Unable To Escape - 64
بعد أن قضت أليسيا يومًا كاملاً آخر على ظهر الحصان مع كاسا، أخذت تراقب القرية البعيدة وسألتها:
“هل سنمكث في تلك القرية اليوم؟”
“نعم، جلالتك.”
ورغم أن ركوبها مع كاسا لم يكن يمنحها نفس الشعور بالاستقرار الذي يمنحها إياه كيليان، إلا أن كاسا كانت أيضًا فارسة مُدرّبة جيدًا منذ وقت طويل، لذا لم يكن الركوب معها غير مريح.
فقد كانت كاسا تحرص دائمًا على راحتها.
وبجانب هذين الشخصين، كانت ماريسا تقود حصانها قريبًا جدًا منهما وتحرص أيضًا على راحة أليسيا، مما جعل رحلتها مريحة للغاية باستثناء بعض الاضطراب النفسي.
وكان هناك أيضًا فائدة أخرى لركوبها مع كاسا.
“لماذا تقود الحصان بجانبي؟”
“لأنني أود الحديث معكِ، جلالتكِ.”
“هل تطلب الموت؟”
“لماذا تكونين دائماً بهذا العناد؟”
حتى دون أن تفعل أليسيا أي شيء، كان بإمكانها منع رايلي من الاقتراب.
هل كان ذلك بسبب الذنب الذي تشعر به تجاه كاسا؟
في كل مرة يحاول رايلي الاقتراب بحجة مختلفة، كانت كاسا تحدق فيه بنظرة وكأنها ستقتله، فيضطر للانسحاب.
“يبدو أن السير وايت حقًا رائعة.”
“لم أفعل شيئًا لأستحق الثناء من جلالتك، أشعر بالحرج.”
احمر وجه كاسا عندما تمكنت قبل قليل من صد رايلي الذي حاول الاقتراب بحجة أنه يريد ركوب الحصان بجانب صديقه، بكلمة واحدة فقط: “اختفِ.”
ماريسا، التي كانت تقود حصانها بجانبهم، كانت تنظر إلى كاسا بنظرة مليئة بالغيرة.
عندما وصلوا إلى القرية، توجهت المجموعة أولاً إلى سوق الخيول.
عند اقتراح ماريسا بشراء عربة، فكرت أليسيا في الأمر قليلاً.
ففي عربة مغلقة، لن تضطر للقلق من نظرات كيليان ورايلي.
ولكن عندما صعدت إلى العربة لاختبارها، ظهرت في ذهنها تلك العيون الصفراء بوضوح، فقررت في النهاية التخلي عن العربة واختيار حصان قوي لتستمر في الركوب عليه.
“من الجيد أننا وجدنا حصانًا هادئًا.”
“يبدو أننا كنا محظوظين حقًا.”
قالت كاسا وهي لا تستطيع إخفاء شعورها بالفخر، بعدما دفعت قيمة الحصان الذي اختارته أليسيا، وتفوقت بفارق ضئيل على المنافس الآخر.
ورغم أنهما تشاجرا قليلاً حول مسألة ركوب الحصان معًا، إلا أن ماريسا أومأت برأسها لكاسا، وكأنها تعترف بما يجب الاعتراف به.
“لكن النزل أصغر مما توقعت.”
“لا يوجد ما يمكن فعله. النزل الكبيرة الأخرى استقبلت الكثير من النزلاء، ولا يوجد لديهم غرف متاحة لنا.”
كانت القرية تقع بالقرب من العاصمة، ولديها سوق خيول كبير إلى حد ما، مما يجعلها تستقبل العديد من الزوار.
وصادف أن يوم وصول أليسيا ورفاقها كان أحد الأيام الثلاثة فقط في السنة التي تُقام فيها مزادات الخيول، لذا كان من حسن حظهم أنهم تمكنوا من الحصول على هذا النزل الصغير.
“نعم، كان الحظ حليفنا. مع وجود الكثير من الزوار من القوافل الكبيرة، لا يوجد من يشك في هويتنا.”
وبينما كانوا يختبئون بين الناس الذين تجمعوا للمشاركة في المزاد الكبير، وصلوا إلى النزل وتفرقوا إلى غرفهم.
أول ما فعلته أليسيا عندما دخلت الغرفة المخصصة لها كان إغلاق النافذة.
يبدو أن ما حدث في العربة قد أصبح نوعًا من الصدمة بالنسبة لها.
في الوقت الذي كانت تغلق فيه النافذة، قامت ماريسا بتفقد السرير ثم غادرت الغرفة قائلة إنها ستجهز لها حمامًا للاسترخاء.
رغم أن كاسا كانت تقف لحراسة الباب، إلا أن غلق القفل كان أمرًا بديهيًا.
ورغم صغر النزل، إلا أنه كان يضم أشخاصًا آخرين بالإضافة إلى رفاق أليسيا، لذا كان الأمان هو الأولوية القصوى.
بعد أن استحمّت بمساعدة ماريسا في الماء الدافئ، عادت أليسيا إلى غرفتها بوجه منتعش وبدأت تبحث في حقيبتها.
ثم أشعلت شمعة لتضيء الغرفة، وجلست أمام المكتب الصغير في زاوية الغرفة، وأخرجت ما كان بحوزتها من الحقيبة.
كان دفترًا صغيرًا بحجم كف يدها وقطعة فحم.
كانت قد أحضرت هذه الأشياء تحسبًا لأن تشعر بالملل خلال الرحلة، لكي تتمكن من الرسم في العربة.
‘لم أكن أظن أن الأمر سينتهي في يوم واحد فقط…’
فتحت أليسيا صفحة فارغة من الدفتر وأمسكت بقطعة الفحم.
لم تكن ترغب بالخروج ومواجهة رايلي أو متابعة تصرفات كيليان، لذا قررت أن تقضي وقتها في رسم بعض الرسومات حتى يحين وقت الرحيل غدًا.
“أول ما سأرسمه… بالطبع سيكون ذلك.”
البحيرة الضخمة والجميلة التي ملأت مجال رؤيتها.
قد ترى البحيرة مرة أخرى في طريق العودة إلى العاصمة، لكن بعد ذلك لا يوجد أي ضمان.
لذلك كان عليها أن تحفظ هذه الذكرى في صورة قبل أن تصبح الذكريات باهتة.
كانت تخطط لعمل رسم بسيط هنا ثم نقل التفاصيل لاحقًا على لوحة كبيرة عندما تعود إلى العاصمة.
بينما كانت أليسيا جالسة ترسم لفترة طويلة، انتبهت فجأة إلى صوت طرق على الباب.
كانت قد تخطت عدة صفحات في الدفتر أثناء تركيزها، وما كانت ترسمه الآن كان يد كيليان.
ربما بسبب قربها منه أثناء ركوب الحصان معًا؟
كانت قد رسمت بالفعل عدة أشكال ليد كيليان من زوايا مختلفة. أغلقت أليسيا الدفتر، وضعت الفحم جانبًا، ثم فتحت قفل الباب.
“جلالتك، ماذا عن وجبة العشاء…؟”
“سأتناولها هنا.”
“ولكن يجب أن تغسلي يديكِ أولًا.”
“آه…”
كانت أطراف أصابعها قد أصبحت سوداء من الإمساك بالفحم أثناء الرسم.
بمساعدة ماريسا، غسلت أليسيا يديها جيدًا، ثم أنهت وجبة العشاء البسيطة واستعدت للجلوس مجددًا أمام المكتب.
“جلالتك، سأل اللورد أندرسون عما إذا كنتِ ترغبين في القيام بجولة في السوق معه.”
قالت ماريسا وهي تستعد لأخذ الأطباق الفارغة.
بسبب وجود كاسا عند الباب، لم يستطع رايلي الاقتراب من أليسيا مباشرة، ويبدو أنه طلب من ماريسا أن تسأل بالنيابة عنه عندما التقيا صدفة.
“أخبريه أنني سأبقى في النزل.”
“حسنًا، مفهوم. وأيضًا، جلالتك…”
“نعم؟”
بينما كانت أليسيا تجيب ماريسا وتستعد للجلوس وفتح الدفتر مجددًا، أدركت أن ماريسا لم تُكمل كلامها، فاستدارت نحوها.
على عكس نقل رسالة رايلي، بدت ماريسا في حيرة بعض الشيء وهي تفتح فمها بتردد ثم بدأت تتحدث ببطء.
“الدوق دياز طلب نفس الشيء.”
“ماذا؟”
“يريدكِ أن تذهبي في جولة بالسوق معه.”
“…”
“لقد حصل على دعوة للمشاركة في المزاد الذي سيقام هذا المساء.”
كان بإمكانها الرد بسهولة على طلب رايلي، لكن كان من الصعب رفض دعوة كيليان فورًا.
كان كيليان يعرف ذلك، ولهذا نقل رسالته عبر ماريسا بهذه الطريقة.
“في رأيي، ماذا لو خرجتِ في جولة سريعة؟”
“لماذا فكرتِ بذلك؟”
“المزاد الذي يُقام في هذه القرية هو حدث كبير نوعًا ما. فقط التجول في السوق القريب من مكان المزاد سيكون ممتعًا.”
ترددت أليسيا قليلاً بعد كلام ماريسا، ثم حولت نظرتها إلى الدفتر على المكتب.
إن لم تكن ستملأ هذا الدفتر برسومات لكيليان فقط، فقد يكون من الجيد أن تشاهد مناظر أخرى.
“حسنًا، سأخرج إذًا.”
“سأنقل ذلك للدوق.”
“لا.”
“ماذا؟”
“أخبري الدوق أنني سأقبل النية فقط.”
“إذًا، هل ستخرجين أم لا؟”
سألت ماريسا بتلعثم بشكل نادر يعبر عن ارتباكها.
كانت هذه هي المرة الأولى التي ترى فيها أليسيا ماريسا بهذا الشكل منذ انضمامها إليها، ورغم أنها شعرت بالدهشة قليلاً، إلا أنها أجابت بابتسامة.
“سأذهب معكِ ومع السير وايت.”
“ليس مع الدوق…؟”
“نعم.”
لاحقًا، ارتدت أليسيا رداءً غطت به رأسها بغطاء عميق، وخرجت مع كاسا لتجول في السوق القريب من المزاد.
ماريسا قررت البقاء في النزل قائلة إنه إذا خرجت معهم، فقد يدرك البعض أن أليسيا شخصية ذات مكانة عالية.
كاسا، التي كانت تبدو كفارس للعيان، وماريسا التي كانت تخدم أليسيا بلباقة في كل مكان.
حتى وإن لم يدركوا أنها من العائلة المالكة، فقد يتنبّه بعض الناس بأنها تنتمي إلى طبقة النبلاء الرفيعة وقد يحاولون الاقتراب منها لأغراض غير نقية.
‘رغم بقاء ماريسا في النزل، إلا أن حراس القصر يختبئون ويتبعوننا هنا وهناك.’
أليسيا، التي تذكرت الفرسان المختبئين لحمايتها، قررت أن تتجول في السوق لفترة قصيرة حتى لا يشعر الفرسان بالتعب.
لو عرفت كاسا عن هذا التفكير، لكانت ستقول: “عندما يتعب الفرسان، لن تستطيعين يا جلالة الأميرة المشي على قدميكِ”.
ربما لأنها لم يسبق لها أن اختبرت بنفسها مدى تحمل الفرسان، كانت أليسيا تحدد المعايير استنادًا إلى قدرتها الشخصية.
كما قالت ماريسا، كان السوق القريب من المزاد ممتعًا لمجرد التجول فيه.
كان التجار القادمون من مناطق بعيدة يعرضون كل أنواع البضائع على أمل تحقيق ربح كبير، وكانوا يحاولون جذب الزبائن بطرق متنوعة.
“تعالوا! شاهدوا! اشتروا! هذا السعر فقط لليوم!”
“يا رجل! شاهد بعينيك فقط! إذا لم تكن تنوي الشراء، فلماذا تعبث بكل شيء؟”
“أمي! اشتري لي هذا!”
“لصوص الجيب!”
هيما: لصوص الجيب هنا تعني أولئك الذين يحاولون سرقة الأشياء الصغيرة من جيوب الناس أو حقائبهم في الأماكن المزدحمة. يُستخدم التعبير للإشارة إلى حوادث السرقة البسيطة التي تحدث غالبًا في التجمعات المزدحمة مثل الأسواق.
“هذه شعاب مرجانية من البحر الجنوبي الدافئ! فقط مشاهدتها تمنحك السلام النفسي!”
السوق كان مليئًا بالأشخاص الذين يبيعون ويشترون ويتجولون، ووسط هذا الازدحام، تم دفع أليسيا مرارًا وتكرارًا حتى وصلت إلى نافورة صغيرة.
نظرت إلى كاسا التي كانت تظهر على وجهها علامات الإرهاق تمامًا مثلها، ثم انفجرت بالضحك.
“يبدو أنك أيضًا لا تحبين الأماكن المزدحمة.”
“ما لا أحبه هو الفوضى.”
“كان هناك بعض الفوضى بالفعل، أليس كذلك؟”
“نعم.”
لا أعرف كم مرة كاسا طرقت معصم السارق الذي يقترب من أليسيا أو أركله في ساقه.
كان كاسا هي من تتعامل مع الأمر أولًا، تزيح السارق جانبًا، ثم يظهر الفرسان الذين كانوا مختبئين ويأخذونه بعيدًا.
ربما لم تدرك أليسيا بسبب كثرة الناس، لكن…
‘ها هو يأتي مرة أخرى.’
تنهد كاسا عندما رأت سارقًا آخر يتجه نحو أليسيا، التي كانت جالسة بالقرب من النافورة.
كان الأمر سيكون أسهل لو كسرت عنقه، لكن من الصعب للغاية أن تتعامل معه دون أن تتسبب له في أذى دائم.
كان بإمكانهم منع السارقين تمامًا من الاقتراب، لكن يبدو أن زملاءه المختبئين لم يفكروا في ذلك.
“مهلاً، هناك. إذا كنت تفكر في ما تفعله، فتوجه إلى طريق آخر وسأعتبر أنني لم أراك.”
توجهت كاسا نحو السارق بنبرة منخفضة، محاولة تهديده دون أن تدرك أليسيا.
لكن الرد الذي تلقاته كان غير متوقع تمامًا.
“لقد جئت في مهمة. هل يمكنك أن تخبري جلالة الأميرة أليسيا بأن رسالة من جي وصلت؟”
الانستغرام: zh_hima14