There's no way l am marrying you - 43
“يبدو أن أحدهم قادم.”
قال آريس بهدوء، وعيناه الزرقاوان تتّسعان من المفاجأة للحظة. كان الأمر كما لو أنه لا يهتم بمَن سيأتي.
هذا جعل كيرين تشعر بقلقٍ أكبر.
“هل يجب أن أختبئ؟”
كانت تنوي إخفاء نفسها في خزانة الملابس حيث كانت مختبئةً من قبل. وبينما انزلقت كيرين بسرعةٍ إلى الخزانة، كانت على وشك تحذير آريس من توخّي الحذر من المرأة ذات نصف القناع، والتي قد تكون خطيرة.
ولكن قبل أن تتمكّن من فتح شفتيها، انفتح الباب فجأة، ودخلت المرأة التي كانت كيرين على وشك ذكرها. سقطت نظرتها بشكلٍ طبيعيٍّ على آريس.
“…..”
“…..”
من خلال الشقّ في باب خزانة الملابس، يمكن لكيرين أن ترى الاثنين يحدّقان في بعضهما البعض بصمت. في الصمت الثقيل الذي ساد المكان، لم يتحدّث أيٌّ منهما أولاً.
“إنكِ حقًا تشبهينها كثيرًا.”
كانت المرأة في منتصف العمر التي ترتدي نصف قناعٍ أوّل مَن كسر الصمت.
“متشابهتان للغاية.”
كان صوتها مشوبًا بعاطفة الشوق، وكأنها تتذكّر شيئًا ما.
“أنتِ لا تعرفين كم من الوقت كنتُ أبحث.”
سرعان ما مدّت المرأة يدها نحو آريس. ورغم أنه كان بإمكانه التهرّب، إلّا أن آريس جلس ساكنًا.
“طفلتي، ألم تفتقدي والدتكِ؟”
“…….”
“أمكِ افتقدتكِ كثيرًا.”
كانت اليد التي تداعب خدّه بينما كانت تحثّه على الإجابة رقيقةً وناعمة.
ولكن بالنسبة لأريس، كان هذا الإحساس مُرِعبًا مثل الخنق، ممّا جعله بلا أنفاس.
“لماذا لا تجيبين عندما تستمر أمكِ في السؤال؟”
أصبحت المداعبة اللطيفة على وجهه أكثر خشونةً تدريجيًا. لاحظ آريس هذا على الفور، وحاول سحب رأسه للخلف، لكنها أمسكت بشعره بقوّة.
“هل هذه هي الطريقة التي علّمتُكِ بها؟ ألا تجيبين عندما يسألكِ شخصٌ ما سؤالاً؟”
بينما كانت كيرين تراقب يد المرأة تتحرّك ببطءٍ لتمسك برقبة آريس وكأنها تخنقه، شعرت بقلبها ينبض بصوتٍ عالٍ.
لم تستطع تحديد ماهية هذا الشعور بالضبط، لكنها كانت متأكدةً من أنه الغضب.
تداخل المشهد في ذهنها مع ذكريات كيف قامت هذه المرأة بتأديب آريا الصغيرة تحت ستار التعليم.
‘كيف يمكنه أن يبقى ثابتًا إلى هذا الحد؟’
شعر جزءٌ من كيرين بإعجابٍ ملتوي، بينما وجد جزءٌ آخر الأمر مثيرًا للشفقة.
أخيرًا، لم يعد بإمكان كيرين تحمّل الأمر، ففتحت باب خزانة الملابس عمدًا بضجةٍ واندفعت خارجًا.
فزعت المرأة من الضوضاء العالية التي تؤذي أذنيها، واستدارت نحو مصدر الصوت.
“أنتِ …”
في اللحظة التي التقت فيها أعينهما، لم تتمكّن المرأة من إخفاء دهشتها. عندما رأت ردّ فعلها، رفعت كيرين زاوية فمها بابتسامةٍ ساخرة.
“معذرةً. من تعتقدين نفسكِ، تلمسين وجه شخصٍ ما بهذه الطريقة؟”
كالمنحرفين.
تحدّثت كيرين بصراحةٍ دون أيّ محاولةٍ لتخفيف كلماتها، ممّا جعل المرأة تضحك ببرود.
“ماذا؟ منحرفة؟”
“ألا يمكنكِ أن تفهمي عندما أٌخبرُكِ بالتوقّف عن اللمس؟ اعتقدتُ أنني جعلتُ الأمر بسيطًا بما فيه الكفاية.”
عند صوت كيرين الساخر علانية، عبست المرأة بشراسة قبل أن يذوب تعبيرها في ابتسامةٍ خافتة.
“لذا فأنتِ مَن سرق ابنتي.”
“ماذا؟”
سألت كيرين مرّةً أخرى مرتبكةً للحظة، وتعمّقت ابتسامة المرأة.
“لقد تغيّرتِ كثيرًا، لم أتعرّف عليكِ.”
نظرت إلى كيرين من أعلى إلى أسفل، ثم سخرت.
“ما زلتِ لم تصلحي هذه الطريقة القذرة في الحديث. هل هذا لأنكِ غير متعلّمة؟”
كانت نظرة الشفقة المصطنعة التي تبديها مثيرةً للغثيان.
ومع ذلك، حدّقت كيرين بصمتٍ في المرأة، ولم تُظهِر أيّ علامةٍ على الإهانة.
‘إنها هي.’
المرأة التي عذّبت آريا في طفولتها، متظاهرةً بأنها والدتها.
لقد كانت هي بالتأكيد.
‘أعتقد أنني سأقابلها قبل آريا.’
علاوةً على ذلك، اعتقدت كيرين أنها ماتت، ولم تتوقّع أبدًا أن تجدها على قيد الحياة وبصحةٍ جيدةٍ هكذا.
‘حسنًا، ليست بصحةٍ جيدةٍ تمامًا.’
على الرغم من أن نصف وجهها كان مخفيًّا خلف قناع، إلّا أن كيرين كان بإمكانها تخمين ما يخفيه دون الحاجة إلى رؤيته.
“أنتِ على حق، أنا غير متعلّمة.”
ردّت كيرين بابتسامةٍ أكثر إشراقًا عمدًا. كما أنها وافقت إلى حدٍّ ما على كلمات المرأة. لقد ذهبت إلى الأكاديمية في سنٍّ متأخّرةٍ لتجد طريقها الخاص للعيش دون مساعدة والديها، لذلك نشأت دون أن تتعلّم بشكلٍ صحيح.
“لكن على الأقل أعرف أنه من الأفضل عدم تحسّس وجه شخصٍ ما مثل المنحرف، على عكسكِ، سيدتي.”
“إنها ليست أيّ شخص، إنها ابنتي. ما الخطأ في أن تلمس الأم وجه ابنتها؟”
عند هذا السلوك عديم الحياء الذي كان وقحًا بشكلٍ صادم،
“بالطبع هذا خطأ. إنها ليست حتى ابنتكِ.”
“…….”
ارتجف آريس عند سماع هذه الكلمات. ومع ذلك، فإن كيرين، التي لم تلاحظ ذلك، حدّقت في المرأة دون أن ترفع عينيها عنها.
“أنتِ تعرفين الكثير.”
أصبحت عيون المرأة أكثر فتكًا واشتدت نية القتل فيها، وكانت كيرين متأكّدةً من أنها لم تكن تتخيّل ذلك.
“لقد كنتِ ذكيّةً للغاية، على الرغم من ذلك. بالتفكير في أنكِ ستصبحين ساحرة.”
كانت نبرتها دافئةً وكأنها تمدح طفلًا. لكن الابتسامة على شفتيها كانت مخيفةً بطريقةٍ ما.
“لكن ما فائدة الساحر الذي لا يستطيع استخدام السحر؟”
دارت المرأة بشفتيها في ابتسامةٍ ساخرة، وأومأت برأسها نحو معصم كيرين. كان سوار منع السحر لا يزال مثبتًا هناك.
كانت هذه الحقيقة تزعج كيرين أكثر من أيّ شيءٍ آخر، وعضّت شفتها دون وعي.
‘يجب أن أمسك بها.’
إذا لم تتمكّن من الإمساك بها الآن، فمَن يدري متى ستأتي فرصةٌ أخرى.
احتفظت كيرين بتوتّرها، واتّخذت خطوةً ببطء نحو المرأة. ولكن قبل أن تتمكّن من اتخاذ خطوةٍ واحدة، أمسك شيءٌ بكاحلها. فوجئت كيرين وسقطت على الأرض.
‘هذا …’
بمجرّد أن نظرت إلى كاحلها بدهشة، تجمّد تعبيرها.
كانت سلسلةً مطابقةً للقيد الذي رأته لأوّل مرّة على كاحل الفتاة في هذه الغرفة.
ساد الارتباك كيرين وهي تتساءل من أين ظهر فجأة، ونظرت لأعلى لترى المرأة تبتسم بمرح.
‘مستحيل …’
بعد لحظةٍ من الصدمة، كافحت كيرين لتحرير الأغلال المعلَّقة على كاحليها. أدارت المرأة، التي كانت تنظر إليها بارتياح، رأسها ببطءٍ نحو آريس.
“طفلتي الحبيبة.”
تحوّلت النظرة التي كانت تحدّق في كيرين بشراسةٍ نحو آريس، وكأن شيئًا لم يحدث، أصبحت لطيفة.
“انتظريني، ستأتي أمكِ لتأخذكِ قريبًا.”
وضعت المرأة يديها على خدي آريس وابتسمت بعمق.
تجمّد آريس، الذي كان يحدّق مباشرةً في وجهها، ولم يستطع التحرّك.
“آريس!”
نادت كيرين على آريس بإلحاح، الذي بدا نصف واعٍ، لكن آريس لم يستجب على الإطلاق.
“آريس!”
نادت بصوتٍ عالٍ مرّةً أخرى، لكن المرأة اختفت بالفعل. عندها فقط تحوّلت السلسلة المربوطة حول كاحليها إلى غبارٍ واختفت.
“لماذا تتصرّف بهذا الغباء! كان يجب عليكَ أن تمسك بها قبل أن تهرب!”
“……”
قفزت كيرين ووبّخت آريس على الفور.
ولكن لسببٍ ما، تحوّل وجه آريس إلى اللون الشاحب.
“آريس!”
“…..”
“أنت، هل أنتَ بخير-“
قبل أن تتمكّن من إنهاء السؤال، أمسك آريس فجأةً بياقة كيرين بكلتا يديه. عندما رأت الطريقة اليائسة التي يمسك بها، فحصت كيرين بشرة آريس.
“ما بك؟ هل تتألّم؟”
متسائلةً عما إذا كان يعاني من آثارٍ جانبيةٍ من الجرعة، كانت على وشك فحصه عن كثب عندما تحرّكت يداه، التي كانت تمسك بياقتها، ببطءٍ لأعلى وأمسكت بمعصميها بإحكام، ولم تتركهما.
“أنت، هذا يؤلم.”
“…..”
“قلتُ إنه يؤلم، أيها الأحمق.”
على الرغم من حيرتها بسبب سلوكه المفاجئ، لم تكن كيرين غاضبةً أو مستاءة.
بدت الأيدي الكبيرة التي تمسك معصميها بإحكامٍ وكأنها تتشبّث بها للحصول على الدعم.
“هل تشعر بتحسّنٍ الآن؟”
غير قادرةٍ على البقاء على هذا النحو إلى أجلٍ غير مسمى، لوّحت بيديها المأسورتين برفق. لكن آريس ظلّ ثابتًا.
في تلك اللحظة، سمعت أنفاسًا خشنةً بالقرب من أذنها. ففزعت كيرين، وهزّت يدي آريس ووضعت يدها على وجهه. كان آريس يلهث مثل سمكةٍ خارج الماء، والعرق البارد يتقطّر على وجهه.
عندما التقت بعينيه الزرقاوين شبه الزجاجيتين، فكّرت كيرين أنه قد يكون من الأفضل طلب المساعدة وبدأت في الابتعاد.
لكن آريس، الذي لا يزال جالسًا على الكرسي، سحب معصم كيرين.
“أنا بخير.”
“كيف يمكنكَ أن تكون بخيرٍ عندما لا تستطيع التنفّس حتى؟”
“حقًا، أنا بخير. كان من الصعب بعض الشيء أن أتنفّس للحظة.”
لذا فجأة، أجلس آريس كيرين، وطلب منها أن تبقى ساكنة، وأراح رأسه على كتفها.
“ماذا، ما الخطب؟ لماذا أصبحتَ فجأةً هكذا؟”
“للحظةٍ فقط.”
أغمض آريس عينيه، قائلاً إنها لن تكون سوى لحظة. ومن الغريب أنه بدا من الصعب عليها للغاية دفعه بعيدًا.
“…….”
في الصمت الهادئ ولكن المريح، نظرت كيرين إلى أسفل. لا يزال آريس ممسكًا بمعصمها بإحكام ولم يتركه.
‘أتركني الآن.’
لكن الأمر لم يكن خانقًا أو غير مريح.
كان الأمر مربكًا بعض الشيء.
‘شعرٌ فضي، عيونٌ زرقاء …’
فجأة، أدركت مدى تشابهه مع آريا. الجلد الشفاف الشاحب والعينان اللتان تتجعّدان برفقٍ عند الابتسام. حتى الطريقة التي شكّل بها فمه دائرةً مثاليةً عندما ضحك.
لم يكن الأمر يتعلّق بالمظهر فقط. كانت عادة الحاجة إلى دفء شخصٍ آخر لتهدئته مشابهةً جدًا لعادة آريا.
‘لا، هذا لا يمكن أن يكون.’
للحظة، ومضت احتماليةٌ سخيفةٌ في ذهنها. وجدت كيرين الأمر سخيفًا حتى بالنسبة لها، وأطلقت ضحكةً صغيرة.
مُحالٌ أن تكبر آريا لتصبح مثل هذا الأحمق.
ومع ذلك، لم تستطع فهم سبب استمرار هذا الأحمق في التداخل مع آريا في ذهنها.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1