The thorns that pierced my heart - 5
أوجه المدنيين المتحمسة اظهرت استعداداً كبيراً من اجل السخرية، فرصة مشاهدة الاميرة التي دارت حولها الشائعات لن تتكرر.
اميرة اندروميد المدللة والمتغطرسة والمحبة للسلطة، قائمة الالقاب التي حصلت عليها فيليا من شعب روفيل استمرت بالتزايد.
‘عنفت منسقة الفساتين فقط لان الفستان لم يكن كما طلبته بالضبط، حرقت يد الخادمة المسكينه بالشاي الساخن لانها تأخرت قليلاً في احضار الكعك الى حفلة شايها، داست على يد عازف البيانو وحطمت مستقبله لان عزفه لم يرق لاذنيها’
الشائعات لم تكن لتنتهي عن فيليا، لم تكن المواقف وهمية بل حصلت بالفعل في اندروميد لكن المشرف الرئيسي عليها هو بيريل.
غطت الامبراطورة عن افعال بيريل الوحشية بوضع اسم فيليا كصفق صحفي وحاولت تسريبها لروفيل قدر المستطاع.
اخذت الثرثرة بالتصاعد بعد مشاهدة التوابيت.
“انظر الى هذه الصناديق الطويلة”
“بالتأكيد..انها المجوهرات الخاصة الاميرة”
“اشعر بالأسف الشديد من اجل فرساننا لخوض هذه الرحلة المتعبة ورفع هذا الحمل من اجلها”
“هل تحاول التباهي بما تملكه؟”
الثرثرة التي بدأت تنحرف عن مسارها اخذت تنخفض بعد نزول المقصودة تستند على ذراع ديلان وتهبط بكل اناقة.
وسامة الامبراطور ذو الشعر الفضي الناصع والاعين الحمراء النقية وجمال الامبراطورة الراحلة التي بدت كالجنيات..تم خلط تلك الصفات الحسنة في مظهر فيليا.
لم تكن تبدو حتى حقيقية في نظرهم، بالرغم من كراهيتهم لاندروميد الا ان جمال اميرات العائلة الامبراطورية ووسامة امراءهم بصورة خيالية كان واقعاً لا يمكن دحضه.
سقط فك المشاهدين من الرؤية، لكن سرعان ما تداركوا وضع فستان الحداد، تصلبت تلك الاوجه وتقلصت عضلاته.
‘ان الاميرة تحاول اهانة روفيل منذ دخولها الأرض’
تطرقت الفكرة السائدة في ذهن كل متفرج هنا، ربما كرهت الاميرة الارتباط وقررت التعبير عن رفضها بزي الحداد.
بعد وضع النقاط على الحروف، ومحاولة كبح غضبهم من تصرفها الجرىء فهموا متأخراً ان الصناديق في المقدمة لم تكن للزينة.
اشحبت الاوجه التي كانت متحمسة في وقت سابق وشعروا بالحرج من افكارهم وتحليلاتهم العشوائية.
بهدوء افسحوا المجال للاميرة وهي تتحرك برزانة ثبتت نظرها المباشر ممسكة بذراع ديلان لم تنظر لهم حتى.
***********
شعرتُ برغبة شديدة في افراغ معدتي بعد الالتقاء بالمدنيين خارج السفينة، حاولت كبتها بصعوبة، كنتُ فقط سأكون اضحوكة لا غير.
جلستُ بهدوء شديد في العربة التي بدأت بجرنا نحو مكان ملائم للدفن، بعد سؤال ديلان عمدت الى اختيار مكان دفن قريب من القصر الملكي.
ازداد السوء في نفسي لعدم قدرتي على دفن الاثنين في امبراطوريتنا، سيكونان تحت تراب امبراطورية غريبة عنهما، حتى عائلتيهما لن تستطيع الزيارة.
اصابني الدوار اكثر بعد التفكير بتقديم بيان لعائلتي بشأن الحادث، لم استطع النوم طوال الرحلة وزاد شعوري بالغثيان واصبحت اكثر ارهاقاً.
بالرغم من التعب المتزايد الا ان فضولي حول روفيل لم يكن شيئاً بأستطاعتي كبحه، اشحتُ بنظري من النافذة والأحساس كان مختلفاً للغاية عن اندروميد.
الجو في الأسواق اكثر صخباً والمزارع التي مررنا منها حوت على اصناف من الزهور لم ارها مسبقاً في حياتي كانت زهوراً زرقاء.
سبب انتصار روفيل في معارك الحكم بسبب قوتهم، وعدل امبراطورهم الحالي..(ريموند ويليام دي روفيل)
اصبح امبراطوراً في سن العشرين وحكم لخمس سنوات، الشائعات التي تسربت عنه كانت مخالفة لي تماماً فقط ما تدفق حوله هو الكلام الحميد..قوي، وسيم، طيب، عادل وحبه لشعبه.
لكن هنالك مشكلة واحدة، لم يقترب هذا الرجل من اي امراءة مسبقاً ولم تكن له حبيبة او عشيقة لذلك استمر الكلام بالتصاعد.
‘ربما الامبراطور شاذ؟’
فقط مساعديه وخدمه من الرجال كانوا بصفه لذلك تسربت الكلمات التي لا فائدة منها ولم يصرح الامبراطور بشيء يذكر.
تنهدت عالياً ووضعت كفي على فكي بتعب.
“الشائعات لا تعكس دوماً الحقيقة”
يمكن تأكيد ذلك اليوم، ان كان الشخص الذي سأتزوجه هو ريموند فهذا يدحض تماماً الشائعات عن حقيقة كونه شاذاً وان كان زوجي هو شقيق الامبراطور الاصغر سيكون الوضع مختلفاً.
**************
الجو الثقيل وشواهد القبور المتعددة التي تضغط على الاجواء هي كل ما مررت به خلف الفرسان الذين اثقل كاهلهم رفع التوابيت الخاصة بمرافقاي.
تم تركي لفترة طويلة اتجول في المقبرة، بعد ان تم غسل الجثث من قبل عمال وعاملات المقبرة استمريت في الانتظار.
وعاد التفكير في الحادثة يؤرقني من جديد.
هل هي الأمبراطورة؟
المشتبه الوحيد الذي تم رميه الى ذهني هو فقط الامبراطورة بادئ ذي بدأ، الامبراطورة لم تكن شخصاً متسرعاً ولم تكن غبية، دوماً ما امتلكت سبباً مقنعاً لما تقوم به.
لكن ما سببها؟؟
على عكس توقعاتي، اظهرت سعادة غامرة من اجل تركي لاندروميد، هل تطمح من اجل معاناتي لذلك قتلت مرافقاي؟
فتحت عيني بعد ادراك ما كنتُ اغفل عنه لوقت طويل، دبت صورة حية لتبديل الغرف سابقاً مع روزي.
يا الهي!
تصلبت عضلات جسدي ورميت بتلك الاصابع على شفتي وتشابكت المواقف..لم تكن روزي المستهدفة ولا حتى روديون، كان شخصاً لا يعلم بتبديل الغرف..كنتُ انا من كان عليها الموت الليلة الماضية.
اخذ قلبي يضرب بعنف والتنفس اصبح شيئاً لا يطاق، القشعريرة وصلت الى نهاية عمودي الفقري، خسرتهما كأضحية وكنتُ انا السبب، تزايد شعور الذنب الذي تناسيته سابقاً.
ادور في المقبرة بتمايل ويأس شديد واعين ديلان استمرت تراقبني وهي تحدق بي يجول خلفي كالفأر.
عادت التوابيت وتم وضعها امام مكان الدفن الذي تم تسويته من قبل ديلان، ربما حاول تخفيف عن ما ا جرمه بحقي سابقاً تم العناية بشكلٍ خاص بالقبور وشواهدها.
تقرب الكاهن بزي المعبد الخاص بروفيل والذي بدا رجلاً طاعناً في السن تبادلت معه بضع لمحات واخفض رأسه بشيء من الادب.
“تحياتي، سمو الاميرة..اشعر بالأسف لخسارتك”
“تحياتي، حضرة الكاهن”
رفعت فستاني والقيت ببعض الكلام المعروف.
لم اجرؤ على ان القي ولو نظرة واحدة الى كلٍ من جسد روديون وروزي لان معرفة الحقيقة جعلتني اكره نفسي اكثر لذلك صوبت نظري بعيداً.
القى الكاهن الصلوات بالتتابع وطلب الغفران للارواح التي ذهبت مهب الريح، وفي النهاية رشَّ بعض المياه المقدسة بعد ان تم اغلاق التوابيت والاستعداد للدفن.
كنتُ معهم لكني ايضاً لم اكن كذلك حاولت شغل ذهني وابعاد نظري وتم الدفن سريعاً واصبحا تحت التراب، لم اتمكن حتى من تصديق الحقيقة، حتى لاحظتُ شواهد القبور المكتوبة.
روزي اسكالف، روديون اليك…اصبح الوضع حقيقياً.
احمرت عيني للغاية ولكن الدموع لم تخرج كما هو متوقع.
“هل الاميرة بخير؟”
منديل ديلان الاصفر المطرز الأنيق تقدم ناحيتي بتعبير قلقٍ.
“شكراً”
اخذته بهدوء ولم ارفض مبادرته كالسابق، على اي حال ربما لن التقي ديلان مجدداً في خضم الاحداث الحالية.
مسحت وجهي المتعب و اخذت نفساً عميقاً رائحة التربة الرطبة جلبت الاكتئاب اكثر، بعد المطر الغزير اصبحت الاراضي مبللة على نحو ما.
اتمنى ان يمضي اليوم بسرعة.
**************
“لم اجد الامبراطور في اي مكان، الا تعرف اين هو؟”
القى طويل القامة ذو الحلة الانيقة سؤالاً صريحاً نحو احد حراس البلاط الذي بدا متوتراً للاجابة.
“لا يمكنني البوح بهذه المعلو..”
تم الضغط على جذعه من مرفق صديقه المجاور له حتى قفز من مكانه في وجه مدهوش.
“هاه؟”
“انا آسف، سيدي ان هذا الحارس لا يزال جديداً لذا لم يتعرف عليك بشكلٍ صحيح”
اعين الرجل الحادة ذات البريق الزمردي الجميل اظهرت بعض الانزعاج لكن عاد فمه وتقوس للاعلى بالرغم انه عيناه لم تكن تضحك.
“هاهاهاها لا مشلكة، اذن اين هو جلالته؟”
“سيدي، ان جلالة الامبراطور يحتسي بعض الشاي مع الامبراطورة السابقة لقد طلبت منه حضوراً فورياً”
استقام الحارس بوضعيته وتقدم للاجابة بكل اخلاص.
ربت الرجل المزعوم على كتف الفارس الضخم بابتسامته الباردة التي تقشعر لها الابدان.
“حسناً، شكراً لعملك الشاق”
تخطى الحراس وذهب بطريقه نحو غرفة عمل جلالته للانتظار بمجرد ان لاحظ الحارس اختفاء ظل الرجل عاد نحو رفيقه وضربه بلكمه ساحقة على رأسه.
“اكككك، هيي لماذا تفعل ذلك؟”
اخذ الحارس يربت على رأسه بألم انزعج من حركة صديقه الغير متوقعه.
“هل انت حقاً لا تعلم من هو؟ انه وزير جلالته كيف تتصرف بهذه الطريقة؟”
“و..وزير؟”
قفز الحارس، شعر ان قلبه قد خرج من مكانه.
“لم اتوقع ذلك ابداً انه صغير للغاية!”
ابدى الحارس التفاجىء لكن سرعان ما تحول لاعين الاعجاب نحو الرجل النبيل، فكرة نيل منصب وزير جلالته في مقتبل العمر كانت كالجائزة العظيمة.
“عليك ان تكون اكثر حذراً مستقبلاً”
اخذ الرفيق يوبخه على قلة معرفته واومأ الاخر رأسه متفقاً على كلام رفيقه.
“حسناً، حسناً”
وزير الامبراطور (نيكولاي ويستاش) الابن الثالث للدوق ويستاش، في ظل صراع الاخوة الثلاثة على منصب الدوق اثبت نيكولاي نفسه للعائلة بالحصول على الثقة الكاملة للامبراطور.
يبلغ فقط الثالثة والعشرين لكن بالفعل وزير موقر في ارجاء القصر ويحصل على الاحترام والاشادة من الجميع، الشعر الارجواني المتوسط في طوله وتلك الاعين الضيقة الزمردية كالاحجار الكريمة.
امتلك تعبيراً متحمساً على محياه المعهود بالتيبس.
“يبدو ان بعض الاخبار المثيرة للاهتمام على وشك الوصول”
تلك السبابة الطويلة اخذت موضعاً واكتسحت شفته السفليه اخذ يضحك في جوه الخاص ويبتسم بريبة وهم يهمَّ في طريقه.
************
“ارى ان جلالة الامبراطور قد نسيي تماماً بشأن والدته؟”
القت تلك المراءة الجميلة وهي تحتسي فنجان الشاي الساخن بالعسل في الدفيئة الزجاجية هذا الادعاء نحو الرجل المثبت امامها طمست ذلك ببعض الابتسامات المتكلفة بالرغم من تلك العيون الزرقاء خاصتها كانت حزينة على نحو خاص.
“لم انسَ، لكن الامبراطورية تحتاج للكثير من الوقت ووقتي ضيق لمقابلة الام”
نفى ذلك وعاود هو الآخر بشرب الشاي في فنجانه، وضع الخادمات المحيط اصبح متوتراً للغاية.
توترت العلاقة نسبياً بين الاثنين ويبدو فقط ان السهام ما تخرج من افواههم للنقاش.
ايديها الناعمة اكتسحتها الكثير والكثير من المجوهرات الفاخرة، تركت فنجانها اخذت تلوي احدى خصل شعرها الذهبي الحريري بوجهٍ محبط.
“هل هذه الطريقة التي تعامل بها والدتك؟”
اعع، نريد الخروج من هنا…
صرخات الخادمات الحالية كانت شيئاً لا يحسد عليه، اخذوا بوضع المزيد من الكعك وصب الكثير من الشاي للأثنين.
قبضت ايديه الضخمة التي بدا الفنجان معها كقطعه صغيرة
وثبت تلك الاعين المزرقة نحو المراءة ذات الاعين المماثلة.
“هل هذا ما طلبتني من اجله؟”
حك شعره الكحلي الناعم ورفع الحاجب المماثل وابدى عن الانزعاج الشديد وانقبضت عضلات الوجه المسمر حديثاً من الشمس الحارقة.
“الا تعلم الام مدى انشغالي؟”
“كلا، هذا ليس طلبي لجلالته”
تقوس خط الفم الصغير بابتسامة عريضة وعادت لتشرب.
“سمعتُ ان اميرة اندروميد ستحضر اليوم”
جفل كتف الرجل العريض فقط من سماع الاسم لكنه عاود التصرف باريحية، اعين الام لاحضت ذلك.
“اذن؟”
“لماذا ترفض الزواج وتحاول تقديمها الى هوغو؟”
ضرب.
سقطت قلوب الخادمات من مكانها يقفون على بعد شعرة من الانهيار، ضرب الرجل الخشن الطاولة براحة يده.
بينما الام ابدت تعبيراً مستمتعاً على الكعك اللذيذ ولم تلقِ للوضع الراهن اي اهتمام، كانت حركاتٍ معهودة للابن المحبوب.
“من اين سمعت الام ذلك؟”
زادت الزمجرة في صوته الخشن وابدى تيبساً اكثر في ملامحه لم يخفِ ذلك حتى.
“الا يجدر بك مكافئة نيكولاي على اتعابه؟”
ابتسمت بحماسٍ اكثر والقت بالقنبلة الموقوته اعينها المزرقة الشبيهة بالمحيط اصبحت اكثر اشراقاً عن المعتاد.
يتبع…