The thorns that pierced my heart - 6
في دفيئة القصر الزجاجية المشبعة بالعطور المريحة للنفس وازهار اللوبيليا المزرقة مع الزينة التي تحيط بالمكان.
اجواء الدفيئة المخصصة مناسبة لاي فصل، ازاحت الثقل والتعب عن قلب الامبراطورة السابقة لذلك وجدته مكاناً رائعاً لقضاء معظم الوقت.
“لماذا الأم مهتمة بشأن زواجي؟”
“اذن، هل يفكر جلالته بالاستمرار عازباً طوال حياته؟”
بعد اظهار الاستمتاع سابقاً ابدا وجهها الكثير من الجدية ثبتت بصرها نحوه بتمعن شديد بعد ان تركت فنجانها المزخرف.
“انت تعرف، ان اقامة عقد زواج مع اندروميد سيزيد من مكانتك كأمبراطور ويعيد العلاقات السابقة، ما هي الفائدة من جعل هوغو يتزوج ان كنتَ انتَ هو الامبراطور؟”
“انا اعرف ما هو الشيء الجيد لهوغو وهذا الزواج سيكون رائعاً وطيباً للجميع”
عضت شفتيها بأمتعاض.
“هل الامبراطور الآن يؤكد الشائعات بكونه شاذاً؟”
طوى ذراعيه واشاح ببصره بعيداً لم يحاول حتى فتح فمه، موضحاً استقراره بشأن القرار الذي حطت عليه.
“هذا لا يعقل!”
عقدت ذلك الحاجب الذهبي وصعد الدم الى وجهها الشاحب ازداد الغضب والاحتدام بين الاثنين.
العزاء الوحيد فقط لاجل العاملين حولهم والذين لم يعرفوا ما الذي يتوجب عليهم القيام به في هذا الموقف.
“هذا النوع من الزواج لن يروق لهوغو بالمرة، وجلالته يعرف بالفعل مدى حب هوغو لأدورا انت فقط تفرق عصفوري حب”
“بفتت”
ضحك بصوت عالٍ.
“لماذا تضحك؟”
نما الاستياء في ملامحها الجذابة وتقوست الاعين الزرقاء بإنزعاج.
“ان هذا فقط مضحك، منذ متى كانت الام مهتمة بما يناسب هوغو؟”
ارتسمت على وجهه الطويل ذو الذقن الحاد تلك الابتسامة الحلوة في المجموع، تم سحر الخادمات بها واخذ يغطي فمه من القهقهة للتي اخذت بالتصاعد عن كلام الام الذي لم يكن ساخراً البتة.
“اعتقد ان هذه المحادثة عقيمة منذ البداية”
نهض وتركها وظله اخذ يبتعد بالتتابع.
“….”
ضغطت براحة يدها لتهدىء ذلك الكتف المرتجف وساد الحزن والصمت المكان الذي ارتاحت فيه.
************
صوت تضارب الخطى الغاضبة الارض زاد من توتر الفرسان المصفوفين كتماثيل في البلاط الملكي وهم يشهدون جلالة الامبراطور يشتعل غضباً للمرة الاولى.
“هل قالت له الامبراطورة السابقة شيئاً؟”
“انها المرة الاولى التي ارى جلالته يصل هذا الحد”
“اشعر بالقشعريرة!”
ريموند عُرِفَ بقدرته الرائعة في ضبط اعصابه على عكس غيره من الاباطرة تعامل مع الوضع المحيط بكثير من العقلانية ولم يحكمه غضبه بأي حال من الأحوال.
بحكم علاقته مع الامبراطورة السابقة، فهي كالشوكة الملتصقة في حلقه ولا يمكن التخلص منها.
دفع باب غرفته بقوه للحظة واحدة ذلك الباب الطويل كاد ان يسحق.
“اوه، جلالتك لقد وص..”
نيكولاي الذي ابدى ابتسامته المعهودة لم يستطع حتى ان يكمل كلامه وتم جره من ياقته وضربه الى الجدار.
“لماذا فعلت ذلك؟” (ريموند)
فتح عينيه الزمرديتان لوهلة لكنه ادرك المقصد من السؤال.
“لا احد آخر يستحق العرش اكثر من جلالته” (نيكولاي)
“انا اعرف معرفة تامة عن الذي يجب فعله!”
ضرب بقبضته الثانية واحكمها على ذلك الحائط وزمجر بغضب، الاعين الزرقاء خاصته اشتعلت بحرقة شديدة.
“منذ متى بدأ وزيري بتبديل سيده؟”
“انا لم اقم بشيء خاطىء، صادف ان جلالة الامبراطورة السابقة وانا نمتلك افكاراً مشابهة، ان فكرة تنصيب الامير هوغو امبراطوراً بعدك انها فقط لمحض فكرة سخيفة”
“كف عن الهراء”
ضغط ريموند على ياقة نيكولاي التي ضاقت على تلك الرقبة السميكة الا انه استمر برمي الكثير ولم يتوقف.
“لماذا علي ان اتوقف عندما اشاهد الشخص الذي اعطيت ولائي الكامل له يتخلى عن ما هو حقه الكامل؟”
رفع صوته وابدى عن انزعاج شديد، نيكولاي البارد ذو الابتسامة المرسومة فقد اعصابه خضم ذلك.
“ان جلالته لا يعاني حتى من الشذوذ او الترهات التي تم وصفك بها، انت تفعل كل ذلك لكي تتخلى عن العرش تلقائياً اليس كذلك؟”
“قلت لك توقف!”
اشتعل البريق القاتل في اعين ريموند وصوب النظرة المقشعره للابدان نحو نيكولاي رفيقه المزعوم.
لم يحتج اي تمليح، ادرك نيكولاي ما كان عليه الوضع والتزم الصمت لفترة من الزمن.
اشاح ببصره وابتعد ريموند عن جر تلك الياقة.
“هل تألمت؟”
حامت اعينه مجدداً حول رقبه نيكولاي التي تركت اثاراً محمرة للخنق.
“كلا، انا بخير شكراً لاهتمامك”
نفض ملابسه واعد حلته وعاد الى وجه العمل المعروف.
علاقة الوزير والامبراطور احدثت صخباً كبيراً في القصر عن كونهما يمتلكان اغرب علاقة، كالقط والفأر يتخاصمان في تارة ويعود الجو الوديع يسود الاجواء تارة اخرى.
صفى الامبراطور ذهنه وعاود الجلوس بعد ان تنهد لفترة طويلة.
“اذن ما الذي احضرك الى هنا؟ انت لا تأتي وفمك فارغ”
“اوهوهوهو.. ان جلالته يعرفني حقاً”
تقوس خط الفم الجميل عالياً وسخر من الاطراء لكنه عاد ليكمل.
“الاميرة..دخلت روفيل في زي حداد”
“هل انت تمزح؟”
جفل كتفه العريض في ظل اعداد اوراقه للعمل والاعين الحادة الجميلة اصبحت دوائر مفتوحة.
“كيف يمكنني المزاح في مثل هذا الوضع؟”
اجاب نيكولاي بابتسامة.
“من المستحيل ان تصلك الاخبار في هذا الوقت، حسب تقديري الاميرة دخلت روفيل منذ ساعة لا غير” (ريموند)
“حسناً لدي سري الخاص”
ضغطت سبابته على شفته وهو يلقي بمعلومة خطيرة.
“هل تقصد ان هذا هو تعبير الاميرة عن رفض الزواج؟”
اضفا ريموند تعبيراً بارداً واشاح بنظره بعيداً ببعض الاحباط.
“كلا، لقد سمعت ان مرافقيها قد تم قتلهما بسبب مجرم اعتدى على السفينة”
“اين كان الفرسان بحق الجحيم؟”
تجعدت الاوراق التي تقلبت لفترة بين يديه واصبحت كالقمامة ارتفع العضب على ملامحه والوجه الجميل اصبح متيساً على وشك ان ينفث النيران.
***********
حلت الظهيرة وتوقفت العربة من اجل النزول للقصر الرئيسي، من الطبيعي انه كان علي التغير وتجنب مقابلة جلالته في زي حداد.
الا انني لم اشأ ذلك.
مد ديلان يده امامي لامساكها من اجل النزول، دبت الذكريات السيئة مرة اخرى تكونت صورة روديون في ناظري قبل ان نغادر اندروميد وتحمسه لامساكي قبل دخول السفينة.
اشعر انني افقد عقلي.
عضضت على شفتي السفلية بإحباط اكثر ولجئت للهبوط بلا اي كلمة تذكر.
بمجرد ان لامست الارض قدمي ملأ البريق عيني من ما رأيت، قصر روفيل كان شيئاً لا يمكن وصفه.
ربما ضعف حجم قصر اندروميد او اكثر، الهواء المنعش دغدغ حافة انفي والجو العام لم يكن قاتماً ولم يضغط على نفسي البتة.
بالرغم من نظرات الخدم الخافتة والمتفحصة مع الحراس على طول الطريق الا انها لم تشعرني بالكثير من الثقل، مررنا بالحديقة الكبيرة.
الازهار المتنوعة غطت المكان بأكمله من الجانبين بعضها لم اعرف اسمه حتى، ونافورة المياه الخاصة بهم نحتت بمظهر امراءة تصب على قوارير الماء النابع.
اخذت اتأمل طويلاً حتى ادركت ديلان الذي كنتُ اجوب معه الطريق عاد وجهي للتصلب.
قصر روفيل الداخلي اكتسحت ارضه من الرخام الابيض الانيق تلك السجادات الحمراء المطرزة بالاسود على طول الطريق.
تم ترتيب الستائر بلون مماثل اضفى جمالية لاتوصف، واخذنا نكمل الطريق نحو الممر الطويل، ملئت صور العائلة الجدران المغلفة بورق الحائط المزخرف ببعض النقوش الذهبية.
هرب بصري نحو تلك الصور دون ادراك، اكثر ما شدني صورة العائلة الملكية مجتمعة، لم استطع انكار مدى اناقة ذلك الشعر الاسود الكحلي الخاص بهم والمغاير لنا تماماً.
الشعر الاسود الخاص بهم اعطى مظهرهم الكثر من الوقار والهيبة جعل قلبي يخفق اكثر لا ارادياً ، مغايرين لنا تماماً نحن تم معرفتنا بمظهرنا الرقيق والملائكي.
اخذتُ نفساً طويلاً بعد التوقف في مقدمة الباب الطويل، كانت الغرفة الرئيسية للمقابلات والعمل الخاصة بالامبراطور.
رفع ديلان خط فمه بعد ان التزم الصمت طول رحلتنا وفتح فمه.
“وداعاً،جلالتك”
تمتم فقط بهذه الكلمات مع وجه لم استطع فهمه.
هل هو حزين؟
لم يكن يستحق الحزن لمفارقته، لكن شعرتُ انه رفيق سفر سابق شيء ما في دواخل قلبي اظهر بعض الاحباط.
على عكس ما شعرتُ به لفيت كتفي وتركته ولم انبس ببنت شفه واحدة، كنتُ دائمة التصرف بشكل مخالف لما اشعر به ولم تتغير هذه العادة.
فُتِحَ الباب من قبل الفرسان على الجانبين واخذت اتقدم بحذر مع رفع فستاني الاسود بأناقة لكن عيني لم تُرفع بتاتاً.
مع خفض البصر اخذت اتقدم من كرسيه البعيد شعرتُ بحضوره على الكرسي الضخم لكن في المجمل..هل هذه الغرفة فارغة؟
لم اشعر بوجود احد آخر سواي وهذا الرجل الذي ابدا هدوءاً كبيراً في مقعده كما لم يكن موجوداً حتى.
توقفت عند نقطة معينة وقدمت نفسي كأي نبيل.
“تحياتي لجلالة امبراطور روفيل العظيم اقدم نفسي كوني ممثلة اندروميد انا هي الاميرة الاولى فيليا اوردو دي اندروميد”
بالرغم من تبادل اطراف الحديث الا انني لم ارفع رأسي ابداً كنتُ اعرف ان ارتدائي لزي حداد خاطئ تماماً لم اعرف ان كان الرجل سينفجر في وجهي ام سيكون رحيماً.
تمكن مني الخوف.
“فلترفع الاميرة رأسها”
تردد الصوت العميق في اذني،نطق الرجل باول جملة في محادثتنا المحرجة، حاولت تحليل الوضع بمصداقية.
لم استطع الشعور بالغضب في نبرة صوته، اكثر من الغضب اظهر بعض الاستياء؟
لم املك شيئاً سوى الانصياع للاوامر.
بمجرد رفع الرأس ببطىء تكونت صورة الرجل واضحة في مرمى بصري، رؤية الشعر الكحلي الذي ظهر في الصور مسبقاً جلبت القشعريرة في نفسي.
بدا كأمبراطور حقيقي، الشعر المصفف الجميل والناعم في مظهره غايرته تلك الاعين الزرقاء التي بدت كمحيط تم ابتلاعه في هذه الاعين الضيقة.
فينياس ابن الدوق فالنتين المعروف بصلابته وجسده الضخم بدا كشخص عادي للغاية بالمقارنه مع الامبراطور الحالي.
الكتف العريض والعضلات التي تبدو كما لو كانت تكافح للخروج من هذا اللباس الضيق لم تجلب سوى الكثير من التساؤلات في رأسي.
كيف فكروا ان هذا الرجل شاذ؟
هل فكرتي عن الأشخاص خاطئة؟
التقت الاعين للحظة من الزمن شعرت بيؤبؤ عينيه يتفحصني من رأسي لأخمص قدمي، اهتزت اعين المحيط لثواني حتى قطع ذلك بفتح فمه للتساؤل.
“لماذا الاميرة ترتدي زي حداد؟”
واخيراً تم طرح الموضوع الرئيسي، الغضب الذي تناسيته بعد مفارقة ديلان اخذ يضغط علي مجدداً.
“الا يعلم جلالته عن استقبال روفيل الرائع لي؟”
ابتسمت بمرارة.
“انا اعلم”
اذن لماذا تسأل بحق الجحيم؟
“انا آسف لخسارة الاميرة”
الاسف؟ انه لن يغير شيئاً على اي حال لا اعرف ان كان صادقاً حتى ربما هو الشخص الذي امرهم بالتصرف بهذه الطريقة.
تشابكت الافكار وتعقدت وتم فك العقدة بعد ان فتح فمه مجدداً.
“الفرسان..انا طردتهم”
مؤخرة رأسي رفعت عالياً اصبحت عيني مفتوحة اقصى مراحلها حتى فكي سقط لكن حاولت تدارك الوضع للفهم.
“م..ماذا؟”
هل يحاول التخفيف عني بالقيام بهذه الحركة؟
الم تأمرهم انت للقيام بذلك معي؟
“وديلان..سأسحب لقبه”
مهلاً، مهلاً
“جلالتك انتظر لحظة”
وضعت راحة يدي على رأسي اصابني الدوار الشديد لم افهم ما سبب كل هذا على حين غرة، لكن لم احبذ اقحام ديلان فهو لم يفعل شيئاً.
لم يكن مسؤولاً عن الحراسة حتى في السفينة حتى يحمل الخطأ، لولا ديلان لكنتُ اصبحت لحمة مفرومة في ايدي الملثم.
“هل يجب ان يكون اشد؟”
وضع اصابعه على فمه وهم يغمغم بصوت خافت لكن اذني سمعت ما كان يفكر به.
“جلالتك…”
ترك غمغته واظهر بعض الانتباه.
“انا لا اريد ان يتم معاقبة ديلان بهذه الطريقة”
ثبت بصري نحوه مباشرة، يمكنني القول ان طوال هذه المحادثة لم انظر له مثل الآن استمررت بأشاحة بصري جميع الاتجاهات.
جفل كتفه للحظة بعد الهدوء لفترة من الزمن من مبارزة النظر التي استمرت لثواني الا انه اظهر تعبيراً مستمعاً لطلبي من اجل ان اكمل.
يتبع…