Unable To Escape - 121
بعد طرد فلين، الذي أصر على انتزاع إجابة حتى النهاية، وتمكنه أخيرًا من أن يكون وحيدًا، جلس كيليان على حافة السرير وهو يمسح شعره بخشونة.
ما فعله من تصرفات محرجة الليلة الماضية، أو الوجه الغبي الذي أظهره أمام أليسيا صباح اليوم، لم يعد مشكلة الآن. فلا شيء مما حدث يمكن تغييره مهما حاول.
المشكلة الأكبر التي تؤرقه الآن هي أن أليسيا كانت “هي من بادرت” بدعوته لتناول الطعام.
“لماذا؟”
الغريب أن هذا السؤال كان أول ما تبادر إلى ذهنه.
لم تكن تلك المرة الأولى التي تدعوه فيها أليسيا لتناول الطعام أو شرب الشاي، لكنه كان دائمًا يرفض الدعوة. وإن اضطر إلى قبولها، كان يركز على إنهاء طعامه أو شرب الشاي متجاهلًا وجودها أمامه تمامًا.
لكن الأمور كانت مختلفة الآن.
“سخيف.”
أن يشعر بالسعادة لسماع دعوتها لتناول الطعام، أمر لم يتخيل حدوثه أبدًا. خاصة بعد وصولهما إلى فينيون، حيث تجنبت أليسيا النظر في وجهه قدر الإمكان.
ما زاد الأمر سوءًا هو شعوره بالقلق وعدم الارتياح، إذ تغيّر تصرف أليسيا تجاهه فجأة، مما جعله يتساءل عمّا تفكر فيه.
كان عيناها الزرقاوان، اللتان تحدقان فيه مباشرة دون أدنى تردد، تثيران ارتباكه. تلك النظرة كانت مختلفة تمامًا عمّا اعتاد عليه.
في الماضي، كانت نظراتها مليئة بالحب، حتى عندما كانت تحاول الابتعاد عنه. لقد جعلته تلك النظرات يؤمن بأنها ستعود إليه في النهاية مهما حاولت الهرب.
لكن الحقيقة كانت مختلفة.
“اعترف.”
تلك كانت أوهامًا متعجرفة.
كيف افترض أنها ستبقى كما كانت في الماضي بينما هو نفسه تغيّر؟
حتى أنها كانت مستعدة لتناول السم كي تهرب منه.
عندما تذكر وجه أليسيا وهي تموت بعد أن ابتلعت السم الذي أعدته له، بدأت أصابعه ترتجف.
“تبًا.”
مسح وجهه بيديه بقسوة وعضّ على أسنانه بشدة.
لم يكن ينوي التخلي عن أليسيا أبدًا.
كيف يمكنه أن يتركها بعد أن استعادها؟
مهما كان القرار الذي اتخذته، فإن أليسيا يجب أن تكون له.
حتى لو كان ذلك يعني إثارة كراهيتها، فلن يتراجع.
لقد أقسم على ذلك عندما رآها ممددة في التابوت البارد، غارقة في سبات أبدي.
لهذا، بغض النظر عن الكلمات التي ستقولها أليسيا الليلة، لن يهم الأمر.
في النهاية، كان هناك استنتاج واحد فقط.
كيليان، متجاهلًا القلق الذي يضطرب في صدره، جمع أفكاره وأطلق تنهيدة طويلة.
“التكاسل ينتهي هنا.”
إلى جانب أمور الأراضي، عليه التعامل مع الأحداث الجارية في أرض الوحوش والغابات العميقة.
“لنبدأ بذلك أولًا.”
إذا واجه الأمور بترتيب وحكمة، سيجد الطريق الأمثل كعادته.
بعد أن استدعى وجه أليسيا للمرة الأخيرة، وقف كيليان من مكانه.
وبعد ساعات قليلة، وجد نفسه أمام أخبار غير سارة.
وصل متأخرًا عن المعتاد إلى مكتبه، وكأنه كان ينتظر دخوله، تلقى أخبارًا عاجلة عن تغييرات مشؤومة داخل غابة الوحوش.
“ظهرت متحولات؟”
“نعم، هذا صحيح.”
انحنى بريل، الذي جاء مسرعًا من الحصن لإيصال الأخبار شخصيًا.
تمامًا كما اختفت المتحولات فجأة من داخل الإمبراطورية، اختفت أيضًا تلك التي كانت تسيطر على أرض الوحوش دون ترك أي أثر.
وبفضل رفع مستوى الحراسة في الحصن إلى أقصى حد تحسبًا لظهورها المفاجئ مجددًا، تمكنوا من اكتشاف عودتها بسرعة.
“ما هي تحركاتها؟”
“تلتهم الوحوش.”
“تلتهمها؟”
“حرفيًا، إنها تفترسها.”
بفضل معرفته بعملية تحول الوحوش إلى متحولات، فهم كيليان سريعًا ما كان بريل يحاول قوله.
“إذا استمر الوضع على هذا النحو، قد نضطر لاستبدال اسم أرض الوحوش أو الغابة باسم المتحولات.”
تحول جميع الوحوش العادية إلى متحولات يعني زيادة هائلة في القوى التي يستطيع أيان التحكم بها، وهو الذي أظهر تعلقًا غريبًا بأليسيا في اللحظات الأخيرة قبل اختفائه وسط زهور حمراء متساقطة.
تذكر كيليان المظهر الأخير لأيان وعقد حاجبيه وهو ينظر إلى بريل.
“إذن، يمكننا القول إن كل المتحولات التي اختفت تجمعت في أرض الوحوش؟”
“نعم، بما أنه لا توجد أخبار من داخل الإمبراطورية، يبدو أن هذا هو التفسير الوحيد.”
حصل كيليان على تعاون الإمبراطورية وأرسل ذئابًا في جميع الأنحاء لتتبع أثر المتحولات المفقودة.
لو كان أي منهم قد اكتشف أثرًا لها، لكانت الأخبار قد وصلت في غضون يوم أو يومين كحد أقصى.
لكن التقارير القادمة من الإمبراطورية إلى فينيون اقتصرت على عدم العثور على أي أثر.
كيليان، مقتنعًا أن هذا من تدبير أيان، تحدث قائلاً:
“كيف هي استعدادات الحصن؟”
“يمكننا التحرك في أي وقت بأمرك.”
الأرض التي تسري فيها دماء الوحوش تتحول إلى أرض ميتة لا تنبت شيئًا مجددًا.
لم تكن هناك حالة واحدة استعادت فيها الأرض الملوثة عافيتها.
لهذا السبب، كان لا بد من التعامل مع الوحوش في أرض الوحوش نفسها.
أومأ كيليان برأسه بعدما سمع أن فرسان وجنود الحصن جاهزون للاندفاع إلى أرض الوحوش في أي لحظة.
“عليّ التحرك أيضًا.”
كان كيليان هو صاحب القرار النهائي في الحصن.
مهما كانت براعة جنوده، فإن غيابه سيترك فجوة في نظام الأوامر.
وفي ساحة المعركة حيث كل ثانية حاسمة، يمكن أن تؤدي هذه الفجوة الصغيرة إلى نتائج كارثية لا تحتاج إلى تفسير.
“ماذا ستفعل بشأنها؟”
الكلمة التي نطق بها بريل بتردد غير معهود، “بشأنها”، استدعت على الفور وجه أليسيا التي كانت تستريح في غرفتها.
كان من المفترض أن يتناول العشاء معها هذا المساء…
‘هذا محرج.’
تسللت إليه مشاعر مختلطة؛ انزعاج من عدم تمكنه من الوفاء بوعده مع أليسيا – بالرغم من أنها فرضت ذلك الموعد بشكل أحادي – وراحة لعدم مواجهة ما قررته.
كيف يجب أن يتصرف؟
لكن كيليان لم يحتج وقتًا طويلًا للتفكير.
مشكلة المتحولات تتعلق بشكل مباشر بسلامة أليسيا.
“يجب تأجيل الموعد.”
بريل، الذي كان قد سمع من فلين عما حدث الليلة الماضية، نظر إلى سيده بقلق واضح في عينيه.
كيليان، الذي تردد لوهلة أمام نظرات بريل المشككة، وقف في النهاية.
كان عليه أن يوضح لأليسيا أن تأجيل الموعد لم يكن كما كان في السابق.
إذا أظهر لها تغيّرًا ولو بسيطًا عن ماضيه… ربما تستطيع تغيير أفكارها الحالية.
فكرة أنه لا يعلم ما تفكر به أليسيا ومع ذلك يعتقد أنها تخطط لشيء ضده جعلته يضحك بسخرية من نفسه.
[لأنك ارتكبت الكثير من الذنوب.]
تذكر كلمات فلين التي تفوه بها عندما طُرد من غرفة النوم.
ربما كانت أفكاره تتجه نحو السلبية بسبب تلك الذنوب.
لكن كيليان، الذي وُلد حاملاً عبء الخطايا، لم يكن ليجد تأثير ذلك كبيرًا عليه.
لقد وُلد ابنًا غير شرعي، فقد أمه، وأصبح وريثًا غير معترف به ليقتل أخاه الذي يشترك معه في نصف الدم.
بالنظر إلى حياته، من الطبيعي أن يشعر بالذنب يثقل كاهله.
لقد عاش كيليان متحملًا هذا العبء.
وإضافة خطيئة أخرى إلى كاهله الآن لن يغير شيئًا.
لذلك، عدم قدرته على التحرك الآن لم يكن بسبب ثقل الذنوب.
“سيدي؟”
استفاق كيليان من أفكاره عندما سمع صوت بريل يناديه، وضغط بقوة على قدميه التي بدت كأنها مثبتة بالغراء.
وأخيرًا، بدأت تتحرك.
“سألتقي بجلالتها أليسيا ثم أغادر مباشرة.”
“سأقوم بالتحضيرات.”
كل ما عليه فعله هو أن يخبر أليسيا بأن يؤجل الموعد قليلًا.
إذا شرح لها الظروف، فلن تشعر بخيبة أمل كبيرة كما في السابق.
نعم، هذا هو الحل.
لكن عندما وصل كيليان إلى غرفة أليسيا، لم يستطع حتى إكمال ما كان ينوي قوله بسبب الجملة الأولى التي نطقتها.
“سأذهب معك إلى حصن غريفول.”
كان صوتها صارمًا، يوحي بأنها لن تقبل أي محاولة للإقناع.
بينما كان كيليان متفاجئًا لدرجة عجزه عن الكلام، رفعت أليسيا كوب الشاي لتكمل احتساءه كما لو كانت تستأنف وقت الشاي الذي كانت تستمتع به قبل وصوله.
ثم تحدثت مجددًا بهدوء:
“قد تهاجم المتحولات التي تستهدفني هذا المكان. لا أعتقد أن الدوق يجهل هذا الأمر.
بذل قصارى الجهد لمواجهة المتحولات في أرض الوحوش أمر ضروري، ولا يمكنني أن أسمح بتقسيم القوات لحمايتي بينما أبقى هنا.”
“صاحب القرار هنا هو…”
“دوق دياز، أعلم أنك القائد العام لشمال المملكة وحتى هنا يجب أن يخضع الجميع لقراراتك.”
أليسيا تحدثت بنبرة حازمة، كما اعتادت أن تفعل حتى في الأوقات التي كان يُطلق عليها لقب الإمبراطورة الدمية.
غالبًا ما كانت تتخذ مثل هذه القرارات عندما يكون الأمر متعلقًا بشعب إريغيرون.
في تلك اللحظات، مهما حاول كيليان إقناعها، لم تكن أليسيا تتراجع عن موقفها.
كان يعلم أن قراراتها كانت دائمًا للصالح العام لإريغيرون، لذلك كان يخفض رأسه ويتبع رغبتها في النهاية.
لقد أحب أليسيا بقدر ما أحب مملكته، وكان يدرك كم تحب أليسيا إريغيرون بصدق.
ولهذا السبب، كان كيليان يعرف أن الأمر سيكون مشابهًا هذه المرة، وسينتهي به المطاف بالخضوع لرغبتها مرة أخرى.
“إذا كنت أنا وأنت معًا في حصن غريفول، فلن يتمكن المتحولون أو أَيان فايندلي الذي تحول إلى متحول من الالتفات إلى مكان آخر.”
“هذا صحيح.”
“سأحرص على ألا أكون مصدر إزعاج. لذا…”
“…لا يمكنني منحك وقتًا طويلًا للاستعداد.”
“شكرًا لك.”
ابتسمت أليسيا بسعادة بعد أن وافق كيليان على طلبها.
الانستغرام: zh_hima14