Unable To Escape - 90
“لقد أفسدتِ المشهد الممتع الذي كنت أتابعه، أليسيا.”
“أخي.”
رغم أن حديث أدريان كان موجهاً نحو أليسيا، إلا أن نظراته كانت موجهة نحو بيلال ورايلي.
عندها فقط أدرك الرجلان أن أدريان كان جالساً أيضاً في العربة، فخفضا رأسيهما بسرعة.
“تحياتنا لولي العهد.”
“تحياتي لسمو ولي العهد.”
دون أن يعير تحياتهما أي انتباه، خرج أدريان من العربة ومد يده نحو أليسيا.
أمسكت أليسيا بيد شقيقها وهي ترمقه بنظرات خفيفة غير راضية، ثم نزلت من العربة.
بعد أن انتهت من ترتيب ثيابها، التفت أدريان نحو الرجلين ونظر إليهما، بينما كان لا يزال يمسك بيد أليسيا بلطف ليقربها منه أكثر.
ثم قال بابتسامة:
“لطالما سمعت أن الأمير الثاني لمملكة تيريون يفتخر بثقته الكبيرة بنفسه، لكن أحياناً، هذه الثقة قد تتحول إلى نقطة ضعف، أليس كذلك؟”
بما أن أليسيا قد انتقدت تصرف رايلي، كان على أدريان أن يشير إلى أخطاء بيلال.
استوعب ببلال كلامه، فأدرك خطأه، وانحنى معتذراً.
على الرغم من مكانته كأمير، فإن التورط في شجار مع أحد نبلاء إمبراطورية إريغيرون أمام ولي عهدها لم يكن تصرفاً مناسباً.
ورغم أن الفارق في المكانة الاجتماعية بين بيلال ورايلي كان يبرر تصرفه، إلا أن الانتقاد كان دائماً ممكناً.
“لقد تصرفت بطريقة غير لائقة.”
“أظن أن انشغالك بجمال شقيقتي قد صرف انتباهك عن ما حولك، لذلك سأعتبر الأمر كأنه لم يكن.”
لو أن شخصاً لا يعرف أدريان سمع كلماته، لظنها نوعاً من السخرية.
لكن أليسيا أدركت أن شقيقها كان صادقاً تماماً فيما قاله.
“أخي…”
رغم محاولاتها للبقاء متيقظة ومراقبة الأوضاع تحسباً للحادث الذي توقعت حدوثه اليوم، شعرت أليسيا أنها قد أفسدت الأمور منذ البداية.
بينما كانت تحدق في وجه شقيقها الذي بدا غير مكترث تماماً، حاولت كبح تنهيدة كادت تفلت منها.
قال أدريان أخيراً وهو يبتسم:
“مرافقة شقيقتي هي مسؤوليتي، لذا أظن أنه من الأفضل لكما أن تبحثا عن شخص آخر.”
لم يكن واضحاً ما إذا كان أدريان يدرك ما يدور في داخل أليسيا، لكنه استمر في الإمساك بيدها بقوة وهو يمر بجوار بيلال ورايلي، مرتسمًا على وجهه ابتسامة خفيفة.
يبدو أن الموقف الحالي كان ممتعًا للغاية بالنسبة له.
على الرغم من أن أدريان لم يكن يسعى بشكل مباشر لهذا الأمر، إلا أن تصرفه ساعد أليسيا على تجنب موقف محرج كان يمكن أن يؤدي إلى التوتر مع أحد الرجلين.
لذلك، التفتت أليسيا إلى شقيقها وقالت:
“تبدو سعيدًا.”
أجابها بابتسامة ساخرة:
“بالطبع لا. أشعر بالسوء لأن عدد اللصوص الذين يحاولون الاستيلاء على شقيقتي قد ازداد.”
ردت عليه وهي تشير إلى ابتسامته:
“لكنّك تبتسم.”
انفجر أدريان ضاحكًا من تعليقها وقال بينما يربت على يدها برفق:
“لا أنكر أن الأمر مسلٍ بعض الشيء، لكن هذا لا يعني أنني راضٍ. لم أكن أعتقد أن حتى نائب الماركيز يحاول الوصول إليك.”
هيما: يقصد رايلي
علقت أليسيا بتوتر:
“هذا… ليس صحيحًا تمامًا.”
ثم سألها أدريان بنبرة جادة:
“ماذا حدث أثناء رحلتك إلى برج الحكيم؟”
ترددت أليسيا قبل أن ترد باقتضاب:
“لا شيء.”
بالطبع، كان هناك شيء قد حدث، مثل عرض الزواج الذي قدمه رايلي.
لكنها لم تكن قادرة على إخباره بذلك؛ إذ كانت تخشى أن يثير ذلك نزاعًا بين ولي العهد والماركيز المستقبلي.
نظر أدريان إلى أليسيا للحظة، مراقبًا تعبيراتها المتوترة وعجزها عن النظر مباشرة في عينيه.
ثم حوّل نظراته نحو الرجلين اللذين ما زالا يقفان أمام العربة، وكأنهما غير مدركين لما يجب عليهما فعله.
فكر أدريان في نفسه بسخرية:
‘واحد منهما لا يحاول حتى إخفاء نواياه، بينما الآخر تجرأ على التصرف من خلفي.’
بالنسبة إلى بيلال، سيغادر الإمبراطورية قريبًا بعد انتهاء احتفال عيد الميلاد.
وبالرغم من احتمالية إرسال طلب زواج رسمي لاحقًا من مملكة تيريون، إلا أن أدريان لم يكن قلقًا بشأن ذلك.
‘والدي ليس معجبًا بالأمير الثاني لتيريون، لذا من غير المرجح أن يقبل طلب الزواج.’
أما الشخص الذي ينبغي الحذر منه فهو رايلي، الذي سيظل في الإمبراطورية.
لم يكن مثل بقية النبلاء، إذ كان بإمكانه زيارة القصر الإمبراطوري بانتظام، بالإضافة إلى تقوية علاقته بأليسيا أثناء الرحلة إلى برج الحكيم.
فكر أدريان بقلق:
‘لا بد أن هناك شيئًا قد حدث بينهما أثناء تلك الرحلة، حتى لو لم يكتب في التقارير.’
قرر أدريان أن يراقب أليسيا عن كثب طوال اليوم، مصممًا على اكتشاف حقيقة ما حدث.
بينما كانت أليسيا تراقب من حولها دون أن يظهر ذلك، لم تكن تعلم ما الذي كان يقرره شقيقها.
كانت متأكدة من أن هناك من يقترب من أدريان لأغراض غير طيبة.
‘لا أعرف بالضبط متى وقع الحادث، لكنني على الأقل أعرف بشكل تقريبي.’
كانت أليسيا قد درست الحادث بتفاصيله، وقرأت تقارير عديدة مرات عديدة حتى علمت متى اختفى أدريان، وكيف تم العثور عليه جريحًا بعد فترة قصيرة.
‘لقد كانت ثلاثين دقيقة فقط.’
خلال تلك الفترة القصيرة، قام الجاني بإيذاء شقيقها وأزال جميع الآثار قبل أن يختفي.
‘إن كانت حادثة عرضية، لما استطاع أن يزيل الآثار تمامًا.’
كان من الواضح أن الجاني قد تحرك بعناية منذ البداية بهدف إيذاء أدريان.
كان ما يتعين على أليسيا فعله اليوم هو أن تكون عنصراً غير متوقع في خطة الجاني، وأن تفسد تلك الخطة لينجو أدريان.
“أليسيا، هل تبحثين عن شخص ما؟”
سأل أدريان هذا السؤال عندما دخلا الخيمة المعدة للأمير والأميرة. كان يبدو وكأنه ينتظر لحظة تكون فيها أليسيا وحيدة، ليطرح عليها السؤال.
فزعَت أليسيا للحظة، هل لاحظ شقيقها شيئًا؟
ابتلعت أليسيا ريقها ونظرت إلى أدريان.
“هل… هل تبحثين عن دوق دياز؟”
أجابها أدريان وقال: “لقد أخبرني الدوق أنه لن يشارك في المسابقة بسبب أمر آخر اليوم.”
“أفهم.”
“إذا كنت تبحثين عنه…”
“لا، لا أبحث عنه، حقًا.”
نظرت أليسيا إلى عيني أدريان الزرقاوين وأجابته بحزم، ثم ابتسمت له برقة لتطمئنه.
“إنها المرة الأولى التي يقام فيها مسابقة الصيد في حفلة عيد ميلادك، لذلك كنت أتساءل عن الفرق بين هذه الحفلة وحفلة الربيع، فقط كنت أراقب من حولي.”
“أها.”
“نعم. لذلك لا تضع هذا التعبير على وجهك.”
اليوم كان عيد ميلاد أدريان وكان يجب أن يكون يومًا سعيدًا له.
كانت أليسيا قلقة من أن شقيقها قد لا يتمكن من الاستمتاع بهذا اليوم بسببها، لذا حاولت أن تبتسم بأوسع شكل ممكن لتطمئنه.
“يجب أن تحضر خطاب الافتتاح.”
“هل ستذهبين معي؟”
“اليوم هو يومك، أخي. سأنتظر هنا بهدوء.”
كان يجب عليها أن تتجنب جذب الانتباه اليوم.
كانت تعرف أنه لا بد لها من البقاء هادئة ومراقبة محيطها بحذر، لذلك رفضت.
بينما كان أدريان يلاحظ حالتها، اختبأ الغضب من اللصوص الذين كانوا يراقبونه في عينيه. كان يشعر بالراحة لأن شقيقته لم تكن تظهر في الأماكن التي قد تثير الشكوك.
أجاب أدريان وهو يبتسم قائلاً:
“سأعود بأسرع ما يمكن.”
“نعم.”
“حضري القوس مسبقًا. اليوم سأعلمك كيفية الصيد.”
“نعم، سأنتظر بفارغ الصبر.”
ابتسم أدريان بابتسامة عريضة وهو يلوح لأخته التي كانت تجلس على الكرسي في الخيمة.
عندما خرج أدريان من الخيمة، كانت أليسيا تستعد لتفقد القوس الجديد كما طلب منها.
في تلك اللحظة، دخلت مينا إلى الخيمة.
“سيدتي، هناك من يريد مقابلتك.”
خفضت مينا رأسها وأخبرت أليسيا عن الزائر.
كانت أليسيا تتساءل من قد يأتي لزيارتها في هذا الوقت قبل أن يبدأ خطاب أدرين.
“من الذي جاء؟”
“إنه إيرل فيندلي.”
تفاجأت أليسيا من الزائر الغير متوقع.
لقد قرأت في رسالة من جاي أثناء رحلتها إلى برج الحكمة أنه قد اختفى بالفعل.
وكانت قد سمعت أنه خدع من يراقبونه واختفى عن الأنظار، فما الذي يفعله الآن هنا ليطلب مقابلتها؟
“هل جاء إيرل فيندلي بمفرده؟”
“نعم.”
“وما السبب وراء رغبته في مقابلتي؟”
“قال فقط إنه يرغب في لقائك.”
من الناحية المنطقية، كان هذا اللقاء يجب أن يتم رفضه.
لكن كان هناك شيء واحد يجعل أليسيا لا تستطيع رفض طلبه: كيليان.
حتى وإن كانت مشاعر أحدهم حبًا، والآخر يحمل رغبات مختلفة، فإن الشيء الوحيد الذي يربط أليسيا بإيرل فيندلي هو كيليان.
“استعدي لاستقبال الضيف، مينا.”
عندما تذكرت كيليان، لم تستطع رفض طلب إيرل فيندلي.
لكنها لم تكن مستعدة لمقابلته وجهًا لوجه بشكل مباشر.
“هل تعرفين من هو أفضل فارس في الحراسة هنا؟”
كانت أليسيا تخطط بأن يتولى الفارس الأقوى مهمة حمايتها.
كان هذا هو الحد الأدنى من الاحتياطات التي فكرت بها قبل مواجهة إيرل فيندلي.
“إنها الفارس وايت.”
لحسن الحظ، كان هناك فارس موثوق به، وكانت هذه المرأة هو الذي تركه أدريان خصيصًا لحمايتها.
“لدي طلب أود أن أتوجه به إلى الفارس وايت، مينا.”
“نعم، سموك.”
انحنت مينا وغادرت بسرعة مع كاسا عائدة إلى الخيمة.
“تشرفت بلقائك، سمو الأميرة.”
“مرحبًا، يا فارس وايت.”
استقبلت أليسيا كاسا بابتسامة مشرقة، بينما كانت الأخيرة عحييها بأدب، تمامًا كما فعلت عندما افترقا.
الانستغرام: zh_hima14