Unable To Escape - 118
فالس فيندلي، والد أيان فيندلي والدوق السابق لعائلة فيندلي، كان رجلاً أطاح به كيليان في معركة خلافة دوقية دياز، حيث انتهى به المطاف مقتولاً بيد كيليان.
لم تكن أليسيا تعرفه جيداً، فقد رأته مرة واحدة فقط عندما كانت صغيرة جداً.
لكن من خلال المحادثات التي تطرقت إلى اسمه والوثائق المتبقية، أدركت أنه كان رجلاً طموحاً بشكل مفرط.
قالت أليسيا وهي تحدق في وجه كيليان الهادئ والمسترخي بينما كانت يده تمسك بمعصمها بإحكام:
“كان يحاول زعزعة استقرار عائلة دياز؟ ماذا يعني ذلك؟”
أجابها الشخص الآخر بهدوء:
“ليس أمراً كبيراً. مجرد قصة عن إنسان جشع حاول استغلال إنسان أحمق ولكنه فشل في النهاية.”
لم يكن فالس راضياً عن وضعه كدوق بسيط يحمي حدود الغرب. أراد الاستيلاء على عائلة دياز لتعزيز نفوذ عائلته.
وكانت وسيلته لتحقيق ذلك هي استغلال أبناء الدوق غير الشرعيين.
منذ القدم، كان الأبناء غير الشرعيين الذين يتفوقون على الأبناء الشرعيين يسببون اضطراباً في العائلات النبيلة.
لم يكن هدف فالس فقط زعزعة استقرار عائلة دياز، بل كان يخطط للتدخل شخصياً في حرب الخلافة، وفرض وريث يناسبه كدوق جديد لعائلة دياز ليحركه كما يشاء.
في ذلك الوقت، كان دوق دياز نموذجاً للنبلاء الفاسدين الذين يعتمدون على سلطتهم دون أداء واجباتهم، مما جعل خطط فالس تبدو ممكنة.
وكان كيليان، الابن غير الشرعي الذي اختاره فالس، يمتلك كل ما يلزم لتحقيق خططه:
مظهر يعكس بوضوح دماء عائلة دياز، ذكاء حاد، بنية مثالية للمبارزة، وأم طموحة تريد الأفضل لابنها.
لكن المشكلة الوحيدة في كيليان بالنسبة لفالس كانت أنه أذكى مما يجب.
ومع ذلك، كان فالس واثقاً أنه يستطيع التحكم به كدمية، بحكم أنه مجرد ابن لخادمة.
قال فالس للخادمة للتي تكون أم كيليان ليحفز طموحها:
“ابنك مؤهل تماماً ليكون الدوق القادم لعائلة دياز، ولكن هناك مشكلة واحدة فقط: مكانة والدته المتدنية.”
كان التلاعب بطموحات خادمة بسيطة أمراً سهلاً بالنسبة لفالس.
كما استغل شعورها بالذنب، وجعلها تعتقد أن وجودها يشكل عقبة أمام نجاح ابنها.
في النهاية، تركت الخادمة لابنها أدلة تثبت نسبه إلى دوق دياز ورسالة، ثم أقدمت على الانتحار، تماماً كما خطط فالس.
بدأت الشائعات تنتشر حول قصة الخادمة وابنها كيليان، مما أجبر الدوق على جلب كيليان إلى قصر العاصمة.
ورغم كره زوجة الدوق لوجود ابن غير شرعي، اضطرت إلى الموافقة على إدراجه في شجرة العائلة كابن غير شرعي، لتجنب إرسال ابنها الشرعي إلى أرض الوحوش.
حتى الآن، كانت خطط فالس تسير كما أراد.
لكن ما لم يتوقعه فالس كان ذكاء والدة كيليان، التي على الرغم من كونها خادمة بسيطة، فهمت نوايا فالس الحقيقية.
وعلى الرغم من اتباعها خطته، كانت تدرك أن النهاية ستكون نفسها حتى لو لم تنفذ ما طلبه.
“الانتحار أم الإعدام؟ إذا كان لا بد من الاختيار بينهما، فمن الأفضل أن أموت بيدي.”
بعد أن اتخذت الخادمة هذا القرار، تظاهرت بالرضوخ لرغبة “فالس” لكسب بعض الوقت. ثم شاركت ابنها بكل الحقائق المتعلقة بـ”فالس” وخططه.
[وعدني، يا بني، ألا تعيش أبدًا كما عشتُ أنا. لا تعش حياة يتحكم فيها الآخرون بك.]
منذ تلك اللحظة، تحددت مسيرة كيليان.
أن تعيش كالمتحكم لا كالمتحَكَم به.
أن تكون الشخص الذي يحرك القطع، لا قطعة على رقعة الشطرنج يتحكم بها الآخرون.
ولكي يصل إلى ذلك، كان عليه أن يرتفع إلى القمة، بحيث لا يتمكن أحد من استغلاله.
‘تزوج مني فقط ليجد طريقًا آخر للوصول إلى قمة القوة.’
في تلك اللحظة، أدركت أليسيا خطأ آخر ارتكبته في حياتها السابقة.
رغم كل ما فعلته للتقرب منه، رفض كيليان منحها مكانًا بجانبه حتى النهاية.
ربما كان ينوي التوقف عند منصب الدوق، دون السعي وراء العرش.
أو ربما كان يجد النزاع مع ولي العهد القوي على العرش أمرًا مرهقًا.
أو ربما لأنه حتى لو فاز بالنزاع، فإن الإمبراطورة لن تكون هو، بل أليسيا، وهذا ما لم يكن يريده.
ولكن بسبب إصرار أليسيا على كيليان، حدثت الكارثة في النهاية.
“هل هذا ما أراده فالس فيندلي؟”
استذكرت أليسيا كيف كان النبلاء يصفونها بالإمبراطورة الدمية في حياتها السابقة.
لم تستطع تخيل كيليان كدمية يتحكم بها الآخرون، لكنها بسهولة تخيلت غباء “فالس” وهو يحلم بذلك.
“إذن هذا هو السبب الذي دفع كيليان لقطع رأس دوق فيندلي السابق.”
كان “فالس”، الذي تدخل في نزاع الخلافة لعائلة دياز، على وشك مواجهة عقاب شديد لانتهاكه قوانين الإمبراطورية.
لكن كيليان لم ينتظر حكم الإمبراطور وقطع رأسه بنفسه.
أثار هذا الحدث انقسامًا؛ فهناك من رأى أن كيليان تصرف بغباء وعرض نفسه للعقاب، وهناك من خاف من عنفه الشديد.
أما أليسيا، التي كانت عمياء بحبها آنذاك، شعرت فقط بالأسى تجاه كيليان وما عاناه.
“يا لها من علاقة ملعونة.”
عندما سمعت أليسيا رواية فلين، فهمت سبب مخاطرة كيليان بغضب الإمبراطور لقتل فالس.
وتذكرت وجه أيان فيندلي، الذي تحول إلى وحش وهاجم كيليان.
“هل كان يعلم بجرائم والده؟”
حتى لو كان يعلم، لا يبدو أن ذلك كان ليغير من قراره.
“إخباري بهذه القصة يشبه ترك باب غرفة هذا الرجل مفتوحًا.”
نقلت أليسيا نظرها بعيدًا عن كيليان النائم بهدوء وسألت فلين:
“شخصيتك تميل إلى المباشرة، أليس كذلك؟”
ابتسم فلين بتهكم وأجاب:
“نعم، أعتقد ذلك.”
“هذا يبدو وقحًا للغاية.”
“ربما قليلاً.”
ثم تابع بابتسامة:
“لكن شعرت أنني بحاجة لفعل هذا.”
“وما السبب؟”
“أعلم أن سيدي ارتكب جريمة بحقك، ولكن هل يمكنك أن تسامحيه هذه المرة؟”
مسح فلين الابتسامة الوقحة عن وجهه وانحنى باحترام قائلاً:
“إنه شخص عنيد للغاية، وفي الوقت نفسه، لا يعرف كيف يتصرف بشكل صحيح.”
“……أعلم.”
“يدرك أنه كان مخطئًا، لكنه لا يعرف كيف يعتذر.”
ربما كانت الكلمات التي كان يجب أن تخرج من فم كيليان هي ما نطقه فلين الآن.
ورغم علمه أن ما يفعله تجاوز للحدود، إلا أن فلين لم يتوقف عن الكلام.
“لكنه الآن يحاول تعلم كيفية الاعتذار.”
“وماذا في ذلك؟”
“أنا لا أطلب منك مسامحته بدون سبب.”
“إذن؟”
“أرجوكِ امنحيه فرصة.”
بينما كانت أليسيا تستمع إلى نبرة فلين المليئة بالإلحاح، حولت نظرها نحو كيليان النائم لتراقب وجهه.
“أحتاج منكِ فقط أن تمنحيه فرصة ليطلب الصفح.”
بدا الأمر وكأن أليسيا، التي لم تفكر في الخروج من غرفتها، وكيليان، الذي جاء إلى غرفتها لكنه لم يفكر في طرق بابها، يسيران في خطين متوازيين لن يلتقيا أبدًا.
لكن عاجلاً أم آجلاً، سواء انقطع الخط أو اتصل، يجب أن يواجها بعضهما ولو لمرة واحدة.
لأن ذلك سيكون البداية للخطوة التالية.
اعتقد فلين أنه يجب عليه التدخل لصالح سيده.
“أنت تتجاوز حدودك.”
“أعتذر.”
“……حينما قررت التحدث عن الأمر بيني وبين سيدك، هل كنت مستعدًا لتحمل عواقب ذلك؟”
“إن أردت حياتي، سأقدمها لك الآن دون تردد.”
“ما فائدتي من رقبتك؟”
“أعتذر على تجاوزي.”
بينما كان فلين جاثيًا على إحدى ركبتيه، منحني الرأس، استمعت أليسيا إلى كلماته وهزت رأسها.
“معاقبتك هي مسؤولية سيدك.”
“……جلالتك.”
“ولذلك سأطلب من سيدك دفع ثمن وقاحتك.”
رفع فلين رأسه بسرعة، ونظر إلى أليسيا باندهاش.
تظاهرت أليسيا بتجاهل نظراته قبل أن تتحدث بصوت هادئ:
“متى سيستيقظ هذا الرجل…؟”
“من النادر أن ينام بعمق هكذا… أعتذر، لكنني لا أعرف.”
“إذن، لا تعرف.”
رغم أن قبضته لم تكن قوية، إلا أن يدها كانت عالقة ولا تستطيع الإفلات.
ربما من الجيد أنه لم يكن مؤلمًا على الأقل.
نظرت أليسيا إلى معصمها الذي أمسكه كيليان وشعرت بأنفاسها الثقيلة، لكنها كتمت تنهيدة كانت على وشك الخروج.
ثم رفعت يدها الأخرى، التي كانت حرة، مشيرة إلى فلين.
“لا أريد التحدث معك أكثر. اخرج الآن.”
“سأكون في الخارج. إذا احتجتِ إلى شيء، فقط استدعيني.”
نهض فلين بخطوات خافتة وغادر غرفة النوم بهدوء.
بعد أن أصبحت أليسيا وحدها في الغرفة مع كيليان النائم، أطلقت تنهيدة طويلة كانت تحتجزها.
“ما الذي حدث بحق السماء؟ ما الذي تفكر فيه؟”
وجهت أليسيا تساؤلاتها بصوت منخفض إلى كيليان الذي كان غارقًا في نومه العميق، غير قادر على الرد.
كانت تعتقد أنها تعرف كل شيء عنه، لكنها أدركت أنها في الواقع لا تعرف شيئًا.
“هذا أيضًا… بسببي، أليس كذلك؟”
رغم جهلها، دفعت هذا الرجل نحو الهاوية.
الأفكار التي كانت تلومه بها عادت لتتحول إلى شعور عميق بالذنب.
“كنت أعتقد أن حبي دمّر فقط مملكة إريغيرون.”
لكنها أدركت الآن أنها أيضًا دمّرت كيليان.
قبل أن تتناول السم، وبينما كانت تحتضر وهي تلفظ الدم الأسود الذي نخر أحشاءها، شعرت أخيرًا أن التعب العميق، وليس الانزعاج، كان هو ما ارتسم على وجه كيليان عندما التقى بها لآخر مرة.
ماذا كان يفكر كيليان وهو يشاهدها تموت بتلك الطريقة؟
خفضت رأسها ووضعت يدها على وجهها وهي تهمس لنفسها بصوت مرتجف:
“أنا آسفة.”
لقد دمّرت كل شيء.
“حقًا… أنا آسفة جدًا.”
الانستغرام: zh_hima14