There's no way l am marrying you - 38
‘هل سيكون اليوم يومًا آخر بلا فائدة؟’
تنهدت كيرين بعمقٍ وهي تجلس في المقهى، وتضع ذقنها على يدها.
في اليوم الأول، كانت متحمّسةً لارتداء فستانٍ لا ترتديه عادةً، وكانت تستكشف بلهفة. ولكن الآن، شعرت وكأنها تريد التخلّص منه بسبب عدم الراحة.
‘متى سيأتي بحق الإله؟’
لقد فقدت العدّ لعدد الأيام التي مرّت.
كانت تعتقد أن آريس، متنكّرًا في هيئة حارسها الشخصي، قد يمنع اقترابهم، وكانت تخرج بمفردها عمدًا.
‘كان يجب أن أفعل هذا منذ البداية.’
هذه المرة، كانت كيرين ترتدي ملابس غير رسمية لتبدو وكأنها من عامة الناس وليس سيدة نبيلة. خفضت بصرها وهي تشرب رشفةً من الشاي. كان الملل الناتج عن الجلوس ساكنةً وانتظار الطُعم لا يطاق.
حدث هذا حينئذٍ.
‘هاه؟’
مرّ وجهٌ مألوف. شعرٌ بنيٌّ غامقٌ وعيونٌ خضراء نضرة. كان مزيجًا شائعًا، لكن انطباعه كان لطيفًا وأنيقًا، مما يجعل من المستحيل تفويته.
نهضت كيرين بسرعةٍ من مقعدها وأمسكت بالرجل بسرعة.
“ليون!”
شعر الرجل بيد تسحب طوقه من الخلف ونظر إلى الوراء بتعبيرٍ محتار. في اللحظة التي التقت فيها أعينهما، سألت كيرين بحذر.
“هل أنتَ ليون؟”
“هل تعرفينني؟”
“بالطبع أفعل. ألا تتذكّرني؟”
شعرت كيرين بالألم قليلاً لأنه لم يستطع التعرّف عليها، ولكن سرعان ما هربت منها ضحكةٌ صامتةٌ عندما أدركت شيئًا متأخرًا.
“أنا كاين. الصبي الذي اعتاد أن يبيع الأشياء معكَ في السوق.”
“ماذا؟”
أخيرًا تعرّف ليون على كيرين، ففتح فمه من الصدمة. عند رؤية ردّ فعله، ابتسمت كيرين بشكلٍ مُحرَج وخدشت خدها.
“هل تعرف مدى دهشتي عندما اختفيتِ فجأة؟”
بمجرّد انتقالهما إلى المقهى، وبّخها ليون وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة.
“وبالتفكير أنكِ كنتِ فتاةً طوال الوقت …”
بينما كان يتمتم، كان مشغولاً بفحص كيرين من أعلى إلى أسفل. وردًّا على ذلك، أوضحت كيرين بوجهٍ خجوف.
“أعتذر، كان لديّ أسبابي.”
شعرت بالأسف على ليون، لكن لم يكن بيدها حيلة حقًا. تميل الفتاة الصغيرة إلى جذب المزيد من الاهتمام من الصبي، وهو أمرٌ خطيرٌ في كثيرٍ من النواحي.
“ومع ذلك، من الجيد رؤيتكِ هكذا. هل كنتِ بخير؟”
“كنتُ بخير. ماذا عنك؟”
وبينما تبادلا التحيّة القصيرة، تذكّرت كيرين شيئًا فجأة.
“أوه، توقيتٌ مثالي. هل تتذكّر تلك الفتاة التي عاشت في القصر الأبيض عندما كنّا صغارًا؟ كان اسمها آريا.”
حتى عندما سألت، شعرت بالتوتّر والترقّب. لحسن الحظ، بدا أن ليون يتذكّر الفتاة وأومأ برأسه.
“أوه، الفتاة التي واصلتِ الذهاب لرؤيتها كثيرًا؟”
“نعم، هل تعرف ماذا حدث لها؟”
“كيف لي أن أعرف؟ كنتُ مشغولاً جدًا بمحاولة كسب لقمة العيش.”
“أوه … فهمت.”
على الرغم من أنها كانت تتوقّع هذا، إلّا أن كيرين لم تستطع إخفاء خيبة أملها.
‘حسنًا، في ذلك الوقت، كنتُ الشخص الوحيد الذي يعرف أن هناك فتاةَ تعيش في ذلك القصر.’
بدأت ذكريات الفتاة تطفو ببطءٍ في ذهنها.
منذ ذلك اليوم الذي ذهبت فيه إلى القصر لتقديم باقةٍ من الزهور وجذبها صوت البيانو، بدأت زيارات كيرين المتكرّرة لرؤية الفتاة.
كان اسم الفتاة آريا. وكما يوحي اسمها، كانت لطيفةً وجميلة، ممّا أثار غريزة الحماية في كيرين.
على الرغم من أن الفتاة لم تقل ذلك بشكلٍ مباشر، إلّا أن عينيها كانتا تتألّقان في كلّ مرّةٍ تزورها فيها كيرين، ممّا يشير إلى أنها استمتعت برفقتها.
“أنتِ تعزفين على البيانو جيدًا.”
في إحدى بعد الظهيرة الهادئة، بعد أن تسلّلت مرّةً أخرى، ابتسمت كيرين بسرورٍ وهي تستمع بهدوءٍ إلى عزف الفتاة على البيانو. في تلك اللحظة، توقّف العزف فجأة.
“هذه هي المرّة الأولى التي أسمع فيها مثل هذا الثناء.”
ابتسمت آريا بمرح، ولم تُخفِ فرحتها. لمعت عيناها الزرقاوان الفريدتان بشكلٍ منعشٍ في ضوء الشمس.
“حقا؟ لكنكِ تعزفين بشكلٍ جيدٍ للغاية.”
بعد أن كانت جالسةً على حافة النافذة وتمدحها علانية، كانت آريا في حيرةٍ من أمرها بشأن ما يجب أن تفعله، ولكن للحظة، اعترفت فجأةً مثل مؤمنةٍ مذنبة.
“في الواقع، لقد ارتكبتُ بعض الأخطاء.”
“حقا؟”
“نعم، لقد وقعتُ في مشكلةٍ في تلك المرّة الأخيرة أيضًا. لماذا أنا سيئةٌ للغاية في العزف؟”
لم تكن هناك حاجةٌ للسؤال عن مَن كان يوبّخها. يبدو أنها تعرّضت للتوبيخ من قبل امرأةٍ تبدو بوضوحٍ مثل والدتها.
“لم أكن أعرف حتى أنكِ ارتكبتِ خطأ.”
“حقًا؟”
“نعم. وما زلتِ تعزفين بشكلٍ جيدٍ الآن، أليس كذلك؟ أنا لا أستطيع العزف على الإطلاق.”
في حين أن الكمال هو الحلّ المثالي، إلّا أنه للمضي قُدُمًا، لا يحتاج المرء إلى العصا فقط بل أيضًا إلى الجزرة.
لم تستطع كيرين فهم سبب عدم معرفة المرأة البالغة بهذه الحقيقة البسيطة التي فهمتها حتى هي التي كانت طفلة.
“شكرًا لك.”
عند الإطراء الصادق، احمرّ وجه آريا وحرّكت يديها.
“….”
وجدت كيرين صعوبةً في إبعاد عينيها عن الفتاة، التي بدت محبوبةً ومثيرةً للشفقة في نفس الوقت.
حتى اللحظة التي استدارت فيها على مضضٍ للمغادرة.
“أنتِ تعرفين القصر على هذا التل، أليس كذلك؟”
في اليوم التالي، أشارت كيرين بعنايةٍ إلى مكانٍ محدّدٍ أثناء زيارتها لبائعة الزهور. كان إصبعها موجّهًا نحو القصر حيث التقت بالفتاة.
“ما نوع المرأة التي تعيش في هذا القصر؟”
“تقصد الكونتيسة؟”
عندما أومأت كيرين برأسها ردًّا على السؤال، تحوّل وجه بائعة الزهور بطريقةٍ ما إلى المرارة.
“إنها شخصٌ مثيرٌ للشفقة. فقدت زوجها في وقتٍ مبكّر … لكن لماذا تسأل؟”
“أوه، يبدو أنها تحبّ ابنتها كثيرًا.”
على الرغم من طريقة كيرين غير المباشرة في الحديث، إلّا أن بائعة الزهور لم تفهم وتنهّدت بعمق.
“كانت معروفةً بحبّها الشديد لابنتها.”
“لكن يبدو أنها شديدة الحماية. يبدو أنها لا تسمح لابنتها حتى بمغادرة القصر.”
“هممم؟”
وبينما بدت بائعة الزهور في حيرة، تحدّثت كيرين وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة.
“حسنًا، لقد رأيتهم بالصدفة في اليوم الآخر، وكانت توبّخ ابنتها لمجرّد خروجها في نزهةٍ قصيرة.”
“….؟”
على الرغم من شكاوى كيرين، ظلّت بائعة الزهور صامتةً للحظةٍ قبل أن تسأل بعناية.
“أعتقد أنكَ ربما أسأتَ فهم شيءٍ ما.”
قبل أن تتمكّن كيرين من سؤالها عما تعنيه، تابعت بائعة الزهور.
“توفيت ابنة ذلك المنزل بسبب المرض قبل بضعة أشهر.”
“….”
إذن مَن هي الفتاة التي التقت بها كيرين في ذلك المنزل؟
ما زالت لا تستطيع أن تنسى كيف شعرت عندما سمعت تلك الكلمات. كان الأمر كما لو أن كلّ الدم في جسدها قد استُنزِف، ممّا جعلها تشعر بالبرد والقشعريرة. لفترةٍ من الوقت بعد ذلك، لم تتمكّن من إجبار نفسها على زيارة الفتاة مرّةً أخرى.
“لكن لماذا تسألين عن تلك الفتاة؟”
انتشل صوت ليون كيرين من ذكرياتها. عادت كيرين إلى الواقع وأجابت بتردّد.
“كنتُ أتساءل فقط عمّا إذا كانت بخير.”
شعرت أن سماع أخبارٍ عن سلامة الفتاة قد يخفّف من روعها قليلاً.
ربما كان ذلك لأن لقاءها الأخير مع الفتاة لم ينتهِ بشكلٍ جيد. كلّما اعتقدت أنها نسيت، كانت الذكرى تعود إلى الظهور، ممّا يزعجها.
“أنا متأكّدٌ من أنها بخيرٍ في مكانٍ ما.”
“آمل ذلك.”
“ماذا كنتِ تفعلين؟”
“أنا … أنا كنت …”
توقّفت كيرين في منتصف الجملة. فقط بعد ذلك تذكّرت أنها كانت في منتصف مَهمّة.
بينما كانت تفكّر في كيفية صرف السؤال، شعرت فجأةً بنظرةٍ مميّزةٍ على ظهرها. غريزيًا، استدارت كيرين. لكن لم يكن هناك أحد.
شعر ليون بخطبٍ ما، فسأل بفضول.
“ما الخطب؟”
“لا شيء.”
كانت بالتأكيد نظرةً موجّهةً إليها. ولكن بما أنها لم تكن بمفردها، تظاهرت كيرين بأنه لم يحدث شيء وابتسمت لليون.
“كنتُ مشغولةً فقط بمطاردة المال، كما تعلم.”
“يبدو أنكِ ربحت الكثير؟”
“هل هذا ما يبدو؟”
“بالطبع. ذلك السوار الذي ترتديه، يبدو باهظ الثمن للوهلة الأولى.”
بينما كان يتحدّث، أشار ليون برأسه نحو السوار على معصم كيرين. على معصمها النحيل، الذي يظهر خلف كمّها، كان هناك سوارٌ مزيّنٌ بما يبدو أنه أحجارٌ كريمة.
“أكسب ما يكفي لأتمكّن من العيش.”
في الحقيقة، كان سوار تحكّمٍ سحري، لكن كيرين لم تكلّف نفسها عناء تصحيحه. إذا كانت صادقة، فسيتعيّن عليها أن تشرح سبب ارتدائها مثل هذا السوار.
مجرّد التفكير في الأمر كان مزعجًا بالفعل.
“حسنًا، أنا سعيدٌ لأنكِ بخير، لكن كُوني حذرة. هناك بعض الشائعات السيئة التي تدور في الأرجاء.”
“أيّ شائعات؟”
على الرغم من أن كيرين كانت لديها فكرةٌ عن الشائعات التي كان ليون يشير إليها، إلّا أنها تظاهرت بعدم المعرفة وسألت.
نظر ليون إلى كيرين التي بدت وكأنها ساذجة بشكلٍ مُحبَط.
“لم تسمعي بهذه الشائعات؟ عن اختفاء النساء مؤخرًا.”
“لم أسمع عن ذلك.”
“يا إلهي. لا تركّزي فقط على كسب المال، انتبهي لما يحدث في العالم أيضًا.”
نقر ليون بلسانه بنظرة استياء، وخفض صوته.
“يبدو أن الشابات غير المتزوّجات هنّ الهدف. جميع الضحايا حتى الآن كنّ عازبات.”
“حقًا؟”
“نعم، لذا كوني حذرة أيضًا.”
بهذه الكلمات، نصح ليون كيرين بأن تنهض ثم غادر، قائلاً إنه لديه بعض الأعمال التي يجب أن يحضرها.
‘الشابات غير المتزوّجات هنّ الهدف …’
بدا الأمر وكأن ليون نفسه كان يعرف ذلك، ربما كانت شائعةٌ معروفةٌ لمعظم الناس الآن.
‘عليّ العودة للآن.’
مع يومٍ آخر لم يُسفِر عن نتائج، تنهّدت كيرين وبدأت في السير نحو القصر الإمبراطوري.
لكنها لم تذهب بعيدًا عندما توقّفت في مكانها.
“….”
لقد كانت تلك النظرة مرّةً أخرى.
النظرة الصارخة التي شعرت بها أثناء التحدّث إلى ليون.
لم يكن هذا من خيالها.
‘مَن قد يكون؟’
لم تستطع فهم سبب شعورها بعدم الارتياح بسبب هذه النظرة.
‘هل يمكن أن يكون الجاني؟’
بدأ قلبها ينبض بقوّةٍ عند التفكير في أن الطُعم ربما تمّ أخذه أخيرًا. بالتأكيد، لا بدّ أن آريس، الذي كان يراقبها من مكانٍ قريب، قد لاحظ ذلك أيضًا.
‘يبدو أنه يتبعني.’
على الرغم من خفوتها، إلّا أن كيرين كانت تستطيع سماع صوت خطواتٍ صغيرةٍ في أذنيها بوضوح.
‘يجب أن أغريه أولاً ….’
اعتقدت كيرين أنه من الأفضل أن تجعلهه يخفّف حذره ثم تقبض عليهم، فتظاهرت عمدًا بعدم ملاحظة ذلك واستمرّت في السير في خطٍّ مستقيم.
“ياللطافتك.”
عندما سمعت كيرين صوتًا من الخلف، استدارت غريزيًا. ولكن قبل أن تتمكّن من ذلك، غطّى كيسٌ أسودٌ وجهها.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1