Unable To Escape - 106
لاحظ كيليان غياب أليسيا قبل الوقت الذي توقعه بكثير.
كان الأمر قد بدأ عندما سمع أحد الحراس عند مدخل غرفة الصلاة صوتاً خافتاً قادماً من الداخل. في البداية، اعتقد الحارس أن الأميرة اصطدمت بشيء ما.
ولكن عندما تكرر الصوت مرة أخرى بعد قليل، بدا له مشابهاً لصوت فتح أو إغلاق باب، مما جعله يشك في أنه قد يكون باب مدخل نفق سري.
استخدم الحارس حواسه لاستكشاف الداخل، وسرعان ما تأكد من اختفاء أليسيا. إلا أنه أخفى ذلك ولم يبدِ أي رد فعل غريب وظل في مكانه بوجه هادئ.
لاحقاً، وبعد تسليم نوبته للحارس التالي دون أن يكشف عن الأمر، قام بالاتصال بأحد الخدم المخلصين للعائلة الدوقية دياز لنقل الرسالة بسرية.
كان ذلك الخادم يعمل كعين وأذن للدوقية تماماً مثل الحارس، لذا تمكن من فهم أهمية الوضع سريعاً.
“يجب إيصال الخبر بأسرع وقت.”
“حاضر، سأفعل ذلك.”
تظاهر الخادم بأنه يقوم بمهمة عادية، وغادر القصر متوجهاً لإيصال الرسالة. قام بتبديل الرسائل أكثر من مرة مع أطراف أخرى لتجنب أي تعقب، حتى وصلت الرسالة إلى دوقية دياز.
سرعان ما تم تسليم الملاحظة إلى كيليان، والتي كانت تقول:
“الأميرة اختفت من داخل غرفة الصلاة، ويبدو أنها استخدمت نفقاً سرياً.”
النفق السري في القصر كان قد صُمم لحالات الطوارئ لإنقاذ الأرواح الملكية، وكان موقعه ووجهته من أسرار الدولة العميقة.
تساءل بريل، مساعد كيليان، عن كيفية معرفة الأميرة بوجود هذا النفق واستخدامه، لكنه لم يتلقَّ أي إجابة من كيليان، الذي بدا وكأنه يعرف السبب بالفعل.
بدلاً من ذلك، ركّز كيليان على محاولة تحديد المكان الذي قد تتوجه إليه أليسيا بعد مغادرتها النفق.
“هل هناك أي تحركات داخل القصر؟”
“لا، لا توجد أي تحركات.”
كان كيليان يسأل عن تحركات الوفود الأجنبية، وبالتحديد عن الأمير الثاني لمملكة تيريوني، الذي كان لا يزال في القصر بعد حادثة المتحولين.
منذ أن سمع كيليان بأن الأمير يقضي وقتاً شخصياً مع أليسيا، تم وضع خادم يراقب الأمير ويرفع تقارير منتظمة.
بفضل ذلك، تمكن بريل من الإجابة بسرعة، إلا أن ملامح كيليان بدت غير راضية، مما دفع بريل لتقديم تقرير آخر كان يحمله بين يديه.
“لقد اكتشفنا نوع السم الذي اشترته الآنسة لويس من السوق السوداء.”
“دموع دايا؟”
“أجل، إنه أحد السموم الفتاكة التي طورها أحد المدمرين القدماء…”
“لا حاجة للشرح، أنا أعرفه.”
صُدم بريل من معرفة كيليان بهذا السم، وهو نفسه لم يسمع به إلا أثناء التحقيق الأخير. “كيف يعرف كيليان هذا النوع من السموم؟” تساءل بريل داخلياً وهو ينظر بدهشة إلى سيده.
كان كيليان مجرد ابن غير شرعي لخادمة متواضعة قبل أن يُطلق عليه اسم دياز. حياة الجوع والبؤس التي عاشها كانت مشابهة لحياة بريل، الذي كان يعرفه جيدًا.
بعد أن أصبح كيليان مُدرجًا في شجرة العائلة كابن غير شرعي، خاض معه معارك مميتة في أراضي الوحوش الشمالية. وعندما انتصر كيليان على شقيقه ليصبح وريث العائلة، كان بريل بجانبه يدير الشؤون المالية.
كان بريل على دراية تامة بماضي سيده الفقير، وحتى بعد أن أصبح دوقًا، لم يعش كيليان حياة بذخ بسبب محاولاته المستمرة لاستعادة مالية العائلة التي دمرها الدوق السابق.
‘من غير الممكن أنه استخدم هذا السم باهظ الثمن. ربما سمع عنه فقط؟’
ظل بريل يتساءل عن كيفية معرفة كيليان بهذا السم، لكن كيليان كان دائمًا يظهر جانبًا غير عادي. حاول بريل السيطرة على دهشته قبل أن يخفض رأسه ويكمل حديثه:
“في مساء اليوم نفسه الذي حصلت فيه الآنسة لويس على السم من السوق السوداء، زارت قصر الأميرة.”
“إذن كان هدية.”
كان صوت كيليان هادئًا، لكن بريل عرف جيدًا أن هذا الهدوء يخفي غضبًا عارمًا. كان كل مرة ينطق فيها كيليان اسم أحد بتلك النبرة الباردة تنتهي برائحة الدماء التي لا تُنسى.
رغم دوره كمستشار، كان بريل مستعدًا دائمًا لتنفيذ أوامر سيده بدقة وسرعة، خاصة عندما كان الأمر يتعلق بالتخلص من الأعداء.
“ماذا عن تحركات شيريل؟”
“خرجت من القصر عند الفجر ولم تعد بعد. هل أجلبها؟”
كان بريل يقصد “إحضارها بالقوة” إذا لم تأتِ طواعية. كيليان، بعد تفكير قصير، أومأ برأسه.
“أرسل ديريك. دعه ‘يجلب’ الآنسة لويس بلطف.”
كان اختيار كيليان إرسال ديريك بدلاً من بريل يعني أنه لا يزال يعتبر الآنسة لويس في صفه. وكانت كلمة “بلطف” إشارة إلى أن العائلة لا تزال بحاجة إلى نفوذها.
رغم خيبة أمل بريل لعدم حصوله على فرصة استخدام سيفه، أومأ برأسه موافقًا. كان بريل أشبه بذئب ودود المظهر لكنه يملك أنيابًا شرسة.
نظر كيليان إلى مساعده المخلص وابتسم بخفة:
“لا تقلق، ستجد نفسك منهمكًا قريبًا بما يكفي.”
“كما تأمر، سيدي.”
حين التفت كيليان مجددًا إلى الرسالة بين يديه، أصبحت عيناه الخضراوان مظلمتين. كان يعلم أنه إذا فشل مرة أخرى في الإمساك بأليسيا، فإن جنونه المكبوت سيعود ليظهر، مما قد يؤدي إلى حمام دم جديد في إريغيرون.
“لا أظنك تريدين ذلك، أليسيا.”
ابتسم كيليان بابتسامة شرسة، متخيلًا وجهها في ذهنه.
—
في الوقت ذاته، تم إحضار شيريل إلى دوقية دياز بالقوة على يد ديريك. بدا عليها الخوف الشديد، رغم محاولاتها الظاهرة للتحكم في تعابير وجهها. كانت ترتجف بشكل لا إرادي، مما فضح رعبها.
“يبدو أنك كنتِ منشغلة بأمور ممتعة.”
جلس كيليان على الأريكة الرئيسية في المكتبة، متربعًا وقدمه فوق الأخرى، وعيناه الباردة تتلألأان بنظرة جليدية وهو يحدق في شيريل.
كانت شيريل، التي أُحضرت إلى هناك بطريقة مهينة، تقف بلا حول ولا قوة، ولم تُمنح حتى مقعدًا للجلوس، كما لو كانت مجرمة تنتظر المحاكمة.
في الأحوال العادية، كانت سترفع صوتها احتجاجًا على هذا الوضع، لكنها الآن لم تجرؤ حتى على مواجهة عينيه.
الرجل الذي يجلس أمامها لم يكن الدوق “كيليان دياز” الذي اعتادت التعامل معه.
كان حدسها الحاد كتاجرة يصرخ بداخلها، يخبرها بأنه ليس الوقت المناسب للتفاوض، بل عليها أن تخضع وتتوسل لحياتها.
ومع ذلك، فإن الانحناء في هذه اللحظة كان سيشكل ضربة قوية لكرامتها.
رغم أن جسدها كان يرتجف كما لو أنه أعلن استسلامه، فإن عنادها الداخلي قاد كلماتها للخروج من شفتيها:
“أنا… لا أفهم ما الذي تتحدث عنه.”
“لا تفهمين؟”
“آه!”
في تلك اللحظة، أطلق كيليان الطاقة القاتلة التي كان يكبحها داخله.
ضغط قاتم وخانق اجتاح المكان كالإعصار، ليُسقط شيريل على الأرض مرتجفةً تحت وطأته.
“أنا لا أحب اللعب بالكلمات.”
“أرجوك… أنقذني…”
“أين أخفيتِ أليسيا؟”
“أرجوك… سأقول… سأعترف بكل شيء… فقط، أرجوك… أنقذني…”
عندما بدأت شيريل تضرب رأسها بالأرض متوسلة من أجل حياتها، قام كيليان بسحب طاقته القاتلة.
لكنها لم تجرؤ على رفع رأسها لمواجهته.
كانت متأكدة أنه إذا ارتكبت أي حركة خاطئة، فإن الطاقة القاتلة التي شعرت بها للتو ستقضي عليها.
‘الآن فهمتُ لماذا لم يقترب شقيقي منه قط…’
لم تكن شيريل أول من حاول الاقتراب من دوقية دياز لاستغلال قوتها كقاعدة دعم.
ولكن حتى أولئك الذين حاولوا، كانوا يتراجعون بسبب خوفهم من كيليان.
كانت الدوقية تبدو كأنها ثمرة مغرية المظهر، لكنها في الحقيقة كانت شفرة حادة.
أي محاولة لقضمها كانت ستؤدي إلى الهلاك.
أدرك وارن لويس، شقيقها، هذه الحقيقة جيدًا.
لذلك، تخلى بسهولة عن محاولة السيطرة على دوقية دياز، وركز جهوده على طرق أخرى للفوز بصراع الوراثة.
بعد أن شعرت شيريل بجسدها مدى التساهل الذي أبداه كيليان تجاهها حتى الآن، اعترفت أخيرًا لنفسها بأن حكم شقيقها كان صحيحًا.
بصوت مرتعش ومليء بالخوف، فتحت شيريل فمها لتتحدث.
“أوه، أليسيا… جلالتها قالت إنها ستغادر العاصمة والإمبراطورية.”
“تغادر إريغيرون؟ أليسيا؟”
“ن-نعم. ولهذا طلبت مني مساعدتها في ذلك.”
“بتفصيل.”
بدأت شيريل تتلعثم وهي تعترف بكل شيء تعرفه لكيليان.
لم تستطع حتى التفكير في إخفاء المعلومات أو استخدامها لصالحها في صفقة ما.
بعد وقت طويل من سرد كل ما تعرفه، انحنت برأسها إلى الأرض وكأنها مجرمة تنتظر الحكم، منتظرة كلمات كيليان التالية.
“إلى الجنوب؟”
“نعم.”
“مع من؟”
“ماذا؟ جلالتها غادرت بمفردها. لم تذكر أنها سترافق أحدًا…”
تجاهل كيليان محاولات شيريل المستميتة لتأكيد براءتها وبدأ يتذكر الأمير الثاني تيريوني، الذي كان يقيم في العاصمة.
“هل يمكن أنها تخطط للمغادرة معه سرًا؟”
“إن كان الأمر كذلك، فسأقتله وأستعيدها.”
“آه!”
شهقت شيريل بخوف عندما همس كيليان لنفسه، وبدأت تزحف للخلف محاولًة الابتعاد عن هالته القاتلة التي بدأت تزداد قوة مرة أخرى.
عندما فتحت شيريل فمها لتقول شيئًا، وقف كيليان فجأة وسحب السيف المعلق على خصره بسرعة كبيرة.
“آه!”
صرخت شيريل، معتقدة أنه سيقتلها.
لكن السيف لم يكن موجهًا نحوها.
“يا له من استقبال دافئ.”
ظهر صوت أيان من الظلام الذي تشكل في سحب دخانية سوداء إلى يمين شيريل.
الانستغرام: zh_hima14