ولا حتى للحظة، أنت حقاً لم تحبني أبداً.”
احتوت تلك العينان الزرقاوان الكريستاليتان الدامعتان على الحزن، اليأس، الألم، الأسى، والإستسلام…
بتعبيراته الباردة، الثابتة، حدق فيها كلود بصمت. لم ينفي ولم يؤكد أي شيء، لكن يبدو أن الأميرة آثاناسيا لا تتوقع أي رد منه على أي حال.
“أنت حقاً دائماً…”
صوتها الصغير الناعم المليء بالإستسلام والفراغ انهار مع الرياح.
“… كنت صادقاً معي.”
********************
“أنتِ. أنتِ هنا، أليس كذلك؟”
بعد أن عادت آثاناسيا إلى قصر روبي، حبست نفسها في غرفتها. وبينما تجلس بصمت على سريرها، تحدثت الفتاة بصوت عالي في الغرفة الفارغة.
عرفت آثي أن الفتاة كانت تناديها، لذلك كشفت عن نفسها بهدوء.
“كنت أعلم أنكِ ستراقبينني.”
ابتسمت الفتاة بهدوء، وأغلقت آثي فمها.
“إنه أمر غريب. يجب أن نكون أنا وأنتِ نفس الشخص. لكن عندما أراكِ، لا أشعر بأنكِ ‘أنا أخرى’.”
ما قالته الأميرة آثاناسيا صحيح. هي وأنا بالتأكيد ‘آثاناسيا’ اللتين موجودتان في عالمهما الخاص. لكنني في الحقيقة لست الأميرة آثاناسيا. أنا جيهي لي من عالم آخر.
حتى يومنا هذا، لم تكن آثي متأكدة مما إذا كانت تمتلك الجسد الذي ينتمي إلى آثاناسيا أم أنها في الواقع تجسدت كآثاناسيا. لكن أياً كان الأمر، فأنا لست الأميرة آثاناسيا الأصلية من الرواية…
من الناحية الفنية، الفتاة التي أمامي وأنا لدينا روح مختلفة حتى لو تجاهلنا حقيقة أننا موجودتان في عالمان مختلفان.
“هل كنتِ مثلي؟”
لكن الأميرة آثاناسيا لم تكن تعرف هوية آثي الحقيقية. هي فقط سألت الشخص الذي يشبهها بصوتها الهاديء.
“هل عشتِ في يأس كما فعلت أنا؟”
لم تعرف آثي ماذا تقول لأن تلك العينان الكريستاليتان تنبعث منهما مشاعر مختلفة. أعربت عينا الفتاة أيضاً عن ارتياح طفيف وإحساس بالقرابة مع حقيقة أن شخصاً آخر ربما عاش في يأس تام مثلها.
كشفت آثي الليلة الماضية أنها ‘أميرة آثاناسيا أخرى من عالم آخر’. لكنها لم تخبر الفتاة كيف أنها شخصية من رواية. لم تخبرها آثي أيضاً أنها إذا كانت الأميرة آثاناسيا من الرواية، وإذا كانت القصة تسير وفقاً لذلك، فربما قد تموت من قِبل كلود بعد بضعة أشهر…
“من فضلكِ دعيني أحلم مرة أخرى.”
في الوقت الحالي، لم تستطع آثي إخبارها أكثر من ذلك.
ابتعدت الأميرة آثاناسيا فجأة عن سريرها. شاهدت آثي الفتاة وهي تتشبث بقدمها بمشاعر لا توصف.
“الحلم الذي كنت أحلم به حتى يوم أمس. من فضلكِ دعيني أحلم مرة أخرى.”
“آثاناسيا…”
“من فضلكِ. يمكنكِ فعل ذلك، أليس كذلك؟”
رأت آثي تلك العينان الدامعتان اللتين تنظران إليها. من الواضح أنها سمعت همستها اليائسة.
“لو استطيع، أفضل أن أعيش في هذا الحلم إلى الأبد.”
هل كان الحلم الذي أعطاها لها لوكاس بـهـذا الجمال؟ لدرجة أنها تفضل ألا تستيقظ أبداً إلى الأبد؟ لدرجة شعورها بهذا التفاوت الكبير بين حلمها والواقع؟ لدرجة أن تعيش في مكان تعرف أنه كذبة؟
إذا كان الأمر كذلك، فلا بد أن الفتاة كانت محبوبة حقاً من قِبل الشخص الذي أرادته في هذا الحلم.
عندما شاهدت آثي تلك العينان اليائستان، شعرت بمشاعر مختلطة. لكنها عرفت أنها لم تكن من يمكنها منح الفتاة هذه الأمنية. لا، حتى لو استطاعت، لم تكن آثي متأكدة مما إذا كان السماح للفتاة برؤية الحلم مرة أخرى سيكون مفيداً لها.
بعد حلم واحد، كانت الأميرة آثاناسيا تتوسل لها. بغض النظر عن مدى جمال الحلم، كان مجرد حلم.
إذن هل من المقبول السماح لها بهذه السعادة المزيفة؟
بعد عض شفتها، تحدثت آثي إلى الأميرة آثاناسيا.
“أنا آسفة، أنا…”
“أعتقد أنكِ حصلتِ على الشخص الخطأ.”
ظهر لوكاس فجأة في الغرفة المظلمة.
“الشخص الذي يمكنه تلبية رغبتكِ ليس هذا الشخص.”
أدارتا آثي والأميرة آثاناسيا رأسيهما في نفس الوقت للنظر إليه. حتى في الظلام، تألقت عينا لوكاس الحمراوان بوضوح شديد.
“إذا منحتكِ أمنيتكِ، ماذا ستفعلين لي في المقابل؟”
“لـوكـاس!!!”
صاحت آثي.
كان يحاول فجأة أن يُسحر آثاناسيا.
قبل أن تتمكن آثي من قول أي شيء له، استجابت الأميرة من هذا العالم بشكل أسرع.
“أي شيء. يمكنني أن أعطيك أي شيء إذا كان شيئاً يمكنني تقديمه لك.”
ملأ صوتها اليائس الغرفة.
توهجت عينا لوكاس الحمراوان بشكل مرعب. وابتسم.
“سأمنحكِ هذه الأمنية.”
دوى صوت مُغري في الغرفة، ومد الساحر يده نحو وجه الأميرة آثاناسيا.
سقطت دمعة صافية على وجهها الشاحب. ثم انهار جسدها.
“آثـانـاسـيـا!”
أمسكت آثي بجسد الفتاة بسرعة. كان من المؤسف أن رؤية آثار الدموع تنتشر على وجهها الشاحب. لحسن الحظ، بدت وكأنها نائمة. لا، ربما لم يكن هذا الموقف حسن حظ.
ما زالت تمسك آثاناسيا، رفعت آثي رأسها. كان لوكاس ينظر إليها بعينان باردتان قليلاً. كما لو أن الشخص الذي نام للتو ليس موجوداً، كانت عيناه تحدقان بها فقط.
كان لدى آثي تعبير جليدي ثابت. لقد بذلت قصارى جهدها للسيطرة على المشاعر الغاضبة بداخلها.
“ماذا تفعل الآن؟”
“هذه مشكلة بيني وبين تلك الفتاة. ليس هناك مكان لكِ بيننا.”
كان موقفه لا مبالي للغاية.
ربما كان محق. طلبت الأميرة آثاناسيا من شخصاً ما أن يمنحها أمنيتها، ووافق عليها لوكاس. وبالتالي، ليس هناك مكان بينهما لآثي.
لكن بغض النظر عن مدى محاولتها التفكير بمنطقية، فإن عقلها وقلبها يلعبان بشكل منفصل.
“وهذه ليست المشكلة الوحيدة التي قد تهتمين بها.”
همس لوكاس بهدوء بهذه الكلمات الغامضة.
“هذا الإمبراطور لن يعيش طويلاً.”
“ماذا؟”
لم تفهم كلماته على الفور، سألته آثي. لم تستطع فهم ما كان يقصده.
“والدكِ من هذا العالم. سيموت قريباً.”
دوى صدى صوت لوكاس في الهواء. رنّت كلماته الهامسة بصوت عالي في أذنيها، واختفت فجأة.
كما لو أن أحدهم ألقى عليها دلواً من الماء البارد، حدقت آثي في تلك العينان الحمراوان.
********************
“أنا ضائع.”
كان لدى كلود حلم.
“إذا كنتِ تريدين، سوف أتوسل إليكِ.”
في حلمه، كان يهمس بكلمات مليئة بيأس لا يُصدق لشخصاً ما. شعر بألم لا يوصف في قلبه. إذا أراد الشخص الذي أمامه، فسيركع على ركبتيه. كان الأمر مضحكاً. لم يشعر أبداً بهذه المشاعر تجاه شخصاً ما طوال حياته. كان الأمر الأكثر إضحاكاً الآن، هو أن كل ما يختبره شعر بأنه حقيقي للغاية، على عكس ما تكون عليه الأحلام.
“اختاريني. لا تفكري في أي شيء آخر. كوني أكثر أنانية واختاري ما هو أفضل لنفسكِ.”
لكن الغريب أن الشخص الذي أمامه كان لديه وجه ضبابي للغاية كما لو كان الضباب يغطيه. إذا مد يده، فسيكون قادراّ على لمس هذا الشخص. لكنه لا يعرف من هو هذا الشخص، لذلك كان كل شيء غريباً تماماً.
آه، حسناً، نظراً لأن هذا مجرد حلم، هذه الغرابة ممكنة دائماً.
لكن لماذا…؟ لماذا يفتقد هذا الشخص بشدة رغم أنه لا يعرف هذا الشخص؟
“لا تختاري هذا الطفل الذي يأكل حياتكِ حتى في هذه اللحظة.”
انجرف الضباب الذي كان يغطي عينيه ببطء. عندما ظهر الذقن والشفاه الحمراء، مد كلود يده دون وعي.
عندما رأى دمعة تسقط على وجه الشخص الشاحب، لم يستطع تحمل شعوره بهذا الألم الشديد في قلبه.
بسقوط دمعة على يده، استيقظ كلود من حلمه.
“مم.”
شعر بصداع حاد عندما فتح عينيه. ممسكاً برأسه، رفع كلود جسده. نظراً لأن محيطه مظلم، افترض أنه لا يزال ليلاً.
لسبباً ما، كان يعاني من هذا الصداع بشكل متكرر.
في الماضي، كان يعاني من هذا الصداع كلما يرى آثاناسيا. لكن الألم اشتد مؤخراً، خاصة بعد أن رأى آثاناسيا تتقيأ دماء في الحديقة. بعد تلك الحادثة، شعر بصداعه يسوء كلما قابلها أو فكر في وجهها.
الغريب أنه اعتقد أنه يمكن أن يتذكر شيئاً نسيه منذ فترة طويلة جداً. شعر بالضيق والغضب.
ثم توقف كلود عن الضغط على رأسه.
ألم أكن أحلم بشيء فقط منذ لحظة؟
لكن لم يخطر بباله شيء. كنت بالتأكيد أحلم بحلم شوق…
مع هذا الفكرة، ضحك الإمبراطور بعدم تصديق. شوق؟ لا يوجد شيء في العالم قد يجعلني أشعر بمثل هذه المشاعر.
“يا له من حلم لا معنى له.”
تحدث كلود مع نفسه بهدوء وهو ينهض من على السرير.
إذا علمت جانيت أنني نمت في مكاناً كهذا مرة أخرى، فسوف تتذمر.
مشى نحو النافذة التي جلبت ضوء القمر.
[كان لدي حلم. كنت سعيدة للغاية لدرجة البكاء لدرجة أنني تمنيت أن يستمر الحلم إلى الأبد.]
ثم رنّ صوت الشخص الذي قابله في وقت سابق اليوم في أذنيه. عبس كلود.
[ولكن الآن بعد أن استيقظت من الحلم، أنا متأكدة الآن.]
كانت آثاناسيا قد تجاهلت تحذيراته السابقة وقامت بزيارته. تحدثت بهذه الكلمات غير المنطقية.
[أبي، أنت حقاً لم تعتبرني ابنتك أبداً، ولا حتى ولو للحظة واحدة.]
ولكن عندما رأى ابتسامتها الحزينة، شعر بوخزة مجهولة في منتصف قلبه.
لم يكن كلود يعرف ما هو هذا الشعور.
[ولا حتى للحظة، أنت حقاً لم تحبني أبداً.]
كل كلمة قالتها كانت صحيحة، لكن كلود شعر… بغرابة شديدة بعد سماع ما قالته.
لفترة طويلة جداً بعد ذلك، استمر الإمبراطور في التفكير في كلمات آثاناسيا. ظلت صورتا وجهها وعينيها الدامعتان التي رآهما في وقت سابق تظهر في عقله.
حتى شروق الشمس، لم يتحرك كلود خطوة واحدة من النافذة.
********************
“لن يعيش طويلاً؟ ماذا تقصد؟”
سألت الأميرة الساحر. ابتسم وهو يحدق بها. دخل ضوء القمر الناعم الغرفة التي أصبحت أكثر قتامة. لوكاس، الذي كان جسده بين الضوء والظلام، بدا وكأنه حاصد أرواح.
“تريدين أن تعرفي لماذا؟”
“لست في مزاج للعب بالكلمات.”
ابتسم لوكاس لرد فعل آثي الغاضب كما لو أنه شاهد شيئاً مضحكاً للغاية. ومع ذلك، لم يكن رده على آثي تلميحاً.
“لماذا تريدين أن تعرفي؟ إذا غادرتِ، فلن يكون هذا من شأنكِ.”
رمشت آثي. كان لوكاس أمامها مباشرة. شد شعرها الذي كان يستريح على كتفها بقوة، وانحنى جسدها تجاهه.
“هاي، أميرة. لا تكوني مخطئة. هذا ليس عالمكِ.”
انعكست نظراته الجليدية في عينيها. لسبباً ما، بدا أنه يعاني من مشاعر غاضبة. الطريقة التي تحدث بها بدت قاسية.
أمسكت آثي عن غير قصد بالأميرة آثاناسيا بإحكام أكثر.
“قلتِ إنكِ ستعودين في النهاية إلى حيث أتيتِ. لذا فإن ما يحدث للناس في هذا العالم ليس من شأنكِ. إنه ليس مكانكِ، وليس لديكِ الحق في التدخل.”
لم تسمع آثي هذا المستوى من الحقيقة من لوكاس منذ فترة. في مثل هذه المواقف، كان دائماً مباشراً جداً معها. هذه المرة أيضاً، كل ما قاله ليس خطأ.
بطريقة ما، أنا دخيلة في هذا العالم. مثل ما قال لوكاس، لا يجب أن أهتم بما يحدث للناس في هذا العالم.
“لكنكِ ما زلتِ تهتمين؟ مثل كيف تكونين مهتمة بهذه الأميرة، قلبكِ يذهب إلى الإمبراطور أيضاً؟ لماذا، هل هذا الشخص يشعركِ وكأنه والدكِ الحقيقي؟”
لكن لو استطعت التحكم بأفكاري وعواطفي، فلم أكن لأكون هنا هكذا، أليس كذلك؟ آه، بجدية. أشعر بالغضب عندما يغرقني لوكاس بحقائق مباشرة.
ابتسم لوكاس سواء يعرف أفكارها أم لا. لم ترد عليه آثي، لكنه عرف إجابتها من صمتها.
“إذن سأخبركِ.”
هل أنا أتخيل الأشياء؟ لسبباً ما، يبدو لوكاس راضياً جداً عن معرفة أنني لا أستطيع فقط تجاهل هؤلاء الأشخاص.
“لا أعرف لماذا، لكن الإمبراطور هنا استخدم السحر المحرم.”
همس لوكاس.
شهقت آثي.
“السحر المحرم…؟”
كانت تعلم أنه لا يوجد سوى نوع واحد من السحر المحرم.
السحر الأسود.
“رأيت حفرة سوداء هنا.”
ابتسم لوكاس وأشار بإصبعه إلى رأسه وهو يشاهد ردة فعلها.
“يبدو أنه قد ختم ذكرياته منذ فترة، وهو على الأرجح استخدم طريقة معقدة.”
لم تستطع فهم ما قاله لوكاس. كلود ختم ذكرياته…؟ لماذا؟
عندما فقد كلود ذاكرته بسبب آثي، درست السحر المتعلق بالعقل.
لكن لمس عقل المرء بالسحر خطير للغاية، لذلك لم تتمكن من العثور على أي معلومات بالسحر العادي.
“في الوقت الحالي، أعتقد أن الختم في رأسه ينكسر. وبسبب هذا التأثير، فإنه يسبب مشكلة لعقله.”
إذن إذا قام كلود بختم ذكرياته كما قال لوكاس، فإن آثي متأكدة من أنه استخدم السحر الأسود.
“على الأرجح تعرض لحادث صادم مؤخراً حتى ينكسر سحره هكذا. ليس من شأني معرفة التفاصيل رغم ذلك.”
لكن مع ذلك، واجهت صعوبة في تقبل كلماته. لم تصدق أن كلود قد استخدم مثل هذا السحر على نفسه، وبسبب آثاره الجانبية، هو في حالة حرجة الآن.
“لماذا تقومين بهذا التعبير؟”
ما نوع التعبير الذي أقوم به الآن؟
هذه المرة، همس لها لوكاس بهدوء. خفّت قبضته القوية على شعرها ببطء. سقط شعر آثي بصمت على كتفها مرة أخرى.
ثم حرك يده بسرعة ليمسك ذقنها. أجبرها على رفع رأسها واستمر في الهمس لها.
“لا يوجد إنسان لديه نهاية سعيدة بعد استخدام السحر الأسود. القوة الملعونة تجلب فقط سوء الحظ على الشخص الذي يستخدم السحر الأسود. إذا كنتِ ساحرة، يجب أن تعرفي ذلك بالفعل.”
كانت عيناه الحمراوان قريبتين جداً من وجهها. لاحظت آثي كيف توهجت عيناه في الظلام.
“لذلك فقط تجاهليهم.”
ابتسم ابتسامة باردة على وجهه. كما كان من قبل، لم يكن لوكاس يبتسم لأنه سعيد.
“أنتِ لستِ حتى من هذا العالم، فما هو الحق الذي تملكينه حتى تتدخلي؟”
كما لو كانت شظايا الزجاج المكسورة تخترقها، شعرت آثي بنظرات لوكاس الحادة عليها. شعرت أيضاً أن قبضة لوكاس على ذقنها تشتد.
“أنا أقول، من تعتقدين نفسكِ لتتدخلي في حياة الآخرين.”
شعرت أن صوته المنخفض أيضاً وكأنها أشواك تخترقها.
بدا لوكاس غاضباً من آثي.
بينما كانت تحدق في تلك العينان الحمراوان، عضت شفتها. ثم شعرت أن قبضته تخفّ بهدوء، لذلك فكرت في إزالة قبضته بسرعة.
ومع ذلك، كان أسرع. كما لو أن قسوته السابقة كانت كذبة، وضع يده بهدوء على خد آثي.
“ولكن إذا كنتِ لا تزالين تريدين تغيير شيء لهذا الحد…”
لم تستطع آثي فهم كلمات لوكاس التالية.
“… إذن يمكنكِ أن تصبحي هذه الفتاة.”
“ماذا؟”
“يمكنكِ أن تصبحي أميرة هذا العالم آثاناسيا.”
كانت ابتسامته جذابة للغاية.
فجأة، شعرت أن درجة حرارة الشخص بين ذراعيها انخفضت بشكل كبير. لقد حملت بلا وعي الأميرة النائمة آثاناسيا بإحكام أكثر.
“وسأمنحكِ أمنيتكِ.”
بصوته اللطيف، بدا لوكاس وكأنه شيطان يحاول جذب روح المرء. مثل الطريقة التي فعلها للأميرة آثاناسيا في وقت سابق، تحدث بصوت حلو ودافيء.
“ما هي أمنيتي؟”
“ألا تريدين إنقاذ والدكِ من هذا العالم؟”
“إذا أصبحت هذه الفتاة، فماذا سيحدث للأميرة الحقيقية آثاناسيا؟”
“مثل أمنيتها، يمكنني أن أتركها تعيش في حلمها السعيد حتى تموت.”
قال لوكاس كلماته التالية دون أي تردد، وعبست آثي بعدم تصديق.
“ويمكنكِ أن تصبحي الحقيقية.”
انزلقت يده إلى رقبتها من الخلف. شعرت بالدفء ينتشر فوق نبضات قلبها.
“ليس في عالمكِ، بل في هذا العالم.”
همس لوكاس بلطف، وهو يحني رأسه نحو رأسها.
ارتجفت من الدفء ضد فمها. متجاهلاً ارتجافها، قام لوكاس بإمساك رقبتها من الخلف وفرّق شفتيه.
عندما مال رأسها إلى الخلف، نظرت آثي إلى تلك العينان الحمراوان الشغوفتان اللتين بدتا وكأنهما تبتلعانها. قبلة قاسية استمرت مثل العاصفة. لقد صُدمت من كيف أن تصرف لوكاس لم يكن لديه أي لمحة من التردد.
لم يمضي وقت طويل، الساحر ابتعد عن الأميرة. ملأ صوت تنفس آثي بصعوبة الهواء من حولهما. رفع لوكاس يده ببطء ليلمس شفتيه حيث عضت آثي. بما أنه وقف تحت ضوء القمر، تمكنت من رؤية الدماء على أصابعه بوضوح. تلك العينان الحمراوان مثل دمه، نظرتا إلى أصابعه.
“لا تقل مثل هذا الهراء.”
قالت آثي حيث تمكنت من الحديث. بدت هادئة ظاهرياً، لكنها بالتأكيد لم تكن كذلك داخلياً. كانت مذهولة ومرتبكة للغاية من هذا الوضع. من ما سمعته من لوكاس منذ لحظة إلى ما فعله الآن، قام بتشويش عقلها.
“لماذا هو هراء؟”
سمعت آثي صوت لوكاس الهاديء.
“ما هو مفهوم التمييز بين الحقيقي والمزيف؟”
“حسناً…”
“بطريقة ما، أنتِ حقيقية وكذلك هي.”
فتحت آثي فمها مراراً وتكراراً للرد، لكنها في النهاية أبقت فمها مغلقاً.
“فلماذا من الهراء بالنسبة لكِ أن تصبحي أميرة هذا العالم آثاناسيا بدلاً منها؟”
كانت تعتقد أنه يسخر منها. أعطاها نظرات باردة كما لو أن قبلته المُفاجئة لم تحدث حتى.
“لماذا تذهب إلى هذا الحد لتجعلني أبقى هنا؟”
سألته آثي بهدوء وهي تحدق به.
“لا أريد أن أراكِ تعودين إلى عالمكِ وتكونين سعيدة.”
“لماذا أنت غاضب جداً؟”
“أنتِ مزعجة. أنتِ تجعلينني مجنوناً.”
رد لوكاس دون أي تردد كما لو كان يعلم بالفعل أنها ستطرح عليه سؤالاً كهذا.
فكرت آثي أنها تعرف لماذا هذا الوغد يتصرف هكذا لكنها قررت عدم إخباره بأي شيء.
لم تُرِد أن تُضِف الوقود إلى النار.
استمر لوكاس في النظر إليها حتى تحدث وكأنه يلعنها.
“ستدفعين ثمن دخولكِ هذا العالم.”
انتظر، لكن هذا غير عادل! لم آتي إلى هنا لأنني أردت ذلك!
“أميرة؟ لماذا تجلسين على الأرض؟”
آكـــك؟!
ارتجفت آثي من الصوت المفاجيء خلفها. جفلت بشكل واضح وشهقت بصوت عالي.
مـ-ما كان ذلك فجأة؟! لم أسمع الباب يُفتح ولم أشعر بأحد يقترب مني من الخلف!
أدارت رأسها لترى ليلي تنظر إليها بعينان متسعتان.
“لـ-ليلي؟!”
“لم تجيبي على الرغم من طَرقي، لذلك اعتقدت أنكِ نائمة. دخلت لأُضيء شمعة لتساعدكِ في نومكِ…”
قبل أن تسمع الأميرة الخادمة بالكامل، سرعان ما أخفضت آثي رأسها بدهشة مرة أخرى.
مهلاً! كنت أحمل الأميرة آثاناسيا حتى الآن!
لكن الشخص الذي كانت تحمله بين ذراعيها لم يكن في أي مكان يمكن رؤيته. متى اختفت؟ لم أشعر بأي شيء!
خطرت في عقلها فكرة، فرفعت آثي رأسها لترى لوكاس واقف على الشرفة.
كان لديه الأميرة آثاناسيا على كتفه. رأت ليلي مرتبكة بعد أن اتبعت نظراتها، لذلك عرفت آثي أن لوكاس الوغد يستخدم سحر الإختفاء.
لقد أُسيء فهمي على أنني أميرة هذا العالم آثاناسيا مرة أخرى! هذا الوغد محى وجود ليلي عندما دخلت لأنه كان يعلم أنني لو عرفت، لكنت أخفيت نفسي!
أيضاً، نظراً لأنه لا يستطيع استخدام سحره مباشرة عليّ، فقد استخدمه على شخص آخر.
ابتسم لوكاس كما لو أنه سمع أفكار آثي. بدت ابتسامته أكثر حدة تحت ضوء القمر. ثم اختفى من أمامها.
“أميرة؟”
غير قادرة على وصف مشاعرها الحالية، حدقت آثي فقط في الفراغ تحت ضوء القمر. نادتها ليلي بقلق، لكن آثي لم تستطع منحها الإهتمام الآن.
لوكاس هذا الوغد… سأقتله. عندما ألتقي به في المرة القادمة، سأقتله حقاً!
صرخت بصمت في عقلها، ‘أميرة آثاناسيا’ صرّت على أسنانها وهي تحدق في المكان الذي كان يقف فيه.
والمثير للسخرية، أن الليل أصبح أعمق وأعمق في هذه الأثناء.